ذكر الأدلة على اشتراط القصد في إيقاع التكفير .
A-
A=
A+
الشيخ : ولست أدري إذا كنت ذكرت في الجلسة السابقة أو في المشوار الذي لحق بها حديث لأنه مثل هذا الحديث يجري في مناسبات كثيرة حديث الذي أوصى بأن يحرق بالنار ذكرناه ؟
السائل : نعم .
الشيخ : جميل جدًّا لعل كثيرًا من إخوانا الحاضرين أنهم لم يسمعوا هذا الحديث أو سمعوه ونسوه وحينئذٍ نقول كما قال ربُّ العالمين : (( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ )) يقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( كان فيمَن قبلكم رجلٌ لم يعمَلْ خيرًا قط ، فلما حضرته الوفاة جمع بنيه حوله ، وقال لهم : أيُّ أبٍ كنت لكم ؟ قالوا : خير أب . قال : فإنِّي مذنبٌ مع ربي ، ولَئِنْ قَدِرَ الله عليَّ ) . ( لَئِن قَدِرَ الله عليَّ ) هذا إيمان أم كفر ؟ هذا كفر لأنه شك في قدرة الله - عز وجل - : (( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ )) ( ولَئِن قَدِرَ الله عليَّ لَيُعذِبَنِّي عذابًا شديدًا ، فإذا أنا متُّ فحرِّقوني بالنار ، ثم ذروا نصفي في البحر ونصفي في الريح ) ، مات الرجل وحرقوه بالنار ، وذروا نصفه في البحر المائج ، والنصف الآخر في الريح الهائج ، ( فقال الله - عز وجل - : كوني فلانًا ، فكان بشرًا سويًّا . عبدي ، ما حملك على ما فعلت ؟ قال : ربِّي خشيتك . قال : اذهَبْ فقد غفرت لك ) . هنا الآن نأخذ من هذا الحديث ما يتأيَّد بالمفهوم الصحيح للآية السابقة وهي أن هذا الرجل قد كفر حينما قال : ( لَئِن قَدِرَ الله عليَّ لَيُعذِبَنِّي عذابًا شديدًا ) ، لكن هذا ما قصد الكفر ولا فكر فيه وإنما الرهبة من والخوف من عذاب الله - عز وجل - أعماه عن الحقيقة الإيمانية وهي أن الله - عز وجل - على كل شيء قدير لما أجاب ( ما حملك على ما فعلت ؟ قال : رب خشيتك . فغفر الله له ) ؛ لأنه ما قصد الكفر الذي هو الجحد للحق الذي يظهر للمكلف ثم ينكره ويكفر به كما قال تعالى بالنسبة لبعض الكفار : (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ )) وأنتم تعلمون إن شاء الله أن أصل الكفر لغة بالتالي شرعا هو تغطية الشيء بعد ظهوره ؛ ولذلك قال - تعالى - : (( أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ )) الزراع الذين يحرثون الأرض ، ثم يبذرون البذر ثم يغطونه فإذن ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه وتلبسه لا إنما يكون ذلك يعني قد تلبسه الكفر إذا قصده بقلبه ولا شك أنكم أيضًا تعلمون إن شاء الله أن العمل الصالح يشترط فيه النية مع أن الله - عز وجل - ذو فضل على الناس وأنه يعامل الناس في كثير من الأحيان بفضله ولا يعاملهم بعدله فمعاملته للناس بالعدل هذا عدل الله - عز وجل - ولا كلام فيه أما حينما يعاملهم بفضله فهذا زيادة على العدل فإذا كان الله - عز وجل - من كرمه وجوده يعامل عباده بفضله فهو بلا شك ولا ريب سوف يعاملهم بعدله وقد فهمنا من نصوص الكتاب والسنة وقد ذكرت أحدها آنفًا أن الله - عز وجل - إنما يعامل الناس بأعمالهم كما قال في الحديث القدسي الطويل والشاهد منه : ( يا عبادي ، إنَّما هي