كلمة الشيخ عيد عباسي ، وبيان ميزة الدعوة السلفية بأنها دعوة تدعو إلى الوحدة والاجتماع لا إلى الافتراق والاختلاف .
A-
A=
A+
الطالب : الميزة الأخرى هي أن هذه الدعوة موحدة نشكو ويشكو المسلمون ودعاة الإسلام جميعًا يشكون من التفرقة بين المسلمين وبين دعاة الإسلام ونحن نشكو معهم ولا يسرّ أي مسلم مخلص أن يبقى الحال كما هو التفرق شر والله - عز وجل - ينهانا عنه لا شك في ذلك ولا ريب (( وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ )) ، (( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )) ، (( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا )) هذا كله معروف ومقبول وكل مسلم يؤمن به لكنهم مع ذلك متفرقون ما السبيل إلى الاجتماع ما السبيل إلى الوحدة ما السبيل إلى جمع الصف وجمع الكلمة ولم الشتات يخطئ من يرى غير هذه الدعوة المباركة موحدة للصَّفِّ جامعة للشمل لا طريق للوحدة إلا بهذه الدعوة حينما تدعو المسلمين جميعًا على اختلاف طرقهم ومذاهبهم وآرائهم وجماعتهم إلى اتباع كتاب الله - عز وجل - وسنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وفهم نصوصهما على ضوء فهم السلف الصالح وعلى ضوء لغة العرب وأسلوب العرب فماذا في ذلك من خطأ ماذا في ذلك من خطأ أي شيء من هذه الأصول يسمح لمسلم أن يخالف فيه ثم بعد ذلك إذا كانت هذه الأسس لا يتفقون عليها ترى ليت شعري على ماذا يتفقون حينما ندعوهم كل صاحب رأي وكل صاحب فكرة يجب أن يتخلى عن كل شيء ويتمسك بهذا الأصل الأصيل كتاب الله وسنة رسوله ثم الاهتداء بهدي السلف فهذا الأصل الأصيل أي رأي من آراء هذه الطوائف جميعًا إذا أيَّده وقوَّاه فيجب على الجميع أن يتبنَّاه ، لا تعصُّب لمذهب ، ولا تعصُّب لطريق ، ولا ترجيح فئة على أخرى ، ولا منهج على آخر ، وإنما هذا المنهج وحده هذا الذي هو الحل الحق الحل الصحيح والحل في الوقت نفسه الموحد هذا الجميع يمكن أن يتوحَّدَ عليه ، أما إذا قلت مسلمون - مثلًا - في الفقه على مذاهب أربعة أو خمسة ماذا يمكن أن يكون هناك اقتراح حل آخر غير هذا الحل إذا قلت لهم تعالوا نتبنى المذهب الحنفي هل تظن أو تتصور أن يتخلى أصحاب المذاهب الأخرى الثلاثة أو الأربعة عن مذاهبهم لاتباعا لذاك المذهب أبدًا في العقيدة كذلك الأشاعرة والماتريدية إذا تبنيت هذا المذهب أو ذاك سيغضب الطرف الآخر أما إذا تبنَّيت هذا المنهج كتاب الله وسنة رسوله والاهتداء بهدي السلف الصالح فهو الرأي الأقوم والحل الوسط الذي يرضي الجميع وفي الوقت نفسه هو الصواب ولا صواب غيره إذن هي دعوة موحدة بل هي الدعوة الموحدة وحدها ولا نقول بين المسلمين أهل السنة حتى المذاهب الأخرى من خوارج أو شيعة لا يمكن أن يتَّفق معهم إلا على هذا الأساس إذا كانوا مخلصين وجادين ومنصفين كما قال ربُّنا بالنسبة للأديان الأخرى ناداهم فقال لهم : (( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ )) ، فكانت هذه الدعوة الوسط هذه الدعوة الحق هذه الكلمة الحق السواء ماذا تريدون يا أهل الأديان ندعوكم إلى هذا الطريق أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله وكذلك نقول بالنسبة للطوائف الإسلامية وللمذاهب الإسلامية تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نتَّخذ مرجعًا لنا وحكمًا ومنهاجًا إلا كتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - ونهتدي بهدي السلف الصالح ونستنير ونستعين على فهم كتاب ربنا وسنة نبينا بفهم هؤلاء السلف الكرام الذين نعتز بهم ونتشرف بالانتساب إليهم ونعدهم خير الناس علمًا وعملًا وخلقًا وتضحية وإيمانًا وثباتًا هذا وهذه الكلمة السواء التي توحد الصف وتجمع الشمل ويمكن