هل هناك حرج من إضافة لفظ سيدة لاسم فاطمة رضي الله عنها وهل في هذا منافاة لقوله عليه السلام : ( السيد الله ) ونحوه من الأحاديث ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل هناك حرج من إضافة لفظ سيدة لاسم فاطمة رضي الله عنها وهل في هذا منافاة لقوله عليه السلام : ( السيد الله ) ونحوه من الأحاديث ؟
A-
A=
A+
السائل : شيخنا ، أنا لاحظت أنك قلت : السيدة فاطمة !

الشيخ : نعم .

السائل : هناك إخوة يتحرجون من قول السيدة عائشة أو السيدة فاطمة ، قال : لزعمهم أن كلمة السيدة هناك ليست السيادة إلا لله ، فقولهم السيدة هنا يدخل من باب التحريك شيخنا ؟!

الشيخ : هذا يقال لهم : " عرفت شيئًا وغابت عنك أشياءُ " !

السائل : الله أكبر .

الشيخ : ألم يقل الرسول !

السائل : - عليه الصلاة والسلام - .

الشيخ : ( أنا سيِّد ولد آدم يوم القيامة ) ؟ آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة !!

السائل : سبحان الله !

الشيخ : ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( قوموا إلى سيِّدكم فأنزلوه ) ؟ صح أنه قال حينما جاء رجل قال له : " أنت سيدنا وابن سيدنا وخيرنا وابن خيرنا " ، قال : ( قولوا قولكم هذا أو بعض قولكم ، ولا يستجريَنَّكم الشيطان ) ، ( ولا يستجريَنَّكم الشيطان ) ، وفي الحديث الآخر لما قيل له : أنت سيدنا قال : ( السيد الله ) ، ردت الجماعة على هذا الحديث ولذلك أنا بقول ما بجوز ناخذ المسألة من حديث واحد ، لا بد أن تجمع النصوص المتعلقة بالمسألة الواحدة ، ومن مجموعة هذه النصوص نستخلص الحكم الشرعي على الوجه الصحيح ، فقوله - عليه السلام - : ( السيد الله ) يبدو من الحديث الأول الذي ذكرته حينما قال : ( قولوا قولكم أو قال : قولوا ببعض قولكم ولا يستجريَنَّكم الشيطان ) : إنه خشي من ذلك القائل : أنت سيدنا أن يستجره الشيطان وأن يقول في الرسول - عليه السلام - مثل ما يقوله بعض الصوفية مثلًا ، حتى اليوم يضعون شربة الماء على هذه الطاولة ويجتمعون ، ويتراقصون ، ويتناشدون ويقولون :

" فإنَّ مِن جودك الدُّنيا وضَرَّتَها *** ومِن عُلومِك علمُ اللَّوحِ والقلمِ "

خشي الرسول على أمته مثل هذا الانحراف من الخطبة الأولى ، أنت سيدنا ، ولذلك قال - عليه السلام - : ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ، إنما أنا عبد ، إنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله ) ، هذا الحديث يفسره العلماء على تفسيرين : أحدهما : ( لا تطروني ) يعني : لا تبالغوا في مدحي ، وأنا أرى هذا تأويلًا غير مسلم به ، والقول الآخر هو الصحيح ( لا تطروني ) : لا تمدحوني ، لا لأنه لا يستحق المدح ! بلى ، لقد مدح نفسه حين قال : ( أنا سيد ولد آدم ) وإذا قلنا نحن هو سيدنا قلنا قول الحق ولا شك ولا ريب ، لكن هو من باب سد الذريعة قال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ) أي لا تمدحوني مطلقا ، مش لا تمدحوني مغالين في المدح ، كما قال أيضًا الرسول نفسه :

" دَعْ ما ادَّعَتْه النَّصارَى في نَبيِّهُمُ *** وَاحكُمْ بما شئْتَ فيهِ واحتَكِمِ "

دَعْ ما ادَّعته النصارى : شو النصارى بقولوا : ابن الله ، لا تقول محمد ابن الله ، وقول ما شئت قول بيعلم الغيب !

السائل : هههه .

الشيخ : ما قلت ابن الله !! الله أكبر !! ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر ذات يوم بجارية من جواري الأنصاري في عرس وهي تغني وتضرب على دف لها وتقول : وفينا نبي يعلم ما في غد ، قال لا يعلم ما في الغد إلا الله ، دعي هذا وقولي ما كنت تقولين ) .نعم فإذن هذا البوصيري يقول :

" دَعْ ما ادَّعَتْه النَّصارَى في نَبيِّهُمُ *** وَاحكُمْ بما شئْتَ فيهِ واحتَكِمِ "

لا ، ليس هذا معنى الحديث ، هذا الحديث لا تمدحوني مطلقا ، والدليل على هذا هو أن الإمام الترمذي - رحمه الله - وجزاه عن الإسلام خيرًا قال في كتابه القيم " الشمائل المحمدية " ، " باب تواضع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - " : تواضع وذكر هذا الحديث بإسناده الصحيح : ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ) ، لو كان معنى الحديث كما يقولون لا تبالغوا في مدحي هذا من ليس من باب التواضع هذا من باب الواجب ، لأنه ينهاهم عن أن يقولوا : ابن الله ، ينهاهم أن يقولوا : إنه يعلم الغيب كما يعلم الله هذا فرض ، لكن تواضعه أنه أغلق باب المدح على أمته خشية أن تزل به ألسنتهم فيقعون في مثل ما وقع فيه النصارى ، أنا أضيف إلى هذا الكلام شيئًا آخر ، وهي : أن سنة الله - تبارك وتعالى - في خلقه لا تتغير ولا تتبدل ، الضلال لا يمشي بين الناس إلا كما قال ذلك الشاعر :

" أرى خللًا ينادي وميض نار *** ويوشك أن يكون لها ضرام

فإنَّ النار من عودين تذكى *** وإنَّ الحرب أوَّلها الكلام "

" وما معظم النار إلا من مستصغر الشَّرر " .

مواضيع متعلقة