فوائد حديث رافع بن خديج وسهل بن أبي حتمة قال : ( ... فجاء عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتكلموا في أمر صاحبهم فبدأ عبد الرحمن وكان أصغر القوم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كبر الكبر ... ) ، أهمية أدب تقديم الكبير في الكلام في المجالس ونحوها.
A-
A=
A+
الشيخ : وما قبله يُستفاد منه أدب من آداب المجالس ، وهذه الآداب نحن في الواقع بحاجة إلى أن نلتزمها ، والذي ألاحظه في الرجال ولا أستطيع إلا أن أقيس النساء على الرجال إذا ما كانت النساء بحالتهن في هذه القضية أسوأ من الرجال ، الذي ألاحظه أن هذا الأدب من حيث تقديم الكبير في الكلام لا يُراعى ولا يُلتزم إطلاقًا ، فكل واحدة منا يريد إنه يبدأ بالكلام كل واحد منا بيريد يتصدر المجلس حتى يتكلم سواء كان الكلام في مسألة بيعرفها أو ما بيعرفها ، أكثر من هذا مع الأسف الشديد بيتوجه سؤال للشيخ فيبادر التلميذ بالجواب دون أن يستسمح أو يستأذن على الأقل الشَّيخ وين ( كبر الكبر ) ما في ، هذا الأدب قد أخل به جماهير طلاب العلم والشباب المثقف فضلًا عن غيرهم ، وسببه يعود إلى أمرين اثنين : الأمر الأول : هو ابتعاد آباء المسلمين منذ ما شاء الله من السنين عن تربية أولادهم التربية الإسلامية ، وهذا يعود في الحقيقة إلى السبب الثاني وهو الجهل بالسنة وبالآداب الإسلامية ، فمن أين يربي الأب الذي لم يسمع مثل هذا الحديث بل والذي قبله أيضًا : ( ليس منَّا من لم يرحَمْ صغيرنا ويوقِّر ) أو ( ويجِّلَ ) أو ( ويعرف حقَّ كبيرنا ) لذلك فهذه الفوضى وهذه الآداب المهجورة والمتروكة في بلادنا يعود سببها إلى أمرين اثنين : الأمر الأول يعود إلى الآخر وهو الجهل بالسنة . فلذلك فمن جهل شيئًا عاداه ، فالذي لا يعرف هذه الأحكام فهو لا يتأدب بها في نفسه فضلًا عن أن يؤدب بها غيره ، خذوا مثلًا لا يزال إلى اليوم كثير من كبار المسلمين بل ومشائخ وعلماء وقضاة حينما يجلسون على مائدة الطعام يأكلون باليد اليسرى أيضًا ، وأنا شخصيًا كنت أجتمع في بعض جلسات الجامعة الإسلامية مدعو إلى هذه الجلسة كبار علماء فيأتي الشاي أو القهوة يأخذ ويشرب بيده اليسرى ، هو شيخ مثل حكايتي أو أكبر مني فنضطر إنه نسارره سرًّا نذكره فبيشكر ، لكن سرعان ما يصدق فيه المثل القديم : " عادة حليمة لعادتها القديمة " ، تغلب عليه العادة بيرجع بيشرب بيده الشمال فإذا كان الشيخ والأب الكبير هكذا فالولد ماذا سيكون حاله ؟!كما رأى أباه وأمه فهو على سننهم يجري . فهذه العادات يجب إحياؤها يجب أن نتأدب في المجالس بآداب السنة ، نعرف حق الكبير ولا نتكلم بين يديه إلا بعد الاستئذان فقد يكون هو في نفسه كلام وهو حين ذاك لعلمه ولِسنه له تجاربه له فوائده التي اكتسبها طول حياته فهو قد يحسن الكلام أحسن من غيره ويعجبني بهذه المناسبة وأنهي الكلمة بذلك أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال لما توفي الرسول - صلى الله عليه وسلم - : " فهممت أن أخطب وأصعد المنبر ، فأخذه أبوبكر وصعد قبله ، قال : وكنت زورت في نفسي كلامًا " : هذا أسلوب عربي ما بنعرفه اليوم لأنه التزوير نعرفه نحن بمعنى الغش يعني شهادة الزور ، لا هنا المقصود زورت بنفسي كلامًا يعني هيأته ، يعني وضع مخطط شو لازم يتكلم بهذيك المناسبة ، الآن أشك بمناسبة وفاة الرسول أو بمناسبة انتخاب خليفة الرسول لعله هذا الثاني هو الأصح ، فسيدنا عمر كان هيأ في نفسه كلام يتكلم بهالمناسبة ، فلما بدأ أبو بكر الصديق يتكلم قال : " ما ترك شيء كان في نفسه وزورته إلا أبوبكر الصديق - رضي الله عنه - أتى عليه " : هذا فضل إفساح المجال لأهل الفضل والعلم والسن ولا شك أن أبو بكر الصديق هو أكبر سنًا من عمر بن الخطاب .
وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 29
- توقيت الفهرسة : 00:00:00