هل هناك علاج أوجَدَه الإسلام للسحر ؟ وما هو هذا العلاج ؟ وما هو تعليقك على موضوع علم السحر ؟
A-
A=
A+
الشيخ : فهل هناك علاج أوجَدَه الإسلام للسحر ؟ وما هو هذا العلاج ؟ وما هو تعليقك على موضوع علم السحر ؟
السحر إذا صح أن نسمِّيَه علمًا فهو مثل علم اللصوصية والشقاوة و ... الناس وقتلهم وسفك دمائهم وإلى آخره ؛ فهو في الإسلام محرَّم بلا شك ؛ لأنَّ علم السحر يقوم على تعاونٍ بين شياطين الإنس وشياطين الجنِّ ؛ ولذلك فهذا السحر لا يتعاطاه إلا أحد رجلين ؛ إما كافر وإما مسلم فاسق لا يتَّقي الله - عز وجل - ولا يتَّبع شريعته ، وفي السنة الصحيحة أحاديث كثيرة تحذِّر من تعاطي السحر والكهانة ؛ وهو تعاطي الوسائل التي يتوصَّلون بها - في زعمهم ! - إلى استكشاف الغيب ، ويكفي لنعلمَ مبلغ إثم الساحر في الإسلام أن الرسول - عليه السلام - قال : ( حدُّ الساحر ضربةٌ بالسيف ) ، فالساحر تُقطع رقبته ولا يُبقى ولا يُحافظ على حياته لِمَا في عمله هذا من السحر من ضرر بالغ في الأمة المسلمة ؛ لذلك ما يجوز تعلُّم هذا العلم لما بيَّنَّا آنفًا وما يتوهَّمه بعض الناس ، وقد سُئلت فعلًا أنه حديث وهو : " تعلَّمِ السحر ولا تعمَلْ به " ؛ فهذا ليس حديثًا ؛ حتى ولا حديثًا موضوعًا ، وإنما هو شعر :
" تعلَّمِ السِّحرَ ولا تعمَلِ بِهِ *** العلمُ بالشيءِ ولا الجهلُ بِهِ "
هذا كلام شاعر لا يعرف الحرام والحلال أقلُّ ما يقال فيه ، أما ما جاء في القرآن : (( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ )) فهذه قضية خاصَّة كانت في زمن انتشر بين الناس شعوذة السَّحرة ، وكان ذلك مدعاةً لاختلاط الأمور التي يأتي بها الساحر بالمعجزات التي يأتي بها النبيُّ الصادق ، فاقتضت حكمة ربِّ العالمين - سبحانه وتعالى - أن ينزِّلَ من السماء ملكين اثنين ليعلِّموا عامة الناس في ذلك الزمان السحر ؛ لكي لا يتمكَّن السحرَةُ من استغلالهم ؛ لأن من أقوى أسباب الاستغلال هو الانفراد بعلم ما ؛ لا سيما إذا كان هذا العلم لا يُبتغى به وجه الله - تبارك وتعالى - .
