تتمة شرح حديث أسمامة بن شريك رضي الله عنه : ( ... قالوا يا رسول الله أنتداوى قال نعم يا عباد الله تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء ... )
A-
A=
A+
الشيخ : نعود إلى تلاوة الحديث الذي انتهى درسنا الماضي إلى شرح نصفه الأول ، وبقي علينا التعليق على نصفه الآخر ، ولكن لا بد من دراسته أو من تلاوته بالأحرى من أوله لتتم الفائدة لمن لم يحضروا الدرس السابق . الحديث كما قلنا في الدرس الماضي إسناده صحيح يرويه المصنِّف - رحمه الله - . عن أسامةَ بن شَريك قَالَ : كُنتُ عِندَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وجَاءَت الأعَرابُ ، نَاسٌ كَثِيرٌ مِن هَهُنَا وهَهُنَا ، فَسَكَتَ النَّاسُ لَا يَتَكَلَّمُونَ غيرُهُم فَقَالوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَعَلَينَا حَرجٌ فِي كَذا وكَذا ؟ فِي أَشياءَ مِن أُمورِ النَّاس ، لَا بَأسَ بِهَا . فَقَال : ( يَا عِبادَ اللَّهِ ، وَضَعَ اللهُ الحَرجَ إِلَّا امرَأً اقتَرَضَ امرَأً ظُلمًا فَذَاكَ الَّذِي حَرج وَهَلك ) . قَالُوا : يَا رسولَ اللَّهِ ، أَنَتَداوَى ؟ قَالَ : ( نَعم ، يَا عِبادَ اللَّهِ ؛ تَدَاوَوا ؛ فَإِنَّ اللهَ - عَز وجلَّ - لَم يَضَع دَاءً إِلَّا وَضَعَ لهُ شِفاءً غَير دَاءِ واحِدٍ ) . قالوا: ومَا هُو يَا رسولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( الهَرمُ ) . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا خَيرُ مَا أُعطِى الإنسَانُ ؟ قال : ( خُلُقٌ حَسَنٌ ) .
كنا شرحنا في الدرس الماضي كما قلنا الطرف أو النصف الأول من هذا الحديث وبقي علينا شرح تمامه . وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( نعم يا عباد الله تداووا ) . كان هذا الأمر من الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بالتداوي جوابًا للسؤال سؤال الأعراب ، حيث قالوا : أنتداوى يا رسول الله ؟ وكأن مبعث سؤال ألعراب هو كأنه بسبب ما يُلقى في أذهان بعض الناس أن التداوي ينافي التوكل ، فهم كأعراب لا علم عندهم لا يبعد أن يكون قد دار في أذهانهم أن التداوي من معالجة الأمراض ينافي التوكل على ربِّ الأرباب - سبحانه وتعالى - ، ولكنهم من جهة أخرى يعلمون بجهلم ولذلك فهم لا يريدون أن يعتمدوا على مجرد خواطرهم ووساوسهم وأن يتجاوبوا معها ولذلك بادروا الرسول - عليه الصلاة والسلام - في السؤال عن ذلك فقالوا : أنتداوى ؟ قال : ( نعم يا عباد الله تداووا ؛ فإن الله - عز وجل - لم يضَعْ داءً إلا جعل له شفاءً ) ، كان جواب الرسول - عليه الصلاة والسلام - لسؤال الأعراب أنتداوى جوابًا ينطبق ويتماشى مع سنة الله - عز وجل - في خلقه التي تقول بأن الله - عز وجل - قد جعل لكل مسبَّبٍ سببًا ، فالله - عز وجل - الذي خلق الأمراض بقدرته وحكمته جعل لها - أيضًا - أدوية إذا استعملها المريض حصل الشفاء والعلاج بإذن الله - تبارك وتعالى - ؛ ولذلك الرسول - عليه السلام - لما أجاب الأعراب بأنه ينبغي عليهم أن يتداووا بين أن التداوي لا ينافي التوكل على الله ؛ لأن التوكل على الله لا ينافي - أيضًا - الأخذ بالأسباب التي شرعها الله - تبارك وتعالى - . نحن نعلم جميعًا أن الرزق مقسوم يقسم الرزق على كل مخلوق وهو لا يزال جنينًا في بطن أمه كما جاء في الأحاديث الصحيحة وبخاصة منها حديث عبد الله بن مسعود الذي فيه قوله - عليه السلام - : ( يُجمع خلق أحدكم أربعين يومًا نطفةً ) إلى آخر الحديث الذي فيه أنه بعد أن يمر هذا الجنين في الأدوار المذكورة في الحديث أي يمضي عليه أربعة أشهر يأتيه الملَك فينفخ فيه الروح ويسأل ربه أسعيد أم شقي ، رزقه وأجله ، فيُكتب في تلك الساعة رزقه وحياته عمره طويل قصير إلى آخره ، فمع هذه الكتابة فقد جعل الله - عز وجل - كما ذكرنا آنفًا : لكل شيء سببا ، فالرزق وإن كان مقسومًا فلا بد من السعي وراءه كما قال - عز وجل - في القرآن الكريم : (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ )) فلم يقل ربنا - عز وجل - اتّكلوا على الكتابة التي كُتبت على أحدكم وأنتم بعد ما خرجتم إلى الوجود ، وإنما قال : (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا )) إلى آخر الآية ، كذلك السعادة والشقاوة تمامًا ، فمن يريد أن يكون سعيدًا فليعمل عمل أهل السعادة الذي يريد أن يكون شقيًّا فليس عليه إلا أن يعمل عمل أهل الشقاوة ؛ لذلك قال - عليه الصلاة والسلام - : ( فمَن كان من أهل السعادة فليعمل بعمل أهل السعادة ، ومَن كان من أهل الشقاوة فليعمل بعمل أهل الشقاوة ) وهكذا فكل شيء في الحياة الدنيا إنما هو مربوط بالأسباب التي جعلها الله - عز وجل - أسبابًا لمسببات هو قدَّرها وهو نظَّمها .
