الإنكار على من يتعصب لمذهب إمام من الإئمة
A-
A=
A+
الشيخ : أخيرًا نأتي إلى طائفة أخرى هي تلي تلك الطوائف وهم الذين يتعصبون لرأي الشَّيخ ولرأي المذهب وهم يعلمون أن الحديث قد جاء على خلافه صريحًا صحيحا ً ، هؤلاء - أيضًا - لهم نصيب من الانحراف وإن كان لهم عذر نعرفه عن بعض الناس لكننا نتكلم بالنسبة لأهل العلم الذين باستطاعتهم أن يميزوا أولًا الحديث الصحيح من الضعيف ثم باستطاعتهم أن يفهموا معنى الحديث فهمًا صحيحًا فهؤلاء لا يجوز لهم أن يؤثروا تقليد الشيخ وتقليد الإمام على اتباع حديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - ذلك لأن الأدلة التي ترد على الطائفة الأولى والثانية والثالثة من حيث وجوب اتباع الرسول - عليه السلام - وبأدلة أخرى ترد على هؤلاء لأنهم لا يزالون متمسكين بالإسلام كتابًا وسنة وهم يؤمنون بالسنة وليسوا كالطائفة الأولى والأخرى فهؤلاء يقال لهم : قال الله تبارك و- تعالى - : (( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ )) إلى آخر الآية ، ويقال لهم : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )) إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ردُّوا الأمر المختلف فيه إلى الله وهو كتابه وإلى رسوله وهو سنته وحديثه فإذا لم يردوا هذا الاختلاف إلى الكتاب والسنة فمعنى ذلك أنه أقل ما يقال أن في إيمانهم ضعفًا ونقصًا لذلك اتفقت أقوال الأئمة وكأن الله - عز وجل - ألهمهم أو لعلهم رأوا نذر ترجيح أقوالهم على أقوال السنة ألهم الله - عز وجل - أولئك الأئمة الأجلة فقالوا جميعًا كلمة سواء " إذا صح الحديث فهو مذهبي " إلى كلمات كثيرة وكثيرة جدًّا أيضًا لا حاجة إلى أن أذكرها أو بعضها فهي مذكورة في مقدمة كتابي : " صفة الصلاة " ، فهذه الكلمات من الأئمة تلفت أنظار أتباعهم إلى ما أمرهم به ربهم تبارك و- تعالى - من أن يجعلوا ولايتهم لله - عز وجل - وحده ولرسوله لا لسواهما ذلك لأن العصمة لم تكتب لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وإلى هذه الحقيقة أشار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب ؛ فله أجران ) ، وإن أخطأ فله أجر واحد فيه بيان للناس أن المجتهد معرض للخطأ فلا يجوز لأتباع المجتهد أن يسوقوا كلامه واجتهاده مساق كلام الرسول - عليه الصلاة والسلام - الذي كله حق وصواب كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن المشركين عيَّروا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا بأنهم يكتبون عنه كل ما يتكلم به سواء كان كلامه في حالة الرضا أو في حالة الغضب فلما ذكر عبد الله بن عمر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال - عليه الصلاة والسلام - وهو يشير إلى فمه الشريف : ( اكتب ؛ فوالذي نفس محمد بيده ، لا يخرج منه إلا حقٌّ ) ، لا يساوي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذه المزية ألا وهي أنه لا يخرج من فمه إلا حق أحد من البشر مهما سما وعلا مهما كان عالمًا كبيرا ، لذلك جاء الوعيد الشديد لبعض كبار السلف الصالح من النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما خاف عليه أن يأخذ شيئًا من الأقوال لم تأت إليه من طريق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإنما من طريق بعض الأنبياء المعصومين فقد جاء في " مسند الإمام أحمد " من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنه - قال : جاء عمر - رضي الله عنه - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي يده صفحة يقرأ فيها ، قال له : ( ما هذه ؟ ) . قال : هذه صحيفة من التوراة كتبها لي رجل من اليهود . فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( يا ابن الخطاب ، أمتهوِّكون أنتم كما تهوَّكت اليهود والنصارى ؟ والذي نفس محمد بيده ؛ لو كان موسى حيًّا لَمَا وَسِعَه إلا اتباعي ) . فإذا كان موسى - عليه الصلاة والسلام - حيًا ما وسعه إلا أن يكون تابعًا من أتباع الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ ولذلك فعيسى - عليه الصلاة والسلام - الذي أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بنزوله في آخر الزمان سوف لا يأتي حاكمًا بالتوراة ولا بالإنجيل وإنما يأتي حاكمًا بالقرآن على المفهوم الصحيح الكتاب والسنة وهو عيسى كلمة الله ألقاها إلى مريم فماذا نقول بالنسبة للأئمة الذين لم يوح إليهم ولم تكتب العصمة عليهم أولى وأولى أن لا نؤثر اتباع هؤلاء على اتباع سنة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - نقول هذا معترفين بفضلهم وعلمهم وخوفهم من ربهم تبارك و- تعالى - ومن خوفهم ما ذكرته آنفًا أنهم أمروا أتباعهم أن يخلصوا الاتباع للرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 339
- توقيت الفهرسة : 00:00:00