شرح الشيخ للقاعدة الأصولية:
A-
A=
A+
الشيخ : ومن هنا يبقى قاعدة أصولية فقهية وهي : " أنه إذا جاء نصان متعارضان كان أحدهما عاما والآخر خاصا استثني الخاص من العام " .وبعبارة أخرى : إذا كان هناك نص عام بمعنى فيه معنى واسع ، وهناك نص آخر فيه معنى ضيق ، لكن هذا المعنى الضيق يخالف ذلك النص العارض في جزء من أجزائه ، في هذه الحالة يستثنى المعنى الأقل من المعنى الأكثر .إذا نظرنا إلى حديث : ( يلبس الحريرَ مَن لا خلاق له في الآخرة ) ، إنما يلبس الحرير هنا أطلق الحرير ، فدخل فيه القليل والكثير لا فرق في ذلك لأنه عمم وما خصص .لكن في حديث لبس الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - تنصيص على أن الجبة لم تكن من الحرير إنما كانت الثياب طيالسة إلا أنه كان في طرفي كفي هذه الجبة قطعة حرير شبر مقياس شبر ، هذه القطعة هي حرير ، فيستثنى هذا الحرير القليل من الحرير الكثير المحرم . فيقال بتعبير العلماء : قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( يلبس الحرير مَن لا خلاق له في الآخرة ) عام يشمل كل حرير سواء كان كثيرًا أو قليلًا ، لكن استثني القليل من هذا الحديث المحرم لبس القليل من الحرير ، استثني من تحريم هذا النص بالقليل بحديث جبة الرسول - عليه السلام - التي كان عليها قليل من الحرير .فيقال : الحرير لباسه ثوبًا قميصًا جبة هذا حرام بدليل هذا الحديث العام ، لكن ليس كذلك إذا لبس الرجل ثوبًا من القماش المباح فيه قطعة من حرير لفائدة الثوب هَيْ القطعة مثلًا هنا ... فالحرير فيه مقاومة فإذا كانت هذه القطعة من حرير لصيانة الثوب من أن يتسرَّعَ إليه الفناء والاهتراء فلا بأس حين ذاك باستعمال هذه القطعة من الحرير في الثوب الرذل .أما أن يكون الثوب كله حريرا فذلك حرام بنصِّ هذا الحديث وبغيره من الأحاديث الصريحة في تحريم الحرير على الرجال كالحديث المعروف ( أن الرسول - عليه السلام - خرج ذات يوم على أصحابه وفي إحدى يديه حرير ، وفي الأخرى ذهب ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( هذان حرام على رجال أمَّتي ، حلٌّ لِإناثها ) . فإذا نحن استحضرنا هذا الحديث الأخير ( حلٌّ لإناثها ) ونظرنا إلى نص الحديث الثاني : ( إنما يلبسها مَن لا خلاق له في الآخرة ) يعني يلبس جبة الحرير من لا خلاق أي : لا نصيب له في الآخرة .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 24
- توقيت الفهرسة : 00:00:00