شرح حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما : ( عرض أبي على سلمان أخته فأبى -أي سلمان- وتزوج مولاة له يقال لها بقيرة، فبلغ أبا قرة أنه كان بين حذيفة وسلمان شيء فأتاه يطلبه فأخبر أنه في مبقلة له فتوجه إليه ... ).
A-
A=
A+
الشيخ : ساق هنا بإسناده الحسن عن عمرو بن أبي قرَّة الكندي قال : عَرَضَ أَبِي عَلَى سَلمَانَ أختِهِ فَأَبَى - أي : سلمان - . وَتَزَوَّجَ مَولَاةً لَهُ يُقَالُ لَهَا : بُقَيرة ، فَبَلغَ أَبَا قُرة أَنَّهُ كَانَ بينَ حُذيفةَ وسلمان شيءٌ ، فأتاهُ يَطلبُه ، فأخبَرَه أَنَّهُ فِي مبقَلةِ لَهُ فتوجَّه إِلَيهِ ، فَلَقِيهُ مَعه زَبِيل فِيهِ بَقلٌ قَد أدخلَ عَصَاهُ فِي عُروة الزَّبِيل - وَهُوَ عَلَى عَاتِقه - ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبدِ اللَّهِ ، مَا كانَ بَينَك وبينَ حُذَيفة ؟ قَالَ : يَقُولُ سَلمَانُ : (( وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا )) ، فَانطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا دَارَ سَلمَانَ ، فَدَخَلَ سَلمَانُ الدَّارَ فَقَالَ : السلامُ عَلَيكُم ، ثُمَّ أذِنَ لِأَبِي قُرة فدخلَ فَإذا نَمَطٌ موضوعٌ عَلَى بابٍ وعندَ رأسهِ لَبِناتٌ وَإِذَا قُرطَاط ، فَقَالَ : اجلِس عَلَى فراشِ مولاتِكَ الَّتِي تُمهِد لِنَفسِهَا ثُمَّ أَنشَأَ يحدثُهُ ، فَقَالَ : إِنَّ حُذَيفَةَ كَانَ يُحدث بَأشياءَ كَان يَقُولُهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - فِي غَضبه لأقوامٍ فأُوتي فأُسألُ عَنهَا . فَأَقُولُ حذيفةُ أعلمُ بِمَا يقولُ وأكرَهُ أَن تكونَ ضَغائِنُ بَينَ أَقوَامٍ فَأُتِى حذيفةُ فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ سلمانُ لَا يُصدِّقُك وَلَا يُكذِّبُك بِمَا تَقُولُ ، فجاءَنِي حُذَيفة فَقَالَ : يَا سلمان بن أمِّ سلمان . فقلت : يا حذيفة بن أُمِّ حُذَيفَةَ ، لَتَنتَهِيَنَّ أَو لأكتبنَّ فِيكَ إِلَى عُمَرَ ، فَلَمَّا خَوَّفتُه بِعُمَرَ تركِنِي وَقَد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - : (مِن وَلَدِ آدمَ أَنَا ، فأيُّما عبدٍ مِن أُمَّتِي لعنتُهُ لعنةً أَو سبَبتُهُ سبَّةً فِي غيرِ كُنهِهِ فاجعَلهَا عليه صَلاةً ) .
