رد الشَّيخ على شريط " الإغراق في الجزئيَّات " لـ " سلمان العودة " .
A-
A=
A+
سلمان العودة : ... .
الشيخ : هذا كلام سليم يا خالد ، لكن ما الذي وراءه ؟ لنشوف .
سلمان العودة : الإطار العام يتحرَّك فيه الدعاة والعلماء فهو أجدى وأهم .
الشيخ : هون في ربما خطأ سيتجلَّى فيما بعد أو لا دون أن يفكِّر ، مش كل واحد لازم يفكِّر في غير ما هو فيه .
سلمان العودة : لقد بُلينا بطائفة من المسلمين ، بل وأحيانًا من الدعاة إلى الله - تعالى - الذين هم على الافتراض من خيار المسلمين حظُّهم تحوَّل إلى العناية بفروع المسائل وجزئيَّاتها ، فأسهروا ليلهم وأضنَوا نهارهم في قطف هذه المسائل والجدال حولها ؛ حتى لَكأنَّها الدين كله أو أنها من أهم .
الشيخ : هذا خطأ .
الطالب : هذه كبيرة والله يا شيخي .
الشيخ : هذا خطأ .
الطالب : شيخي ، نحن - سبحان الله ! - أول شيء قال : لقد بُلِينا ، يعني يستغرب - يا شيخي - السامع لهذا ، بعدين قوله : يسهرون ليلهم ويضنون نهارهم .
الشيخ : هذا سجن هنا يا أبا محمد ، شوف واقفين على الشمس ينتظرون دورهم لزيارة ذويهم .
الطالب : فشيخي ، ما ندري مِن أين دخلت لهم هذه ؟ هل يعني أنتم مساويين سلسلة من المحاضرات حتى ترون أن هؤلاء الشباب أو هؤلاء الدعاة يسهرون الليالي من أجل هذه الجزئيات التي أنتم تنكرون عليهم بها ، والله - يا شيخي - هذا ليس له محلّ إلا الخيال .
الشيخ : هَيْ لغة الخطابة هيك ؛ لذلك نحن بدنا نضع نصب أعيننا أنَّ الخطباء هدول يعني ما بيكونوا دقيقين في تعابيرهم كما هو الشأن في العلماء ؛ لأن هَيْ لغة الخطابة طبيعة الخطابة المبالغة في الأمور .
الطالب : إي نعم .
الشيخ : وطبعًا - يا شيخي - يترتَّب على هذه المبالغة أن يتغرَّر كثير من الشباب المسلم ويتصوَّر هذه ، يعني ليس كل إنسان أن هذا أسلوب خطابة ، وإنما هذا الحق الذي يعني ما بعده حق .
الشيخ : هذا صحيح ، لكن أنا أريد من كلمتي السابقة أنُّو يجب أن نلاحظ أن هذه طبيعة الخطابة فلا نأخذ منها علمًا .
الطالب : إي نعم ، جزاك الله خير ، نعم .
الشيخ : عرفت كيف ؟
الطالب : نعم يا شيخي .
الشيخ : يعني هذا فيما يتعلَّق بنا ، ونقول فيما يتعلق بهم : " كلِّموا الناس على قدر عقولهم " كما قلنا في أكثر من مرة .
الطالب : يمكن أن تكون سنة من السنن ، حتى مَن تركها متعمِّدًا لم يكن عليه في ذلك حرج ولا تثريب ، وإن كان الأولى بالمسلم أن يتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دقيق الأمور وجليلها ، وفي مقابل ذلك بُلِينا بطائفة أخرى .
الشيخ : هذا يهدم كلامه السابق حتى لو افترضناه ما فيه مبالغة ، يعني فعلًا أنا - مثلًا - أحيي الليل ، نادرًا ما أنام إلا بعد الاثنى عشر بعد الواحدة في ماذا ؟ في هذا العلم الذي أقامَني الله فيه ، وهَبْه نافلة وليس واجبًا كفائيًّا أُسقِطُه عن الآخرين ، هَبْه نافلة ، لكن أنا في طاعة الله ، أنا في طاعة الله ؛ فما دام هدفي أنا اتِّباع السنة وإحياء السنة والتعريف بها فهؤلاء الناس الذين يريدون أن يتَّبعوا الرسول - عليه السلام - وهم من عامة المسلمين كيف يتعرَّفون على السنن إلا بواسطة هذه الذي يحيي الليل - على حدِّ تعبيره هو - ، ففي مبالغة يعني في مبالغة واضحة جدًّا .
