هل هناك ضابط في تقديم القواعد على بعضها عند الترجيح بين الأدلة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل هناك ضابط في تقديم القواعد على بعضها عند الترجيح بين الأدلة ؟
A-
A=
A+
السائل : شيخ : نعلم إذا جاءت هناك أحاديث متعارضة هناك بعض القواعد يستخدمها العلماء للترجيح ، فهل هناك ضابط في تقديم قاعدة على قاعدة مفهومة عند العلماء ؟

الشيخ : لا أستطيع الجواب عن هذا السؤال لأنه مائع ، مش ثابت مش جامد ، لإن القواعد كثيرة ،كيف أستطيع أن أقدم قاعدة على قاعدة ، الحافظ العراقي يذكر أن الوجوه التي يمكن التوفيق بها بين نصين متعارضين أكثر من مئة وجه ، فلو إنه أمكنك أن تحدد دائرة السؤال فربما استطعت الجواب . .

الطالب : ربما بالمثال يتضح يا شيخ ؟

الشيخ : تفضل .

الطالب : قول البخاري مثلًا في حديث : " الفخذ " حديث أنس .

الشيخ : حديث ؟

الطالب : الفخذ !

الشيخ : الفخذ ! ؟

الطالب : نعم .

الشيخ : آ .

الطالب : قال : " حديث أنس أسند ، وحديث جرهد أحوط " ، فكأن البخاري هنا قدّم قاعدة الأسانيد ، تقديم إسناد على إسناد ، وهناك بعض العلماء يقدمون قاعدة : " قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - مقدم على فعله " ، وهكذا ، فهذا الذي أقصده !

الشيخ : آه ، إذا كنت تقصد هذا فالجواب عنه سهل إن شاء الله ، البخاري حينما قال : " حديث جرهد أحوط " : يشير إلى الغمز من ثبوته ، لكنه لا يمنع من الأخذ به لأنه أحوط ، لكن لو كان الحديث عنده صحيحا ، بل لو كان حسنا فقط في اعتقادي لا يقول هذه القولة التي ذكرها في صحيحه ، لإنه في هذه الحالة تأتي القاعدة المعروفة وهي : " أنه إذا تعارض قوله وفعله - عليه الصلاة والسلام - ، ولم يمكن التوفيق بين القول والفعل بأي وجه من وجوه التوفيق التي سبقت الإشارة آنفًا إليها ، حينئذٍ صير إلى تقديم القول على الفعل " ، وهنا في ملاحظة في فعله - عليه السلام - تيسر للباحث ولطالب العلم أن يرجح القول بعد ثبوته ، وهو بلا شك ثابت ، وبخاصة بعد أن يتتبع الباحث طرق هذا الحديث ، يسهل عليه حين ذاك أن يقدم القول على الفعل ، لإن الواقع أن الذي يدرس هذه القصة التي رواها البخاري في صحيحه ، يتبين له أنه لا يصح أن ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فعلًا ، لإنه متى ينسب الفعل ؟ إذا كان اختياريا ، وهنا لفتة نظر لبيان ضلال الطائفة الجبرية ، الذين يقولون بأن الإنسان مجبور ، وهو غير مختار ، سبحان الله فهم يخلطون أشد الخلط بين إنسان يحرّك يده اختيارا ، وقد خلقه الله - عز وجل - بشرا سليما ، فهو يحرك يده حسب حاجته ، فمن الضلال والحماقة التي لا نهاية لها التسوية بين هذا الإنسان السوي ، يحرك يده حسب الحاجة ، وبين إنسان مفلوج فيده تتحرك رغم أنفه ، هل يستويان مثلًا ؟! الجواب : كلا ، طيب ، الآن في رواية قصة خيبر التي قال الإمام البخاري عنها إنها أسند فيها روايتان : " حَسَرَ رسول الله الإزار عن فخذه " ، في رواية : ( انحسر الإزار عن فخذه ) ، الرواية الأخرى لا فعل للرسول هنا ، بالرواية الأولى : حسر ظاهر أنه فعل ذلك عن قصد وعن إرادة ، لكن من ينظر القصة ويدرسها : سياقها وسباقها لا يتوقف إطلاقا أن يجزم بأن الرواية الراجحة هي : انحسر ، ذلك لإنه كان يطارد اليهود حينما غزا خيبر وهو لابس الثوب ، فانحسر الإزار وهو راكب ، هذا من جهة من جهة أخرى ، ماذا يعني بالنسبة لهذا الفارس الذي لا مثل له أن يتعمد في هذا الوضع الذي هو وضع الجهاد والقتال ومحاربة الكفار أن يتعمد حسر الإزار عن فخذه ؟! هذا ما يخطر على بال ، فإذا عرفنا هذا التفصيل حين ذاك لا يبقى هناك تعارض بين حديث خيبر وبين حديث : ( الفخذ عورة ) ، أظن أنني قدمت الجواب إن شاء الله .

مواضيع متعلقة