ولذلك نأخذ هذه العبرة من قصة الرَّاهب والغلام من جهة ، والملك وساحره من جهة أخرى ؛ فإن ذلك الملك الذي حفر الأخدود وعذَّب المؤمنين وحرَّقهم بالنار هو كان ملكًا كذَّابًا جبَّارًا ، كان استعبد شعبه بواسطة ساحر كان لديه ، فلما أسَنَّ هذا الساحر وشاخَ وكبر طلب منه الملك أن يختار من شعبه غلامًا ذكيًّا ليعلِّمَه السحر ويكون خليفته من بعده ؛ أي يستغلُّه الملك كما استغلَّ ذلك الساحر في تسلُّطه على شعبه ، ثم جرى ما جرى من القصة الثابتة في " صحيح مسلم " أن الله - عز وجل - لما وقعَ اختيار الساحر على ذلك الغلام أمالَ قلب الغلام إلى راهب كان يمرُّ به كل يوم مصبحًا إذا انطلق إلى الساحر ليتعلَّم منه السحر ، فتأثَّر بكلام الراهب وركن إليه ، إلى أن وقعت له معجزة ، وكان إذا خرجَ من أهله في طريقه إلى الساحر مرَّ على الراهب ووقف عنده يتعلَّم منه العلم والحكمة ، فيتأخَّر بسبب ذلك عن الوصول إلى الساحر في الوقت المعيَّن له ، فيضربه الساحر ، ثم إذا عاد مساءً إلى أهله ومرَّ على الراهب تأخَّر عن أهله ، فضربه أهله ، فشكى أمره إلى الراهب يومًا ، وقال له : أنا ما بين أهلي وبين معلِّمي الساحر ضربًا ، تأخَّرت عن أهلي ضربوني ، تأخَّرت عن الساحر ضربني . قال : فإذا قال لك الساحر : لِمَ تأخَّرت ؟ قل : أخَّرني أهلي . وإذا قال لك أهلك : لِمَ تأخَّرت ؟ قل : أخَّرَني الساحر .
السائل : يجوز - أستاذ - هالكذب هاد ؟
الشيخ : إي نعم ، وأنت لسا ... ما تعرف يجوز هذا ولَّا ما يجوز وهو جاي في الحديث ؟
وذات يوم انطلق الغلام من الراهب إلى الساحر ، وإذا الطريق واقف ، فأطلَّ فإذا به يرى آفة حيَّة عظيمة جدًّا قطعَتِ الطريق على الناس ، فهم لا يجرؤون لا على قتلها ولا على مجاوزتها ، فهو كإنسان من جملة هذا الجمهور .
سائل آخر : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام .
رفع يديه قائلًا : اللهم إن كان الراهب على الحقِّ فاصرِفْ عنَّا هذه الآفة ، فما أتمَّ كلامه إلا وانطلقت كأن لم يكن شيء ، وانطلق الناس يمشون ، لكنهم انتبهوا إلى أن سلوك الطريق وذهاب الآفة كان بعدما دعا هذا الغلام الصغير تلك الدعوة ، فأخذوا .
نعم ؟
السائل : ... الحديث ضربها .
سائل آخر : ضربها بحجر .
الشيخ : ضربها بحجر ؟ ... .
السائل : ... هذه الدابة ... .
الشيخ : بعيد العهد ، صح .
فتعلَّقوا به ، وأخذوا يتبرَّكون به ، فوصل خبره .
نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : إي نعم .
فوصل خبره إلى وزير الملك ، وكان أعمى ، فأرسل خلفه فقال له : عافِني . قال : الله الذي يعافي ؛ إن شئت دعوت لك ربي أن يعافيك . قال : أن تؤمن بربي . فالوزير كان يؤمن بالملك كفرعون يعني ، فقال الوزير : آمنت بربِّ الغلام ، فدعا الغلام ربَّه ؛ فعافاه الله - عز وجل - ، ورجع بصيرًا ، دخل الوزير على الملك وإذا يراه بصيرًا ؛ قال : كيف هذا ؟ قال : عافاني ربي . قال : وهل لك ربٌّ غيري ؟ قال : ربي وربك الذي خلقَني وخلقك . فأمر به فقُتِلَ ، بعد أن كان استوضح منه من أين جاءته هذه الفتنة ، وزيره وساعده الأيمن كفر به ، فهذه فتنة ستمشي ؛ ولذلك يريد أن يستأصلها ، فلم يزل بالوزير حتى دلَّ على الغلام ، بعدما عرف قصة الغلام قتل الوزير وجاء بالغلام ، ونسيت الآن .
السائل : ... يعذِّبه حتى دلَّ على الراهب .
سائل آخر : على الرَّاهب ، إي نعم .
الشيخ : إي نعم .
