هل يُستدل بحديث نظر عائشة للأحباش وهم يلعبون في المسجد بجواز نظر المرأة للأجانب ؟ أم أنه خاص بأم المؤمنين ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يُستدل بحديث نظر عائشة للأحباش وهم يلعبون في المسجد بجواز نظر المرأة للأجانب ؟ أم أنه خاص بأم المؤمنين ؟
A-
A=
A+
السائل : يقول : عائشة - رضي الله عنها - كانت تنظر للأحباش وهم بالمسجد يتبارزون ، من أهل العلم من خص هذا بعائشة وقال : " من مثل أم المؤمنين " ومنهم من استدل بذلك على جواز النظر من النساء إلى الرجال ، وكذلك من حديث : ( اعتدِّي عند ابن أمِّ مكتوم ؛ فإنه أعمى لا يراك ) ؟

الشيخ : نعم ادِّعاء أنَّ هذا أمر خاص بعائشة يحتاج إلى دليل ، والأمر كما قيل :

" والدَّعاوي ما لم تقيمُوا عليها *** بيِّناتٍ أبناؤها أدعياءُ "

والأصل في كل دليل دل على جواز شيء يتعلق بشخص مسلم سواء كان هذا الشخص ذكراً أو أنثى ، أنَّ الناس كلهم سواء ، إلا ما جاء الدليل الخاص ليدل على أنو هذا الحكم هو خاص بذلك الشخص ، وهنا لا يوجد شيء من ذلك إطلاقًا ، أي لا يوجد دليل أنَّ سماح الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - للسيدة عائشة أن تنظر إلى لعب الحبشة في المسجد بالحراب هذا خاص بالسيدة عائشة ، بمعنى لو جاءت أم سلمة وهي زوج الرسول - عليه السلام - أيضًا لا يسمح لها لأن هذا الحكم خاص بعائشة ! هذه من باب الرجم بالغيب وهذا لا يجوز خاصة أنه يخالف الأصل الذي أشرت إليه آنفًا ، كل حكم تعلق بشخص فهو يتعدى إلى كل الأشخاص إلا بدليل خاص ، ثم هناك ما يدل مما جاء في السؤال نفسه وغيره أن هذا الحكم يتعدى إلى غير عائشة وهي قصة إيي ، إيش ... .

السائل : فاطمة بنت قيس .

الشيخ : فاطمة بنت قيس هذه كان قد طلقها زوجها أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تنزل عند إمرأة من المهاجرات ثم قال - عليه السلام - : ( لا ، تلك - يعني - يطرقها الرجال كثيرًا ، فاذهبي إلى ابن ) إي ، إلى ابن .

السائل : ابن أم مكتوم .

الشيخ : الأعمى ( ابن أم مكتوم ؛ فإنَّه رجل أعمى لا يراك إذا وضعت خمارك ) ، فهذا فيه دليل أن الرجل هذا الأعمى ما دام لا يراها وقد حسرت عن رأسها بوضعها لخمارها ، فهي بداهةً تراه ، فإذًا هذا دليل أن الرؤيا إذا لم تكن من باب النظرة الثانية فهي لا إشكال في جوازها ، والقرآن يؤكِّد ذلك بتعبير عربي دقيق ؛ ألا وهو قوله - تبارك وتعالى - : (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ )) ، وفي المقابل قال : (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ )) . الشاهد أنَّ الله - عز وجل - لحكمته البالغة ، ويسر شريعته الجميلة ، لم يقل للنساء والرجال معًا غضُّوا أبصاركم ، وإنما قال : (( مِنْ أَبْصَارِهِمْ )) من هذه يسميها العلماء من التبعيضية ، أي : بعض أبصاركم غضُّوا ، أما بعض أبصاركم لا تغضُّوا ؛ ذلك لأن الحياة لا يمكن أن تستقيم والرجل غاض بصره ، يمشي في الطريق غاضًّا بصره ، لا بد من أن ينظر يمينًا ويسارًا وهكذا ، كذلك المرأة ، لا يمكنها أن تمشي في الطريق وهي غاضة بصرها ، بل كلٌّ من الجنسين يمشي وهو غاضٌّ مِن بصره ، وهذا من بلاغة القرآن : (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ )) ، ثم الحديث كما جاء في حديث علي الذي ذكرناه آنفًا : ( النظرة الأولى لك ، والثانية عليك ) ، وحديث جرير بن عبد الله البجلي الذي رواه الإمام مسلم في " صحيحه " أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن نظرة الفجأة فقال : ( اصرِفْ بصرَك ) ، ما المقصود من نظرة الفجأة ؟ أي : نظرة وقعت من الرجل على امرأة لا يحل له أن يرى منها ما رأى ، فوجب عليه فورًا أن يصرف نظره ، أما غضُّ البصر مطلقًا فهذا في الحقيقة من باب تكليف ما لا يطاق ، والله - عز وجل - يقول في صريح القرآن : (( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) عليك بأ يا أبا عبد الله أن تعطينا إشارة الانطلاق حتى يُدرك أخونا أبو عبد الرحمن درسه .

السائل : خمس دقائق يا شيخ .

الشيخ : خمس دقائق .

مواضيع متعلقة