هذا الحديث فيه قصة مما كان يجري بين السلف الصالح أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مما ينبغي أن نحذوا حذوهم ونحرص حرصهم على التباعد عن الكلام الذي قد يجرح بعضًا من النفوس فيوجد الضغائن والحقد والبغضاء بينها هذه القصة نبدأ من أولها للتعليق على بعض وبيان بعض فوائدها . أول ذلك يقول راوي هذا الحديث وهو تابعي معروف اسمه : عمرو بن أبي قرة الكندي : " عرض أبي على سلمان أخته " هذا نوع من الصفاء النفسي والثقة النفسية حيث يهم الرجل المسلم بأن يعرض ابنته أو أخته على رجل صالح فيقول عندي فلانة أختي هنا في القصة أختي أريد أن تتزوجها فإذا فعلها فاعل اليوم يقولوا يا فضيحة الدهر ، لكن هذا لم يكن شيئًا يذكر بالعار أو المسبة في الزمن الأول ، بل هذا في الواقع من عقل العارف لأن المسلم يحرص أن يضع ابنته أو أخته في المكان ... الحصين الأمين دينًا وخلقًا فلماذا لا يفعل ؟! اليوم تغيرت المفاهيم فأصبح الحسن قبيحًا والقبيح حسنًا ، فيجب أن نعلم أن عرض الرجل ابنته أو أخته على رجل صالح هذا أمر مشكور مرغوب فيه وهذا ما فعله هذا الرجل العاقل وهو أبو قرة ، ومع ذلك فلم يجد عند سلمان رغبة في أخته فلم يقبل ذلك العرض وتزوج مولاة له شوفوا هذا الإنسان ... أيضًا سلمان الفارسي كنا ذكرنا لكن في درس مضى شيئًا من قصته حينما هاجر من فارس هو ابن ... يعني ابن رئيس الذي يوقد النار للمجوس ليعبدوها من دون الله - تبارك وتعالى - .فذات يوم وهو يمشي إلى مكان العبادة والشرك إذا به يرى فيه شخص متطرف في مكان بعيد جالس يعبد الله وراهب من رهبان النصارى فذهب إليه وجلس عنده فاستمع منه فوائد ونصائح مما كان أهل الكتاب لا يزالون إلى ذلك العهد مما احتفظوه من بقايا التوراة والإنجيل فدخل كلام هذا الراهب في قلب سلمان وتنصر وأعرض عن دين أيه ثم هاجر في قصة طويلة حتى وصل إلى المدينة وهو مستعبد رقيق فكان يعمل في بستان من نخيل حتى سمع بالرسول - عليه السلام - أنه جاء إلى المدينة فجاء إليه وأسلم إلى آخر قصته ، هذا الرجل الفاضل عرض عليه أبو قرة هذا الكندي أخته فأبى وتزوج مولاة له ، ثم بلغ أبا قرة أنه كان بين حذيفة وسلمان شيء يعني من فتور فأتاه يطلبه ، الذي يلفت النظر في هذه القصة أن أبا قرة الذي عرض أخته على سلمان ولم يقبل سلمان المفروض لو وقعت مثل هذه القصة اليوم أن يصير في نفس العارض شيء تجاه المعروض عليه وهو شيء من فتور أيضًا فلا يعود يزوره ،لكن الأمر لم يكن كذلك أبدًا بل لم تزل المودة بين أبو قرة وبين سلمان كما كانت قبل العرض ، ولذلك فما أن بلغ أبا قرة أن بين حذيفة وبين سلمان شيء من البرود والفتور حتى جاء إلى سلمان ، فأتاه يطلبه أي في بيته فأخبر أنه في مبقلة له يعني في المزرعة التي يزرع فيها البقول فتوجه إليه فلقيه معه زبيل فيه بقل قد أدخل عصاه في عروة الزبيل وهو على عاتقه هذا مناسبة الباب الذي عقده المصنف أن هذا الرجل سلمان الفارسي الصحابي الجليل خرج من بيته إلى مبقلته فحمل في الزبيل أن الزنبيل ما تيسر له من بقول ووضعها في العصى وألقاها وراء ظهره ثم خرج يمشي من مبقلته إلى بيته حين لقيه أبو قرَّة هذا .