فدلَّ على الراهب ، وكان الراهب قد قال له : إنك ستُبتلى فلا تخبِرْ عنِّي ، مع ذلك هو غلام وطاقته محدودة ، فلم يزَلْ حتى اضطرَّ إلى الاعتراف به ، فأرسل الملك وراء الراهب ، فطلب منه أن يكفر بربِّه وأن يؤمن به فأبى ، فنَشَرَه بالمنشار حتى وقع على الأرض فلقتَين ، والراهب لا يرتدُّ عن دينه ، ثم جاء دور الغلام فأراد أن يُميتَه ميتة أخرى ، فأمر طائفة من جنده أن يأخذوه إلى أعلى جبل ثم يرموا به من قمَّة الجبل إلى الأرض ... فلما صعدوا إلى رأس الجبل رفع يديه قائلًا : اللهم اكفِنِيهم كيف شئت . فتزلزل الجبل من تحت أقدامهم وماتوا جميعًا في سفح الجبل قتلى ، ونزل الغلام يمشي حتى وصل أمام الملك ، فكاد يُجنُّ جنونه ، قال له : كيف هذا ؟ قال : كفانيهم ربِّي - تبارك وتعالى - . فأمر ثلَّة أخرى من جنده ، وأمرهم أن يأخذوا الغلام ويركبوا معه في قرقور في سفينة صغيرة ، فإذا وصلوا إلى وسط البحر أن ارموه في البحر ، فأخذوه لما دخلوا به البحر قال : اللهم اكفنيهم كيف شئت . فانقلبت السفينة القرقور بهم جميعًا وغرقوا إلا هو ؛ أخذ يمشي على الماء إلى أن وصل البر والملك ، فاغتاظَ منه الملك غيظًا شديدًا ، فقال له الغلام : إنك لن تصل إليَّ إلا إذا فعلت ما آمرك به . قال : ما هو ؟ قال : أن تجعل للناس ميعادًا يجتمعون فيه ليومٍ عظيم ، ثم تأخذني وتضعني على الخشبة ، تصلِبُني على الخشبة ، ثم تأخذ حربة من كنانتي وتقف بعيدًا عنِّي ، ثم ترميني بها قائلًا : بسم الله ربِّ الغلام ، فإذا أنت فعلت ذلك وصلت إليَّ وقتلتني ، وإلا فلن تُسلَّطَ عليَّ ، فأعلن الملك لميقات يوم عظيم ، واجتمع الجمهور من الشعب ، ووُضِع الغلام على الخشبة ، ووقف الملك أمامه بعيدًا عنه ، وأخرج من كنانة الغلام حربة ورفعها قائلًا : بسم الله ربِّ الغلام . ورماه بها ، فأصابه في صدغِه ، فوضع يده هكذا وأسلم روحه .
فلما رأى الجمهور أن الملك لم يستطِعِ الوصول للغلام إلا حينما ذكر اسم ربِّ الغلام كفروا بالملك وآمنوا بربِّ الغلام ، فكان هو كما يُقال اليوم كبش الفداء ؛ فحينئذٍ أمر بحفر الأخدود ، وذكر الله - عز وجل - قصَّتهم في القرآن كما هي معروفة ، فكان الناس ما بين متردِّد ومتراجع ، وما بين مقدام لا يبالي بالنار ؛ حتى جاء دور امرأة وهي تحمل صبيًّا لها في حضنها ، فلما رأت النار أشفَقَتْ على نفسها وعلى غلامها ، فسمعت الغلام يناديها بأعلى صوته : اصبري يا أماه ؛ فإنك على الحقِّ ، فرمَتْ نفسها في النار مع الغلام . تلك هي قصة الغلام والساحر .
فالشاهد أنه من المعلوم من التاريخ السابق أن الملوك كانوا يستغلُّون السحرة ، وقصة سحرة فرعون مذكورة في القرآن أكثر من مرَّة ، فأراد الله - عز وجل - في زمن من الأزمنة المتقدِّمة أن يجعل علم السحر عامًّا في الشعب حتى يميِّزوا المعجزة من الأمر اللي هو مصدر وأثر من آثار السحر والدَّجل .
