شرح حديث : ( من أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار ). - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث : ( من أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار ).
A-
A=
A+
الشيخ : ( مَن أحبَّ أن يتمثَّلَ له الناس قيامًا فليتبوَّأ مقعده من النار ) ، هذا وعيد شديد من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ينصب على المتجبرة والمتكبرة الذين يستعبدون الناس وقد ولدتهم أُمهاتهم أحرارًا ، يريدون كلما دخلوا عليهم أن يقوموا لهم كما تقوم العبيد لأسيادها ، فرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( فليتبوَّأ مكانه من النار ) فهذا حديث واضح من هذه الناحية ، ولكن كثير من العلماء الذين كتبوا في هذه المسألة يقفون عند ظاهر هذا الحديث في الدلالة فيقولون : إن علاقته بهؤلاء المتجبرة المتكبرة وليس له أية علاقة لأولئك الذين يخضعون لهؤلاء ويقومون لهم فأقول : هذه النظرة هي نظرة سطحية ، وإن شئت أو إن شئتُ قلتُ : نظرة ظاهرية ، لأن هذا الحديث يجب أن يُفسّر لا بالنظر فقط إلى ألفاظه وما تضمنته هذه الألفاظ من معاني فقط ، وإنما يجب أن يُنظر إلى الحديث في حدود القواعد والمذاهب الإسلامية العامة والتي منها قوله - تبارك وتعالى - : (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) ، فعليًّا هذا الحديث ينصب على الذي يحب القيام ، لكن يجب أن نلاحظ أننا مادام عرفنا أن هذا اللي يحب القيام له هذا الوعيد الشديد فماذا ينبغي أن يكون موقفنا نحن اتجاه هذا المحب لهذا القيام الممنوع ؟! أنساعده على أن يتبوأ مقعده من النار أم نساعده أن يكون بينه وبين النار ما شاء الله من الخنادق التي تبعد به عن النار ؟! لاشك أن علينا بناءً على الآية السابقة أن نُعينه على الاستقامة وألّا نعينه أبدًا على أن يرد النار ، وكيف يكون ذلك بأن نقوم له أم ألّا نقوم له ؟! الجواب أظن أنه واضح أننا إذا عودناه على القيام فهو سيطمع في هذا القيام وإذا عودناه على ترك القيام فسوف لا يجد له مطمعًا في هذا القيام وهذا الذي نريده ، إذن من هنا نعرف السر من رواية معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - لهذا الحديث بمناسبة دخوله هو على رجلين فقام له أحدهما ولم يقم الآخر ، فتوجه معاوية بالإنكار على الذي قامَ -خلاف ما هو الواقع اليوم- معاوية توجه بالإنكار على الذي قام له ، ولا شيء في هذا لأنه هذا هو الأمر الطبيعي بالنسبة لهذا الصحابي ، لكن الشيء الغريب الذي لا يفقهه كثير من الناس حتى اليوم : أن معاوية حينما أنكر على ذلك الشخص الذي قام له احتجّ عليه بهذا الحديث فما هو وجه الاحتجاج ؟الحديث يجب أن يقوله لنفسه هو لا يحب القيام ؛ لأن الرسول قال : ( مَن أحبَّ أن يتمثَّل له الناس قيامًا ) ، لكن هو يُنكر على الذي قام له ، إذا عرفتم المقدمة الوجيزة السابقة عرفتم موضع استشهاد معاوية بهذا الحديث ، كأنه يقول للذي قام : أنت إذا قمت لي ولو احترامًا كما يقولون اليوم المرة وثاني مرة وثالث مرة فستعتاد نفسي على حب هذا القيام إلى أن يأتي وقت أدخل عليك فلا تقوم لي لسبب ما فأنكر عليك ، ومعنى إنكاري عليك حين تركت القيام لي أن هذا القيام قد صار في سواء قلبي ، صرت أُحبه ، وصرت أنكر على الذي لا يقوم لي فيكون هذا الإنسان الذي عوّد هذا المتجبر المتكبر على حب هذا القيام هو الذي ورّطه هذه الورطة ، وهو الذي سبب له أن يتبوأ مقعده من النار ، لذلك هذا الحديث جاء في الذين يُحبون القيام ، لكن أنتم الذين تقومون لمن يُحبون القيام يجب أن تقطعوا السبيل عليهم وذلك بأن لا تعودوهم هذا القيام ، ولذلك تجد في مثل هذه المجالس المتواضعة ما أحد منا يجول في نفسه حب القيام إليه ، ما يجد هناك إنسان آثار هذا القيام لأنه يعرف أن الذي يقوم مخالف للسنة والذي يُحب هذا القيام يتبوأ مقعده من النار ، وهذا يساعده على ذلك هؤلاء الذين يخالفون السنة فيقومون لهؤلاء . إذن فهناك ارتباط وثيق بين وجود الناس الذين يحبون القيام وأوعدهم الرسول - عليه السلام - بأن يتبوأ مقعده من النار وبين أولئك الناس الذين يقومون لهؤلاء وإن كانوا يعلمون أن هذا القيام غير مشروع .إذن هذا الحديث حديث صحيح لكن له دلالة صحيحة وهي خفية ولعلها وضحت لديكم وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .الآن نفتح المجال لأخينا الأستاذ عمر الأشقر من إخواننا السلفيين جاؤونا بزيارة من الكويت فنغتنمها فرصة ، فنرجو أن يتكلم بما ينفع إخوانه إن شاء الله - تبارك وتعالى - .

مواضيع متعلقة