تتمة شرح حديث : ( حوسب رجل ممن كان قبلكم ... ) .
A-
A=
A+
الشيخ : بعد هذا أقول : قال - عليه الصلاة والسلام - : ( حُوسِبَ رجلٌ ممَن كان قبلكم ، فلم يوجد له من الخير شيء ) .
في هذا الحديث إشارة إلى أن الحساب في يوم الحساب معناه مناقشة الإنسان فيما قدّم من خير أو شر ، وعرض هذه الحصيلة وهذه النتيجة على الإنسان ليرى كذلك إما أن يكون من أهل الجنة أو يكون من أهل النار ، بعد أن حوسب هذا الرجل ولم يوجد في صحيفته كثير شيء إلا الإيمان كما ذكرنا وإلا أنه كان رجلًا يخالط الناس شو معنى كونه يخالط الناس ؟ يعني لا يعتزلهم وإنما هو كما يقول اليوم : " إنسان اجتماعي " لا هو منعزل ، ولا هو منزوي على الناس إنما هو يعاملهم ويخالطهم ، كما قال - عليه الصلاة والسلام - في حديث صحيح يبيّن فيه فضيلة المؤمن الذي يخالط الناس ولكن بالخير وإذا أوذي منهم لم يبغهم وإنما تحمل أذاهم قال - عليه الصلاة والسلام - : ( المؤمن الذي يخالط الناس ، ويصبر على أذاهم ؛ خيرٌ من الذي لا يخالطهم ، ولا يصبر على أذاهم ) ، المؤمن الذي يخالط الناس ، ويصبر على أذاهم ، خير من الذي لا يخالطهم ) يعتبرهم إما في بادية أو في زاوية حتى لو في المسجد لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم هذا بلا شك بسبب إيمانه فيه خير ، ولكن ذاك الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من هذا المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم .فهذا الرجل الذي كان قبل الأمة المحمّدية وحوسب فلم يوجد في صحيفته شيء من الخير سوى الإيمان كان له يقول الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث : كان له خصلة واحدة ألا وهي أنه كان يخالط الناس ويعاملهم وبسبب هذه المعاملة كان قد اكتسب مالًا حتى صار رجلًا ميسرًا وصار عنده خدم وعمال فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر ) هذا الرجل بسبب هذه المخالطة والمعاملة مع الناس والأخذ والإعطاء والتجارة والربح صار من كبار الأغنياء وصار تاجرًا له إما خدم بالأجرة وإما غلمان عبيد كان إسقاط العبيد كانت عادة قديمة حتى في عهد النبي - عليه الصلاة والسلام - ، وهذا أمر مشروع لكن له شروطه المعروفة في كتب الحديث وكتب السنة ولست الآن في صدد بيان شيء من هذه الشروط على الأقل المهم أن هذا رجل صار بسبب المخالطة رجلًا موسرا غنيًّا وصار له غلمان خدم يحاسبون الناس ، فكان يأمر غلمانه بأنهم إذا حاسبوا رجلًا من زبائنه ألا يؤاخذهم وألا يشتد بالمطالبة عليهم بل يأمرهم بأن يتجاوزوا ، وأن يصفحوا : معك توفّي ما عليك من الذّمة فبها ، ما عليك الله يصفح عنك أنا ما بدي منك شيئ . فالله - تبارك وتعالى - الذي هو أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين عامل هذا الإنسان من جنس العمل الذي كان هو نفسه يعامل بني الإنسان ، كان هو يتجاوز ويعفوا ويصفح عن العاجز عن الوفاء لما عليه من دين أو ذمة فكان هذا الرجل الغني الموسر يتجاوز ويصفح عنه ، فقال الله - عز وجل - لملائكته يوم حاسبه - عز وجل - ولم يجد في صحيفته خيرًا كما ذكرنا إلا هذا التجاوز عن زبائنه وعن المدينين له ، فقال الله - عز وجل - لملائكته : ( نحن أحقُّ بذلك منه ) إن كان هو يتجاوز عن عباد لي وهو عبد من عبيدي فأنا أحق بالتجاوز عنه تجاوزوا عنه ، فغفر الله - عز وجل - لهذا الإنسان الموسر وتجاوز عن كل سيئاته ، لماذا ؟ لأنه تجاوز عن أصحابه وعن زبائنه الذين لم يستطيعوا أن يبرئوا ذمتهم أمامه ، فالله - عز وجل - قابل هذا الإنسان بنوع عمله مع أن تجاوز الله ومغفرته - تبارك وتعالى - لا مثل لها ، لأن هذا الإنسان الذي تجاوز إنما هو يتخلّق بجزء ضئيل ضئيل جدًّا لا يمكن المشابهة بين هذه الصفة ، وبين صفة رب العالمين في المغفرة ، فهو يتخلَّق بس من أخلاق الله - عز وجل - وهو التجاوز عن المقصر التجاوز عن المخطئ فلما علم الله - عز وجل - من هذا الإنسان عن الناس الذين كانوا يقصّرون معه فالله - عز وجل - تجاوز عن تقصيره معه ، وهذا كما قال الله - عز وجل - في القرآن الكريم : (( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ )) بلى رب العالمين يجاوزي بخير مما يستحقُّه الإنسان لأنه كما قال : (( ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )) .
