التوفيق بين قوله تعالى : (( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )) وبين قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يُنسأ له في أجله ويوسع له في رزقه فليصل رحمه ) - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
التوفيق بين قوله تعالى : (( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )) وبين قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يُنسأ له في أجله ويوسع له في رزقه فليصل رحمه )
A-
A=
A+
الشيخ : (( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ )) هنا يرد موضوع طالما حار فيه كثير من العلماء توفيقا بين القدر وبين الأسباب التي إذا أُخذ بها ظن أو ظن ذلك البعض أنه ينافي القدر ، نحن نعلم يقينا كما سمعتم في الآية : (( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ )) والآية الأخرى المشهورة : (( فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ )) فيقينا هذا المعنى في هذه الآية والتي قبلها أمر مبتوت به عقيدة لكن هل يتعارض مع ذلك بعض النصوص الشرعية التي بعضها وهي موضع الإشكال عند البعض المشار إليه آنفًا يتعلق بطول العمر وسعة الرزق ، والبعض الآخر الذي هو كالبعض الأول لا فرق بينهما إطلاقًا ومع ذلك ما يدندون حول طرح الإشكال على هذا البعض الآخر أريد أن أقول نحن نعلم في الحديث الصحيح في البخاري وغيره ( مَن أحبَّ أن يُنسأ له في أجله ، ويُوسَّعَ له في رزقه ؛ فليَصِلْ رَحِمَه ) ؛ إذًا الأجل ممكن تأخيره كيف هذا والآية والآية تعطي أنه (( إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ )) ، كذلك مثل الأجل المذكور في القرآن مثله تمامًا السعادة والشقاوة التي هي بلا شك مكتوبة من قبل في اللوح المحفوظ ثم كما يحقِّق ابن قيم الجوزية - رحمه الله - في كتابه العظيم في القضاء والقدر شو اسمه شو أوه .

الطالب : " شفاء العليل " .

الشيخ : " شفاء العليل " بيقول إنه هناك كتابات متعددة فالكتابات المتأخرة هي لا تنافي الكتابة الأولى بل تؤكدها من هذا القبيل حينما الملك يستأذن ربه في هذا الجنين الذي نُفخ فيه الروح أو يراد أن ينفخ فيه الروح أسعيد أم شقي عمره أجله يبحث هؤلاء البعض من العلماء حول استشكال طول العمر ( مَن أحبَّ أن يُنسَّأ ) وسعة الرزق مع إنه الرزق مقسوم في اللوح المحفوظ الأم وكذلك حينما يؤكد بمناسبات منها كتابة الملك الموكل بنفخ الروح سعادته شقاوته إذًا إذا كان الأجل محتومًا فما معنى ( أحبَّ أن يُنسأَ له في أجله ) ، كيف يلتقي هذا ؟ الجواب أوَّلًا نحن البشر لا نعلم ما هو المقدّر على كل واحد منا وهذا من حكمة الله - عز وجل - في أن غيّب عنا ما هو إليه مصيرنا لأنه لو عُلم ذلك لربما يعني اضطربت حياة الناس إما فرحًا وإما ترحًا فالحكمة الإلهية اقتضت أن يكون ذلك يعني مخفيًّا عن البشر ؛ فإذًا نحن ما ندري العمر كم الرزق كم ؟ هل السعادة هي المكتوبة أو الشقاوة إلى آخره ، إذًا علينا نحن أن نعمل كما قال : (( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى )) إذن نحن نتخذ الأسباب .

الطالب : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

نحن نتخذ الأسباب لما نريده لأنفسنا من خير إن شاء الله أو من شر لا سمح الله من سعادة إن شاء الله أو شقاوة لا سمح الله لأن كلًّا من السعادة والشقاء كلاهما مرتبطتان بماذا ؟ بالعمل كذلك عمر الإنسان ورزقه كلاهما أيضًا مربوط بسعيه وبعمله فنحن باعتبار نجهل ما في الأم أم الكتاب فنحن نتخذ الأسباب لنطابق ما في أم الكتاب فإذن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حينما يتحدث في هذا الحديث : ( مَن أحبَّ أن يُنسَأَ له في أجله ويُوسَّع له في رزقه فليصِلْ رَحِمَه ) لا يعني أن هذا السعي ، وهذه الصلة تغير ما في اللوح المحفوظ وإنما هي أو هذا يحقق ما في اللوحة المحفوظ إذًا هنا يقول بعض الفقهاء توجيها وتقريبًا لهذا الأمر الغيبي أن هناك أمر أو قضاء مبرم مقطوع وهناك قضاء معلّق هذا المعلّق يتعلق ببعض خلق الله وهم الملائكة القضاء المبرم يتعلق بعلم الله الذي لا يقبل التغيير والتبديل فالملائكة مثلًا قد يطلعون فيما كتب لهم فلان إن وصل رحمه زيد في عمره إلى كذا إن لم يصل كان عمره كذا فلان إن وسّع مثلًا في الرزق أحسن معاملته للناس كما في الحديث الآخر : ( حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ، ويطيلان في الأعمار ) فمن أخذ بهذه الأسباب الشرعية كان له ذلك العمر الأطول بالنسبة لمن لا يأخذ وكانت له تلك السعة في الرزق بالنسبة لمن لا يأخذ بهذه الأسباب ، إذًا ما في منافاة أبدًا بين ما هو في اللوح المحفوظ لأنه أوَّلًا بالنسبة إلينا مجهول وثانيًا لأنه هذا الذي في اللوح المحفوظ لم يقدِّره الله - عز وجل - هكذا قدرة وجبروتًا وإنما مقرونا بالعدل والحكمة وهما صفتان لله - عز وجل - فكالسعادة والشقاوة في الآية كما سمعتم آنفًا : (( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى )) وأول الحديث كما تعلمون قوله اعملوا : ( اعمَلُوا فكلٌّ ميسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له ) .

مواضيع متعلقة