فوائد حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم ، تُؤتي أُكلها كل حين بإذن ربها لا تحث ورقها ؟ ... ) ، وفيه بيان متى يتكلم الصغير إذا كان في القوم الكبار وأهل الفضل. - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
فوائد حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم ، تُؤتي أُكلها كل حين بإذن ربها لا تحث ورقها ؟ ... ) ، وفيه بيان متى يتكلم الصغير إذا كان في القوم الكبار وأهل الفضل.
A-
A=
A+
الشيخ : هذا الحديث كله ترجم به المصنف لهذا الباب : " باب إذا لم يتكلم الكبير هل للأصغر أن يتكلم " : هكذا فقه البخاري يترجم عن الحديث بباب يتساءل فيه هل له أن يتكلم ، ما بيعطيك الجواب لأنه يريد لطالب العلم أن يأخذ الجواب هو بنفسه من دراسته وتفقهه في الحديث الذي أورده تحت الباب ، فالآن ماذا نفهم من هذا التساؤل هل للصغير أن يتكلم إذا لم يتكلم الكبير وقد أورد المصنف تحت هذا الباب هذا الحديث الصحيح ؟!قد يتبادر في أذهان بعض الناس القارئين لهذا الحديث إنه الجواب لا ، لأن ابن عمر ما تكلم ، لكن الصحيح إنه الجواب : له أن يتكلم ، ذلك لأن الرسول - عليه السلام - لما وجه الخطاب بقوله : ( أخبروني عن شجرة مثلها ) كذا وكذا ما خصّ أبا بكر ولا عمر ولا غيرهما من كبار الصحابة ، وإنما وجَّهَ خطابًا عامًّا ، فلما لم يبادر إلى الإجابة عن هذا السؤال كبار الصحابة حينئذٍ يأتي دور صغارهم أمثال عبدالله بن عمر فلا مانع هناك بعد ذاك أن يبادر إلى الجواب عن هذا السؤال ، فهذا مثله تمامًا كمثل معلم الدرس أو أستاذ الدرس أو شيخ الدرس أو ما شابه ذلك يوجه سؤالًا إلى الحاضرين جميعًا : ماذا تقولون في كذا وكذا يجوز أو لا يجوز ! فالسؤال موجه للجميع لو كان موجهًا إلى كبار القوم فهناك يأتي الأدب الذي التزم به عبدالله بن عمر ، لا بأس عبدالله بن عمر التزم لكن إلى متى ما دام وجد أبابكر وعمر سكتا فكان عليه أن يفضي بما أنعم الله عليه من الفقه لكلام الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وأن يقول : هي النخلة يا رسول الله ، فنحن نأخذ أن تساؤل البخاري في هذا الباب هل له أن يتكلم الصغير إذا سكت الكبير نأخذ الجواب من هذا الحديث بالإيجاب وليس بالسلب من ناحيتين : الناحية الأولى : ما شرحناه آنفًا أن السؤال كان موجهًا للجميع فلما لم يتكلم الكبير فعلى الصغير أن يتكلم . والناحية الأخرى : أن أحد الكبراء وهو عمر بن الخطاب والد عبدالله هو نفسه قال : " لو تكلَّمت لَكان أحبَّ إليَّ من كذا وكذا " ، فلو كان ليس من أدب المجلس أن يتكلم الصغير حينما يصمت الكبير ما تمنى عمر بن الخطاب لابنه خلاف الأدب .

إذًا نستلخص من هذا الدرس ومن الدرس السابق أدبين اثنين : الأدب الأول : أنه إذا كان هناك مجلس لا سيما إذا كان له خطورته وهناك كبار في العلم وفي السن ، فمن أدب الصغار ألَّا يتقدموا بالكلام بين يدي الكبار ، والأدب الآخر أنه إذا عجز الكبير أن يتكلم فيما يناسب الموضوع فهناك ينبغي على الصغير أن يُثبت نفسه وشخصيته وعلمه لأن القضية ليست قضية في السن فقط فكثيرًا ما يكون الأمر على العكس من ذلك ، لكن القاعدة هي مراعاة الأكبر فالأكبر ، فإذا لم يتكلم الكبير فعلى الصغير أن يتكلم كما أوحى بذلك قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لابنه : " لو كنت قلتها كان أحبَّ إليَّ من كذا وكذا " .

مواضيع متعلقة