البيان والتمثيل لقاعدة
A-
A=
A+
الشيخ : فإذا حفظ هذه القاعدة وهي : " من علم حجة على من لم يعلم " استراح من كثير من المشاكل ، نثري ما نحن فيه على سبيل أولًا التطبيق أو الإتيان ببعض النماذج والأمثلة الأخرى لهذه القاعدة ومن جهة أخرى لأن صاحبة النفي في هذه الحديث هي السيدة عائشة فنأتي بنفي آخر لها حيث قالت - رضي الله عنها - : " مَن حدَّثَكم بأن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بال قائمًا فلا تصدِّقوه " ، هكذا تقول : " مَن حدَّثَكم بأن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بال قائمًا فلا تصدِّقوه " بينما روى البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال : " أتى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - سباطة قوم - أي : مزبلة قوم - فبال قائمًا " ، فماذا نفعل هل نكذب حذيفة ائتمارًا بأمر السيدة عائشة مَن حدثكم بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال قائمًا فلا تصدِّقوه ؛ فهل نكذِّب حذيفة وهو صادق مثلها ؟ لا ، لا نكذِّبها ولا نكذِّبه ، ولكن نقول : كلٌّ منهما حدَّثَ بما علم ، فالسيدة عائشة ما علمت ذاك الشيء الذي علمه حذيفة وهذا أمر طبيعي ؛ لأن السيدة عائشة من المخدرات في البيوت من اللاتي انصَبَّ قول الله - تبارك وتعالى - عليها قبل أي امرأة في الدنيا : (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )) ، فهي إذًا ما كانت تخرج كلما خرج الرسول - عليه السلام - من بيته لأنها امرأة ووظيفتها أن تقر في بيتها ، أما حذيفة فهو رجل فهو يطلع على انطلاق الرسول - عليه السلام - وذهابه ومجيئه خارج بيته أكثر من زوجه عائشة - رضي الله عنها - ، وبالعكس هي تعلم من الأمور الباطنة الأمور البيتية والمنزلية والزوجية أكثر من كل الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - ؛ فلذلك هي لم يتفق لها أن ترى الرسول - عليه السلام - يبول قائمًا ولماذا وهو في بيته فلا يضطر أن يبول قائمًا لكن قد يخرج خارج البيت قد يخرج إلى بستان إلى برية إلى الصحراء فيحتاج أن يتبول ، فقد يكون الوضع بحيث أنه أسهل له أن يتبول قائمًا فرآه الرجال ولم تره النساء ، فإذن العلماء قالوا : العمل على حديث حذيفة لأنه مثبت وليس على حديث عائشة لأنها نافية ، والمثبت مقدَّم على النافي ، هكذا تطبق القاعدة بالتوفيق بين بعض الأحاديث التي يظهر بينها الاختلاف . فقولها : " ما رأيت رسول الله ضاحكًا قطُّ " لا ينفي أن يكون الرسول - عليه السلام - ضحك أحيانًا ، وقد رأى ذلك منه بعض أصحاب الرسول - عليه السلام - إنما كان يتبسَّم - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ أي : في غالب أحيانه .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 12
- توقيت الفهرسة : 00:00:00