في هذا الحديث إشارة إلى أن الحساب في يوم الحساب معناه مناقشة الإنسان فيما قدّم من خير أو شر ، وعرض هذه الحصيلة وهذه النتيجة على الإنسان ليرى كذلك إما أن يكون من أهل الجنة أو يكون من أهل النار ، بعد أن حوسب هذا الرجل ولم يوجد في صحيفته كثير شيء إلا الإيمان كما ذكرنا وإلا أنه كان رجلًا يخالط الناس شو معنى كونه يخالط الناس ؟ يعني لا يعتزلهم وإنما هو كما يقول اليوم : " إنسان اجتماعي " لا هو منعزل ، ولا هو منزوي على الناس إنما هو يعاملهم ويخالطهم ، كما قال - عليه الصلاة والسلام - في حديث صحيح يبيّن فيه فضيلة المؤمن الذي يخالط الناس ولكن بالخير وإذا أوذي منهم لم يبغهم وإنما تحمل أذاهم قال - عليه الصلاة والسلام - : ( المؤمن الذي يخالط الناس ، ويصبر على أذاهم ؛ خيرٌ من الذي لا يخالطهم ، ولا يصبر على أذاهم ) ، المؤمن الذي يخالط الناس ، ويصبر على أذاهم ، خير من الذي لا يخالطهم ) يعتبرهم إما في بادية أو في زاوية حتى لو في المسجد لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم هذا بلا شك بسبب إيمانه فيه خير ، ولكن ذاك الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من هذا المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم .فهذا الرجل الذي كان قبل الأمة المحمّدية وحوسب فلم يوجد في صحيفته شيء من الخير سوى الإيمان كان له يقول الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث : كان له خصلة واحدة ألا وهي أنه كان يخالط الناس ويعاملهم وبسبب هذه المعاملة كان قد اكتسب مالًا حتى صار رجلًا ميسرًا وصار عنده خدم وعمال فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر ) هذا الرجل بسبب هذه المخالطة والمعاملة مع الناس والأخذ والإعطاء والتجارة والربح صار من كبار الأغنياء وصار تاجرًا له إما خدم بالأجرة وإما غلمان عبيد كان إسقاط العبيد كانت عادة قديمة حتى في عهد النبي - عليه الصلاة والسلام - ، وهذا أمر مشروع لكن له شروطه المعروفة في كتب الحديث وكتب السنة ولست الآن في صدد بيان شيء من هذه الشروط على الأقل المهم أن هذا رجل صار بسبب المخالطة رجلًا موسرا غنيًّا وصار له غلمان خدم يحاسبون الناس ، فكان يأمر غلمانه بأنهم إذا حاسبوا رجلًا من زبائنه ألا يؤاخذهم وألا يشتد بالمطالبة عليهم بل يأمرهم بأن يتجاوزوا ، وأن يصفحوا : معك توفّي ما عليك من الذّمة فبها ، ما عليك الله يصفح عنك أنا ما بدي منك شيئ . فالله - تبارك وتعالى - الذي هو أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين عامل هذا الإنسان من جنس العمل الذي كان هو نفسه يعامل بني الإنسان ، كان هو يتجاوز ويعفوا ويصفح عن العاجز عن الوفاء لما عليه من دين أو ذمة فكان هذا الرجل الغني الموسر يتجاوز ويصفح عنه ، فقال الله - عز وجل - لملائكته يوم حاسبه - عز وجل - ولم يجد في صحيفته خيرًا كما ذكرنا إلا هذا التجاوز عن زبائنه وعن المدينين له ، فقال الله - عز وجل - لملائكته : ( نحن أحقُّ بذلك منه ) إن كان هو يتجاوز عن عباد لي وهو عبد من عبيدي فأنا أحق بالتجاوز عنه تجاوزوا عنه ، فغفر الله - عز وجل - لهذا الإنسان الموسر وتجاوز عن كل سيئاته ، لماذا ؟ لأنه تجاوز عن أصحابه وعن زبائنه الذين لم يستطيعوا أن يبرئوا ذمتهم أمامه ، فالله - عز وجل - قابل هذا الإنسان بنوع عمله مع أن تجاوز الله ومغفرته - تبارك وتعالى - لا مثل لها ، لأن هذا الإنسان الذي تجاوز إنما هو يتخلّق بجزء ضئيل ضئيل جدًّا لا يمكن المشابهة بين هذه الصفة ، وبين صفة رب العالمين في المغفرة ، فهو يتخلَّق بس من أخلاق الله - عز وجل - وهو التجاوز عن المقصر التجاوز عن المخطئ فلما علم الله - عز وجل - من هذا الإنسان عن الناس الذين كانوا يقصّرون معه فالله - عز وجل - تجاوز عن تقصيره معه ، وهذا كما قال الله - عز وجل - في القرآن الكريم : (( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ )) بلى رب العالمين يجاوزي بخير مما يستحقُّه الإنسان لأنه كما قال : (( ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )) .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 19
- توقيت الفهرسة : 00:00:00