هذا الحديث فيه قصة مما كان يجري بين السلف الصالح أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مما ينبغي أن نحذوا حذوهم ونحرص حرصهم على التباعد عن الكلام الذي قد يجرح بعضًا من النفوس فيوجد الضغائن والحقد والبغضاء بينها هذه القصة نبدأ من أولها للتعليق على بعض وبيان بعض فوائدها . أول ذلك يقول راوي هذا الحديث وهو تابعي معروف اسمه : عمرو بن أبي قرة الكندي : " عرض أبي على سلمان أخته " هذا نوع من الصفاء النفسي والثقة النفسية حيث يهم الرجل المسلم بأن يعرض ابنته أو أخته على رجل صالح فيقول عندي فلانة أختي هنا في القصة أختي أريد أن تتزوجها فإذا فعلها فاعل اليوم يقولوا يا فضيحة الدهر ، لكن هذا لم يكن شيئًا يذكر بالعار أو المسبة في الزمن الأول ، بل هذا في الواقع من عقل العارف لأن المسلم يحرص أن يضع ابنته أو أخته في المكان ... الحصين الأمين دينًا وخلقًا فلماذا لا يفعل ؟! اليوم تغيرت المفاهيم فأصبح الحسن قبيحًا والقبيح حسنًا ، فيجب أن نعلم أن عرض الرجل ابنته أو أخته على رجل صالح هذا أمر مشكور مرغوب فيه وهذا ما فعله هذا الرجل العاقل وهو أبو قرة ، ومع ذلك فلم يجد عند سلمان رغبة في أخته فلم يقبل ذلك العرض وتزوج مولاة له شوفوا هذا الإنسان ... أيضًا سلمان الفارسي كنا ذكرنا لكن في درس مضى شيئًا من قصته حينما هاجر من فارس هو ابن ... يعني ابن رئيس الذي يوقد النار للمجوس ليعبدوها من دون الله - تبارك وتعالى - .فذات يوم وهو يمشي إلى مكان العبادة والشرك إذا به يرى فيه شخص متطرف في مكان بعيد جالس يعبد الله وراهب من رهبان النصارى فذهب إليه وجلس عنده فاستمع منه فوائد ونصائح مما كان أهل الكتاب لا يزالون إلى ذلك العهد مما احتفظوه من بقايا التوراة والإنجيل فدخل كلام هذا الراهب في قلب سلمان وتنصر وأعرض عن دين أيه ثم هاجر في قصة طويلة حتى وصل إلى المدينة وهو مستعبد رقيق فكان يعمل في بستان من نخيل حتى سمع بالرسول - عليه السلام - أنه جاء إلى المدينة فجاء إليه وأسلم إلى آخر قصته ، هذا الرجل الفاضل عرض عليه أبو قرة هذا الكندي أخته فأبى وتزوج مولاة له ، ثم بلغ أبا قرة أنه كان بين حذيفة وسلمان شيء يعني من فتور فأتاه يطلبه ، الذي يلفت النظر في هذه القصة أن أبا قرة الذي عرض أخته على سلمان ولم يقبل سلمان المفروض لو وقعت مثل هذه القصة اليوم أن يصير في نفس العارض شيء تجاه المعروض عليه وهو شيء من فتور أيضًا فلا يعود يزوره ،لكن الأمر لم يكن كذلك أبدًا بل لم تزل المودة بين أبو قرة وبين سلمان كما كانت قبل العرض ، ولذلك فما أن بلغ أبا قرة أن بين حذيفة وبين سلمان شيء من البرود والفتور حتى جاء إلى سلمان ، فأتاه يطلبه أي في بيته فأخبر أنه في مبقلة له يعني في المزرعة التي يزرع فيها البقول فتوجه إليه فلقيه معه زبيل فيه بقل قد أدخل عصاه في عروة الزبيل وهو على عاتقه هذا مناسبة الباب الذي عقده المصنف أن هذا الرجل سلمان الفارسي الصحابي الجليل خرج من بيته إلى مبقلته فحمل في الزبيل أن الزنبيل ما تيسر له من بقول ووضعها في العصى وألقاها وراء ظهره ثم خرج يمشي من مبقلته إلى بيته حين لقيه أبو قرَّة هذا .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 7
- توقيت الفهرسة : 00:00:00