باب
A-
A=
A+
الشيخ : الآن باب جديد وهو الباب الرابع والعشرون بعد المئة ، " باب الانبساط إلى الناس " . يعني معاملة الناس برحابة الصدر وبالهشاشة والبش في وجوههم . روى هاهنا المصنف حديثًا بإسناده الصحيح عن عطاء بن يسار ، قال لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت : ( أخبرني عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة ) . ( أخبرني عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في التوراة ) عطاء بن يسار تابعي مشهور ، يسأل عبد الله بن عمرو بن العاص صحابي مشهور ، فيقول عطاء لعبد الله بن عمرو بن العاص : أخبرني عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة . قال : فقال : أجل نعم ، والله إنه لَموصوفٌ في التوراة ببعض صفته في القرآن : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا )) . هذه آية في سورة الأحزاب معروفة جاءت هذه الصفات الثلاث جاء وصف الرسول - عليه السلام - بها في التوراة كما وصف في القرآن : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا )) هكذا وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة بأن الله - عز وجل - سيبعثه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا ، جاء - أيضًا - في التوراة عطفًا على هذه الأوصاف الثلاثة " وحرزًا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخَّاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر ، ولن يقبضه الله - تعالى - حتى يقيم الله به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتحوا بها أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا " . هذه الأوصاف مما وصف بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة كبيان لليهود وللنصارى بأنه سيأتي من بعدهم رجل هو أحمد بن عبد الله هو رسول الله وهو من أوصافه هذه الأوصاف ، فالله - عز وجل - وصف الرسول قبل بعثته لأهل الكتاب ، حتى إذا أدركوا بعثته ووجدوا تلك الأوصاف متحققة فيه آمنوا به فإذا لم يؤمنوا فقد كفروا ؛ لأن الحجة قامت عليهم بهذه الصفات التي تقدمت مجيء الرسول - عليه السلام - والتي أوحى بها ربنا - تبارك وتعالى - إلى موسى - عليه السلام - في التوراة فجاء وصف الرسول - عليه السلام - في التوراة بهذه الصفات . الصفات الثلاثة الأولى مذكورة في كتابنا اليوم : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا )) ما معنى شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا ؟ شاهدًا أي لله - عز وجل - بالألوهية ، وشاهدًا على الناس يوم القيامة كما تشير إلى ذلك الآية الكريمة : (( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا )) ، فمعنى قوله - تعالى - : (( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا )) لله بالوحدانية وشاهدًا على أمتك بصورة عامة وعلى قومك بصورة خاصة بأنك دعوتهم إلى عبادة الله وحده فأنت تشهد عليهم بذلك .ولهذا لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بعض أصحابه أبي بن كعب أو عبد الله بن مسعود - أنا أشك الآن - والراجح أنه ابن مسعود قال : ( اقرأ عليَّ القرآن ، قال : يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل ! قال : اقرأ فإني أحبُّ أن أسمَعَه من غيري ، فقرأ حتى إذا بلغ هذه الآية : (( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا )) ) قال كان يقرأ هكذا عبد الله بن مسعود راميًا ببصره إلى الأرض ، أدبًا أوَّلًا في التلاوة ، وأدبًا في الجلوس بين يدي الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، قال : ( فلما وصلت إلى هذه الآية : (( وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا )) رفعت بصري وإذا برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عيناه تدمعان ) لأنه سيشهد على قومه بما شهد منهم من عصيان ومن طغيان وكفر بالله ورسوله كما وقع من كثير من بني قومه فهذا شيء يحزن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما تذكر ذلك الموقف بكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودمعت عيناه لأنه لا بد أن يؤدي الشهادة كما شهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - . فإذًا (( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا )) أي : لله بالوحدانية وشاهدًا على أمتك يوم القيامة . (( وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا )) مبشِّرًا للمؤمنين بالنعيم بالمقيم ومنذرًا للكافرين بالعذاب والجحيم هذا معنى هذه الصفات الثلاثة .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 10
- توقيت الفهرسة : 00:00:00