شرح حديث أنس رضي الله عنه : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قبل الصوت فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم قد سبق الناس إلى الصوت ... )
A-
A=
A+
الشيخ : نتلو في درسنا اليوم الحديث السابق في الباب رقم 142 ألا وهو . " باب طيب النفس " . يتلو هذا الحديث الأول من هذا الباب الحديث الثاني وهو عن النواس بن سمعان الأنصاري ، وقد كان مضى برقم 275 ولذلك فنحن نقرأه ولو تكرَّر ؛ لأن في التكرار فائدة دون أن نعلق عليه ففيما سبق كفاية .
عن النواس بن سمعان الأنصاري أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البر والإثم ؟ فقال : ( البِرُّ حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطَّلعَ عليه الناس ) رقم الحديث 302 . الحديث الذي بعده وهو صحيح السند : عن أنس قال : ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس ، وأجود الناس ، وأشجع الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة ، فانطلق الناس قبل الصوت ، فاستقبلهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد سبق الناس إلى الصوت وهو يقول : لن تراعوا ، لن تراعوا ، وهو على فرس لأبي طلحة عُريٌ ، ما عليه سرج ، وفي عنقه السيف ، فقال : لقد وجدته بحرًا ، أو إنه لبحر ) .هذا الحديث يتعلق ببيان قسم من شمائل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأخلاقه التي ميز بها على سائر الخلق وأشار الله ذلك في كتابه حينما قال : (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) . في هذا الحديث تفسير لشيء من هذا الخلق النبوي الشريف .أول ذلك قال أنس : ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس ) ، يمكن تفسير هذه الجملة بمعنيين اثنين : المعنى الأول : كان أحسن الناس خلقًا ، وهذا الذي يتبادر من هذه الجملة .والمعنى الآخر : أحسن الناس خلقًا ، وإنما قلنا المعنى الأول هو المتبادر لأن التفاضل عند الله - عز وجل - لا يكون بما خُلق عليه الإنسان من الجمال وبهاء وطلعة تلفت أنظار الناس وإنما بالخلق الذي يتخلَّق به الإنسان ، لكن لا مانع لأن نفسر هذه الجملة بالتفسيرين معًا ، ذلك لأن كلًا من الأمرين كان قائما ومتحققا في ذات النبي - عليه الصلاة والسلام - فهو في الوقت الذي كان أحسن الناس خُلقا كان أحسن الناس خلْقًا ، فهو - عليه الصلاة والسلام - أحسنهم خُلقًا وأحسنهم خلقًا ، ومن هنا أي : من كون النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أحسن الناس خُلقًا مثل أحسنهم خلقًا ممكن أن نستنبط أو أن نتوصل من هذه الفقرة إلى شيء يتعلق بالتوحيد وبعلم الكلام ، فهناك يذكرون بأن النبي أي نبي يصطفيه ربنا - عز وجل - رسولًا أو نبيًّا إلى خلقه فينبغي أن يكون حسن الخُلق حسن الخَلق ، لأنه إذا كان سيِّئ الخُلق كان الناس الناس لا يُقبلون على دعوته بل وينفرون منها ، ولذلك إشارة إلى هذه الحقيقة قال الله - عز وجل - في حق نبينا - عليه الصلاة والسلام - : (( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )) قالوا : وكذلك ينبغي أن يكون المبعوث أي النبي المبعوث للناس أو الرسول المرسل إليهم أيضًا ينبغي أن يكون حسن الخلْق ، لأن ظاهرة الإنسان الجسدية لها تأثير في كثير من الأحيان في جذب قلوب الناس إليهم وإن كان هذا في كثير من الأحيان لا ينبني عليه شيء من الفائدة ، ولكن كما قيل في بعض الملوك : " ما أحسن المحراب في المحراب " فما أحسن أن يجتمع الخلق الحسن في الخلْق الحسن .فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قد جمع في نفسه هتين الخصلتين : أنه كان أحسن الناس خُلُقًا وكان أحسنهم أيضًا خلْقًا ، هذه الجملة الوجيزة أي كون النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أحسن الناس خُلقًا واقع لو أراد الإنسان أن يؤلف منها كاتبا خاصًا لشرح أخلاق الرسول - عليه الصلاة والسلام - وما جاء في ذلك من تفاصيل وبيان لتجمّع في ذلك كتاب مستقل ، ولكن يكفي أن يتذكر احدنا حينما يسمع هذا الوصف الموجز من أنس بن مالك للنبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه أحسن الناس خُلقًا أن يتذكر بعض الأحاديث التي فيها التصريح بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أحسن الناس خُلقًا ، من ذلك ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال : ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) ، فهو - عليه الصلاة والسلام - كان مضرب المثل لحسن خلقه مع أهله وليس ذلك أمرًا خاصًا للأهل ، بل كان ذلك حتى في علاقته مع خصومه سواء كانوا مسلمين أو كانوا كافرين .فقد خاصمه رجل مرّة على دين له على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأخذ بجلابيب الرسول - عليه السلام - من هنا من ثيابه وقال : إنكم يا بني عبد المطلب أصحاب مُطل ، فقام عمر يريد أن يبطش به وأن يؤذيه ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( دَعْه يا عمر ، لقد كنت أحوج الناس أن تأمرني بحسن القضاء وهو أن تأمره بحسن الأداء ) ، ثم أمر أصحابه أن يعطوه أكثر مما لذلك الأعرابي على النبي - صلى الله عليه وسلم - .ومثال آخر يتعلق بأعدائه الكفار حينما خلا به رجل من المشركين كان - عليه الصلاة والسلام - في بعض أسفاره فلجأ إلى شجرة ليستريح تحتها ونام ، فجاء رجل مشرك ورأى سيف النبي - صلى الله عليه وسلم - معلقًا بالشجرة فأخذه ثم أيقظ النبي - عليه السلام - فقال له : من ينقذك مني ؟ فقال له الرسول كلمة واحدة : ( الله ) فارتجَّ منها الرجل وسقط السيف من يده ، فأخذه - عليه الصلاة والسلام - منه فقال له : ( من لك الآن ؟ ) ثم عفا عنه ، وهذا هو من أحسن وأفضل الأخلاق أن يعفو المقتدر عند قدرته على خصمه وعلى عدوه ، هذه نماذج على أنه - عليه السلام - كان أحسن الناس خلقًا .
عن النواس بن سمعان الأنصاري أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البر والإثم ؟ فقال : ( البِرُّ حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطَّلعَ عليه الناس ) رقم الحديث 302 . الحديث الذي بعده وهو صحيح السند : عن أنس قال : ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس ، وأجود الناس ، وأشجع الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة ، فانطلق الناس قبل الصوت ، فاستقبلهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد سبق الناس إلى الصوت وهو يقول : لن تراعوا ، لن تراعوا ، وهو على فرس لأبي طلحة عُريٌ ، ما عليه سرج ، وفي عنقه السيف ، فقال : لقد وجدته بحرًا ، أو إنه لبحر ) .هذا الحديث يتعلق ببيان قسم من شمائل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأخلاقه التي ميز بها على سائر الخلق وأشار الله ذلك في كتابه حينما قال : (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) . في هذا الحديث تفسير لشيء من هذا الخلق النبوي الشريف .أول ذلك قال أنس : ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس ) ، يمكن تفسير هذه الجملة بمعنيين اثنين : المعنى الأول : كان أحسن الناس خلقًا ، وهذا الذي يتبادر من هذه الجملة .