بيان ماذا يفعل الخطيب فيما لو كان مضطراً إلى تطويل الخطبة - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان ماذا يفعل الخطيب فيما لو كان مضطراً إلى تطويل الخطبة
A-
A=
A+
الشيخ : ولكن الإسلام واسع جدًّا لمعالجة بعض الظروف الخاصة أو الطارئة دون أن نعرض أنفسنا لتغيير منهج أو هدي الرسول - عليه السلام - في عبادةٍ من العبادات ، نحن نعرف أن الناس اليوم لا يرغبون في مجالس العلم إلا القليل منهم ، لكن هذا لا يسوغ أن نتخذ منهجًا في الخطبة خلاف منهج الرسول فنطيلها ، وإنما نقول على الخطيب أن يخفف الخطبة وأن يطيل الصلاة فإذا عرض للخطيب أمر مش يوم عام تكون الخطبة ربع ساعة أو نصف ساعة ، لكن نقول إذا عرض الخطيب أمر ما اضطره إلى أن يفصل القول في بعض ما عرض له تفصيلًا فذلك ليس بالذي يستدعي له أن يطيل الخطبة وإنما الخطبة ليست للتعليم فهنا يكمن الخطأ الجذري في الموضوع ، خطبة الجمعة إنما هي للموعظة والتذكير كما قال ربُّ العالمين : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ )) فاسعوا إلى ذكر الله ، فالخطبة ليست مجال للتعليم وبخاصة إذا كان التعليم يتطلب ذلك الوقت الطويل ، مع ذلك فأنا أقول إذا كان الموضوع الذي طرقه الخطيب يتطلب منه الإطالة فليذكر ويوجز وليعلق الإطالة بعد الصلاة ، وليقل لهذا البحث مثلًا تتمة سألقيه بعد الفراغ من صلاة الجمعة وسنتها أيضًا ، هناك يصبح الناس أحرارًا من شاء جلس ومن شاء ذهب ، وما الذي ينصرف بالذي يسوغ لذاك الخطيب أو لغيره أن ينقم عليه وإنما عليه أن يذكر ، ذلك لأن الله - عز وجل - يقول في تمام الآية السابقة : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ " فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ )) ، فإذا انتشر الناس بعد سلام الإمام مباشرة ولا يريدون أن يأتوا بالسنة ولو أن الإتيان بالسنة في المسجد أو في المنزل أو في الدكان أفضل منها في المسجد نفترض أنه يريد أن يقتصر فقط على فريضة الجمعة وعلى مذهب ذلك الأعرابي أو النجدي حينما سأل الرسول - عليه السلام - عما فرض الله عليه والحديث معروف والمهم الآن : ( قال له : خمس صلوات في كلِّ يوم وليلة ) . قال : هل عليَّ غيرهنَّ ؟ قال : ( لا إلا أن تطَّوَّع ) . قال : والله - يا رسول الله - لا أزيد عليهنَّ ولا أنقص . قال : ( أفلح الرجل إن صدق ، دخل الجنة إن صدق ) ؛ لذلك فما ينبغي أن ينقم الخطيب أو غيره على هذا الذي لا يحضر درسه بعد صلاة الجمعة ، لكن إن عليه إلا البلاغ ، فهو إذا أتم الموضوع الذي أشار إليه في أثناء خطبته بعد صلاته قام ... بالبيان وهو كما قال - تعالى - : (( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ )) أما أن يتخذ حجة أن الناس ما يرغبون في سماع العلم فنفرض عليهم فرضًا ونحصرهم في خطبة الجمعة حصرًا هذا لا يفيد الناس ، ولذلك نجد كثير من الجالسين في الخطبة إما أنهم ناموا واستغرقوا في نومهم حتى انتقض وضوءهم بإجماعهم أو على الأقل سيطر عليه النعاس وهو لا يدري هل انطلق الوكاء منه أم لا ، فإذن هذا الدرس أو هذه الخطبة التي تفرض على الناس فرضًا ما تفيد هؤلاء الناس .

خلاصة القول : حينما يستقيم الخطيب على المحافظة على الصلاة التي كان الرسول - عليه السلام - يصليها بتلاوتها بتسبيحها باطمئنانها في ركوعها وسجودها وما بينهما من الأذكار بعد ذلك بنشوف كم بقي دقيقة تحملت صلاته نفترض ربع ساعة ، بنقول له ربع ساعة لا بأس أن تطيل الخطبة أما أن تفوق الخطبة طولًا الصلاة فهذا بلا شك خلاف هدي الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، هذا ما يمكن أن يقال بالنسبة للتحديد الذي سألت عنه ، الخلاصة لا يمكن التحديد بدقة متناهية ، لكن هذا التحديد مرتبط بالصلاة فإن أطال الصلاة في حدود السنة فليطل الخطبة قريبًا من تلك الإطالة وإن صلاها خمس دقائق لازم يجعل الخطبة خمس دقائق ودون ذلك ، وهيهات هيهات أن يفعلوا ، هذا ما عندي .

مواضيع متعلقة