شروط الحكم على الحديث بالنسخ
A-
A=
A+
الشيخ : يتلو هذا القول بأنه حديث منسوخ وهذا ما ذكرته أنت آنفًا نقلا طيب ما الذي نسخه ؟ من قواعد علماء الحديث أنه إذا تعارض حديثان في الظاهر وجب التوفيق بينهما بوجه من وجوه التوفيق هذا قول إمام المحدثين في عصره إلى اليوم دون منازع أعني به أحمد بن حجر العسقلاني ذكر ذلك في " شرح النخبة " أنه إذا كان هناك مقبولان من قسم المقبول يعني به الصحيح والحسن وكانا مختلفين وجب التوفيق بينهما بوجه من وجوه التوفيق هكذا هو يشير إلى هذه الوجوه لأن كتابه ... كما هو معلوم رسالة لكن الحافظ العراقي الذي هو شيخ ابن حجر العسقلاني أبلغ الوجوه إلى أكثر من مئة وجه في كتابه " في التعليق على مقدمة ابن الصلاح " فإذا لم يمكن التوفيق بين الحديثين المختلفين بوجه من هذه الوجوه المئة وزيادة قال ابن حجر : " حينئذٍ صير إلى طلب الناسخ من المنسوخ " وهنا وقفة ليقال هذا ناسخ وهذا منسوخ لا بد من معرفة التاريخ المتقدم من المتأخر ، لا شيء من هذا في موضوعنا هذا أبدا مع أن هناك وجهة نظر أخرى لو كان هناك قول يخالف قولا ولا يمكن التوفيق بينهما أو هناك فعل يخالف فعلًا لا يمكن التوفيق بينهما صير إلى طلب الناسخ والمنسوخ فإذا لم يمكن لأنه لم يعرف المتقدم من المتأخر لا يجوز علميا أن يقال هذا ناسخ وهذا منسوخ إذًا هذه المرحلة الثانية المرحلة الثالثة قال : صير إلى الترجيح إذن الأول توفيق الثاني : طلب الناسخ من المنسوخ الثالث : هو ترجيح أحد المختلفين عن الآخر مثلًا أحد النصين صحيح والآخر حسن ترك الحسن وأخذ الصحيح أحدهما صحيح لكن الآخر صحيح ومشهور ترك الصحيح وأُخذ المشهور أحدهما مشهور ولكن الآخر متواتر ترك ذاك وأخذ بالمتواتر وهكذا قال : فإن لم يمكن وكل العلم إلى عالمه قلنا الله أعلم إذن هناك صعوبة شديدة جدًّا عند العلماء أن يقال في حديث مختلف مع حديث آخر إنه منسوخ لأنه لا بد من طلب التاريخ الذي يحدد المتقدم من المتأخر وهذا كما قلت إذا كان قول يخالف قولًا أو فعل يخالف فعلًا، مثلًا في عندنا في السنة الصحيحة أن الرسول - عليه السلام - كانت إذا مرت به جنازة قام لها هناك أحاديث أنه لم يقم فقيل لعلي حينما رئي أنه لم يقم قال : ( فعل رسول الله وقام ، ثم ترك بعد ) ثم ترك هذا نص لأنه متأخر الترك عن المتقدم هناك مثلًا حديث قولي قال الرسول - عليه السلام - : ( الماء من الماء ) وأظن تدركون معي معنى الماء من الماء أكذلك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : ولا ليس كذلك ؟
السائل : ... .
الشيخ : آه هذا يشرحه حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طرق باب أحد الصحابة الآن نسيت اسمه وربما يكون هو أبو رافع تأخر بالرد عليه ثم خرج مسرعا والظاهر أنه - عليه السلام - شعر منه بأنه كان على زوجته وأنه ليتجاوب مع الطارق قام عنها فقال له - عليه السلام - : ( إذا أقحطت فلا غسل عليك ، إنما الماء من الماء ) يعني إذا لم تنزل الماء ولو أنك جامعت فلا عليك غسل هذا حديث خلاف ما عليه العلماء قاطبة الآن لكن هناك حديث عن السيدة عائشة أوَّلًا قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا مَسَّ الختان الختان فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل ) ، ثم هناك حديث يشبه حديث علي المذكور آنفًا من حديث أبي بن كعب قال : " كانت الفتوى بأن الماء من الماء في أول الإسلام " مثل هذه النصوص يمكن أن يقال هذا ناسخ ذاك منسوخ أما مجرد التعارض بين قول وبين فعل فيقال الفعل نسخ القول هذا لا مثيل له في الإسلام ولذلك كنت قرأت منذ ثلاثين سنة بحثا رائعا جدًّا حول هذه الدقيقة في مسألة أخرى لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في موضوع حديث الذي ذكرناه من قبل ( إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به ، فإذا صلَّى قائمًا فصلوا قيامًا ، وإذا صلَّى جالسًا ) نحن نذكر الحديث باختصار الآن ( وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعين ) لقد أصاب هذا الحديث رشاش ما أصاب حديث يوم السبت فقيل بأنه منسوخ ما هو ناسخه ؟ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في مرض موته بالصحابة جالسا وهم من خلفه قيام هنا شاهد كلام ابن تيمية يقول : " فعله - صلى الله عليه وسلم - لا ينهض على نسخ قوله : ( وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعين ) " قال : ذلك لأن القول كل دلالته إنما هي أنه يجوز هذا الفعل لكن الحديث يأمر بأن يصلي الناس من خلف الإمام الجالس جلوسًا فإذا كان ولا بد من تسليط الحديث الفعلي في هذه المسألة على الحديث القولي وكان معلوما بأن الحديث الفعلي تأخر عن الحديث القولي قلنا فعله دل على الجواز لكن الأمر يفيد الاستحباب أي : إن الفعل رفع دلالة الأمر الوجوب لكن لا ينسخه لأن الفعل ما في عنده القوة في نسخ الأمر حتى بمعنى الاستحباب لا هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية لذلك هو يقول : وأحسن ما قرأت أو رأيت ومعنى كلامه من الجمع بين صلاة الرسول جالسا وبين حديثه في النهي عن صلاة المؤتمين خلف الجالس قياما هو كما قال الإمام أحمد - رحمه الله - قال : " حديث النهي يحمل على الإمام الذي ابتدأ الصلاة جالسًا وحديث صلاة الرسول - عليه السلام - قاعدًا يحمل على الإمام الذي ابتدأ الصلاة قائمًا ثم اضطر إلى الجلوس فيستمر المصلون خلفه قياما " هذا سبيل من سبل التوفيق التي أشار إليها الحافظ العراقي فيما ذكرت آنفًا أن وجوه التوفيق أكثر من مئة وجه إذن هذا وجه للتوفيق ففعله - عليه السلام - لا ينهض لنسخ قوله وإنما لتقييد الأمر بأنه للاستحباب وليس للوجوب .
السائل : نعم .
الشيخ : ولا ليس كذلك ؟
السائل : ... .
الشيخ : آه هذا يشرحه حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طرق باب أحد الصحابة الآن نسيت اسمه وربما يكون هو أبو رافع تأخر بالرد عليه ثم خرج مسرعا والظاهر أنه - عليه السلام - شعر منه بأنه كان على زوجته وأنه ليتجاوب مع الطارق قام عنها فقال له - عليه السلام - : ( إذا أقحطت فلا غسل عليك ، إنما الماء من الماء ) يعني إذا لم تنزل الماء ولو أنك جامعت فلا عليك غسل هذا حديث خلاف ما عليه العلماء قاطبة الآن لكن هناك حديث عن السيدة عائشة أوَّلًا قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا مَسَّ الختان الختان فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل ) ، ثم هناك حديث يشبه حديث علي المذكور آنفًا من حديث أبي بن كعب قال : " كانت الفتوى بأن الماء من الماء في أول الإسلام " مثل هذه النصوص يمكن أن يقال هذا ناسخ ذاك منسوخ أما مجرد التعارض بين قول وبين فعل فيقال الفعل نسخ القول هذا لا مثيل له في الإسلام ولذلك كنت قرأت منذ ثلاثين سنة بحثا رائعا جدًّا حول هذه الدقيقة في مسألة أخرى لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في موضوع حديث الذي ذكرناه من قبل ( إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به ، فإذا صلَّى قائمًا فصلوا قيامًا ، وإذا صلَّى جالسًا ) نحن نذكر الحديث باختصار الآن ( وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعين ) لقد أصاب هذا الحديث رشاش ما أصاب حديث يوم السبت فقيل بأنه منسوخ ما هو ناسخه ؟ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في مرض موته بالصحابة جالسا وهم من خلفه قيام هنا شاهد كلام ابن تيمية يقول : " فعله - صلى الله عليه وسلم - لا ينهض على نسخ قوله : ( وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعين ) " قال : ذلك لأن القول كل دلالته إنما هي أنه يجوز هذا الفعل لكن الحديث يأمر بأن يصلي الناس من خلف الإمام الجالس جلوسًا فإذا كان ولا بد من تسليط الحديث الفعلي في هذه المسألة على الحديث القولي وكان معلوما بأن الحديث الفعلي تأخر عن الحديث القولي قلنا فعله دل على الجواز لكن الأمر يفيد الاستحباب أي : إن الفعل رفع دلالة الأمر الوجوب لكن لا ينسخه لأن الفعل ما في عنده القوة في نسخ الأمر حتى بمعنى الاستحباب لا هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية لذلك هو يقول : وأحسن ما قرأت أو رأيت ومعنى كلامه من الجمع بين صلاة الرسول جالسا وبين حديثه في النهي عن صلاة المؤتمين خلف الجالس قياما هو كما قال الإمام أحمد - رحمه الله - قال : " حديث النهي يحمل على الإمام الذي ابتدأ الصلاة جالسًا وحديث صلاة الرسول - عليه السلام - قاعدًا يحمل على الإمام الذي ابتدأ الصلاة قائمًا ثم اضطر إلى الجلوس فيستمر المصلون خلفه قياما " هذا سبيل من سبل التوفيق التي أشار إليها الحافظ العراقي فيما ذكرت آنفًا أن وجوه التوفيق أكثر من مئة وجه إذن هذا وجه للتوفيق ففعله - عليه السلام - لا ينهض لنسخ قوله وإنما لتقييد الأمر بأنه للاستحباب وليس للوجوب .
- فتاوى عبر الهاتف والسيارة - شريط : 171
- توقيت الفهرسة : 00:00:00