باب
A-
A=
A+
الشيخ : أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . قال المؤلف - رحمه الله - " باب هجرة المسلم " .أي ما حكم هجرة المسلم ومقاطعته روى بإسناده الصحيح عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدابَروا ، وكُونُوا عِباد اللَّهِ إِخوَانًا ، وَلَا يَحلُّ لِمُسلِمٍ أَن يَهجُرَ أَخاهُ فَوق ثَلاثِ ليالٍ ) .
نهى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الحديث وأحاديث تأتي بعده عن تعاطي الأسباب التي تؤدي للمسلمين إلى التباغض والتحاسد والتدابر فالتباغض والتحاسد معناه واضح للقيد الذي ذكرته آنفًا وهو أن المقصود بالنهي عن التباغض النهي عن تعاطي أسباب التباغض التي تؤدي إلى التباغض . وكذلك قوله : ( ولا تحاسدوا ) أي لا تتعاطوا أسباب التحاسد ولا تدابروا كذلك لا تتعاطوا الأسباب التي تؤدي بكم إلى التدابر والتقاطع . ثم قال - عليه السلام - : ( وكونوا عباد الله إخوانًا ، ولا يحلُّ لمسلم أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليال ) .
كنَّا روينا في الدرس الماضي قصة مقاطعة السيدة عائشة لابن أختها عبدالله بن الزبير بسبب تصريحه بأنه سيحجّر عليها إن استمرت في الصدقة والعطاء وقد جاء في ذاك الحديث أن الوسطاء قد ذكّروا السيدة عائشة بمثل هذا الحديث فهنا يأتي الحديث من رواية أنس بن مالك بعد نهي الرسول - عليه السلام - عن التباغض والتحاسد والتدابر وبعد أمره بقوله : ( وكونوا عباد الله إخوانًا ) ، قال : ( ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليال ) ، فهذا الهجر المنهي عنه إنما هو الهجر انتصارًا للنفس أي بدون سبب شرعي أما إذا كان هناك سبب شرعي فتعاطاه بعض المكلفين من المسلمين ورأى أن مقاطعة المخالف للإسلام في بعض أحكامه يؤدي إلى تعزيره وإلى تأديبه فمثل هذه المقاطعة لا ينهى عنها وليست من هذا النوع الذي جاء في هذا الحديث : ( ولا يحلُّ لمسلم أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ) .
فالهجر فوق ثلاث إنما يجوز لعذر شرعي كما جاء في قصة الثلاثة الذين خلّفوا فقصتهم معروفة في " صحيح البخاري " وغيره حيث أمر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بمقاطعة هؤلاء الثلاثة الذين تخلَّفوا عن غزوة تبوك وكانت المقاطعة خمسين يومًا كاملة فلا تعارض بين مثل هذه المقاطعة التي جاءت في قصة الثلاثة الذين خلّفوا من جهة وبين هذا الحديث وما في معناه من النهي عن التهاجر بعد ثلاث من جهة أخرى أي إن التهاجر المنهي عنه هو غير التهاجر المشروع الذي جاء في قصة الثلاثة الذين خلفوا والذي جاء في قصة عائشة مع ابن أختها عبدالله بن الزبير فالتهاجر المنهي عنه هو الذي يدفع صاحبه إليه إنما هو الثأر للنفس والغضب لها دون عذر شرعي أما التهاجر المشروع فهو الذي يدفع صاحبه إليه إنما هو أمر شرعي ففي قصة تبوك كان أمر الرسول - عليه السلام - بمهاجرة الثلاثة تأنيبًا وتأديبًا لهم لأنهم تأخروا عن مناصرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك كما أن السيدة عائشة رضي الله عنها إنما هجرت ابن أختها عبدالله بن الزبير لأنه تكلم في حقِّها كلامًا لا يليق بأم المؤمنين فلا تعارض إذًا بين هذا الحديث : ( لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليال ) ، وبين الهجر الذي يدفع إليه أمر أو سبب شرعي .
نهى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الحديث وأحاديث تأتي بعده عن تعاطي الأسباب التي تؤدي للمسلمين إلى التباغض والتحاسد والتدابر فالتباغض والتحاسد معناه واضح للقيد الذي ذكرته آنفًا وهو أن المقصود بالنهي عن التباغض النهي عن تعاطي أسباب التباغض التي تؤدي إلى التباغض . وكذلك قوله : ( ولا تحاسدوا ) أي لا تتعاطوا أسباب التحاسد ولا تدابروا كذلك لا تتعاطوا الأسباب التي تؤدي بكم إلى التدابر والتقاطع . ثم قال - عليه السلام - : ( وكونوا عباد الله إخوانًا ، ولا يحلُّ لمسلم أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليال ) .
كنَّا روينا في الدرس الماضي قصة مقاطعة السيدة عائشة لابن أختها عبدالله بن الزبير بسبب تصريحه بأنه سيحجّر عليها إن استمرت في الصدقة والعطاء وقد جاء في ذاك الحديث أن الوسطاء قد ذكّروا السيدة عائشة بمثل هذا الحديث فهنا يأتي الحديث من رواية أنس بن مالك بعد نهي الرسول - عليه السلام - عن التباغض والتحاسد والتدابر وبعد أمره بقوله : ( وكونوا عباد الله إخوانًا ) ، قال : ( ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليال ) ، فهذا الهجر المنهي عنه إنما هو الهجر انتصارًا للنفس أي بدون سبب شرعي أما إذا كان هناك سبب شرعي فتعاطاه بعض المكلفين من المسلمين ورأى أن مقاطعة المخالف للإسلام في بعض أحكامه يؤدي إلى تعزيره وإلى تأديبه فمثل هذه المقاطعة لا ينهى عنها وليست من هذا النوع الذي جاء في هذا الحديث : ( ولا يحلُّ لمسلم أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ) .
فالهجر فوق ثلاث إنما يجوز لعذر شرعي كما جاء في قصة الثلاثة الذين خلّفوا فقصتهم معروفة في " صحيح البخاري " وغيره حيث أمر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بمقاطعة هؤلاء الثلاثة الذين تخلَّفوا عن غزوة تبوك وكانت المقاطعة خمسين يومًا كاملة فلا تعارض بين مثل هذه المقاطعة التي جاءت في قصة الثلاثة الذين خلّفوا من جهة وبين هذا الحديث وما في معناه من النهي عن التهاجر بعد ثلاث من جهة أخرى أي إن التهاجر المنهي عنه هو غير التهاجر المشروع الذي جاء في قصة الثلاثة الذين خلفوا والذي جاء في قصة عائشة مع ابن أختها عبدالله بن الزبير فالتهاجر المنهي عنه هو الذي يدفع صاحبه إليه إنما هو الثأر للنفس والغضب لها دون عذر شرعي أما التهاجر المشروع فهو الذي يدفع صاحبه إليه إنما هو أمر شرعي ففي قصة تبوك كان أمر الرسول - عليه السلام - بمهاجرة الثلاثة تأنيبًا وتأديبًا لهم لأنهم تأخروا عن مناصرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك كما أن السيدة عائشة رضي الله عنها إنما هجرت ابن أختها عبدالله بن الزبير لأنه تكلم في حقِّها كلامًا لا يليق بأم المؤمنين فلا تعارض إذًا بين هذا الحديث : ( لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليال ) ، وبين الهجر الذي يدفع إليه أمر أو سبب شرعي .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 40
- توقيت الفهرسة : 00:00:00