تتمة لباب :
A-
A=
A+
الشيخ : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) ، (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) ، أما بعد :
فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
بعد انقطاع طال أمده لظروف قاهرة نعود ونستأنف درس " الأدب المفرد " للإمام البخاري . وقد كان فيما أظن قد انتهى الدرس الأخير إلى الحديث الثالث والتسعين بعد المئتين ، فنبتدئ به وهو من الأحاديث الصحيحة التي رواها الإمام البخاري في هذا الكتاب " الأدب المفرد " بالسند الصحيح .عن أبي مسعود الأنصاري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( حُوسِبَ رجلٌ ممَّن كَان قَبلَكُم ، فَلم يُوجَد لَهُ مِنَ الخَيرِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا يُخَالِطُ النَّاسَ ، وكانَ مُوسِرًا ، فَكَان يَأمُرُ غِلمَانَهُ أَن يَتَجَاوزُوا عَن المُعسِر ، قَالَ اللَّهُ - عز وجل - : فَنَحنُ أَحَقُّ بِذلكَ مِنهُ ، فَتَجَاوزُوا عَنهُ ) .
في هذا الحديث بيان فضل الخلق الحسن إذا تخلّق به المسلم حتى أنه ليكون سببا في تخليص صاحبه من العذاب الذي يستحقه بسبب ما كان قد اقترف وارتكب من الآثام والذنوب ، فهذا رجل يقول عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( كان فيما قبلنا ) يعني من بني إسرائيل ، ( لم يعمل خيرًا قط ) : سوى أنه كان مؤمنًا يجب أن نفترض دائمًا وأبدًا في كل حديث نقرأه أو كل خبر نسمعه فيه مثل هذا الفضل البالغ وليس فيه ذكر أن المستحق لهذا الفضل كان مسلمًا ، يجب أن نفترض في كل حديث نسمعه فيه ذكر فضيلة ما أن المستحق لهذه الفضيلة هو كان مسلمًا ، فنحن نسمع في هذا الحديث قوله - عليه السلام - : ( كان رجل ممَّن قبلكم ) لم يقل كان مسلم فيجب أن نفسر هذا الرجل بأنه كان مسلمًا ولو لم يكن مذكورًا وصفه بالإسلام في الحديث وهذا يؤخذ من قواعد الشريعة ، لأن الله يقول في حقِّ كل مشرك : (( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا )) ، ويقول الله - عز وجل - مخاطبًا أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في شخص النبي : (( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) فإذا سمعنا مثل هذا الحديث : ( حُوسِبَ رجلٌ ممَّن قبلكم ) ، ثم سمعنا في آخر الحديث أن الله تجاوز عنه ، فيجب فورًا أن نقدّر في بالنا أن هذا الرجل كان مسلمًا ، ومثل هذا الحديث في صورة خاصة من الضروري جدًّا أن هذا الرجل كان مسلمًا لأنه يقول : ( فلم يوجد له من الخير شيء ) مع أن أكبر الخير هو الإيمان ، لذلك جاء في حديث الشفاعة أن الله - عز وجل - يأمر في آخر الأمر حينما يشفع الرسل والأنبياء والملائكة والصالحون ثم يشفع ربُّ العالمين - تبارك وتعالى - فيقول في بعض الروايات الصحيحة : ( أخرجوا ) يقول للملائكة ( أخرجوا مَن الناس من كان فيه ذرَّة من خير ) والمقصود بهذا الخير هو الإيمان ، فإذا قرأنا هذا الحديث : ( حُوسِبَ رجلٌ ممَّن قبلكم ) ثم ختم الحديث بأن الله - عز وجل - بعد محاسبة هذا الإنسان تجاوز عنه فيجب أن نقدِّرَ ونحط في البال أنه كان مسلمًا ، وإلا لو كان مشركًا وكان قد ملأ الدنيا خيرًا وفضلًا فذلك لا يفيده شيئًا كما سمعتن في الآية السابقة : (( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا )) . ويؤكّد هذا الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - معنى الحديث : ( أن المؤمن إذا أتى بحسنة جُوزِيَ عليها في الدنيا وحُوسِبَ بها - أيضًا - يوم القيامة ) ؛ يعني كان له جزاءان خيران : الأول : في الدنيا عاجلًا ، والآخر في الآخرة آجلًا ، أما الكافر : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أما الكافر فمهما عمل من حسنات في الدنيا جُوزِيَ عليها فيها في الدنيا ، حتى إذا جاء يوم القيامة جاء وليس في صحيفته من حسناته شيء ) . الله - عز وجل - كما قال : (( وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )) ، ولكن يحاسب كل شخص بحسب ما قام فيه من إيمان ، فالمؤمن يجزى بحسناته في الدنيا والأخرى خيرًا ، وأما الكفر فيجزى بحسناته في الدنيا أما في الآخرة فيأتي وليس في صحيفته حسنة ذلك لأنه كفر بالله ورسوله وأشرك بالله - عز وجل - فحبط عمله وكان في الآخرة من الخاسرين .أردت من هذا الكلام أن ألفت النظر وأن تتفقّهن في الدين حينما تقرأن حديثًا كهذا : ( كان رجل ممَّن قبلكم ثم تجاوز الله عن آثاره ) يجب أن تحطُّوا في البال أنه كان مسلمًا وإلا لو كان مشركًا لم يفده عمله الصالح شيئًا .
فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
بعد انقطاع طال أمده لظروف قاهرة نعود ونستأنف درس " الأدب المفرد " للإمام البخاري . وقد كان فيما أظن قد انتهى الدرس الأخير إلى الحديث الثالث والتسعين بعد المئتين ، فنبتدئ به وهو من الأحاديث الصحيحة التي رواها الإمام البخاري في هذا الكتاب " الأدب المفرد " بالسند الصحيح .عن أبي مسعود الأنصاري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( حُوسِبَ رجلٌ ممَّن كَان قَبلَكُم ، فَلم يُوجَد لَهُ مِنَ الخَيرِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا يُخَالِطُ النَّاسَ ، وكانَ مُوسِرًا ، فَكَان يَأمُرُ غِلمَانَهُ أَن يَتَجَاوزُوا عَن المُعسِر ، قَالَ اللَّهُ - عز وجل - : فَنَحنُ أَحَقُّ بِذلكَ مِنهُ ، فَتَجَاوزُوا عَنهُ ) .
في هذا الحديث بيان فضل الخلق الحسن إذا تخلّق به المسلم حتى أنه ليكون سببا في تخليص صاحبه من العذاب الذي يستحقه بسبب ما كان قد اقترف وارتكب من الآثام والذنوب ، فهذا رجل يقول عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( كان فيما قبلنا ) يعني من بني إسرائيل ، ( لم يعمل خيرًا قط ) : سوى أنه كان مؤمنًا يجب أن نفترض دائمًا وأبدًا في كل حديث نقرأه أو كل خبر نسمعه فيه مثل هذا الفضل البالغ وليس فيه ذكر أن المستحق لهذا الفضل كان مسلمًا ، يجب أن نفترض في كل حديث نسمعه فيه ذكر فضيلة ما أن المستحق لهذه الفضيلة هو كان مسلمًا ، فنحن نسمع في هذا الحديث قوله - عليه السلام - : ( كان رجل ممَّن قبلكم ) لم يقل كان مسلم فيجب أن نفسر هذا الرجل بأنه كان مسلمًا ولو لم يكن مذكورًا وصفه بالإسلام في الحديث وهذا يؤخذ من قواعد الشريعة ، لأن الله يقول في حقِّ كل مشرك : (( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا )) ، ويقول الله - عز وجل - مخاطبًا أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في شخص النبي : (( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) فإذا سمعنا مثل هذا الحديث : ( حُوسِبَ رجلٌ ممَّن قبلكم ) ، ثم سمعنا في آخر الحديث أن الله تجاوز عنه ، فيجب فورًا أن نقدّر في بالنا أن هذا الرجل كان مسلمًا ، ومثل هذا الحديث في صورة خاصة من الضروري جدًّا أن هذا الرجل كان مسلمًا لأنه يقول : ( فلم يوجد له من الخير شيء ) مع أن أكبر الخير هو الإيمان ، لذلك جاء في حديث الشفاعة أن الله - عز وجل - يأمر في آخر الأمر حينما يشفع الرسل والأنبياء والملائكة والصالحون ثم يشفع ربُّ العالمين - تبارك وتعالى - فيقول في بعض الروايات الصحيحة : ( أخرجوا ) يقول للملائكة ( أخرجوا مَن الناس من كان فيه ذرَّة من خير ) والمقصود بهذا الخير هو الإيمان ، فإذا قرأنا هذا الحديث : ( حُوسِبَ رجلٌ ممَّن قبلكم ) ثم ختم الحديث بأن الله - عز وجل - بعد محاسبة هذا الإنسان تجاوز عنه فيجب أن نقدِّرَ ونحط في البال أنه كان مسلمًا ، وإلا لو كان مشركًا وكان قد ملأ الدنيا خيرًا وفضلًا فذلك لا يفيده شيئًا كما سمعتن في الآية السابقة : (( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا )) . ويؤكّد هذا الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - معنى الحديث : ( أن المؤمن إذا أتى بحسنة جُوزِيَ عليها في الدنيا وحُوسِبَ بها - أيضًا - يوم القيامة ) ؛ يعني كان له جزاءان خيران : الأول : في الدنيا عاجلًا ، والآخر في الآخرة آجلًا ، أما الكافر : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أما الكافر فمهما عمل من حسنات في الدنيا جُوزِيَ عليها فيها في الدنيا ، حتى إذا جاء يوم القيامة جاء وليس في صحيفته من حسناته شيء ) . الله - عز وجل - كما قال : (( وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )) ، ولكن يحاسب كل شخص بحسب ما قام فيه من إيمان ، فالمؤمن يجزى بحسناته في الدنيا والأخرى خيرًا ، وأما الكفر فيجزى بحسناته في الدنيا أما في الآخرة فيأتي وليس في صحيفته حسنة ذلك لأنه كفر بالله ورسوله وأشرك بالله - عز وجل - فحبط عمله وكان في الآخرة من الخاسرين .أردت من هذا الكلام أن ألفت النظر وأن تتفقّهن في الدين حينما تقرأن حديثًا كهذا : ( كان رجل ممَّن قبلكم ثم تجاوز الله عن آثاره ) يجب أن تحطُّوا في البال أنه كان مسلمًا وإلا لو كان مشركًا لم يفده عمله الصالح شيئًا .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 19
- توقيت الفهرسة : 00:00:00