تتمة شرح حديث عياض رضي الله عنه قال : ( ... وكنت حربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأهديت إليه ناقة قبل أن أسلم فلم يقبلها. وقال: إني أكره زبد المشركين ).
A-
A=
A+
الشيخ : تمام هذا الحديث : قال عياض : " وكنت حربًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - " : يعني قبل إسلامه كان من جملة الكفار الذين يحاربون الرسول - عليه السلام - بسبب دعوته للإسلام . قال عياض : " فأهديتُ إليه ناقةً قبل أن أُسلم فلم يقبلها وقال : ( إني أكره زَبْد المشركين ) : هذا عِياض قبل أن يهديه الله - عز وجل - إلى الإسلام خطر بباله أن يُقدم إلى الرسول - عليه السلام - هدية مع أنه لم يؤمن به ولم يصدقه بعد ، فقدم له ناقة ، فرفضها الرسول - عليه السلام - وردَّها عليه ، وعلل ذلك بقوله - عليه السلام - : ( إني أكره زَبْد المشركين ) : الزَبْد هو الرفد وهو العطية والمنحة يعني : أي شيء يقدمه الرجل للآخر اسمه زبد ، مش الزبدة الزبدة بالمعنى المعروف هذا أما هذا الزبد ، الزَبد بالفتح وإسكان الباء هو الرفد والعطية ، فالرسول - صلوات الله وسلامه عليه - لما رد الناقة على عياض ولم يقبلها منه هدية أتبع الرد بتقديم اعتذار بقوله : ( إني أكره زَبْد المشركين ) : كأنه يقول : ما في صلة بيني وبينك ما في مودة أنا مسلم وأنت مشرك فكيف أقبل عطيتك ومنحتك لعلك يومًا ما تمتنُّ بهذه العطية يومًا عليَّ . ( إني أكره زبد المشركين ) ، ولعلَّ هذا كان سبب إسلام عياض لأنه عم يصرح في هذا الحديث أن هذه الحادثة وقعت قبل أن يسلم ، لما قدم الناقة للرسول - عليه السلام - هدية فرفضها عليه بحجة أنك أنت مشرك ، فلعل ذلك حز في نفسه ودفعه إلى أن يفكر بموقفه العدائي من النبي - صلى الله عليه وسلم - فأدَّاه ذلك إلى أنه أسلم وحسُن إسلامه وصار له أحاديث عديدة تذكر في كتب المسلمين تحت مسند عِياض بن حمار ، فصار من الصحابة الفضلاء الأجلَّاء .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 45
- توقيت الفهرسة : 00:00:00