كنا شرحنا في الدرس الماضي كما قلنا الطرف أو النصف الأول من هذا الحديث وبقي علينا شرح تمامه . وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( نعم يا عباد الله تداووا ) . كان هذا الأمر من الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بالتداوي جوابًا للسؤال سؤال الأعراب ، حيث قالوا : أنتداوى يا رسول الله ؟ وكأن مبعث سؤال ألعراب هو كأنه بسبب ما يُلقى في أذهان بعض الناس أن التداوي ينافي التوكل ، فهم كأعراب لا علم عندهم لا يبعد أن يكون قد دار في أذهانهم أن التداوي من معالجة الأمراض ينافي التوكل على ربِّ الأرباب - سبحانه وتعالى - ، ولكنهم من جهة أخرى يعلمون بجهلم ولذلك فهم لا يريدون أن يعتمدوا على مجرد خواطرهم ووساوسهم وأن يتجاوبوا معها ولذلك بادروا الرسول - عليه الصلاة والسلام - في السؤال عن ذلك فقالوا : أنتداوى ؟ قال : ( نعم يا عباد الله تداووا ؛ فإن الله - عز وجل - لم يضَعْ داءً إلا جعل له شفاءً ) ، كان جواب الرسول - عليه الصلاة والسلام - لسؤال الأعراب أنتداوى جوابًا ينطبق ويتماشى مع سنة الله - عز وجل - في خلقه التي تقول بأن الله - عز وجل - قد جعل لكل مسبَّبٍ سببًا ، فالله - عز وجل - الذي خلق الأمراض بقدرته وحكمته جعل لها - أيضًا - أدوية إذا استعملها المريض حصل الشفاء والعلاج بإذن الله - تبارك وتعالى - ؛ ولذلك الرسول - عليه السلام - لما أجاب الأعراب بأنه ينبغي عليهم أن يتداووا بين أن التداوي لا ينافي التوكل على الله ؛ لأن التوكل على الله لا ينافي - أيضًا - الأخذ بالأسباب التي شرعها الله - تبارك وتعالى - . نحن نعلم جميعًا أن الرزق مقسوم يقسم الرزق على كل مخلوق وهو لا يزال جنينًا في بطن أمه كما جاء في الأحاديث الصحيحة وبخاصة منها حديث عبد الله بن مسعود الذي فيه قوله - عليه السلام - : ( يُجمع خلق أحدكم أربعين يومًا نطفةً ) إلى آخر الحديث الذي فيه أنه بعد أن يمر هذا الجنين في الأدوار المذكورة في الحديث أي يمضي عليه أربعة أشهر يأتيه الملَك فينفخ فيه الروح ويسأل ربه أسعيد أم شقي ، رزقه وأجله ، فيُكتب في تلك الساعة رزقه وحياته عمره طويل قصير إلى آخره ، فمع هذه الكتابة فقد جعل الله - عز وجل - كما ذكرنا آنفًا : لكل شيء سببا ، فالرزق وإن كان مقسومًا فلا بد من السعي وراءه كما قال - عز وجل - في القرآن الكريم : (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ )) فلم يقل ربنا - عز وجل - اتّكلوا على الكتابة التي كُتبت على أحدكم وأنتم بعد ما خرجتم إلى الوجود ، وإنما قال : (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا )) إلى آخر الآية ، كذلك السعادة والشقاوة تمامًا ، فمن يريد أن يكون سعيدًا فليعمل عمل أهل السعادة الذي يريد أن يكون شقيًّا فليس عليه إلا أن يعمل عمل أهل الشقاوة ؛ لذلك قال - عليه الصلاة والسلام - : ( فمَن كان من أهل السعادة فليعمل بعمل أهل السعادة ، ومَن كان من أهل الشقاوة فليعمل بعمل أهل الشقاوة ) وهكذا فكل شيء في الحياة الدنيا إنما هو مربوط بالأسباب التي جعلها الله - عز وجل - أسبابًا لمسببات هو قدَّرها وهو نظَّمها .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 18
- توقيت الفهرسة : 00:00:00