تتمة لباب
A-
A=
A+
الشيخ : " أخبرني عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة قال : فقال : أجل ، والله إنه لَموصوفٌ في التوراة ببعض صفته في القرآن : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا )) وحرزًا للأميين أنت عبدي ورسولي سمَّيتك المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخَّاب في الأسواق ، ولا يدفع بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر ، ولن يقبضه الله - تعالى - حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا : لا إله إلا الله ، ويفتحوا بها أعينًا عميًا ، وآذانًا صمًّا ، وقلوبًا غلفًا " .
وصل بنا الكلام على هذا الحديث الدرس الماضي إلى قوله : " سمَّيتك المتوكِّل " وذكرنا بشيء من البسط والتفصيل أن كون الرسول - عليه الصلاة والسلام - سماه ربه - تبارك وتعالى - بالمتوكل لا يعني ذلك أنه كان يدع العمل والأخذ بالأسباب التي توصله إلى الرزق الذي كتبه الله له ، تكلمنا في هذا بشيء من التفصيل والآن نتابع التعليق على بقية فقرات هذا الحديث . قال أي جاء في التوراة وصف الرسول - عليه السلام - بالصفات السابقة والصفات الآتية من ذلك أنه - عليه الصلاة والسلام - ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ، وهذا مما وصفه الله - تبارك وتعالى - ببعض هذه الفقرة حينما قال - عز وجل - : (( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )) وهذه الصفة أي أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - لم يكن فظًا غليظ القلب هو أمر طبيعي أن يكون كذلك - عليه الصلاة والسلام - ما دام أنه وصف في القرآن بقول الله - تبارك وتعالى - : (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) فليس من الأخلاق الكريمة أن يكون الرجل المسلم المحتذي والمقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فظًّا غليظًا لأنه لو كان كذلك لنفر الناس وانفضوا من حوله ؛ لذلك قال - تعالى - مخبرًا عن هذه الحقيقة التي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أنه كان رقيق القلب رحيمًا رفيقًا بأصحابه بل وحتى في بعض الأحيان بأعدائه ، فقد سبق لنا أن ذكرنا قصة ذلك اليهودي الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في مجلسه في بيته فسلم عليه سلامًا بالتعبير العامي ملغومًا سلامًا ضمنه الطعن فيه - عليه الصلاة والسلام - حين قال : السام السام عليك يا رسول الله فغمغمها في لفظه فبعض الناس قد يفهمها السلام وإنما هو يعني السام عليكم والسام هو الموت ، وبدهي أن لا يخفى ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال له بأقصر جواب : وعليك ، ولكن السيدة عائشة رضي الله عنها التي سمعت قولهم وتنبهت لما قصدوا إليه من الدعاء بالشر وبالموت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تملك نفسها ولا حفظت ثورتها بل اندفعت لتقول : وعليك السلام واللعنة والغضب ، ثم لما انصرف اليهودي عن مجلس الرسول - عليه الصلاة والسلام - التفت إليها قائلًا : ( يا عائشة ، ما كان الرِّفق في شيء إلا زانَه ، وما كان العنف في شيء إلا شانه ) . قالت : يا رسول الله ألم تسمع ما قال ؟ قال لها : ( ألم تسمعي ما قلتُ ؟ ) فقد أجبته بقولي : وعليكم ، فإن كان قاصدًا ذلك المعنى السيئ الذي تبادر إلينا فقد أعطيته الجواب وأفهمناه أننا أيقاظ متنبهون وأنه لا ينطلي علينا الباطل ، وإن كان ربما لم يعن ذلك الكلام وإنما طرق سمعنا كذلك السام فقد أجبناه - أيضًا - بدون اعتداء وبدون ظلم ، فهذا أثر من آثار الرسول - عليه السلام - أنه لم يكن فظًّا ولا غليظًا حتى مع الكفار الذين كان لهم ميثاق ومواعيد بينه - عليه الصلاة والسلام - وبينهم ، فأولى وأحرى أن لا يكون رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مع أصحابه فظًا غليظًا ، وقد ذكرنا لكن في الدرس الماضي بعض القصص التي تؤكد لطفه - عليه الصلاة والسلام - مع أصحابه كقصة معاوية بن الحكم السلمي حينما تكلم في الصلاة ثم لما جاءه الرسول - عليه السلام - لم يضربه ولم يشتمه ولم يعيره ولم ولم إلى آخره وإنما علمه أن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس . كذلك قصة ذلك الأعرابي الذي بال في المسجد فأيضًا وهم أصحابه به أيضًا لم يكن الرسول - عليه السلام - معه فظًا ولا غليظًا وإنما كان به رحيمًا رقيقًا ، وهذه حقيقة لو أن الرسول - عليه السلام - كما وصف في التوراة بأنه لم يكن فظًا ولا غليظًا فتاريخ حياته - عليه الصلاة والسلام - يؤكد هذه الصفة تمامًا ، وأما قوله : " ولا صخابًا في الأسواق " فمعنى ذلك أن الرسول - عليه السلام - كان في منتهى الهدوء فكان بعيدًا عن أخلاق السوقة والباعة الذين يرفعون أصواتهم في الأسواق كما يفعل الشلافي وأمثالهم اليوم هذا معنى قوله : " ولا صخابًا " والصخب هو رفع الصوت بشدة فلم يكن الرسول - عليه السلام - كذلك ، وإنما كان كما ذكرنا رقيقًا ناعمًا مهذبًا فهذا معنى قوله : " ولا صخابًا في الأسواق " .
