هل يجوز تقبيل يد الوالدين مع العلم أنهما يعتبران عدم تقبيلها معصية لهما ، وبالتالي معصية لله ؛ لأن طاعة الوالدين واجبة وهي طاعة لله ؟
A-
A=
A+
الشيخ : حنيذاك تأتي قضية أخرى وهي : يجب أن نفرق -وهذا من الفقه الذي أريد من كل طالب علم أن يكون متفقهاً به- يجب أن نفرق بين أمرٍ وُجد هناك نص صريح في النهي عنه ، فهنا لا نقبل المجادلة ولا نقبل المناقشة ولا نُحابي في ذلك أحدًا إطلاقاً نهى وانتهى الأمر ، بينما هناك أمور أخرى ليس فيها نص في النهي وإنما هي أمر اجتهادية ، فأذهب أنا مثلاً إلى أن هذا التقبيل غير مشروع لسبب أو أكثر من سبب مما أشرت إلى بعضه آنفاً ، لكن يذهب غيري وكثير وكثير إلى أنه لا بأس بتقبيل يد العالم ، ثم يُقاس على العالم الملك الصالح ثم يُلحق بهما الوالدان ، وهذا ليس له أصل إطلاقاً في الشريعة ، تقبيل الولد ليد والده أو والدته ليس له أصل في الشريعة إطلاقاً ، مع ذلك ما نستطيع أن نقول : نهى الشارع عن ذلك ، لأنه ثبت أصل التقبيل كما ذكرنا آنفاً ، لكن الذي نستطيع أن نقوله :
جعلُ تقبيل يد العالم فضلاً عن الرجل الصالح غير العالم ، فضلاً عن الوالد أو الوالدة -قد يكونان صالحين أو طالحين- ، هذا لا يعني أن نجعل تقيل أيادي هؤلاء سنة مستمرة نتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى .
وإذا عرفنا هذا حينئذٍ يمكن أن ندخل للإجابة عن صلب الموضوع :
نحن نعيش اليوم في زمن أُميتت فيه السنن ، وأُحيِيَت فيه البدع ، فأصبح الإسلام غريباً كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم صراحة : ( إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ) :
وصف الرسول عليه السلام الغرباء في عدة أوصاف ، يهمنا الآن قوله عليه الصلاة والسلام : ( الغُرباء هم الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي ) .
فالآن نحمد الله أنه يوجد نشئٌ جديد أُخذ من جديد بتربيته على الإسلام الصحيح على الكتاب والسنة سواء كانوا من الشباب أو الشابَّات من الفتيان أو الفتيات ، ولكن المشكلة أن الجو غريب ، الذي يعيش فيه هؤلاء الشباب كلهم هو غريب ، انقلبت عندهم المفاهيم رأساً علىى عقب ، ولذلك خاصة إذا كان الذي يريد الإصلاح صغيراً والذي يُرادُ استصلاحه كبيراً ، وبصورة أخص إذا كان هذا الصغير ولداً والمراد إصلاحه والدًا أو والدةً فالمشكلة حينذاك عويصة جداً ، لأنه لا يُعقل عند هؤلاء أن يأتيَ الطفل الصغير فيعلم الوالد الكبير ، وكثيرًا ما نسمع كلمات مضحكة في هذا السبيل ، ولذلك من ابتلي -هذا نهاية المطاف حول هذا الجواب- : من ابتلي بوالدين لم يُربيا على الكتاب والسنة ، بل لم يطرق سمعَهما دعوة الكتاب والسنة ، بل يعتبرون هذه الدعوة بدعة من باب : " رمتني بدائها وانسلت " ، البدعة من عندهم صدرت ، إذا كان الوالدان من هذا القبيل فينبغي على الولد الصالح الناشئ على الكتاب والسنة أن يترفق في إرشادهما أولاً إن استطاع إلى ذلك سبيلاً ، فإن عَجز وهو عاجز في المئة تسعة وتسعين عن إرشادهما وعن هدايتهما فعليه أن يصاحبهما في الدنيا معروفاً .
سيقول القائل : طيب فما العمل ، نحن الآن أمام هذه المشكلة يريدون منا أن نصبحهم وأن نمسيهم بتقبيل اليد ؟!
