نرجو توضيح الشيخ لخطورة الذنوب الصغيرة التي تكون سببا وتمهيدا للوقوع في المصائب الكبيرة كالشرك بالله وما دونه ومن ذلك توضيح ما وقع لقوم نوح من عبادة صالحيهم وكذا ما وقع لليهود والنصارى؟! - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
نرجو توضيح الشيخ لخطورة الذنوب الصغيرة التي تكون سببا وتمهيدا للوقوع في المصائب الكبيرة كالشرك بالله وما دونه ومن ذلك توضيح ما وقع لقوم نوح من عبادة صالحيهم وكذا ما وقع لليهود والنصارى؟!
A-
A=
A+
الشيخ : المصائب الكبيرة ما تأتي الأمة إلا بمقدماتها الصغيرة ، وهذا أمر ملموس لمس اليد في الحقيقة ، تتصورا قرية أو بلدة ليس فيها سينما ، وهذا قديمًا ، أما الآن بنقول : ليس فيها تلفاز صعب جدًّا أن تجد فيها تبرج النساء ، لكن لا يكاد السينما يدخل قرية أو التلفاز إلا يبدأ الفساد وينتشر ، فالشرك الأكبر لا يقع في الأمة إلا بمقدمات الشرك الأصغر ، وكما جاء في التفسير المأثور في قوله - تبارك وتعالى - في سورة نوح - عليه السلام - قال تعالى عن قومه : (( وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا )) ، يقول ابن عباس كما في " صحيح البخاري " : " كان هؤلاء الخمسة عبادا لله صالحين ، صالحين فلما ماتوا جاء الشيطان فأوحى إليهم " ، ما يوحي اليوم إلى الذين ينشرون الأصنام في الباحات والساحات في البلاد الإسلامية ، هؤلاء رجال صالحين ماتوا بكرى بتنسوهم ، ولذلك ما بصير تدفنوهم مع عموم مقابر المسلمين ، لأ ، لازم تكرموهم ، وتجعلوا قبورهم في أفنية دوركم ، حتى ما تنسوا ذكرهم ، كلما خرجتم من دوركم رأيتموهم تذكرتم أعمالهم وصلاحهم واقتديتم بهم ، من هنا دخل الشيطان عليهم فجعلوا القبور تتميز عن قبور المسلمين في الباحات وفي الساحات ، وتركهم جيلا من الزمان ، ثم جاء إلى الجيل الثاني قال : بقاء قبور هؤلاء ! ما يليق بمقامهم ، قد تأت سيول جرَّافة وتأخذهم وتضيع آثارهم وتنسونهم وتنسون ذكرهم وأعمالهم ، لذلك قال الشيطان : أرى أن تتخذوا لهم أصنام ، هذه تبقى مع الأيام مع حوادث الأيام القادمة ، فنحتوا لهم أصناما خمسة ، وضعوهم في أمكنة عادية ، وتركهم هكذا جيلا ! جاء إلى الجيل الثالث قال هؤلاء آباءكم أجدادكم كانوا يحترمونهم ويعظمونهم لأنهم كانوا عباد لله صالحين الى آخره ، فلا يجوز أن تقبى أصنامهم في هذا المكان ، يجب أن تتخذ لها بيوت خاصة تضعونها في صدر المكان ، وهكذا وضعوها ثم أوحى إليهم أن يقدسوها وأن يعظموها ، ومع الأيام نُسيت الغاية الأولى التي أوحى بها ، ودخل منها ، وعبدوها من دون الله - عز وجل - ، وأرسل الله نوحا - عليه السلام - وجرى ما جرى مما هو مفصل في نفس السورة ؛ إذًا الشرك الأكبر ما دخل أمة من الأمم ، إلا من طريق الشرك الأصغر ، ومن ذلك الغلو في الأنبياء والأولياء والصالحين غلوا من ذلك ، " نهى الرسول - عليه السلام - كما تعلمون من بناء المساجد على القبور " ؛ ذلك لأنه كان سببًا في عبادة المقبورين فيها ، لقد توسل وتوصل الشيطان إلى أن يورد قوم نوح - عليه السلام - موارد الشرك والهلاك بوضع الأصنام في بيت في مكان خاص ، لكنه كان أخبث مع اليهود والنصارى حينما أوحى إليهم : أن يدفنوا أنبيائهم وصالحيهم في البيوت التي يعبد بها الله وحده لا شريك له ، ولهذا جاء في الصحيح : " أن أم سلمة وأم حبيبة - رضي الله تعالى عنهما - لما رجعتا من الحبشة ، ذكرتا كنيسة رأتاها في الحبشة وذكرتا من حسن التصاوير فيها " ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( أولئك كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا وصوَّروا فيه تلك التصاوير ، أولئك شرار الخلق عند الله - تبارك وتعالى - ) ، ( أولئك شرار الخلق عند الله - تبارك وتعالى - ) أي : النصارى الذين جعلوا قبور الأنبياء والصالحين في المساجد ، هم شرار الخلق ، لكن جاء حديث آخر يبين أنهم ليسوا هم وحدهم شرار الخلق في هذه الوسيلة الشركية بل قد قال - عليه الصلاة والسلام - : ( إنَّ مِن شرار الخلق مَن تقوم عليهم الساعة وهم يتَّخذونَ قبور أنبيائهم مساجد ) .

السائل : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام .

مواضيع متعلقة