والمعنى الآخر : أحسن الناس خلقًا ، وإنما قلنا المعنى الأول هو المتبادر لأن التفاضل عند الله - عز وجل - لا يكون بما خُلق عليه الإنسان من الجمال وبهاء وطلعة تلفت أنظار الناس وإنما بالخلق الذي يتخلَّق به الإنسان ، لكن لا مانع لأن نفسر هذه الجملة بالتفسيرين معًا ، ذلك لأن كلًا من الأمرين كان قائما ومتحققا في ذات النبي - عليه الصلاة والسلام - فهو في الوقت الذي كان أحسن الناس خُلقا كان أحسن الناس خلْقًا ، فهو - عليه الصلاة والسلام - أحسنهم خُلقًا وأحسنهم خلقًا ، ومن هنا أي : من كون النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أحسن الناس خُلقًا مثل أحسنهم خلقًا ممكن أن نستنبط أو أن نتوصل من هذه الفقرة إلى شيء يتعلق بالتوحيد وبعلم الكلام ، فهناك يذكرون بأن النبي أي نبي يصطفيه ربنا - عز وجل - رسولًا أو نبيًّا إلى خلقه فينبغي أن يكون حسن الخُلق حسن الخَلق ، لأنه إذا كان سيِّئ الخُلق كان الناس الناس لا يُقبلون على دعوته بل وينفرون منها ، ولذلك إشارة إلى هذه الحقيقة قال الله - عز وجل - في حق نبينا - عليه الصلاة والسلام - : (( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )) قالوا : وكذلك ينبغي أن يكون المبعوث أي النبي المبعوث للناس أو الرسول المرسل إليهم أيضًا ينبغي أن يكون حسن الخلْق ، لأن ظاهرة الإنسان الجسدية لها تأثير في كثير من الأحيان في جذب قلوب الناس إليهم وإن كان هذا في كثير من الأحيان لا ينبني عليه شيء من الفائدة ، ولكن كما قيل في بعض الملوك : " ما أحسن المحراب في المحراب " فما أحسن أن يجتمع الخلق الحسن في الخلْق الحسن .فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قد جمع في نفسه هتين الخصلتين : أنه كان أحسن الناس خُلُقًا وكان أحسنهم أيضًا خلْقًا ، هذه الجملة الوجيزة أي كون النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أحسن الناس خُلقًا واقع لو أراد الإنسان أن يؤلف منها كاتبا خاصًا لشرح أخلاق الرسول - عليه الصلاة والسلام - وما جاء في ذلك من تفاصيل وبيان لتجمّع في ذلك كتاب مستقل ، ولكن يكفي أن يتذكر احدنا حينما يسمع هذا الوصف الموجز من أنس بن مالك للنبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه أحسن الناس خُلقًا أن يتذكر بعض الأحاديث التي فيها التصريح بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أحسن الناس خُلقًا ، من ذلك ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال : ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) ، فهو - عليه الصلاة والسلام - كان مضرب المثل لحسن خلقه مع أهله وليس ذلك أمرًا خاصًا للأهل ، بل كان ذلك حتى في علاقته مع خصومه سواء كانوا مسلمين أو كانوا كافرين .فقد خاصمه رجل مرّة على دين له على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأخذ بجلابيب الرسول - عليه السلام - من هنا من ثيابه وقال : إنكم يا بني عبد المطلب أصحاب مُطل ، فقام عمر يريد أن يبطش به وأن يؤذيه ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( دَعْه يا عمر ، لقد كنت أحوج الناس أن تأمرني بحسن القضاء وهو أن تأمره بحسن الأداء ) ، ثم أمر أصحابه أن يعطوه أكثر مما لذلك الأعرابي على النبي - صلى الله عليه وسلم - .ومثال آخر يتعلق بأعدائه الكفار حينما خلا به رجل من المشركين كان - عليه الصلاة والسلام - في بعض أسفاره فلجأ إلى شجرة ليستريح تحتها ونام ، فجاء رجل مشرك ورأى سيف النبي - صلى الله عليه وسلم - معلقًا بالشجرة فأخذه ثم أيقظ النبي - عليه السلام - فقال له : من ينقذك مني ؟ فقال له الرسول كلمة واحدة : ( الله ) فارتجَّ منها الرجل وسقط السيف من يده ، فأخذه - عليه الصلاة والسلام - منه فقال له : ( من لك الآن ؟ ) ثم عفا عنه ، وهذا هو من أحسن وأفضل الأخلاق أن يعفو المقتدر عند قدرته على خصمه وعلى عدوه ، هذه نماذج على أنه - عليه السلام - كان أحسن الناس خلقًا .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 20
- توقيت الفهرسة : 00:00:00