ما هو حكم أكل الثوم والبصل ، مع تطبيق قاعدة لا ضرر ولا ضرار على أكلهما ؟
A-
A=
A+
الشيخ : الآن نقف عند جزئية مباحة باتفاق علماء المسلمين ، ولكن في ظرف معيَّن إذا ترتب من وراء هذا الجزء المباح بإجماع المسلمين ضرر يتعدى من نفس المتعاطي له وهو ينفعه ولا يضره ولكن في ظرف معيَّن يضر غيره ، يصبح هذا ممنوعًا شرعًا مع أن الأصل فيه أنه مباح ، ما هو ؟ هو الثوم والبصل ، الثوم والبصل من المباحات بإجماع المسلمين ولكن كلنا يعلم بالتجربة إن رائحة الثوم والبصل كريهة وكريهة جدًّا ؛ ولذلك قال - عليه الصلاة والسلام - : ( كلوه - أي الثوم والبصل - فلولا أني أناجي من لا تناجونه لأكلته ) ، فما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل هذا الثوم والبصل وهما حلال ، لماذا ؟! لأنه كان يناجي الملائكة الذين يتضررون بالرائحة الكريهة ؛ لذلك بجامع هذا الإضرار بالرائحة الكريهة التي امتنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها مراعاة لمناجاته للملائكة عدَّ هذا الحكم الى عامة المسلمين في ظرف معيَّن في مكان معيَّن ، نعلم يقينا أن هذا المكان المعيَّن مقصود تحضره ملائكة الله ، حينئذٍ لا يجوز للمسلم أن يحضر ذلك المكان ويحمل في فمه تلك الرائحة الكريهة ولو من مأكول حلال ، ذلك قوله - عليه الصلاة والسلام - ( من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مصلانا ) من أكل من هذه الشجرة الخبيثة : يعني الثوم ، فلا يقربن مصلانا ، وفي حديث آخر ( مساجدنا ) ما هي العلة ؟ قال - عليه السلام - ( إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ) إذن من أكل الثوم والبصل قبيل حضور وقت الصلاة في المسجد فينبغي عليه أحد أمرين : الأمر الأول : إن كان ابتلي بأكله قبيل حضور وقت الصلاة فعليه أن يتعاطى الأسباب المزيلة للرائحة الكريهة من الفم كالنعناع وما شابه ذلك من المزيلات ، وإلا فالأصل أن يمتنع عن تعاطي هذا الطعام النافع غير المضر ، لكن رائحته غير مضرة ، أن يتعاطى ذلك قبيل الصلاة بزمان حتى تذهب هذه الرائحة من فمه بمضي الزمان ، لم يقف أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أن قال : ( من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مصلانا ) بل طبق حكمًا فيه شيء من التعزير والتأديب لمن حضر المسجد وفي فمه رائحة الثوم حيث جاء في " صحيح الإمام مسلم " : " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل المسجد يومًا فوجد رائحة الثوم من أحد الحاضرين ) حضروا للصلاة لأداء الفريضة فريضة الصلاة وفريضة الجماعة في الصلاة وهنا لا بد من وقفة قصيرة : كثير من المسلمين اليوم وأعني الملتزمين منهم والملازمين على الصلاة والمحافظين عليها في أوقاتها يتساهلون في أثناء أداء فريضتهم ، يتساهلون بأداء فريضة أخرى ألا وهي : أداء الصلاة فريضة في مساجد المسلمين ، لك قول ربِّ العالمين في القرآن الكريم : (( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ )) ما قال ربُّ العالمين وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فقط ! ، وإنما ضم وألحق بهاتين الفريضتين المقطوع فرضيتهما بإجماع المسلمين : أداء الصلاة في أقاتها والزكاة ، ولكنه - تبارك وتعالى - ضم الى هذين الأمرين (( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ )) فقال أمرًا ثالثًا : (( وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ )) ومعنى اركعوا مع الراكعين : أي : هذه الصلاة التي أمرتم بها لا يجوز لكم أن تصلُّوها وحدانا في بيوتكم ولو جماعة ، وإنما عليكم أن تصلوها في مساجد المسلمين ، مع ذلك لما حضر ذلك الرجل لأداء هذه الفريضة الثانية وهي فريضة أداء فريضة الصلاة مع جماعة المسلمين في المسجد ، لما وَجد منه الرائحة الكريهة أمر بإخراجه ، أمر بطرده من المسجد إلى أين ؟! لوكنتم تعلمون ! إلى خارج المسجد قط ؟! الى الشارع ؟! لا ، وإنما أمر بإخراجه إلى البقيع وأنتم تلمون أن البقيع مقبرة المدينة . هنا نكتة رائعة جدًّا : من فصاحته - عليه السلام - وبلاغته حيث أشعر الناس حينما أمر بإخراج هذا الذي حضر لأداء الفريضة ، فريضة الصلاة ، ولكن في فمه تلك الرائحة الكريهة من المأكول الحلال ، أمر بإخراجه إلى البقيع ، مشيرًا أن مثل هذا الذي يؤذي أوَّلًا : المسلمين ، وثانيًا : الملائكة الذين يتناوبون الحضور في المساجد ، هذا لا يستحقُّ أن يعيش بين الأحياء ، وإنما في المقبرة بين الأموات ، أمر بإخراجه الى مقابر البقيع ، إذًا هذه هنا فقه عظيم جدًّا جدًّا ، إذا كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يأمر بهذا الذي أكل الحلال ولكنه أضر بالمسلمين من جهة وبالملائكة المقرَّبين من جهة أخرى بهذا الحلال ، بسبب الرائحة الكريهة ، فماذا يقول الفقيه المسلم بل العاقل المسلم ، وليس من الضروري أن يكون فقيهًا ، ماذا يقول العاقل المسلم حينما يسمع من نبيِّه - صلى الله عليه وآله وسلم - هذين الحديثين : ( مَن أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربَنَّ مصلَّانا ؛ فإن الملائكة تتأذَّى ممَّا يتأذَّى منه بنو آدم ) ، والحديث الآخر حينما أمر بإخراج من كان في فمه رائحة الثوم ، أمر بإخراجه من المسجد والى البقيع إلى الموتى ، ماذا يقول هذا القيه بل ذلك المسلم العاقل اذا وجد الناس اليوم أو كثيرًا من الناس ابتلوا بشرب الدخان الذي ثبت ضرره في الجسد وفي الرئتين بصورة خاصة ، وليس كالثوم والبصل اللذين ثبت فائدتهما ، وتستخرج منهما خلاصات توضع أحيانًا في برشامات ، في علاجات يعالجون بها بعض الأدواء والأمراض ، مع ذلك بسبب هذه الرائحة الكريهة سمعتم ما قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيمن صحبته هذه الرائحة الكريهة من هذه الخُضرة أو هذه البقلة النافعة في بدن آكلها ، ماذا كان يقول الرسول - عليه السلام - لو أدرك هذا الزمان ، أو أدركه الدخان في ذاك الزمان ؟! لا شك أنه سيأمر بإخراج مدمني الدخان من المساجد إطلاقًا ؛ لأن الرائحة الكريهة أصبحت جزءًا من حياتهم ، والذين عوفوا ، والذين عفاهم الله - عز وجل - من شرب الدخان لا يكاد أحدهم يدخل عليه شخص وإلا يحكم عليه أنه هذا يشرب الدخان لأن رائحته مع الأسف تفوح -إن صح هذا التعبير - ، والبحث في هذا في الحقيقة بحث طويل وطويل جدًّا ، والمجال الآن ضيق ، والحرُّ - كما قيل - تكفيه الإشارة وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
السائل : جزاكم الله خير .
الشيخ : ما كمل لكن مأكول ، إذا حضر الطعام .
السائل : بطل الكلام .
الشيخ : بطل الكلام .
السائل : جزاكم الله خير .
الشيخ : ما كمل لكن مأكول ، إذا حضر الطعام .
السائل : بطل الكلام .
الشيخ : بطل الكلام .
- فتاوى عبر الهاتف والسيارة - شريط : 253
- توقيت الفهرسة : 00:00:00