سلمان العودة : فتحول هذا الأمر عندهم إلى إهمال كامل للجزئيات ، واعتبار أن هذه الجزئيات عبارة عن قشور ، أو كما يقول بعضهم عبارة عن توافه لا قيمة لها ولا ينبغي الاشتغال بها ، بل أصبحت موضعًا للسخرية والنقد والتندُّر من طائفة مع الأسف من الدعاة والوعَّاظ والعلماء والمفكرين ؛ مع أننا نقول في حقيقة الأمر : هذا كله دين ، الكبير والصغير والأصل والفرع والجزء والكل مما يتعلق بقضية الإسلام فهو دين ، والحديث المعروف حديث عمر وأبي هريرة لما جاء جبريل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان ؛ كان جبريل إذا سأله سأله في بعض الروايات عن قضايا تفصيلية عديدة مثل قضايا الغسل من الجنابة وغيرها ، ومع ذلك لما انتهى قال : ( هذا جبريل أتاكم يعلِّمكم دينكم ) ، هذا جبريل أتاكم يعلِّمكم دينكم ؛ فكلُّ ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو دين ينبغي الاهتمام به والعناية به ، وأن لا يكون محطَّ سخرية أو استهزاء أو نقد من أحد .
الشيخ : وهو يقع في هالمطب هذا ، هو وقع .
سلمان العودة : لكن ينبغي أن يُعطى كل ذي حقٍّ حقَّه ويوضع كل شيء في نصابه . إنَّ من العجيب أيها الأحبة أن بعض هؤلاء الدعاة الذين يزعمون أو يعتقدون أنهم يحاولون الإصلاح والتغيير هم الذين يتسبَّبون في كثير من الأحيان في إثارة بعض الجزئيات وإشغال الناس بها وصرفهم عن معالي الأمور وعن ما عداها ، هم الذين يتسبَّبون في ذلك ؛ لأنهم يطرحون وجهات نظرهم بطريقة غريبة ، طريقة استفزازية ، طريقة غير موضوعية وغير صحيحة أيضًا ، ولعل أقرب مثال أن أحد كبار المفكِّرين كتب قبل يومين في جريدة سيَّارة في هذه البلاد وكتب بخط عريض : " لا يوجد دليل من القرآن والسنة - أو كلمة نحو هذا - على تغطية المرأة وجهها " ، فإذا أثار هذه القضية فمن الطبيعي أن يكون هناك نقد ورد وأخذ وعطاء في هذه المسألة ، وليس صحيحًا أن يطرح إنسان وجهة نظره في قضية معيَّنة ، ثم إذا طُرِحَت وجهة نظر معارضة قال : يا أخي ، هذه جزئيات هذه قشور هذه توافه .
الشيخ : هذا ما يفعله هو ، هذا ما يفعله هو ، سبحان الله !
سلمان العودة : ولماذا تتحدَّث عنها ؟ ولماذا لا تنصرف إلى ما تعتقد أنه أهم منها وأجدى وأنفع للمسلمين في دينهم ودنياهم ؟
الشيخ : لا إله إلا الله !