أنا أعرف هذا فأقول كما قال عليه السلام : ( إن هذا الدين يُسرٌ فما مِن أحد يريد أن يشادده إلا غلبه ) أو كما قال عليه السلام ، وأٌقول : ( ساددوا وقاربوا ) .
- اشربي قاعدة يا بنت ، لا تشربي في القيام ما بتعرفي حبيبتي أن الرسول نهى عن الشرب قائماً ولا نسيانة، أنت مبينة هيك ، إصحك ثاني مرة ، تفضلي استريحي- .
فالشخص الذي ابتلي بمثل هذا الوالد فعليه أن يترفق به ولو وصل الأمر إلى يقبل يده ، لأني أقول : الذي يُقبل يد مثل هذا الوالد والمقبل يعني أنه يفعل ذلك مضطراً هذا أولاً ، ثم وهذا الذي دندنت حوله أولاً : لا يخالف نصاً صريحاً في ذلك ، كل ما في الأمر أن الحياة الاجتماعية التي كان يعيشها أصحابُ الرسول عليه الصلاة والسلام مع نبينهم ، فضلاً عن أصحاب الرسول مع علمائهم ، فضلاً عن أبنائهم مع آبائهم ، لم يكن فيهم هذه العادة إطلاقاً إلا على سبيل الندرة كما ذكرنا أولاً .
فليس من يقبل يد الوالد أو الوالدة والوضع كما شرحت آنفاً بمخالف لنص في الشرع ، ولكن هو مخالف للوضع الاجتماعي العام الذي كان في عهد الرسول عليه السلام وفي عهد السلف الصالح ، عهد القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية ، ونحن واجبنا أن نعود بأمتنا إلى ما كان عليه سلفنا ، كما قال الإمام مالك إمام دار الهجرة : " مَن ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة ، اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً )) فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً ، ولا يَصلُح آخر هذه الأمة إلا بما صلُح به أولها " ، نحن نحاول أن نعود بنا وبغيرنا إلى عهد سلفنا الطاهر الأطهر بقدر ما نستطيع ولا يكلف الله نفساً إلى وسعها .
خلاصة القول : مَن ابتُلِي بوالد أو والدة لم يستطع أن يحملهما على السنة وعلى أن يرضيا مِن الولد بالطاعة التي فرضها الله عز وجل ، لم يستطع أن يحملهم على ذلك ، فلا بأس عندي في رأي وفي اجتهادي من باب : "الضرورات تبيح المحظورات " أن يقبل هذا الولد المبتلى يد والده ، من باب " الضرورات تبيح المحظورات " ، لا من باب التقرب إلى الله كما هم يفعلون ، ولا من باب استحسان ما كان غير حسنًا في الزمن الأول ، وإنما من باب : " دفع المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى " هذه قاعدة أصولية ، إذا أردنا أن نتعصب لرأينا وهو حق مع والدنا أو والدتنا فقد ينتج من وراء ذلك شر أكبر ، لذلك نتقي وندفع الشر الأكبر بالشر الأصغر ، وفي هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .
جعلُ تقبيل يد العالم فضلاً عن الرجل الصالح غير العالم ، فضلاً عن الوالد أو الوالدة -قد يكونان صالحين أو طالحين- ، هذا لا يعني أن نجعل تقيل أيادي هؤلاء سنة مستمرة نتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى .
وإذا عرفنا هذا حينئذٍ يمكن أن ندخل للإجابة عن صلب الموضوع :
نحن نعيش اليوم في زمن أُميتت فيه السنن ، وأُحيِيَت فيه البدع ، فأصبح الإسلام غريباً كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم صراحة : ( إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ) :
وصف الرسول عليه السلام الغرباء في عدة أوصاف ، يهمنا الآن قوله عليه الصلاة والسلام : ( الغُرباء هم الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي ) .