أعمالكم أحصيها عليكم ، فمَن وجد خيرًا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسه ) ، ترى إذا عمل إنسان ما عملا هو الكفر بعينه لكنه لم يكن قاصدا له أفترون أن ذلك من عدل الله - عز وجل - الذي قال : (( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا )) . وجاء في الحديث الصحيح : ( أن أربعة يوم القيامة يحاجُّون عن أنفسهم ) ، وذكر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( الرجل الذي جاءته الدعوة على سن وعلى كبر ، أو لنقل على خرف ، والرجل لم تبلغه الدعوة ، والرجل المجنون ) ، وفي بعض الروايات : ( الصبي الذي لم يبلغ سنَّ التكليف ، هؤلاء يوم القيامة يرسل الله - عز وجل - إليهم رسولًا يأمرهم بأن يطيعوه ) ، وليس هناك أعني في عرصات يوم القيامة دار تكليف كما هو الشأن في دار الدنيا هذه ، وإنما هو أمر واحد يقول هذا الرسول . وأقدم جملة معترضة قبل إتمام الحديث أن هذا الرسول كما تعلمون من طبيعة أيِّ رسول أن يكون معه البرهان على أنه مبعوث من الرحمن حتى تكون حجة هذا الرسول قائمة على الناس جميعًا فإذا قال الحديث : ( إن الله - عز وجل - يرسل إليهم رسولًا ) فمعنى ذلك أنه رسول ومعه البرهان أنه مرسل من الله ؛ أي : كأن الله - عز وجل - على لسان ذلك الرسول يقول لهؤلاء الذين لم تبلغهم حجة الله في الحياة الدنيا ( ألقوا أنفسكم في النار ، فمن أطاعه دخل الجنة ، ومن عصاه دخل النار ) ، وهذا قريب جدًّا من مثل قوله - عليه السلام - المعروف لديكم إن شاء الله : ( حُفَّت الجنة بالمكاره ، وحُفَّت النار بالشهوات ) ، فإذا كان الأمر بهذا الوضوح الشرعي فما ينبغي أن نتخذ حجة بل ما يجوز أن نتخذ شبهة على مثل هذه الأدلة من الكتاب والسنة أن بعض العلماء مهما كان شأن هؤلاء العلماء لا يفرقون بين من كان قاصدا للكفر خارج من الدين عازمًا قاصدًا وبين من لم يقصد المروق من الدين ولكنه خرج منه لخطأ لسبب ولهذا السبب ذكرت لكم قصة ذاك الرجل الذي أوصى بتلك الوصية الجائرة التي ربما لن تكرر أو لن نرى مثلها فيما بقي من عمر الدنيا في الجور والبعد عن العقل ذكرت هذا لكيلا تتصوروا أن الأسباب التي تجعل بعض الناس يخرجون من الدين بدون قصد منهم حينئذٍ لا ينفذ فيهم قوله - عليه السلام - : ( مَن بدَّلَ دينَه فاقتلوه ) . ونحن لو وقفنا عند كلمة : ( بدَّل ) لأغنانا عن كل هذا التفصيل لأننا سوف نتأمل في كلمة بدل ونصل إلى الحقيقة السابق ذكرها ونقول لا يمكن تبديل شيء بشيء إلا بقصد إذن الذي يخرج من الدين بدون قصد لا يلحقه هذا الحكم الصريح في قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن بدَّلَ دينَه فاقتلوه ) أظن في هذا كفاية لردِّ تلك الشبهة المنقولة من بعض العلماء والحقيقة التي يجب على كل طلاب العلم أن يكونوا على بينة منها هي أنه إذا خاض طالب العلم في أقوال العلماء دون أن يكون عنده السلاح أو لعله العبارة الألطف الوسيلة التي تساعده في تمييز الخطأ من الصواب والحق من الباطل سيضيع بين الاختلافات الكثيرة الموجودة بين العلماء وبخاصة ما كان منها في ما يسمونه بالفروع وليس بالأصول .