فالسحرة لعلمهم بالسحر لما رأوا معجزة موسى ميَّزوها وما قالوا : هذه سحر - أيضًا - ؛ ولذلك خرُّوا سجَّدًا وقالوا : (( قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى )) ؛ لهذه الحكمة أنزل الله - عز وجل - ملكين اثنين : (( وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ )) ، فمع أنَّ الملائكة نزلوا لقصد حسن كانوا على علم من ربِّ العالمين بأن هذا العلم قد يضرُّهم ، وقد يكون فتنة وبلاء عظيم لهم ، فكانوا ينصحون المتعلِّم فلا تكفر ؛ قال - تعالى - : (( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ )) ؛ لهذا لا يجوز في الإسلام تعاطي علم السحر ؛ لأنه كما قلنا في أول الكلام إنما هو تعاون بين شياطين الإنس وشياطين الجنِّ ، هذا تعليقي بما يتيسر عن علم السحر .
أما ما هو العلاج فليس هناك إلا شيء واحد وهو الرجوع إلى الله - تبارك وتعالى - بقلب ضارع خاشع مع قراءة المعوذتين بصورة خاصَّة ؛ (( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )) ، (( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )) ، إذا كان هناك إنسان يُظَنُّ أنه أُصيب بشيء من سحر هؤلاء الدجالين ، أما الذهاب إلى ساحر من هذا الجنس فهو شرك واستعانة على محاربة الشرك بشرك مثله ، وهذا أمر لا يجوز .
السحر إذا صح أن نسمِّيَه علمًا فهو مثل علم اللصوصية والشقاوة و ... الناس وقتلهم وسفك دمائهم وإلى آخره ؛ فهو في الإسلام محرَّم بلا شك ؛ لأنَّ علم السحر يقوم على تعاونٍ بين شياطين الإنس وشياطين الجنِّ ؛ ولذلك فهذا السحر لا يتعاطاه إلا أحد رجلين ؛ إما كافر وإما مسلم فاسق لا يتَّقي الله - عز وجل - ولا يتَّبع شريعته ، وفي السنة الصحيحة أحاديث كثيرة تحذِّر من تعاطي السحر والكهانة ؛ وهو تعاطي الوسائل التي يتوصَّلون بها - في زعمهم ! - إلى استكشاف الغيب ، ويكفي لنعلمَ مبلغ إثم الساحر في الإسلام أن الرسول - عليه السلام - قال : ( حدُّ الساحر ضربةٌ بالسيف ) ، فالساحر تُقطع رقبته ولا يُبقى ولا يُحافظ على حياته لِمَا في عمله هذا من السحر من ضرر بالغ في الأمة المسلمة ؛ لذلك ما يجوز تعلُّم هذا العلم لما بيَّنَّا آنفًا وما يتوهَّمه بعض الناس ، وقد سُئلت فعلًا أنه حديث وهو : " تعلَّمِ السحر ولا تعمَلْ به " ؛ فهذا ليس حديثًا ؛ حتى ولا حديثًا موضوعًا ، وإنما هو شعر :
" تعلَّمِ السِّحرَ ولا تعمَلِ بِهِ *** العلمُ بالشيءِ ولا الجهلُ بِهِ "
هذا كلام شاعر لا يعرف الحرام والحلال أقلُّ ما يقال فيه ، أما ما جاء في القرآن : (( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ )) فهذه قضية خاصَّة كانت في زمن انتشر بين الناس شعوذة السَّحرة ، وكان ذلك مدعاةً لاختلاط الأمور التي يأتي بها الساحر بالمعجزات التي يأتي بها النبيُّ الصادق ، فاقتضت حكمة ربِّ العالمين - سبحانه وتعالى - أن ينزِّلَ من السماء ملكين اثنين ليعلِّموا عامة الناس في ذلك الزمان السحر ؛ لكي لا يتمكَّن السحرَةُ من استغلالهم ؛ لأن من أقوى أسباب الاستغلال هو الانفراد بعلم ما ؛ لا سيما إذا كان هذا العلم لا يُبتغى به وجه الله - تبارك وتعالى - .