وصل بنا الكلام على هذا الحديث الدرس الماضي إلى قوله : " سمَّيتك المتوكِّل " وذكرنا بشيء من البسط والتفصيل أن كون الرسول - عليه الصلاة والسلام - سماه ربه - تبارك وتعالى - بالمتوكل لا يعني ذلك أنه كان يدع العمل والأخذ بالأسباب التي توصله إلى الرزق الذي كتبه الله له ، تكلمنا في هذا بشيء من التفصيل والآن نتابع التعليق على بقية فقرات هذا الحديث . قال أي جاء في التوراة وصف الرسول - عليه السلام - بالصفات السابقة والصفات الآتية من ذلك أنه - عليه الصلاة والسلام - ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ، وهذا مما وصفه الله - تبارك وتعالى - ببعض هذه الفقرة حينما قال - عز وجل - : (( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )) وهذه الصفة أي أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - لم يكن فظًا غليظ القلب هو أمر طبيعي أن يكون كذلك - عليه الصلاة والسلام - ما دام أنه وصف في القرآن بقول الله - تبارك وتعالى - : (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) فليس من الأخلاق الكريمة أن يكون الرجل المسلم المحتذي والمقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فظًّا غليظًا لأنه لو كان كذلك لنفر الناس وانفضوا من حوله ؛ لذلك قال - تعالى - مخبرًا عن هذه الحقيقة التي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أنه كان رقيق القلب رحيمًا رفيقًا بأصحابه بل وحتى في بعض الأحيان بأعدائه ، فقد سبق لنا أن ذكرنا قصة ذلك اليهودي الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في مجلسه في بيته فسلم عليه سلامًا بالتعبير العامي ملغومًا سلامًا ضمنه الطعن فيه - عليه الصلاة والسلام - حين قال : السام السام عليك يا رسول الله فغمغمها في لفظه فبعض الناس قد يفهمها السلام وإنما هو يعني السام عليكم والسام هو الموت ، وبدهي أن لا يخفى ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال له بأقصر جواب : وعليك ، ولكن السيدة عائشة رضي الله عنها التي سمعت قولهم وتنبهت لما قصدوا إليه من الدعاء بالشر وبالموت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تملك نفسها ولا حفظت ثورتها بل اندفعت لتقول : وعليك السلام واللعنة والغضب ، ثم لما انصرف اليهودي عن مجلس الرسول - عليه الصلاة والسلام - التفت إليها قائلًا : ( يا عائشة ، ما كان الرِّفق في شيء إلا زانَه ، وما كان العنف في شيء إلا شانه ) . قالت : يا رسول الله ألم تسمع ما قال ؟ قال لها : ( ألم تسمعي ما قلتُ ؟ ) فقد أجبته بقولي : وعليكم ، فإن كان قاصدًا ذلك المعنى السيئ الذي تبادر إلينا فقد أعطيته الجواب وأفهمناه أننا أيقاظ متنبهون وأنه لا ينطلي علينا الباطل ، وإن كان ربما لم يعن ذلك الكلام وإنما طرق سمعنا كذلك السام فقد أجبناه - أيضًا - بدون اعتداء وبدون ظلم ، فهذا أثر من آثار الرسول - عليه السلام - أنه لم يكن فظًّا ولا غليظًا حتى مع الكفار الذين كان لهم ميثاق ومواعيد بينه - عليه الصلاة والسلام - وبينهم ، فأولى وأحرى أن لا يكون رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مع أصحابه فظًا غليظًا ، وقد ذكرنا لكن في الدرس الماضي بعض القصص التي تؤكد لطفه - عليه الصلاة والسلام - مع أصحابه كقصة معاوية بن الحكم السلمي حينما تكلم في الصلاة ثم لما جاءه الرسول - عليه السلام - لم يضربه ولم يشتمه ولم يعيره ولم ولم إلى آخره وإنما علمه أن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس . كذلك قصة ذلك الأعرابي الذي بال في المسجد فأيضًا وهم أصحابه به أيضًا لم يكن الرسول - عليه السلام - معه فظًا ولا غليظًا وإنما كان به رحيمًا رقيقًا ، وهذه حقيقة لو أن الرسول - عليه السلام - كما وصف في التوراة بأنه لم يكن فظًا ولا غليظًا فتاريخ حياته - عليه الصلاة والسلام - يؤكد هذه الصفة تمامًا ، وأما قوله : " ولا صخابًا في الأسواق " فمعنى ذلك أن الرسول - عليه السلام - كان في منتهى الهدوء فكان بعيدًا عن أخلاق السوقة والباعة الذين يرفعون أصواتهم في الأسواق كما يفعل الشلافي وأمثالهم اليوم هذا معنى قوله : " ولا صخابًا " والصخب هو رفع الصوت بشدة فلم يكن الرسول - عليه السلام - كذلك ، وإنما كان كما ذكرنا رقيقًا ناعمًا مهذبًا فهذا معنى قوله : " ولا صخابًا في الأسواق " .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 11
- توقيت الفهرسة : 00:00:00