شرح حديث تميم الداري رضي الله عنه : ( إني والله ما قمت مقامي لأمر ينفعكم لرغبة ولا لرهبة ) الذي فيه قصته مع الجساسة والدجال .
A-
A=
A+
الشيخ : هنا حديث طويل طلبت بعض الحاضرات أن نشرحه شرحًا وجيزًا وهو حديث صحيح مما جاء في كتابي : " صحيح الجامع الصغير " ولفظه : ( إنِّي والله ما قمت مقامي لأمر ينفعكم لرغبة ولا لرهبة ) . الرسول - عليه الصلاة والسلام - يقول في مطلع هذا الحديث وهي خطبة أو وهو أي هذا الحديث خطبة خطبها الرسول - عليه الصلاة والسلام - بمناسبة عودة تميم الداري من رحلة بحرية رأى فيها من عجائب خلق الله مما خبأه الله - عز وجل - إلى آخر الساعة رأى الدجال ورأى الجساسة ، وقد كان الرسول - عليه الصلاة والسلام - حدثهم عن الجساسة وعن الدجال قبل قصة تميم الداري التي يحكيها الرسول - عليه الصلاة والسلام - الآن في هذا الخطبة فيقول لهم : ( إني والله ما قمت مقامي لأمر ينفعكم لرغبة ولا لرهبة ) أي إن عادة الرسول - عليه السلام - أن يقف في الناس يعظهم يذكرهم يرغبهم فيما عند الله بأن يعملوا طاعات معينة ويرهبهم عما عند الله من عذاب أليم فينهاهم عمَّا يتسبَّبون به إلى الوقوع في العذاب الأليم ، فالرسول - عليه الصلاة والسلام - يقول : أنا لم أجمعكم لشيء من هذا لا لرغبة ولا لرهبة كما هي عادة الرسول - عليه السلام - ، وإنما جمعهم ليقص عليهم قصة حدثه بها أحد أصحابه ، والمفروض أن الصحابة يتحدثون عن الرسول وهنا في هذه الخطبة إنما الرسول - عليه السلام - هو يحدث عن أحد أصحابه ، لذلك يقول الرسول - عليه السلام - : ( إني والله ما قمت مقامي لأمر ينفعكم لرغبة ولا لرهبة ، ولكن تميم الداري أتاني ، فأخبَرَني خبرًا منعني القيلولة من الفرح وقرة العين ، فأحببت أن أنشر عليكم فرح نبيِّكم ) .تميم الداري هذا كان رجلًا نصرانيًا ثم أسلم وآمين به - عليه الصلاة والسلام - ، فبعد أن مهد الرسول - عليه السلام - بتلك الكلمة أي هو طلبهم ليجتمعوا والعادة إنما يجمعهم ليعظهم كما فصلنا وذكرنا يقول أنا ما جمعتكم لشيء مما أنتم اعتدتموه مني ، ولكن تميمًا الداري أتاني فأخبرني خبرًا مهمًا ومفرحًا جدًّا من شدة ما فرحت به منعني القليلولة ، القيلولة هي نوم الظهيرة نوم الاستراحة في نصف النهار ولذلك قال - عليه الصلاة والسلام - : ( قِيلوا ؛ فإنَّ الشياطين لا تقيل ) فمن شدة ما فرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبر تميم الداري ما أخذه النوم وهذا شيء طبيعي الإنسان لما بيكون في حالة نفسية طبيعية وكان بحاجة للنوم بنام ، لكن لما بتكون نفسه مضطربة لفرح أو ترح ما بياخدو النوم ، وهذا كل إنسان منا يعرف ذلك من نفسه وهكذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو بشر بنص الكتاب والسنة فمن شدة فرحه بخبر تميم الداري له بما رأى منعه هذا الفرح القيلولة وقرة العين ( منعني القيلولة من الفرح ومن قرَّة العين ) ما استطاع الرسول ينام من شدة الفرح طبعًا قرة العين هو كناية عن شدة الفرح (( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا )) ، يعني شيء يقر العين ويفرح النفس فرحًا شديدًا ، فلما قرت نفس الرسول - عليه السلام - وعينه من خبر تميم ما استطاع القيلولة قال : ( فأحبَبْتُ أن أنشر عليكم فرح نبيِّكم ) ؛ يعني من أجل هذا جمعتكم ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة تنفعكم ، وإنما أنقل إليكم ما في نفسي من الفرح الذي نشأ نتيجة ما أخبرني به تميم الداري . قال - عليه الصلاة والسلام - : ( ألا إن تميم الداري أخبرني أن الريح ألجأتهم إلى جزيرة لا يعرفونها ، فقعدوا في قوارب السفينة حتى خرجوا إلى الجزيرة ) ، قوارب السفية السفينة عادة تكون كبيرة فترسي مراسيها على جانب الساحل ثم تنزل منها القوارب الصغيرة قال لما اضطرتهم الريح إلى الجزيرة قعدوا في قوارب السفينة حتى خرجوا إلى الجزيرة بواسطة القوارب ( فإذا هم بشيء أهلب - فسر بنفس الحديث كثير الشعر يعني دابة كثيرة الشعر - قالوا له : ما أنت ؟ قالت : أنا الجساسة . قالوا : أخبرينا . قالت : ما أنا بمخبركم شيئًا ولا سائلتكم شيئًا ، ولكن هذا الدير قد رامقتموه رأيتموه فأتوه ) . بناية فيها رجل تقول الجساسة : هذا الدير شايفينه ؟ ( فأتوه ؛ فإن فيه رجلًا بالأشواق إلى أن تخبروه ويخبركم ، فأتوه فدخلوا عليه فإذا هم بشيخ موثَّق مغلَّل شديد الوثاق ، ما بيقدر يعني يفلت ، فصار الحديث الآتي بينهما فقال لهم : من أين ؟ قالوا : من الشام . قال : ما فعلت العرب ؟ قالوا : نحن قوم من العرب ، عمَّا تسأل ؟ قال : ما فعل هذا الرجل الذي خرج فيكم ) يعني الرسول - عليه السلام - ( قالوا : خيرًا ناوى قوما أي عادى قومًا ، فأظهَرَه الله عليهم فأمرُهم اليوم جميع ) ؛ يعني العرب اللي آمنوا بالرسول - عليه السلام - ثم هو عادى الذين كفروا به فهم اليوم مجتمعون يدًا واحدة يشرح كيف أمرهم اليوم جميع فيقول : ( إلههم واحد ودينهم واحد . قال : ما فعلت عين زغر - قرية بالشام - ؟ قالوا : خيرًا ، يسقون منها زرعهم ، ويستقون منها لسقيهم ) ؛ يعني العين لا تزال غزيرة بيسقوا منها أنفسهم وبيسقوا منها دوابهم ، ( قال : ما فعل بئر بيسان ؟ قالوا : يطعم ثمره كل عام ) يعني أنها تنبت وتثمر ( قال : ما فعلت بحيرة طبرية ؟ قالوا : تدفق جنباتها من كثرة الماء ) .
- شرح كتاب الأدب المفرد - شريط : 5
- توقيت الفهرسة : 00:00:00