تتمة شرح حديث هشام بن عامر رضي الله عنه : ( ... وإن ماتا على صرامهما لم يدخلا الجنة جميعا أبدا ).والتأويل الصحيح لذلك.
A-
A=
A+
الشيخ : وهنا يتابع الرسول - عليه السلام - ويبين عاقبة ونتيجة تقاطعهما إلى آخر حياتهما فيقول : ( وإن ماتا على صرامِهما لم يدخُلَا الجنَّةَ جميعًا أبدًا ) ما معنى هذا الحديث : ( لم يدخُلَا الجنة جميعًا أبدًا ) يتبادر هنا معنيان المعنى الأول يعني الله - عز وجل - حرّم عليهما كليهما معا دخول الجنة حينما يموتان على المصارمة والمقاطعة إذا ماتا متقاطعين ( لم يدخلا الجنة جميعًا أبدًا ) لا يعني كحكم الكافر لا يدخلون الجنة أبدا فما معنى هذا ؟أقول لهما تأويلان لا يدخلان الجنة أبدا تأويله كأحد تآوييل من مثلًا ( لا يدخل الجنة قتَّات ) كان مَرَّ معنا هيك حديث : ( لا يدخل الجنة ديوث ) شو معنى هذا ؟له عدة معاني من جملتها لا يدخل الجنة قتات يعني نمام أو ديوث معروف من هو إذا استحل ذلك استحلالًا قلبيًّا ، أما إنسان يرتكب الإثم وهو عالم ومعترف بأنه آثم فهذا لا يكون عقابه في الآخرة أن يحرم دخول الجنة البتة وإنما يتأخر في دخول الجنة هذا معنى ممكن أن يقال ها هنا لم يدخلا الجنة أبدا إذا استحلا هالتدابر وهالتقاطع . والمعنى الثاني وهو الصحيح لم يدخلا الجنة جميعًا أبدًا أي مع بعض يعني الجزاء من جنس العمل كما أنهما حكمًا على أنفسهما بالحياة التي ابتعد أحدهما عن الآخر فعاش كل منهما بعيدًا عن الآخر ها هنا في الدنيا مع علمهما بتحريم الشارع الحكيم لذلك عليهما فسيكون عقابهما عند الله - تبارك وتعالى - يوم القيامة أنهما إن دخلا الجنة عاش كل منهما بعيدا عن صاحبه ولم يدخلا الجنة جميعًا أبدا وإنما هذا من هون وهذا من هون ولا يلتقيان أبدا وهذا عقاب من الله - عز وجل - ومجازاة منه من جنس العمل لكل منهما وهذا المعنى هو المعنى الصحيح لأنه الواقع لفظة أبدا معناها أنهم لا يلتقيان قطعا ، وقد ترجح عندي هذا المعنى على الرغم من أن شارح هذا الكتاب لم يتعرض له مطلقا أنني وجدت في رواية للإمام أحمد بدل قوله في رواية الكتاب ( لم يدخلا الجنة جميعًا أبدًا ) قال أحمد في إحدى روايتيه ( لم يجتمعا في الجنة أبدًا ) فهذه الرواية تفسر لهذا الكتاب فيكون معنى ( لم يدخلا الجنة جميعًا أبدًا ) أي إنهم حين دخول الجنة لا يلتقيان وبالتالي طيلة إقامتهما الأبدية في الجنة - أيضًا - لا يلتقيان جزاء تقاطعهما بدون عذر شرعي في حياتهما في الدنيا وهذا كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة : ( مَن شرب الخمر في الدنيا لم يشرَبْها في الآخرة ) ، ( ومَن لبس الحرير في الدنيا لم يلبَسْه في الآخرة ) ، ( ومَن لبس الذهب في الدنيا لم يلبَسْه في الآخرة ) ، ذلك مع أن الله - عز وجل - قد ذكر في غير ما آية بأن لباس الجنة الذهب والحرير وقال صراحةً : (( وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ )) مع ذلك يستثني ربنا - عز وجل - فيما أخبر به نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - أن من لبس الحرير في الدنيا حرم أن يلبسه في الآخرة مع أنه من نعيم أهل الجنة أن يلبسوا الحرير كذلك الذي يشرب الخمر في الدنيا أي يتعجلها فيحرمها يوم القيامة في الجنة إذن هذا من باب الجزاء من جنس العمل فالمتقاطعان والمتهاجران إذا ماتا على ذلك ودخلا الجنة لم يلتقيا في الجنة أبدًا .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 40
- توقيت الفهرسة : 00:00:00