سبب نزول قوله تعالى: (( خذوا زينتكم عند كل مسجد )).
A-
A=
A+
الشيخ : ولذلك جاءت السنة تعاكس دعوة الشيطان ، فالسنة مثلًا بينت أولًا في القرآن : (( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ )) هذه الآية نزلت بخصوص الطواف حول الكعبة عاريًا من نساء ورجال ، نزلت لإبطال هذه العادة الجاهلية التي خالفوا فيها من جملة ما خالفوا ملة إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - فقال ربنا - تبارك وتعالى - في القرآن : (( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ )) أي : استروا عوراتكم إذا طفتم وإذا دخلتم أي مسجد من مساجد الله في الأرض ، فجاء الإسلام يعاتب خطوات الشيطان في بني الإنسان حين أوحى إليهم أن يتعروا من الثياب بزعم أنها ثياب عصوا الله فيها ، فماذا يفعلون بقلوبهم التي عصوا الله فيها ؟ كان الواجب أن يطهروا هذه القلوب من الأدران والأوثان والأصنام التي حلت فيها فعبدوها من دون الله - تبارك وتعالى - ، لذلك كان من السنة أن المسلم إذا عزم على الحج إلى بيت الله الحرام أن يتطهر من الأدران والآثام والذنوب التي استقرت في قلبه وأن يتوب منها إلى ربه - تبارك وتعالى - إذا كان يريد أن يكون حجه حج مقبولًا مبرورًا فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن حج البيت فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ خرجَ من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه ) ، فأمر الرسول - عليه السلام - بأن الأمر الهام قبل كل شيء قبل تغيير الثياب أن يطهر الإنسان نفسه أن يطهر الإنسان نفسه من ذنوبه وآثامه حتى إذا حج إلى بيت ربه رجع كيوم ولدته أمه من ذنوبه .بعد ذلك أمر الرسول - عليه السلام - أي في المرتبة الثانية أمر كل حاج إذا أحرم بالحج إلى بيت الله الحرام أن ينزع ثيابه التي ولو كانت نظيفة ولو كانت سليمة من أن يرتكب وهو لابسها شيئًا من المعاصي أمره بنزعها وأن يلبس ثوبين إزارًا ورداءً مثل فوطة الحمام قطعة في القسم الأعلى من بدنه والقطعة الأخرى في القسم الأدنى من بدنه هذا من تمام التهيؤ للذهاب إلى بيت الله الحرام ، عكس هذا المنحرفون عن ملة إبراهيم - عليه السلام - فطافوا حول الكعبة عراة بعد أن وضعوا على ظهرها تلك الأصنام فهذا مما أصاب ملة إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - من الانحراف فأصبحت معوجة عن جادة التوحيد والاستقامة ، فبعث الله محمدًا - عليه الصلاة والسلام - ليقيم الملة العوجاء فيجب أن نفهم إذن هذه العبارة : ليقيم أي يُقوِّم ، الملة هي ملة إبراهيم - عليه السلام - ليست بطبيعتها عوجاء وإنما عرض لها العوج بما أدخل الناس فيها الضالون من الانحرافات كما ذكرنا من وضع الأصنام والطواف حول الكعبة عراة فأصبحت ملة إبراهيم الحنيفية ملة عوجاء ، فلم يقبض الله - تبارك وتعالى - نبيه - عليه السلام - حتى أطاح بالأصنام من الكعبة وذلك يوم فتح مكة يوم دخلها فاتحًا منصورًا مغفورًا له ، فكان يطعن بمخصرته بعصاة في يده - عليه السلام - على كل صنم ويقرأ قوله تعالى : (( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا )) ، فيقع الصنم تلو الصنم حتى لم يبق على ظهر الكعبة صنم يعبد من دون الله - تعالى - ، وأصبحت العبادة لله وحده لا شريك له .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 11
- توقيت الفهرسة : 00:00:00