ولذلك نأخذ هذه العبرة من قصة الرَّاهب والغلام من جهة ، والملك وساحره من جهة أخرى ؛ فإن ذلك الملك الذي حفر الأخدود وعذَّب المؤمنين وحرَّقهم بالنار هو كان ملكًا كذَّابًا جبَّارًا ، كان استعبد شعبه بواسطة ساحر كان لديه ، فلما أسَنَّ هذا الساحر وشاخَ وكبر طلب منه الملك أن يختار من شعبه غلامًا ذكيًّا ليعلِّمَه السحر ويكون خليفته من بعده ؛ أي يستغلُّه الملك كما استغلَّ ذلك الساحر في تسلُّطه على شعبه ، ثم جرى ما جرى من القصة الثابتة في " صحيح مسلم " أن الله - عز وجل - لما وقعَ اختيار الساحر على ذلك الغلام أمالَ قلب الغلام إلى راهب كان يمرُّ به كل يوم مصبحًا إذا انطلق إلى الساحر ليتعلَّم منه السحر ، فتأثَّر بكلام الراهب وركن إليه ، إلى أن وقعت له معجزة ، وكان إذا خرجَ من أهله في طريقه إلى الساحر مرَّ على الراهب ووقف عنده يتعلَّم منه العلم والحكمة ، فيتأخَّر بسبب ذلك عن الوصول إلى الساحر في الوقت المعيَّن له ، فيضربه الساحر ، ثم إذا عاد مساءً إلى أهله ومرَّ على الراهب تأخَّر عن أهله ، فضربه أهله ، فشكى أمره إلى الراهب يومًا ، وقال له : أنا ما بين أهلي وبين معلِّمي الساحر ضربًا ، تأخَّرت عن أهلي ضربوني ، تأخَّرت عن الساحر ضربني . قال : فإذا قال لك الساحر : لِمَ تأخَّرت ؟ قل : أخَّرني أهلي . وإذا قال لك أهلك : لِمَ تأخَّرت ؟ قل : أخَّرَني الساحر .
السائل : يجوز - أستاذ - هالكذب هاد ؟
الشيخ : إي نعم ، وأنت لسا ... ما تعرف يجوز هذا ولَّا ما يجوز وهو جاي في الحديث ؟
وذات يوم انطلق الغلام من الراهب إلى الساحر ، وإذا الطريق واقف ، فأطلَّ فإذا به يرى آفة حيَّة عظيمة جدًّا قطعَتِ الطريق على الناس ، فهم لا يجرؤون لا على قتلها ولا على مجاوزتها ، فهو كإنسان من جملة هذا الجمهور .
سائل آخر : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام .
رفع يديه قائلًا : اللهم إن كان الراهب على الحقِّ فاصرِفْ عنَّا هذه الآفة ، فما أتمَّ كلامه إلا وانطلقت كأن لم يكن شيء ، وانطلق الناس يمشون ، لكنهم انتبهوا إلى أن سلوك الطريق وذهاب الآفة كان بعدما دعا هذا الغلام الصغير تلك الدعوة ، فأخذوا .
نعم ؟
السائل : ... الحديث ضربها .
سائل آخر : ضربها بحجر .
الشيخ : ضربها بحجر ؟ ... .
السائل : ... هذه الدابة ... .
الشيخ : بعيد العهد ، صح .
فتعلَّقوا به ، وأخذوا يتبرَّكون به ، فوصل خبره .
نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : إي نعم .