سلمان العودة : إذًا البحث والدليل رائد للجميع ، ونحن لا ننتقد أحدًا أن يتكلم في قضية من قضايا الدين ، لكن ينبغي أن يتكلم بتعقُّل وموضوعية واتباعٍ للدليل من كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - عليه السلام - أو إجماع الأمة ، وكذلك ينبغي أن يكون الحديث عن الموضوعات ... والمسائل التي ذَكَرَها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، كما أننا نجد في المسائل العملية فروعًا وجزئيات . فمثلًا قضية الصلاة : الصلاة أصل ، لكن تفاصيل الأمور الدقيقة ، فهو يصح أن يسمَّى فرعًا أو أن يسمَّى أمرًا جزئيًّا ؛ فهل ترى يا أخي - مثلًا - أن من العدل أن نستغرق وقتنا في الحديث عن جزئية من هذه السنن الواردة في الصلاة كما سيأتي الإشارة إلى شيء منها مثلًا ؛ كالحديث عن جلسة الاستراحة ، أو الحديث عن التورُّك ، أو الحديث عن صفة الهوي إلى السجود ، هل يسجد على يديه أوَّلًا ، أو على ركبتيه أوَّلًا ؟ مثلًا ، هل ترى أن من الحكمة أن نستغرق في هذه المسألة ونقتلها بحثًا ، ونؤلف فيها عددًا من الكتب ، وتكون هي حديثنا في مجالسنا ، وهي مجال للمنافرة والمنافسة بين الأقران وبين الطلاب ، ويتلقَّاها صغار طلاب العلم قبل كبارهم ؟ على حين أنك لا تكاد تجد مَن يتكلم مع الناس في قضية الصلاة ، وأهميتها ومنزلتها من الدين ، كلامًا يصل إلى قلوبهم ويخاطبهم ويخالط شغافهم ، ويدعوهم إلى ارتياد المسجد في كلِّ وقت .
ولا تجد - مثلًا - مَن يتكلم عن قضية الخشوع في الصلاة ، الذي هو روحُها ولبُّها ، بل إنك تجد من الفقهاء مَن يقول : إن الخشوع في الصلاة مستحب وليس واجبًا ! مع أن الصلاة التي لا يكون فيها خشوع وحضور قلب وإقبال لا تؤثِّر في صاحبها تقوى لله - عز وجل - ، ولا خوفًا منه ، ولا إقبالًا على الطاعة والعبادة ، وإن كانت في كلِّ حال هي صلاة شرعية ما لم يرتكِبْ فيها ما يبطلها .
إذًا في المسائل العملية فروع وأصول ، وكذلك في المسائل العلمية الاعتقادية كلِّيَّات وجزئيَّات ، أو فروع وأصول ، فمثلًا : أركان الإيمان الستة ، التي يقرؤها ... قضية النِّزاع في معاني بعض الآيات القرآنية ، أو بعض الأحاديث النبوية ، بل حتى النِّزاع في ثبوت بعض الأحاديث أو عدم ثبوتها . قضية الكلام وما يتكلم به أهل المنطق فيما ... هذه المسائل من القضايا التي ليست من القضايا الكلية التي جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ببيانها بيانًا واضحًا لا إشكال به ، بحيث أن يكون المخالف فيها كافرًا أو فاسقًا أو مبتدعًا ، بل هي من القضايا التي يمكن أن تُعتبر من أمور الفروع والجزئيات في المسائل العلمية .
وليست هذه كتلك ، فالمؤكد - أيضًا - أن العبد لن يُسأل في القبر : هل تؤمن بفناء النار أو لا تؤمن به ؟ وليس هذا من شروط دخول الجنة مثلًا أن يقول هذا أو ذاك ، ولكنه ينبغي للعبد أن يؤمن بأركان الإيمان الستة والتي منها الإيمان باليوم الآخر وما فيه ، مثل الإيمان بالجنة والإيمان بالنار ، وليس مجرَّد الإيمان اللفظي ، وإنما الإيمان الذي .
الشيخ : أظن تعبير خطأ ، هو يريد أنه إذا فقد أصبعًا ليس كما لو فقد مخًّا ، لكن الاهتمام بفقد الأصبع يجب أن يكون كذلك .
الطالب : إي نعم .
السائل : شيخ ، التمثيل هذا ما رأيكم به ؟
الشيخ : والله أنا أراه صوابًا .
السائل : يعني ما ترون فيه شيئًا ؟
الشيخ : لكن في حدود هذا ... بلا شك يعني الإنسان بيفقد راسه مثل إذا فقد كفَّه ؟!
السائل : لا ، هو ما في معقول ، ولكن يتأثَّر لفقد كفِّه ولفقد أظفره .
الشيخ : أنا قلت لك يا أخي ؛ قوله أنه لا يستويان في الاهتمام هذا تعبير يعني من سبق اللسان الله أعلم .
سلمان العودة : من الناحية الشرعية .
الشيخ : الكلام هذا .
