ما حكم تكفير الفرق المنحرفة عن العقيدة الصحيحة مثل الأشاعرة والماتريدية ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم تكفير الفرق المنحرفة عن العقيدة الصحيحة مثل الأشاعرة والماتريدية ؟
A-
A=
A+
الشيخ : في هذه المسألة هي من المسائل التي يخالف فيها بعض الناس سواء كانوا قديمًا أو حديثًا نصوص الكتاب والسنة وعلى ... سلف الصالح ، نعتقد في هذه المسألة وفي غيرها أنه لا يجوز المبادرة إلى التكفير وهو بمعنى إخراج صاحبه من الملة وإلزامه بما يترتب من الأحكام التي هي لوازم الحكم عليه بالردة فأعتقد أن إصدار هذا الحكم لا يجوز إلا بعد إقامة الحجة ، ذلك لما نعلم جميعًا إن شاء الله أن هناك كثيرًا من الفرق التي خالفت هدي السلف في هذه المسألة بل وفي غيرها ومع ذلك فقد جرى عمل المسلمين حتى أهل السنة وأهل السلف الصالح على عدم معاملتهم معاملة المرتدين عن دينهم وإنما كانوا يكتفون أولًا أو في ابتداء الأمر بإطلاق كلمة الضلال على أمثال هؤلاء أما المبادرة إلى تكفيرهم فهذا لا يكون إلا كما ذكرت آنفًا بعد إقامة الحجة ومن أهل الحجة ، من أهل العلم لأننا نرى في هذا الزمان أن كثيرًا من إخواننا من طلاب العلم يتوهَّمون أنهم قد صاروا من أهل الحجة والبيان لمجرد أنهم أتقنوا بعض المسائل فيقولون نحن قد أقمنا الحجة على فلان وأقمنا الحجة على فلان ، ثم يرتبون وراء ذلك إطلاق كلمة الكفر عليهم ، نحن نعلم من سيرة أئمتنا أهل الحديث والسنة حقًّا أن في كثير من رواة الحديث من كان منحرفًا في قليل أو كثير من العقائد السلفية ومع ذلك فكانوا يروون عنهم ، وما يروون عنهم إلا لأنهم لا يزالون في حكم هؤلاء الأئمة لا يزالون في دائرة الإسلام وإن كانوا كما قلت آنفًا يحكمون عليهم بالضلال ولعل كثيرين من الحاضرين الآن يعلمون ما يؤسفنا جميعًا أن أكثر المذاهب انتشارًا حتى اليوم بما يتعلق بالعقيدة وبما يسمونه بعلم الكلام هم الماتريدية والأشاعرة ، ومن ذلك - أيضًا - أننا نعلم أن بعض الأئمة الأولين والتابعين لهم من هؤلاء الفرق أو هاتين الفرقتين الأشاعرة والماتريدية ، بعض أئمتهم كانوا يتبنون مثل هذه العقائد ومع ذلك ما أُخرجوا من دائرة الملة ، نعلم مثلًا أن أبا الحسن الأشعري - رحمه الله - كان برهة طويلة وسنين عديدة يتبنى مذهب المعتزلة ومع ذلك بالنص هذا الشخص فضلًا عن المعتزلة بصورة عامة ما حكم أئمتنا عليهم بالكفر والردة وإنما كانوا يكتفون بالحكم على ضلالهم وانحرافهم عن العقيدة الصحيحة ثم هدى الله - عز وجل - من شاء من أولئك المعتزلة إلى طريق السنة الصحيحة وكان على رأس قائمة هؤلاء أبو الحسن الأشعري وكتابه المعروف هو أوضح مثال على أنه استقام بعد ذلك الإنحراف الطويل ، لكن مع الأسف الشديد استمر أتباعهم على مذهب أبي الحسن الأشعري في كثير من مسائله القديمة ومنهم مثلًا إمام الحرمين وأمثاله الذين اعترفوا بأنهم كانوا يتبنون القول وإن كانوا لا يصرحون ولا يفصحون بأن كلام الله - عز وجل - مخلوق لأنهم كانوا يتأولون الكلام الإلهي بالكلام النفسي ومع ذلك هؤلاء ولى المسلمون جميعًا يعتبرونهم من علماء المسلمين وليس من المسلمين فقط .ثم أيضًا هدى الله - عز وجل - من شاء منهم وصرحوا بأنهم كانوا منحرفين عن الجادة وعن السنة الصحيحة وذكر هذا الإمام وغيره بأن السبب في ذلك هو حسن الظن بالأئمة الذين كانوا يتبعونهم ومن هنا نحن نقول بأنه لا ينبغي المبادرة إلى تضليل فضلًا عن تكفير الذين ابتلوا بالتقليد سواء كان هذا التقليد في العقائد أو في الأحكام وكما ذكرنا من قريب ومن بعيد أن كثيرًا من بلاد الأعاجم لم تسمع إلى اليوم دعوة السنة وإنما هم يعيشون على ما وجدوا عليه آباءهم وأجدادهم إنما تقام عليهم الحجة حينما يتاح لبعض العلماء أن يبلغوهم الدعوة الصحيحة وأن يكونوا بموضع القوة في العلم وإقامة الحجة وإفهامهم أيضًا بلغتهم التي يفهمونها ومع الأسف هذا قليل جدًّا في كل زمان وفي كل مكان ، لذلك أقول باختصار ما بينت آنفًا أنه لا يصح المبادرة والإسراع إلى تكفير كل عالم بلغنا انحرافه عن بعض الأفكار أو العقائد السلفية .

مواضيع متعلقة