ما هو حكم السفر (الهجرة ) الى بلاد الكفار ؟ وذكر قصة هجرة النبي من مكة.
A-
A=
A+
الشيخ : سبيل المحافظة على إسلامهم وعلى دينهم مع أن كثيرًا من تلك البلاد وعلى رأسها وفي مقدمتها مكة تركوها ، في سبيل المحافظة على دينهم وعلى عقيدتهم ، ولعل الجميع يذكر معي أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما اضطرَّه الكفار وإيذاؤهم إياه ولمن معه من المسلمين إلى أن يهاجر من مكة إلى المدينة خاطب مكة قال : ( أما إنَّك لَمِن أحبِّ بلاد الله الى الله ، وَمِن أحبِّ بلاد الله إليَّ ، ولولا أنَّ قومَك أخرَجُوني منك ما خرجْتُ ) ، فهؤلاء هاجروا من بيت الله الحرام الى المدينة في سبيل التعرف على الاسلام الصحيح بصحبتهم للنبي الكريم من جهة ، وفي سبيل التمكن من القيام بشعائر دينهم كما يساعدهم ذلك الجو الجديد ، أما نحن اليوم فندع بلاد الاسلام ونهاجر الى بلاد الكفر ، وأنا ذاكر بطبيعة الحال أن بلاد الاسلام اليوم ليست كما كانت من قبل ، ولكنها على كل حال هي ليست بلاد كفر بل هي بلاد إسلام ، فلا يجوز للمسلمين أن يسافروا ، وبطبيعة الحال أحفظ لساني من أن أقول أن يهاجروا ، فأقول لا يجوز لهم أن يسافروا من بلاد الاسلام ويستوطنوا بلاد الكفر والشرك والطغيان ، لأنه قد جاءت في ذلك أحاديث كثيرة عن النبي - عليه الصلاة والسلام - بعضها صريح في النهي عن مساكنة المشركين كما ذكرنا آنفًا من بعض الأحاديث ومن ذلك قوله - عليه السلام - : ( مَن جامع المشرك فهو مثله ) ، من جامع المشرك فهو مثله ، المجامعة هنا هي المخالطة وهو الصحبة وليس هنا المجامعة من قبيل مجامعة الرجل لزوجته ، وإنما هذا من باب مخالطة المسلم لغيره ، فلا يجوز إسلاميا أن يخالط المسلم المشركين ، ولا يجوز أن يعيش في بلادهم ولا يجوز له أن يعيش في محالاتهم في حاراتهم كما يقولون عندنا في بعض البلاد ، عندنا في سوريا أنتم تعلمون جميعًا أنها كانت بلاد الرومان يحكمهم الروم يحكمهم هرقل ، ثم ربنا - عز وجل - فتح تلك البلاد على يد خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح ورُفعت في تلك البلاد راية الاسلام وخضع الكفر لأحكام الإسلام فعاشوا في بلاد الشام وهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون ؛ ولذلك كان من نظام الاسلام أن المسلمين لما استوطنوا تلك البلاد انمازوا وانحازوا وانفصلوا في مساكنهم وفي بيوتهم وفي دكاكينهم عن مساكن النصارى وبيوتهم وكان ولا يزال الى اليوم يوجد عندنا في بعض البلاد كدمشق وغيرها حارة تسمى بحارة اليهود حارة تسمى بحارة النصارى أي هاتان المنطقتان مختصَّتان بسكن اليهود والنصارى ، لماذا ؟ لأن الاسلام يريد من المسلم أن يظلَّ محتفظًّا على شخصيته الاسلامية ، فإذا ما خالط المشركين وساكنهم وعاشرهم سرق من حيث يشعر أو لا يشعر شيئًا من عاداتهم وتقاليدهم وبخاصة أن عاداتهم وتقاليدهم هي مما تشتهيها الأنفس عادة فتميل النفوس الأمارة بالسوء الى تقليد الكفار في مثل هذه القضايا وبذلك يبدأ المسلم وينحرف عن الاسلام رويدا رويدا ، ربما يصبح يوما ما كما جاء في بعض الآثار " لا يعرف من الاسلام الا اسمه " ، وأنا عم اسمع برازيت ، والبرازيت اليوم لا يجوز يا أبا عبد الله ، تعرفون البرازيت ؟ يعني الإذاعة المعارضة للإذاعة القائمة ، إيوا هذه بيسموها عندنا في سوريا برازيت يعني تشويش إي نعم فالمهم أنه ينبغي الانصات للموعظة لعل الله - عز وجل - ينفع بها ، فيقول علماء النفس أن الطبع سراق ، طبع الانسان سراق ، يعني يأخذ من عادات الناس وتقاليدهم بصورة لا شعورية ، وقد أشار الرسول - عليه الصلاة والسلام - الى هذه الحقيقة في بعض الأحاديث الصحيحة والجميلة في آن واحد من ذلك قوله - عليه السلام - -ها الاذاعة- قوله - عليه السلام - ( مثل الجليس الصالح كمثل بائع المسك ؛ إما أن يُحذيك - أي : مجَّانًا - ، وإما أن تشتري منه ، وإما أن تشمَّ منه رائحة طيِّبة ) ، فمثل الجليس الصالح أنه كسبان غير خسران في كل حال من الأحوال ، إما أن يأخذ وهذا أكبر كسب مجانا يحذيك ، وإما أن تشتري منه بالدرهم والدينار ، وعلى الأقل بتشم رائحة طيبة ، ( ومثل الجليس السوء كمثل الحداد ؛ إما أن يحرقَ ثيابك ، وإما أن تشمَّ منه رائحة كريهة ) ، فمجالسة المسلم للمشرك خاصة في عقر داره تتغلب عليه عادات الكفار وتجذبه من عادات المسلمين رويدًا رويدًا ؛ لذلك قطع الرسول - عليه السلام - دابر التأثر بالكفار حينما سد باب السفر وباب المساكنة مع المشركين في بلادهم فقال : ( المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما ) ، أنت إذا أوقدت هنا نارًا وكان هناك رجل بعيد عنك يوقد نارا مثلك ، لبعده عنك لا ترى ناره ولا يرى نارك هذه إشارة جميلة جدًّا مأخوذة من عادات العرب المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما ، يعني اسكن بعيدًا بعيدًا جدًّا عن دار المشرك بحيث لا ترى ناره ولا يرى نارك ، المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما ( أنا بريءٌ من مسلم يُقيم بين ظهراني المشركين ) ، ونحن نعرف تأثر المسلمين الذين يعيشون بضع سنين مش العمر كله ، بضع سنين يعيشونها في بلاد الكفر يرجعون الينا وقد تغيَّرت أحوالهم وتغيَّرت أخلاقهم وعاداتهم ، أما الذين يقيمون في بلاد الكفر فيصبح الولد اسمه جورج بن أحمد ، اسمه طنيوس بن محمد ، لماذا ؟ لأنه خرج عن كونه مسلمًا ، لماذا ؟ لأنه تعلم في مدارس النصارى وسجل في سجل النصارى فخسر الوالد ابنه وبناته خسرانًا كبيرًا ومبينًا ، لهذا لا يجوز للمسلمين أبدًا أن يسافروا بقصد الإقامة في بلاد الكفر .
- فتاوى عبر الهاتف والسيارة - شريط : 255
- توقيت الفهرسة : 00:00:00