الطالب : فيما يظهر لي كلام سليم .
الشيخ : هذا كلام سليم يا خالد ، لكن ما الذي وراءه ؟ لنشوف .
سلمان العودة : الإطار العام يتحرَّك فيه الدعاة والعلماء فهو أجدى وأهم .
الشيخ : هون في ربما خطأ سيتجلَّى فيما بعد أو لا دون أن يفكِّر ، مش كل واحد لازم يفكِّر في غير ما هو فيه .
سلمان العودة : لقد بُلينا بطائفة من المسلمين ، بل وأحيانًا من الدعاة إلى الله - تعالى - الذين هم على الافتراض من خيار المسلمين حظُّهم تحوَّل إلى العناية بفروع المسائل وجزئيَّاتها ، فأسهروا ليلهم وأضنَوا نهارهم في قطف هذه المسائل والجدال حولها ؛ حتى لَكأنَّها الدين كله أو أنها من أهم .
الشيخ : هذا خطأ .
الطالب : هذه كبيرة والله يا شيخي .
الشيخ : هذا خطأ .
الطالب : شيخي ، نحن - سبحان الله ! - أول شيء قال : لقد بُلِينا ، يعني يستغرب - يا شيخي - السامع لهذا ، بعدين قوله : يسهرون ليلهم ويضنون نهارهم .
الشيخ : هذا سجن هنا يا أبا محمد ، شوف واقفين على الشمس ينتظرون دورهم لزيارة ذويهم .
الطالب : فشيخي ، ما ندري مِن أين دخلت لهم هذه ؟ هل يعني أنتم مساويين سلسلة من المحاضرات حتى ترون أن هؤلاء الشباب أو هؤلاء الدعاة يسهرون الليالي من أجل هذه الجزئيات التي أنتم تنكرون عليهم بها ، والله - يا شيخي - هذا ليس له محلّ إلا الخيال .
الشيخ : هَيْ لغة الخطابة هيك ؛ لذلك نحن بدنا نضع نصب أعيننا أنَّ الخطباء هدول يعني ما بيكونوا دقيقين في تعابيرهم كما هو الشأن في العلماء ؛ لأن هَيْ لغة الخطابة طبيعة الخطابة المبالغة في الأمور .
الطالب : إي نعم .
الشيخ : وطبعًا - يا شيخي - يترتَّب على هذه المبالغة أن يتغرَّر كثير من الشباب المسلم ويتصوَّر هذه ، يعني ليس كل إنسان أن هذا أسلوب خطابة ، وإنما هذا الحق الذي يعني ما بعده حق .
الشيخ : هذا صحيح ، لكن أنا أريد من كلمتي السابقة أنُّو يجب أن نلاحظ أن هذه طبيعة الخطابة فلا نأخذ منها علمًا .
الطالب : إي نعم ، جزاك الله خير ، نعم .
الشيخ : عرفت كيف ؟
الطالب : نعم يا شيخي .
الشيخ : يعني هذا فيما يتعلَّق بنا ، ونقول فيما يتعلق بهم : " كلِّموا الناس على قدر عقولهم " كما قلنا في أكثر من مرة .
الطالب : يمكن أن تكون سنة من السنن ، حتى مَن تركها متعمِّدًا لم يكن عليه في ذلك حرج ولا تثريب ، وإن كان الأولى بالمسلم أن يتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دقيق الأمور وجليلها ، وفي مقابل ذلك بُلِينا بطائفة أخرى .
الشيخ : هذا يهدم كلامه السابق حتى لو افترضناه ما فيه مبالغة ، يعني فعلًا أنا - مثلًا - أحيي الليل ، نادرًا ما أنام إلا بعد الاثنى عشر بعد الواحدة في ماذا ؟ في هذا العلم الذي أقامَني الله فيه ، وهَبْه نافلة وليس واجبًا كفائيًّا أُسقِطُه عن الآخرين ، هَبْه نافلة ، لكن أنا في طاعة الله ، أنا في طاعة الله ؛ فما دام هدفي أنا اتِّباع السنة وإحياء السنة والتعريف بها فهؤلاء الناس الذين يريدون أن يتَّبعوا الرسول - عليه السلام - وهم من عامة المسلمين كيف يتعرَّفون على السنن إلا بواسطة هذه الذي يحيي الليل - على حدِّ تعبيره هو - ، ففي مبالغة يعني في مبالغة واضحة جدًّا .
