رد على من استدل بحديث ( من رأى من كم منكراً فليغيره بيده ) بجواز الخروج على الحاكم .؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
رد على من استدل بحديث ( من رأى من كم منكراً فليغيره بيده ) بجواز الخروج على الحاكم .؟
A-
A=
A+
الشيخ : أحدهم بالبحث السابق الذي سمعتم الآن تمامه لاحقا.

حيث نقل عن أحد الحاضرين في تمام أو في الجلسة السابقة أنه قال وماذا نفعل بقوله عليه السلام: ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) الجواب, هذا الاستدلال أو هذه الشبهة إن لم نقل الاستدلال يدلنا على أنه هؤلاء الذين يلقون بأنفسهم في التهلكة ما عرفوا الإسلام بعد !, يعني ما فهموا الإسلام فهما صحيحا مصفى - سبحان الله - وبضدها تتبين الأشياء, هناك علماء لهم وزنهم من الخلف ولا أقول من السلف فسروا الحديث نقيض استدلال هؤلاء بهذا الحديث, ضدان لا يجتمعان .

والحق بينهما, كيف ذلك ؟ أولئك البعض من العلماء قالوا معنى الحديث ( فليغيره بيده ) لمن الخطاب؟ قالوا للحكام, ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ) , من رأى منكم أيها الحكام, ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ) أيها العلماء ( ومن لم يستطع فبقلبه ) أي من عامة الناس .

هذا تفسير للحديث هو تعطيل مثل تلك الأمثلة التي قدمناها هناك في الجلسة السّابقة ما فعل بعض الطوائف الإسلامية قديما وحديثا حيث فسروا النصوص بتفسيرها الذي لا يدل عليها لغة ولا شرعا, هذا التفصيل باطل لأنكم تشعرون معي الخطاب للأمة من رأى منكم منكرا كالآية (( ولتكن منكم أمة )) منكم معشر الأمة , أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, كذلك قال عليه السلام: (من رأى منكم) معشر الأمة حكاما ومحكومين علماء وطلاب علم وغيره ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان وليس وراء ذلك مثقال ذرة من إيمان ) , هذا تفسير وهو كما ترون باطل يقابله ناس آخرون ومن أولئك هؤلاء الذين يخرجون على الحكام ويقابلونهم قبل الاستعداد الذي أشرت إليه آنفا يقولون إيه ماذا نفعل بحديث ( من رأى منكم منكرا ) إيه الحكام يحكمون بغير ما أنزل الله فإذا يجب إيه أن نقاومهم.

نحن نقول: يقول العلماء لا أقول بناء على حديث ولكني أذكر بأنه حديث ضعيف لكن كما أقول في كثير من الأحاديث معناه صحيح قال: ( من كان آمرا بالمعروف فليأمر بالمعروف ) ( من كان آمرا بالمعروف فليأمر بالمعروف ) حديث ينسب إلى الرسول يذكر في بعض الكتب كإحياء علوم الدين للغزالي لكن المخرّج الحافظ العراقي بين أنه حديث ضعيف لكننا نقول معناه صحيح لماذا ؟

لأن هناك قواعد إسلامية شرعية مهمة جدا يجب على كل مسلم, طالب علم فضل عن عالم أن يكون على علم بها وأن يتذكر أن أية قاعدة يضعها العلماء يكونون قد أخذوها من مختلف النصوص وليس من نص واحد .

إيه هذا الأخذ لا يحسنه كل طالب علم بل قد لا يحسنه كثير من أهل العلم فعلى كل عالم فضلا عن طالب علم أن يستفيد من جهود العلماء الذين سبقوه .

من هذه القواعد ما ذكرته في هذا الحديث ( من كان آمرا بالمعروف فليأمر بالمعروف ) .

فالآن مثال مما يدل على هذه القاعدة, رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما نصره الله على كفار قريش ودخل مكة فاتحا وأدّى العمرة ودخل جوف الكعبة وصلى لله ركعتين .

لما خرج أرادت زوجته عائشة رضي الله تعالى عنها أن تفعل فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي أن تدخل الكعبة وتصلي ركعتين, والكعبة يومئذ كاليوم لا يمكن الدخول إليها إلا للخاصة وإلا بسلم لأنه الباب كما رأى من حج منكم أو اعتمر عالي ومغلق محكم الإغلاق ولا يفتح إلا سياسيا يعني لهؤلاء الحكام وقد يكون فيهم من لو كان هناك حكم شرعي لقطع رأسه مع ذلك يدخل جوف الكعبة .