السائل : نعم .
الشيخ : جميل جدًّا لعل كثيرًا من إخوانا الحاضرين أنهم لم يسمعوا هذا الحديث أو سمعوه ونسوه وحينئذٍ نقول كما قال ربُّ العالمين : (( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ )) يقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( كان فيمَن قبلكم رجلٌ لم يعمَلْ خيرًا قط ، فلما حضرته الوفاة جمع بنيه حوله ، وقال لهم : أيُّ أبٍ كنت لكم ؟ قالوا : خير أب . قال : فإنِّي مذنبٌ مع ربي ، ولَئِنْ قَدِرَ الله عليَّ ) . ( لَئِن قَدِرَ الله عليَّ ) هذا إيمان أم كفر ؟ هذا كفر لأنه شك في قدرة الله - عز وجل - : (( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ )) ( ولَئِن قَدِرَ الله عليَّ لَيُعذِبَنِّي عذابًا شديدًا ، فإذا أنا متُّ فحرِّقوني بالنار ، ثم ذروا نصفي في البحر ونصفي في الريح ) ، مات الرجل وحرقوه بالنار ، وذروا نصفه في البحر المائج ، والنصف الآخر في الريح الهائج ، ( فقال الله - عز وجل - : كوني فلانًا ، فكان بشرًا سويًّا . عبدي ، ما حملك على ما فعلت ؟ قال : ربِّي خشيتك . قال : اذهَبْ فقد غفرت لك ) . هنا الآن نأخذ من هذا الحديث ما يتأيَّد بالمفهوم الصحيح للآية السابقة وهي أن هذا الرجل قد كفر حينما قال : ( لَئِن قَدِرَ الله عليَّ لَيُعذِبَنِّي عذابًا شديدًا ) ، لكن هذا ما قصد الكفر ولا فكر فيه وإنما الرهبة من والخوف من عذاب الله - عز وجل - أعماه عن الحقيقة الإيمانية وهي أن الله - عز وجل - على كل شيء قدير لما أجاب ( ما حملك على ما فعلت ؟ قال : رب خشيتك . فغفر الله له ) ؛ لأنه ما قصد الكفر الذي هو الجحد للحق الذي يظهر للمكلف ثم ينكره ويكفر به كما قال تعالى بالنسبة لبعض الكفار : (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ )) وأنتم تعلمون إن شاء الله أن أصل الكفر لغة بالتالي شرعا هو تغطية الشيء بعد ظهوره ؛ ولذلك قال - تعالى - : (( أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ )) الزراع الذين يحرثون الأرض ، ثم يبذرون البذر ثم يغطونه فإذن ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه وتلبسه لا إنما يكون ذلك يعني قد تلبسه الكفر إذا قصده بقلبه ولا شك أنكم أيضًا تعلمون إن شاء الله أن العمل الصالح يشترط فيه النية مع أن الله - عز وجل - ذو فضل على الناس وأنه يعامل الناس في كثير من الأحيان بفضله ولا يعاملهم بعدله فمعاملته للناس بالعدل هذا عدل الله - عز وجل - ولا كلام فيه أما حينما يعاملهم بفضله فهذا زيادة على العدل فإذا كان الله - عز وجل - من كرمه وجوده يعامل عباده بفضله فهو بلا شك ولا ريب سوف يعاملهم بعدله وقد فهمنا من نصوص الكتاب والسنة وقد ذكرت أحدها آنفًا أن الله - عز وجل - إنما يعامل الناس بأعمالهم كما قال في الحديث القدسي الطويل والشاهد منه : ( يا عبادي ، إنَّما هي أعمالكم أحصيها عليكم ، فمَن وجد خيرًا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسه ) ، ترى إذا عمل إنسان ما عملا هو الكفر بعينه لكنه