سلمان العودة : فتحول هذا الأمر عندهم إلى إهمال كامل للجزئيات ، واعتبار أن هذه الجزئيات عبارة عن قشور ، أو كما يقول بعضهم عبارة عن توافه لا قيمة لها ولا ينبغي الاشتغال بها ، بل أصبحت موضعًا للسخرية والنقد والتندُّر من طائفة مع الأسف من الدعاة والوعَّاظ والعلماء والمفكرين ؛ مع أننا نقول في حقيقة الأمر : هذا كله دين ، الكبير والصغير والأصل والفرع والجزء والكل مما يتعلق بقضية الإسلام فهو دين ، والحديث المعروف حديث عمر وأبي هريرة لما جاء جبريل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان ؛ كان جبريل إذا سأله سأله في بعض الروايات عن قضايا تفصيلية عديدة مثل قضايا الغسل من الجنابة وغيرها ، ومع ذلك لما انتهى قال : ( هذا جبريل أتاكم يعلِّمكم دينكم ) ، هذا جبريل أتاكم يعلِّمكم دينكم ؛ فكلُّ ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو دين ينبغي الاهتمام به والعناية به ، وأن لا يكون محطَّ سخرية أو استهزاء أو نقد من أحد .
الشيخ : وهو يقع في هالمطب هذا ، هو وقع .
سلمان العودة : لكن ينبغي أن يُعطى كل ذي حقٍّ حقَّه ويوضع كل شيء في نصابه . إنَّ من العجيب أيها الأحبة أن بعض هؤلاء الدعاة الذين يزعمون أو يعتقدون أنهم يحاولون الإصلاح والتغيير هم الذين يتسبَّبون في كثير من الأحيان في إثارة بعض الجزئيات وإشغال الناس بها وصرفهم عن معالي الأمور وعن ما عداها ، هم الذين يتسبَّبون في ذلك ؛ لأنهم يطرحون وجهات نظرهم بطريقة غريبة ، طريقة استفزازية ، طريقة غير موضوعية وغير صحيحة أيضًا ، ولعل أقرب مثال أن أحد كبار المفكِّرين كتب قبل يومين في جريدة سيَّارة في هذه البلاد وكتب بخط عريض : " لا يوجد دليل من القرآن والسنة - أو كلمة نحو هذا - على تغطية المرأة وجهها " ، فإذا أثار هذه القضية فمن الطبيعي أن يكون هناك نقد ورد وأخذ وعطاء في هذه المسألة ، وليس صحيحًا أن يطرح إنسان وجهة نظره في قضية معيَّنة ، ثم إذا طُرِحَت وجهة نظر معارضة قال : يا أخي ، هذه جزئيات هذه قشور هذه توافه .
الشيخ : هذا ما يفعله هو ، هذا ما يفعله هو ، سبحان الله !
سلمان العودة : ولماذا تتحدَّث عنها ؟ ولماذا لا تنصرف إلى ما تعتقد أنه أهم منها وأجدى وأنفع للمسلمين في دينهم ودنياهم ؟
الشيخ : لا إله إلا الله !