أن تكون هي وحدها سبيل الإنقاذ بل هي على التأكيد وحدها سبيل الإنقاذ من هذه الصفات أيضًا أن هذه الدعوة المباركة هي دعوة واقعية بالإضافة إلى أنها دعوة مثالية في الوقت نفسه دعوة واقعية كل مشكلة ولها حل واقعي وليس متخيل هو في إمكان البشر وفي حدود طاقتهم واستطاعتهم وفي الوقت نفسه تمثل القمة في المثالية المثالية التي يمكن أن تطبق في واقع البشر وليست المثالية الخيالية التي تقرأ في الكتب ويتخيَّلها المصلحون تخيُّلًا ولا يمكن أن تكون شيئًا مطبقًا على وجه هذه الأرض مثلًا تعاليم الإسلام كلها المعروفة (( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )) حينما جاء عمران بن الحصين يشكو إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بواسير كانت به ، وأنها تضايقه في الصلاة ؛ قال له - عليه السلام - : ( صلِّ قائمًا ، فإن لم تستطع فقاعدًا ) يطبِّقون هذا المنهج الغاية شريفة والواسطة شريفة لا يجوز الكذب لا يجوز التضليل لا يجوز الخداع الحاكم ناصح وراعٍ للرعية ويحكم بينهم بالحق والعدل ويكون صادقًا معهم وصريحًا في كل شيء فلا ندعو إلى شيء خيالي وإنما هو شيء واقعي يكفيكم واقعية مثلًا أن الله - عز وجل - جعل من مصارف الزكاة مصرف اسمه المؤلفة قلوبهم يدفع مال لمن لطوائف من الناس يمكن أن يكونوا مسلمين لكن يخشى من شرِّهم فنعطيهم مال لنتقي شرهم هذا غاية في الواقعية لا نقول والله هؤلاء الأشرار ليس لهم إلا السيف الله - عز وجل - بيّن لا إعطاؤهم بعض المال خير من إراقة دم امرئ مسلم واحد فيعطى مسلمون أشرار كما كان - عليه الصلاة والسلام - يعطي بعض أفراد القبائل الذين غلب عليهم الشر والنهب والسلب يعطيهم مال ليحمي أمن البلد وأمن الناس كما يعطى نصيب المؤلفة قلوبهم لمن للكفار لاستدراجهم إلى الإسلام ترغيبهم في هذا الدين في زماننا مثلًا لو قام حكم إسلامي يمكن أن يعطى من نصيب الزكاة التي هي عبادة من العبادات لأصحاب صحف في الغرب أو الشرق يعطون أموالًا لنجلبهم إلى الإسلام ليكتبوا عن الإسلام يفسحوا لنا مجالًا للإسلام للدعوة للإسلام فأي واقعية خير من هذه وأجدر سبيلا انظروا الواقعية وصلت إلى أي درجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا بعض القبائل دعا ثقيفًا إلى الإسلام كانوا صادِّين عنه فما قبلوا أن يسلموا إلا بعد أن اشترطوا أنهم لا يصلون في اليوم إلا صلاتين وأظن الشرط الآخر أن لا يجاهدوا أو أن لا يتصدَّقوا فقبل منهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الإسلام على هذا الشرط مع أنه شرط فاسد كما يذكر الشوكاني عنون بها عدد من الأحاديث بهذا العنوان صحة إسلام قوم مع الشرط الفاسد وذلك كله رغبة في إنجائهم من النار شفقة عليهم لتخليصهم من غضب الجبار ولإخراجهم من الظلمات إلى النور التدرج أن يخطو بالناس شيئًا فشيئًا ويجرُّهم إلى خيرهم ولو بالسلاسل كما في الحديث : ( يعجب ربُّك إلى أناس يُساق إلى الجنة بالسلاسل ) رجل جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال له - عليه الصلاة والسلام - : ( أسلِمْ ) . قال له : إني أجدني كارهًا . قال : ( أسلم وإن كنت كارهًا ) أسلم ولو على كره ، فسينشرح صدرك بإذن الله تعالى ، وبمخالطة المسلمين وبقيامك بالعبادات والاطلاع على الإسلام والمضي فيه فهذا منتهى الواقعية وفي الوقت نفسه ليس فيه مما يطعن بالخلق الكريم وبالسلوك المستقيم - أيضًا - لا أريد أن أفيض في ذلك ، وإنما هي نقاط وعناصر للتذكير بهذه الميزات التي تجعلنا نزداد إيمانًا وثقةً ويقينًا بأن هذه هي دعوة الإصلاح ، وأنها هي وحدها دعوة النجاة .
- فتاوى عبر الهاتف والسيارة - شريط : 208
- توقيت الفهرسة : 00:00:00