أهمية السنة عند المسلمين.
A-
A=
A+
الشيخ : وبهذه المناسبة أريد أن ألفت النظر إلى أمر هام يبين لكم ما تقدمت به من أن السنة هي بيان القرآن وأن الاعراض عنها هو خروج عن القرآن نفسه لقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في أحاديث كثيرة أن الأمة الإسلامية ستختلف إلى فرق كثيرة فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( تفرَّقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة ، والنصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ؛ كلها في النار إلا واحدة ) . قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : ( هي الجماعة ) . وفي رواية أخرى لها ما يعضدها ويقوِّيها ؛ قال : ( الفرقة الناجية هي ما أنا عليه وأصحابي ) ، يقوِّي هذه الرواية الأخرى حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال : وَعَظَنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - موعظة وَجِلَت منها القلوب ، وذَرَفَت منها العيون ؛ فقلنا : أوصِنا يا رسول الله . قال : ( أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن وُلِّي عليكم عبد حبشي ، وإنه مَن يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ؛ فعليكم بسنَّتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين مِن بعدي ؛ عضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) ، في الحديث الآخر زيادة : ( وكل ضلالة في النار ) ، وليست هذه الزيادة في حديث العرباض بن سارية ، فنجد في هذا الحديث أمر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بالتمسك بسنَّته ، وعطف على ذلك قوله : ( وسنة الخلفاء الراشدين ) كما قال في الحديث السابق : ( هي ما أنا عليه وأصحابي ) ، ففي الحديثين المذكورين دلالة قويَّة على أن المسلمين في كل زمان ومكان لا يجوز لهم أن يقطعوا صلتهم العلمية بسلفهم الصالح ، وعلى رأسهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز للمسلمين في أيِّ زمان ومكان أن يقطعوا صلتهم العلمية بالسلف الصالح ؛ ذلك لأنهم قد جاءتهم رسالة الله بواسطة النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم مباشرةً لا واسطة بينهم وبينه - عليه الصلاة والسلام - ، فهم تلقَّوا القرآن بلفظه ومعناه ليس فقط بلفظه ، ويجب أن نتذكَّر هذه الحقيقة ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد قال الله له في القرآن الكريم : (( يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )) ، فالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - مأمور بتبليغ أمرين اثنين بتبليغ اللفظ وتبليغ المعنى بل المعنى هو المقصود بالذات من اللفظ ؛ ولذلك فإن كثيرين من الكتاب الإسلاميين اليوم يغفلون عن هذه الحقيقة فيتوهَّمون أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما قام بتبليغ اللفظ الموحى به إليه من الله فقط والواقع أنه بلغ بالإضافة إلى ذلك معنى الآيات التي أوحاها الله - عز وجل - إليه وذلك من وظيفته - عليه الصلاة والسلام - أيضًا كما دلتنا على ذلك الآية السابقة (( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) ؛ فإذًا قد بين الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - للسلف الأول اللفظ والمعنى معًا فكما أننا تلقينا اللفظ القرآني عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بواسطة أصحابه وهؤلاء نقلوه إلى التابعين وهؤلاء لأتباعهم حتى وصل إلينا كذلك يجب أن نتلقى البيان الذي بينه - عليه الصلاة والسلام - للقرآن من نفس الطريق الذي وصلنا به القرآن الكريم هذه حقيقة يجب أن يكون المسلم على علم بها وعلى تدين وإيمان بها حتى لا يضل يمينًا ويسارًا ويكون من الفرقة الناجية التي ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - صفتها أنها تكون على ما كان عليه الرسول - عليه السلام - وأصحابه فإذن لا بد هنا من أمر هام جدًّا لكي نعرف معنى الآيات التي بينها الرسول - عليه السلام - لأصحابه ذلك هو علم الحديث لا سبيل لأحد أن يعرف بيان الرسول صلى عليه وآله وسلم للقرآن الذي فيه بيان الشريعة كلها لا سبيل إلى ذلك إلا بطريق الحديث بطريق علم الحديث مصطلح الحديث وتراجم رجال الحديث وعلم الجرح والتعديل ذلك هو الطريق الوحيد ليعرف المسلم بيان الرسول - عليه السلام - وتفسيره للقرآن والأحكام التي جاء بها وبلغها إلى أمته إذا عرفنا هذه الحقيقة .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 350
- توقيت الفهرسة : 00:00:00