لم يكن قاصدا له أفترون أن ذلك من عدل الله - عز وجل - الذي قال : (( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا )) . وجاء في الحديث الصحيح : ( أن أربعة يوم القيامة يحاجُّون عن أنفسهم ) ، وذكر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( الرجل الذي جاءته الدعوة على سن وعلى كبر ، أو لنقل على خرف ، والرجل لم تبلغه الدعوة ، والرجل المجنون ) ، وفي بعض الروايات : ( الصبي الذي لم يبلغ سنَّ التكليف ، هؤلاء يوم القيامة يرسل الله - عز وجل - إليهم رسولًا يأمرهم بأن يطيعوه ) ، وليس هناك أعني في عرصات يوم القيامة دار تكليف كما هو الشأن في دار الدنيا هذه ، وإنما هو أمر واحد يقول هذا الرسول . وأقدم جملة معترضة قبل إتمام الحديث أن هذا الرسول كما تعلمون من طبيعة أيِّ رسول أن يكون معه البرهان على أنه مبعوث من الرحمن حتى تكون حجة هذا الرسول قائمة على الناس جميعًا فإذا قال الحديث : ( إن الله - عز وجل - يرسل إليهم رسولًا ) فمعنى ذلك أنه رسول ومعه البرهان أنه مرسل من الله ؛ أي : كأن الله - عز وجل - على لسان ذلك الرسول يقول لهؤلاء الذين لم تبلغهم حجة الله في الحياة الدنيا ( ألقوا أنفسكم في النار ، فمن أطاعه دخل الجنة ، ومن عصاه دخل النار ) ، وهذا قريب جدًّا من مثل قوله - عليه السلام - المعروف لديكم إن شاء الله : ( حُفَّت الجنة بالمكاره ، وحُفَّت النار بالشهوات ) ، فإذا كان الأمر بهذا الوضوح الشرعي فما ينبغي أن نتخذ حجة بل ما يجوز أن نتخذ شبهة على مثل هذه الأدلة من الكتاب والسنة أن بعض العلماء مهما كان شأن هؤلاء العلماء لا يفرقون بين من كان قاصدا للكفر خارج من الدين عازمًا قاصدًا وبين من لم يقصد المروق من الدين ولكنه خرج منه لخطأ لسبب ولهذا السبب ذكرت لكم قصة ذاك الرجل الذي أوصى بتلك الوصية الجائرة التي ربما لن تكرر أو لن نرى مثلها فيما بقي من عمر الدنيا في الجور والبعد عن العقل ذكرت هذا لكيلا تتصوروا أن الأسباب التي تجعل بعض الناس يخرجون من الدين بدون قصد منهم حينئذٍ لا ينفذ فيهم قوله - عليه السلام - : ( مَن بدَّلَ دينَه فاقتلوه ) . ونحن لو وقفنا عند كلمة : ( بدَّل ) لأغنانا عن كل هذا التفصيل لأننا سوف نتأمل في كلمة بدل ونصل إلى الحقيقة السابق ذكرها ونقول لا يمكن تبديل شيء بشيء إلا بقصد إذن الذي يخرج من الدين بدون قصد لا يلحقه هذا الحكم الصريح في قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن بدَّلَ دينَه فاقتلوه ) أظن في هذا كفاية لردِّ تلك الشبهة المنقولة من بعض العلماء والحقيقة التي يجب على كل طلاب العلم أن يكونوا على بينة منها هي أنه إذا خاض طالب العلم في أقوال العلماء دون أن يكون عنده السلاح أو لعله العبارة الألطف الوسيلة التي تساعده في تمييز الخطأ من الصواب والحق من الباطل سيضيع بين الاختلافات الكثيرة الموجودة بين العلماء وبخاصة ما كان منها في ما يسمونه بالفروع وليس بالأصول .
- فتاوى عبر الهاتف والسيارة - شريط : 283
- توقيت الفهرسة : 00:00:00