تنبيه الشيخ على بطلان حديث ( جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وإقامة حدودكم ) وبيان السنة في الإتيان بالصبيان إلى المساجد .
A-
A=
A+
الشيخ : لقد اشتهر على ألسنة الناس أن هناك حديثًا تتداوله الناس ولا أصل له عن سيد الناس وهو قولهم : ( جنِّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وإقامة حدودكم ) هذا الحديث ضعيف باتفاق علماء الحديث ولقد كان من آثار هذا الحديث الآثار السيئة في الأمة أن الأمة اليوم تعيش في مساجدها لا يحضرها الصبيان خلافًا لما كان عليه الأمر في عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام - فقد جاء في " صحيح البخاري " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ( كان يقول : إني لَأدخل في الصلاة أريد إطالتها ، فأسمع بكاء صبي فأوجز فيها لأفرغ له قلب أمِّه ) ؛ أي : كان - عليه السلام - يدخل الصلاة يريد الإطالة فيها حسب الصلاة إن كانت صلاة الصبح أو كانت صلاة العشاء فهو يريد الإطالة فيها حسب السنة المعروفة عنده - عليه السلام - ولكنه يفاجأ بأن يسمع صوت بكاء طفل يعلم من صوته بأنه طفل صغير هو يحن إلى لقاء أمه وهي مشغولة عنه بصلاتها يفكر الرسول - عليه السلام - في هذا البكاء ويربط بين الباكي وبين أمه فيخفف الصلاة يخفف القراءة ليفرغ الأم لذاك الصبي إذن هذا الحديث يدل على أنه كان من هديه - عليه السلام - أن يقر في الناس نساء ورجالا على أن يأتوا بالأطفال إلى المسجد وإلا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل وحاشاه أن يفعل كما يفعل كثير من أئمة المساجد اليوم يطردون الصبيان طردا وينقمون على آبائهم الذين يحضرونهم المساجد لو كان مذهب الرسول كما يفعل هؤلاء ما كان يختصر في القراءة بل كان يقرأ الهدي المتبع عنده ثم فيما بعد ينهى الذين أتوا بالأطفال الصغار إلى المسجد لم يكن شيء من ذلك إطلاقا بل على العكس من ذلك كان - عليه السلام - يأتي ببعض أولاده للمسجد تارة من لا يمشي وتارة من كان يمشي فقد جاء - أيضًا - في " صحيح البخاري " : " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل ذات يوم المسجد ، وعلى عاتقيه أمامة بنت ابنته زينب أمامة ابنة ابنته زينب وهي على عاتقيه ، فأحرم في الصلاة ) يصلي بالناس إمامًا ، والبنت الصغيرة على منكبيه ، " ثم ركع ، فلما ركع أخذها من عاتقيه ووضعها على الأرض وضعًا رفيقًا ، ثم أتم الركعة ، فلما قام منها إلى الركعة الثانية أخذها ووضعها حيث كانت من قبل على عاتقيه - عليه السلام - ، وهكذا حتى صلى بالناس أربع ركعات " ، وهو يضعها ويرفعها وسلم بهم بعد أن صلى أربع ركعات ومرة أخرى ( صلى - عليه الصلاة والسلام - صلاة العصر فسجد بين ظهراني هذه الصلاة سجدةً أطالَها خلاف عادته - عليه السلام - حتى ألقي في بال بعض المصلين خلفه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه الموت وهو يصلي فرفع أحدهم رأسه من السجود يريد أن يطمئنَّ على نبيِّه - عليه السلام - ، وإذا به يرى منظرًا عجبًا يراه ساجدًا لا يزال وقد امتطاه ابنه الحسن أو الحسين ، فاطمأنَّ بال الرجل وعاد ساجدًا ، ولما سلم - عليه الصلاة والسلام - من الصلاة قالوا : يا رسول الله ، لقد سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطَلْتَها ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( إن ابني هذا - أشار إلى الحسن أو الحسين - إن ابني هذا كان قد ارتَحَلَني ) ، انظروا إلى تعبير الرسول الأديب ( ارتحلني ) ؛ يعني اتخذني راحلة ، يعني ركبني ، ( فكرهت أن أعجله ) ، ( فكرهت أن أعجله ) ؛ أي : فلذلك أطلت السجود حتى يشبع أو حتى يشبع هذا الطفل نهمته من الركوب على ظهر جده - عليه السلام - هكذا كان هديه ؛ فأين هذا الهدي من ما يروونه للرسول - عليه السلام - من الحديث السابق الذكر وهو بلا شك حديث باطل ألا وهو : ( جنِّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وإقامة حدودكم ) هذا حديث غير صحيح .
تفضل .
تفضل .
- فتاوى عبر الهاتف والسيارة - شريط : 108
- توقيت الفهرسة : 00:00:00