فالآن نحمد الله أنه يوجد نشئٌ جديد أُخذ من جديد بتربيته على الإسلام الصحيح على الكتاب والسنة سواء كانوا من الشباب أو الشابَّات من الفتيان أو الفتيات ، ولكن المشكلة أن الجو غريب ، الذي يعيش فيه هؤلاء الشباب كلهم هو غريب ، انقلبت عندهم المفاهيم رأساً علىى عقب ، ولذلك خاصة إذا كان الذي يريد الإصلاح صغيراً والذي يُرادُ استصلاحه كبيراً ، وبصورة أخص إذا كان هذا الصغير ولداً والمراد إصلاحه والدًا أو والدةً فالمشكلة حينذاك عويصة جداً ، لأنه لا يُعقل عند هؤلاء أن يأتيَ الطفل الصغير فيعلم الوالد الكبير ، وكثيرًا ما نسمع كلمات مضحكة في هذا السبيل ، ولذلك من ابتلي -هذا نهاية المطاف حول هذا الجواب- : من ابتلي بوالدين لم يُربيا على الكتاب والسنة ، بل لم يطرق سمعَهما دعوة الكتاب والسنة ، بل يعتبرون هذه الدعوة بدعة من باب : " رمتني بدائها وانسلت " ، البدعة من عندهم صدرت ، إذا كان الوالدان من هذا القبيل فينبغي على الولد الصالح الناشئ على الكتاب والسنة أن يترفق في إرشادهما أولاً إن استطاع إلى ذلك سبيلاً ، فإن عَجز وهو عاجز في المئة تسعة وتسعين عن إرشادهما وعن هدايتهما فعليه أن يصاحبهما في الدنيا معروفاً .
سيقول القائل : طيب فما العمل ، نحن الآن أمام هذه المشكلة يريدون منا أن نصبحهم وأن نمسيهم بتقبيل اليد ؟!
أنا أعرف هذا فأقول كما قال عليه السلام : ( إن هذا الدين يُسرٌ فما مِن أحد يريد أن يشادده إلا غلبه ) أو كما قال عليه السلام ، وأٌقول : ( ساددوا وقاربوا ) .
- اشربي قاعدة يا بنت ، لا تشربي في القيام ما بتعرفي حبيبتي أن الرسول نهى عن الشرب قائماً ولا نسيانة، أنت مبينة هيك ، إصحك ثاني مرة ، تفضلي استريحي- .
فالشخص الذي ابتلي بمثل هذا الوالد فعليه أن يترفق به ولو وصل الأمر إلى يقبل يده ، لأني أقول : الذي يُقبل يد مثل هذا الوالد والمقبل يعني أنه يفعل ذلك مضطراً هذا أولاً ، ثم وهذا الذي دندنت حوله أولاً : لا يخالف نصاً صريحاً في ذلك ، كل ما في الأمر أن الحياة الاجتماعية التي كان يعيشها أصحابُ الرسول عليه الصلاة والسلام مع نبينهم ، فضلاً عن أصحاب الرسول مع علمائهم ، فضلاً عن أبنائهم مع آبائهم ، لم يكن فيهم هذه العادة إطلاقاً إلا على سبيل الندرة كما ذكرنا أولاً .
فليس من يقبل يد الوالد أو الوالدة والوضع كما شرحت آنفاً بمخالف لنص في الشرع ، ولكن هو مخالف للوضع الاجتماعي العام الذي كان في عهد الرسول عليه السلام وفي عهد السلف الصالح ، عهد القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية ، ونحن واجبنا أن نعود بأمتنا إلى ما كان عليه سلفنا ، كما قال الإمام مالك إمام دار الهجرة : " مَن ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة ، اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً )) فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً ، ولا يَصلُح آخر هذه الأمة إلا بما صلُح به أولها " ، نحن نحاول أن نعود بنا وبغيرنا إلى عهد سلفنا الطاهر الأطهر بقدر ما نستطيع ولا يكلف الله نفساً إلى وسعها .
خلاصة القول : مَن ابتُلِي بوالد أو والدة لم يستطع أن يحملهما على السنة وعلى أن يرضيا مِن الولد بالطاعة التي فرضها الله عز وجل ، لم يستطع أن يحملهم على ذلك ، فلا بأس عندي في رأي وفي اجتهادي من باب : "الضرورات تبيح المحظورات " أن يقبل هذا الولد المبتلى يد والده ، من باب " الضرورات تبيح المحظورات " ، لا من باب التقرب إلى الله كما هم يفعلون ، ولا من باب استحسان ما كان غير حسنًا في الزمن الأول ، وإنما من باب : " دفع المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى " هذه قاعدة أصولية ، إذا أردنا أن نتعصب لرأينا وهو حق مع والدنا أو والدتنا فقد ينتج من وراء ذلك شر أكبر ، لذلك نتقي وندفع الشر الأكبر بالشر الأصغر ، وفي هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 47
- توقيت الفهرسة : 00:00:00