طيب, أرادت السيدة عائشة أن تفعل فعل نبيها وزوجها أن تدخل الكعبة وتصلي ركعتين فقال عليه السلام لها وكان رفيقا بأهله: ( يا عائشة صلي في الحجر, صلي في الحجر ) , وتعرفون الحجر وهو المحاط بجدار ( فإنه من الكعبة وإن قومك لما بنوا الكعبة قصرت بهم النفقة فجعلوا الحجر خارج الكعبة فصلي في الحجر فإنه من الكعبة ) والشاهد قال: ( ولولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام ولجعلت لها بابين مع الأرض, بابا يدخلون منه وبابا يخرجون منه ) , ما أحلى الإسلام كله يسر!

لكن ما فعل الرسول هذا, وهذا من تغيير المنكر باليد لأن هذا من بناء الجاهلية كانت الكعبة مثلا, مثلا لأني لا أذكر الآن مساحتها, الآن قد تكون عشرة في عشرة أو خمسة عشر كان ضعف ذلك أي الحجر من الكعبة ففي خسارة فأراد الرسول عليه السلام أن يعيد الكعبة على بناء, على أساس إبراهيم عليه السلام فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يعيد بناء الكعبة على أساس أبيه إبراهيم عليه السلام لم يفعل لماذا؟ لأنه لا يريد تغيير المنكر وهو الذي علمنا وقال: ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ) , لا لأنه عمل مقايسة بين هذا الإصلاح وما قد يترتب منه من فساد .

وما قد يترتب من هذا الإصلاح من فساد ارتداد ضعفاء الإيمان .

جاء في بعض الأحاديث الصحيحة أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسأله عن ما يجوز للرجل الزوج أن يجامع أو يخالط زوجته وهي حائض .

لماذا سأل هذا السؤال؟ لأن اليهود هؤلاء الضلال المنحرفين عن التوراة كانوا يرون وربما لا يزالون المتمسكين منهم بالدين لا يزالون على هذا الضلال, إذا حاضت الزوجة حصروها في غرفة ولم يخالطوها, الزوج هنا ممنوع عليها أن تدخل هي هناك ممنوع عليه أن يدخل مفاصلة تامة, لأنها حائض كأنها نجسة.

فلما سأل ذلك الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل للرجل من زوجته وهي حائض ؟

قال: ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) أي إلا الجماع, اصنعوا كل شيء مع الزوجة الحائض الخطاب للأزواج ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) .

لما بلغ اليهود هذا الخبر قال: ما نرى هذا الرجل إلا يريد أن يخالفنا في كل شيء.

يريد أن يخالفنا في كل شيء, فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لعائشة يبين لها ما في مخططه وهو إعادة بناء الكعبة على أساس إبراهيم عليه السلام لكن هناك مانع, ما هو المانع, قال: ( لولا أن قومك حديثوا عهد بالشرك لهدمت الكعبة ) لو هدم الكعبة ماذا يقول ضعفاء الإيمان, هاه ما خلى لنا شيء إلا كمان بدو يغير لنا مثل ما قالوا اليهود حينما قال جوابا على ذاك السؤال: ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) .

هنا قاعدة منها أخذ العلماء قولهم إذا وقع المسلم بين مفسدتين لا حيلة له فيهما كلاهما لا بد منهما, ماذا يفعل؟ قال يرضى رغم أنفه بالمفسدة الصغرى في سبيل دفع المفسدة الكبرى.

فالآن المفسدة الصغرى بالنسبة للمسلمين في كل بلاد الدنيا هذا الحكم بغير ما أنزل الله لأن هذا ليس من صنعهم وليس برضاهم لكن إذا خرج ناس على هذا الحاكم بدعوى تغيير المنكر ما راح يستفيدوا شيء لأنه هذا التغيير للمنكر سوف لا يغيرونه وكما يقولون في بعض البلاد: " العين ما بتقابل مخرز " العين إللي هي من شحم ولحم ما بتقابل طعنة مخرز فهؤلاء الشباب المتحمسين لإقامة حكم الله في الأرض, ما بين آونة وأخرى بنسمع أنهم خرجوا وأنهم قتلوا ثم نسمع أنه قتل مقابل عشرة من هؤلاء الجنود أو الشرطة قتل منهم مائة حبس منهم ألوف مؤلفة !

هذا لجهلهم بالقاعدة " إذا وقع المسلم بين مفسدتين اختار أيسرهما " لذلك نحن نقول لا ينافي السّعي في تحقيق قوله تعالى المذكور آنفا: (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة )) السّعي في هذا وغض النظر الآن عن هذا الخروج الذي لا فائدة منه إلا الضرر, إلا " ضغثا على إبالة " كما يقال حينذاك نقول لا الاحتجاج بقوله عليه السلام: ( من رأى منكم منكرا ) هذا غفلة عن كون الرسول رأى بعض المنكرات وسكت عنها خشية أن يترتب من وراء هذا المنكر مفسدة أكبر من تغيير المنكر.

مواضيع متعلقة