سلمان العودة : إذًا البحث والدليل رائد للجميع ، ونحن لا ننتقد أحدًا أن يتكلم في قضية من قضايا الدين ، لكن ينبغي أن يتكلم بتعقُّل وموضوعية واتباعٍ للدليل من كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - عليه السلام - أو إجماع الأمة ، وكذلك ينبغي أن يكون الحديث عن الموضوعات ... والمسائل التي ذَكَرَها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، كما أننا نجد في المسائل العملية فروعًا وجزئيات . فمثلًا قضية الصلاة : الصلاة أصل ، لكن تفاصيل الأمور الدقيقة ، فهو يصح أن يسمَّى فرعًا أو أن يسمَّى أمرًا جزئيًّا ؛ فهل ترى يا أخي - مثلًا - أن من العدل أن نستغرق وقتنا في الحديث عن جزئية من هذه السنن الواردة في الصلاة كما سيأتي الإشارة إلى شيء منها مثلًا ؛ كالحديث عن جلسة الاستراحة ، أو الحديث عن التورُّك ، أو الحديث عن صفة الهوي إلى السجود ، هل يسجد على يديه أوَّلًا ، أو على ركبتيه أوَّلًا ؟ مثلًا ، هل ترى أن من الحكمة أن نستغرق في هذه المسألة ونقتلها بحثًا ، ونؤلف فيها عددًا من الكتب ، وتكون هي حديثنا في مجالسنا ، وهي مجال للمنافرة والمنافسة بين الأقران وبين الطلاب ، ويتلقَّاها صغار طلاب العلم قبل كبارهم ؟ على حين أنك لا تكاد تجد مَن يتكلم مع الناس في قضية الصلاة ، وأهميتها ومنزلتها من الدين ، كلامًا يصل إلى قلوبهم ويخاطبهم ويخالط شغافهم ، ويدعوهم إلى ارتياد المسجد في كلِّ وقت .
ولا تجد - مثلًا - مَن يتكلم عن قضية الخشوع في الصلاة ، الذي هو روحُها ولبُّها ، بل إنك تجد من الفقهاء مَن يقول : إن الخشوع في الصلاة مستحب وليس واجبًا ! مع أن الصلاة التي لا يكون فيها خشوع وحضور قلب وإقبال لا تؤثِّر في صاحبها تقوى لله - عز وجل - ، ولا خوفًا منه ، ولا إقبالًا على الطاعة والعبادة ، وإن كانت في كلِّ حال هي صلاة شرعية ما لم يرتكِبْ فيها ما يبطلها .
إذًا في المسائل العملية فروع وأصول ، وكذلك في المسائل العلمية الاعتقادية كلِّيَّات وجزئيَّات ، أو فروع وأصول ، فمثلًا : أركان الإيمان الستة ، التي يقرؤها ... قضية النِّزاع في معاني بعض الآيات القرآنية ، أو بعض الأحاديث النبوية ، بل حتى النِّزاع في ثبوت بعض الأحاديث أو عدم ثبوتها . قضية الكلام وما يتكلم به أهل المنطق فيما ... هذه المسائل من القضايا التي ليست من القضايا الكلية التي جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ببيانها بيانًا واضحًا لا إشكال به ، بحيث أن يكون المخالف فيها كافرًا أو فاسقًا أو مبتدعًا ، بل هي من القضايا التي يمكن أن تُعتبر من أمور الفروع والجزئيات في المسائل العلمية .
وليست هذه كتلك ، فالمؤكد - أيضًا - أن العبد لن يُسأل في القبر : هل تؤمن بفناء النار أو لا تؤمن به ؟ وليس هذا من شروط دخول الجنة مثلًا أن يقول هذا أو ذاك ، ولكنه ينبغي للعبد أن يؤمن بأركان الإيمان الستة والتي منها الإيمان باليوم الآخر وما فيه ، مثل الإيمان بالجنة والإيمان بالنار ، وليس مجرَّد الإيمان اللفظي ، وإنما الإيمان الذي .
الشيخ : أظن تعبير خطأ ، هو يريد أنه إذا فقد أصبعًا ليس كما لو فقد مخًّا ، لكن الاهتمام بفقد الأصبع يجب أن يكون كذلك .
الطالب : إي نعم .
السائل : شيخ ، التمثيل هذا ما رأيكم به ؟
الشيخ : والله أنا أراه صوابًا .
السائل : يعني ما ترون فيه شيئًا ؟
الشيخ : لكن في حدود هذا ... بلا شك يعني الإنسان بيفقد راسه مثل إذا فقد كفَّه ؟!
السائل : لا ، هو ما في معقول ، ولكن يتأثَّر لفقد كفِّه ولفقد أظفره .
الشيخ : أنا قلت لك يا أخي ؛ قوله أنه لا يستويان في الاهتمام هذا تعبير يعني من سبق اللسان الله أعلم .
سلمان العودة : من الناحية الشرعية .
الشيخ : الكلام هذا .
الطالب : فيما يظهر لي كلام سليم .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 318
- توقيت الفهرسة : 00:26:32
- نسخة مدققة إملائيًّا