شرح حديث أم كلثوم ابنة عقبة بن أبي معيط رضي الله عنهم : ( لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَقُولُ خَيْرًا، أَوْ يَنْمِي خَيْرًا ).
A-
A=
A+
الشيخ : لذلك أورد تحت هذا الباب حديثًا بإسناده الصحيح : عن حميد بن عبد الرحمن ، أن أُمَّه أم كلثوم ابنة عقبة بن أبي مُعيط أخبرته أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( لَيس الكَذَّابُ الَّذِي يُصلِحُ بَينَ النَّاس فَيقولُ خَيرًا أَو يُنمي خَيرًا ) . الذي يزيد في نقل الكلام من شخص إلى آخر في سبيل الإصلاح فالذي نقله من الكلام الزائد الذي لا أصل له من الثناء على الشخص الذي نقل إليه الكلام وغرضه من ذلك الإصلاح بين الاثنين ، هذا الكلام ولو كان كذبًا مختلقًا فهو ليس محرمًا أي : ليس من الكذب المحرم ، وإن كان الأصل في كل كلام يخالف الواقع ويكون كذبًا فهو حرام ، وهناك أحاديث كثيرة وكثيرة جدًّا في تحذير المسلم من أن يعتاد الكذب في كلامه ، مع كون هذا محرمة فكثير من المحرمات فيها مستثنيات ، لأن هناك مصالح تترتب وراء هذا الاستثناء ، كمثل ما جاء في هذا الحديث : ( لَيس الكَذَّابُ الَّذِي يُصلِحُ بَينَ النَّاس فَيقولُ خَيرًا أَو يُنمي خَيرًا ) ؛ ذلك لأن الكذب إنما حرَّمَه الله - عز وجل - لما يترتَّب من ورائه من مفاسد وأضرار كثيرة . وعلى العكس من ذلك إنما أمر بالصدق لأن الصدق يترتَّب من ورائه مصالح للناس عديدة ، فاذا ما انعكست القضية في بعض الأمور فنتج من الصدق ما ينتج عادة من الكذب فحين ذاك ينقلب الصدق إلى حكم الكذب فيصير هذا الصدق محرمًا ، وعلى العكس من ذلك إذا نتج من الكذب ما ينتج عليك من الصدق ينقلب حكم الكذب إلى حكم الصدق ، حين ذاك يجب ، هذا كله مراعاة لمقاصد الشريعة وكما قلت آنفًا : الصدق كل الناس يعلمون أنه يترتب من ورائه مصالح للمجتمع والعكس من الكذب تمامًا ، فلذلك فمن الجمود العقلي والمنطقي أن يظل بعض الناس يتمسَّكون بالألفاظ فيحرمون من الكذب ولو كان فيه منجاة نفس مؤمنة .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 37
- توقيت الفهرسة : 00:00:00