شرح حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( من استعاذ بالله فأعيذوه ... ) - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( من استعاذ بالله فأعيذوه ... )
A-
A=
A+
الشيخ : يؤكد بعض ما جاء في الحديث السابق رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديث الذي بعده وهو من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - رواه المصنف عنه بالسند الصحيح قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( مَن استعاذ بالله فأعيذوه ، ومَن سأل بالله فأعطوه ، ومَن أتى إليكم معروفًا فكافئوه ، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى يعلم أن قد كافأتموه ) . في هذا الحديث أيضًا آداب أخرى بالإضافة إلى الأدب السابق وهو ذكر من أحسن إلينا بالخير وبالثناء إذا عجزنا عن مكافأته بمثل ما كافأنا هو به ، لكن الرسول - عليه السلام - قد أضاف إلى هذا الحديث فوائد أخرى فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن استعاذ بالله فأعيذوه ) ، ما معنى من استعاذ بالله فأعيذوه ؟ كلنا يعلم أنه لا تجوز الاستعاذة بغير الله - عز وجل - ، لأنه لا يعيذ من شر ومن ضير إلا الله - تبارك وتعالى - ، لذلك أمرنا في القرآن الكريم لأننا إذا تلونا كلام الله - تبارك وتعالى - أن نقول : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه ) ، فلما كانت الاستعاذة لا تكون إلا من الله ، فإذا استعاذ أحدنا من غيره فينبغي أن نعيذه لأنه استعاذ بعظيم ألا وهو الله - تبارك وتعالى - ، فالرسول - عليه السلام - يأمرنا بأن مَن استعاذ منَّا بالله - عز وجل - أن نعيذه ، ولعل خير مثال عملي مما ثبت في السنة الصحيحة يفسر لنا هذه الفقرة من هذا الحديث ؛ ألا وهي قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن استعاذكم بالله فأعيذوه ) ذلك ما رواه الإمام البخاري في " صحيحه " عن السيدة عائشة وغيرها من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوَّجَ امرأة تعرف بابنة الجون أو بالمرأة الجونية ، فلما دخل عليها واقترب منها قال - عليه الصلاة والسلام - لها : ( هَبِي نفسك لي ) . فقالت : وهل تهب الملوك للسوقة ؟ أعوذ بالله منك . كانت هذه المرأة فيما يبدو من سلالة بيوت تنتسب إلى الملوك ، فكانت تنظر إلى نفسها بأنها ذات شرف وذات حسب ، فهي غمزت من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه هو لا يعرف بأنه من أبناء اللوك ، فهي قالت : وهل تهب الملكة نفسها للسوقة ؟ يعني لعامة الناس الذين هم عادة مسوقون من قبل الملوك ، " أعوذ بالله منك " ، فما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن قال لها : ( لقد عذْتِ بعظيم ) ، وفي رواية أخرى : ( لقد عذت بمعاذ ، الحَقِي بأهلك ) ، فصرفها وفارقها ، لمجرَّد أن استعاذت بالله ؛ لأنها استعاذت بعظيم كما قال - عليه الصلاة والسلام - فصَرَفَها واستغنى عنها بالكلية ، مع أنها كانت من أجمل النساء في زمانها ، فإذًا ( مَن استعاذ بالله فأعيذوه ) ، لازم أن أي إنسان استعاذ بالله من شيء فيجب أن نساعدَه ونعيذَه ممَّا استعاذ منه ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا .

السائلة : مريم بن عمران (( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا )) .

الشيخ : ماني سمعان شو عم بتقولي .

السائلة : مريم ... (( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا )) .

الشيخ : إي نعم .

السائلة : ... .

الشيخ : سمعت شو قالت ؟

السائلة : السيدة مريم لما قالت : (( إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا )) .

الشيخ : هذا سمعته شو بو ؟

السائلة : ... .

الشيخ : شو ساوا جبريل معها أعاذها ولا ما أعاذها ؟ لأن المشكلة مو في كلمة مريم المشكلة إذا كانت هناك مشكلة أن نشوف شو موقف جبريل اللي استعاذت مريم منه عرفت شو ؟ يعني أنا مثلًا إذا قلت لإنسان أعوذ بالله منك لا بقا تحاكينا فأنا لست مخطئًا المخطئ هو إذا استمر يكلمني فهنا في قصة مريم ، مريم قالت : إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا لأن جبريل - عليه الصلاة والسلام - جاء إلى مريم بصورة بشر (( فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا )) وهي وين كانت ؟ كانت في خلوتها لابتعادها عن الناس جميعًا نساءً ورجالًا ، فحينما تفاجأ ببشر فيخطر طبعًا في هذه المرأة لا سيما حينما تكون امرأة شريفة صالحة كمريم أن هذا مو جاي إلا للشر فقالت له : (( إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا )) ، فالمحذور بقا لو كان المستعاذ منه هنا شخص عادي فأراد أن يحقِّق هذا الحديث : ( ومَن استعاذكم بالله فأعيذوه ) ، فإذا أراد أن يحقِّقَ هذه الاستعاذة وجاي هو بنية سيئة أن ينصرف عنها عرفت شو القضية ؟ لكن الحقيقة أن جبريل الذي هو من الملائكة ، بل من رؤساء الملائكة الذين وصفهم الله - عز وجل - بقوله : (( لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) ؛ ولذلك أجابها بقوله - عليه السلام - : (( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا )) ، فحينئذٍ طاب قلب مريم وعرفت أنه رسول الله يعني ملك من ملائكة الله أرسلها ليبشرها بعيسى - عليه الصلاة والسلام - ، فإذًا قضية استعاذة مريم ليس لها علاقة بهذا الموضوع لأن الحديث إنما يتحدث عن موقف المستعاذ منه شو لازم يساوي ، لازم يعيذ يعني يحقق رغبة المستعيذ كما جاء في تمام الحديث : ( ومَن سألكم بالله فأعطوه ) فواحد سألنا بالله لازم إيش ؟ نعطيه سؤله وطلبته ، فمريم - عليها الصلاة والسلام - استعاذت من جبريل توهُّمًا منها أنه بشر أوَّلًا ، وأنه بشر سيِّئ القصد ثانيًا ، فقالت : (( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا )) لكن جبريل بشَّرَها خلاف ما دار في خلدها وفي ذهنها أن الله أرسله إليها مبشرًا بأن الله - عز وجل - سيرزقها غلامًا من غير أب ، إذًا فهذا هو الأدب الأول في هذا الحديث وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن استعاذ بالله فأعيذوه ) ، والمثال المناسب هي قصة ابنة الجون التي خطبها الرسول - عليه السلام - ، ولما جيء بها إليه ودخل عليها قالت : أعوذ بالله منك . فصرفها ، وقال لها : ( لقد عُذْتَ بعظيم بمعاذ ) .

مواضيع متعلقة