تتمة لباب :
A-
A=
A+
الشيخ : لبعض الفضائل في كلمات قليلة ، وهو كما ذكرنا حديث صحيح لغيره ، ومعنى هذا في علم المصطلح أنه في هذا السند الذي في هذا الكتاب ضعيف ، وعلته أنه من رواية شهر بن حوشب وهو الراوي لهذا الحديث عن أسماء بنت يزيد لأن شهرًا هذا ليس متّهما في صدقه وإنما هو متكلم في حفظه ، فإذا ما جاء ما يشهد له تقوى به ، لذلك كان هذا الحديث صحيحًا بشواهده .أسماء بنت يزيد من الصحابيات الجليلات تروي لنا هذا الحديث .قالت : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ألا أخبِرُكم بخياركم ؟ ) . قالوا : بلى . قال : ( الذين إذا رُؤُوا ذُكِرَ الله ) ما معنى هذا الكلام : ( الذين إذا رُؤُوا ذُكِرَ الله ) هذا يشير إلى قاعدة الظاهر والباطن يعني أن المسلم الذي هو حقيقة متمسك بإسلامه فإن الإسلام يتجلى على مظهره ، وقد كنت ذكرت في أكثر من مناسبة بعض الأحاديث الصحيحة التي تدلنا على ارتباط الظاهر بالباطن ، ومن أشهر وأقوى هذه الأحاديث قوله - عليه الصلاة والسلام - في تمام الحديث المشهور أوله : ( إن الحلال بيِّن ، وإن الحرام بيِّن ) إلى آخره ، ثم قال - عليه الصلاة والسلام - : ( ألا وإن في الجسد كله ، إذا صلحت صلح الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ) فهذا الحديث ربط صلاح البدن بصلاح القلب ، قريب جدًّا هذا الصلاح الظاهر والباطن الروح المعنوي لصلاح الجسد المادي ارتباطًا بالقلب المادي كذلك القلب إذا كان سليما من الناحية الطبية في الغالب يكون البدن كذلك فأكثر الشأن تمامًا من الناحية المعنوية الروحية ، فالقلب إذا كان عامرًا بالإيمان ممتلئا باليقين بما جاء به الإسلام ظهر أثر ذلك على جوارح هذا الإنسان ، حينذاك إذا رؤي هذا الإنسان ذُكر الله لأنه يتجلى عليه آثار التقوى والصلاح على نفس ما قال الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - في الحديث الصحيح : ( نضَّرَ الله امرأً سَمِعَ مقالتي ، فوعاها ، ثم بلَّغَها كما سمعها ، فرُبَّ مبلَّغ أوعى له مِن سامعٍ ) . الشاهد من هذا الحديث قوله : ( نضَّرَ اللهُ امرأً ) هذا دعاء من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالنضرة لهذا الذي سمع حديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - ثم بلغه للمسلمين ذلك لأن يتفقّهوا فيه ، وقد علّم الرسول - عليه السلام - الأمر بالتنبيه بقوله : ( فربَّ مبلَّغٍ أوعى له مِن سامعٍ ) يقول علماء الحديث شرَّاحه فقد استجاب الله - عز وجل - دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك النضرة هذه تُرى على وجوه المهتمين بالحديث . هكذا - أيضًا - كل رجل قد عمَّر قلبه بالإيمان الصادق ظهر أثره على بدنه فإذا رؤي برؤيا ذكر الله - عز وجل - لرؤيته ، نحوه ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه سئل عن أحسن الناس لقراءة القرآن من أحسن الناس لقراءة القرآن ؟ قال - عليه السلام - : ( الذي إذا قرأ رُئِيَ أنه يخشى الله ) أحسن الناس قراءة هو الذي إذا قرأ رؤي بمعنى ظن السامعون يظنون بأن هذا القارئ هو يخشى الله فهذه حقيقة يشعر بها كل مؤمن مخلص لتلاوة إنسان اتخذ التلاوة كالمهن وتجارة عاجلة فهذا كأنه يتمهّن القرآن كأنما يترنّم به بينما إنسان يتلو كتاب الله - عز وجل - يشعر السامعين بأنه يقرأ وهو يخشى الله - تبارك وتعالى - . فخير الناس هو الذي إذا رؤي ذكر الله لرؤيته إما أن يكون رجلًا صالحًا متعبِّدًا فحينما يراه الناس يتنبَّهون لصلاحه فيتمَّنون ما دام لا يزال في قلوبهم الإيمان يشع أن يكونوا مثله أو يكون آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر ، كذلك إذا رأوه تأثَّروا به وتفقَّهوا به فاستفادوا منه ، فكان هذا الذي يرى ذكر الله : خير الناس .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 22
- توقيت الفهرسة : 00:00:00