فوصل خبره إلى وزير الملك ، وكان أعمى ، فأرسل خلفه فقال له : عافِني . قال : الله الذي يعافي ؛ إن شئت دعوت لك ربي أن يعافيك . قال : أن تؤمن بربي . فالوزير كان يؤمن بالملك كفرعون يعني ، فقال الوزير : آمنت بربِّ الغلام ، فدعا الغلام ربَّه ؛ فعافاه الله - عز وجل - ، ورجع بصيرًا ، دخل الوزير على الملك وإذا يراه بصيرًا ؛ قال : كيف هذا ؟ قال : عافاني ربي . قال : وهل لك ربٌّ غيري ؟ قال : ربي وربك الذي خلقَني وخلقك . فأمر به فقُتِلَ ، بعد أن كان استوضح منه من أين جاءته هذه الفتنة ، وزيره وساعده الأيمن كفر به ، فهذه فتنة ستمشي ؛ ولذلك يريد أن يستأصلها ، فلم يزل بالوزير حتى دلَّ على الغلام ، بعدما عرف قصة الغلام قتل الوزير وجاء بالغلام ، ونسيت الآن .
السائل : ... يعذِّبه حتى دلَّ على الراهب .
سائل آخر : على الرَّاهب ، إي نعم .
الشيخ : إي نعم .
فدلَّ على الراهب ، وكان الراهب قد قال له : إنك ستُبتلى فلا تخبِرْ عنِّي ، مع ذلك هو غلام وطاقته محدودة ، فلم يزَلْ حتى اضطرَّ إلى الاعتراف به ، فأرسل الملك وراء الراهب ، فطلب منه أن يكفر بربِّه وأن يؤمن به فأبى ، فنَشَرَه بالمنشار حتى وقع على الأرض فلقتَين ، والراهب لا يرتدُّ عن دينه ، ثم جاء دور الغلام فأراد أن يُميتَه ميتة أخرى ، فأمر طائفة من جنده أن يأخذوه إلى أعلى جبل ثم يرموا به من قمَّة الجبل إلى الأرض ... فلما صعدوا إلى رأس الجبل رفع يديه قائلًا : اللهم اكفِنِيهم كيف شئت . فتزلزل الجبل من تحت أقدامهم وماتوا جميعًا في سفح الجبل قتلى ، ونزل الغلام يمشي حتى وصل أمام الملك ، فكاد يُجنُّ جنونه ، قال له : كيف هذا ؟ قال : كفانيهم ربِّي - تبارك وتعالى - . فأمر ثلَّة أخرى من جنده ، وأمرهم أن يأخذوا الغلام ويركبوا معه في قرقور في سفينة صغيرة ، فإذا وصلوا إلى وسط البحر أن ارموه في البحر ، فأخذوه لما دخلوا به البحر قال : اللهم اكفنيهم كيف شئت . فانقلبت السفينة القرقور بهم جميعًا وغرقوا إلا هو ؛ أخذ يمشي على الماء إلى أن وصل البر والملك ، فاغتاظَ منه الملك غيظًا شديدًا ، فقال له الغلام : إنك لن تصل إليَّ إلا إذا فعلت ما آمرك به . قال : ما هو ؟ قال : أن تجعل للناس ميعادًا يجتمعون فيه ليومٍ عظيم ، ثم تأخذني وتضعني على الخشبة ، تصلِبُني على الخشبة ، ثم تأخذ حربة من كنانتي وتقف بعيدًا عنِّي ، ثم ترميني بها قائلًا : بسم الله ربِّ الغلام ، فإذا أنت فعلت ذلك وصلت إليَّ وقتلتني ، وإلا فلن تُسلَّطَ عليَّ ، فأعلن الملك لميقات يوم عظيم ، واجتمع الجمهور من الشعب ، ووُضِع الغلام على الخشبة ، ووقف الملك أمامه بعيدًا عنه ، وأخرج من كنانة الغلام حربة ورفعها قائلًا : بسم الله ربِّ الغلام . ورماه بها ، فأصابه في صدغِه ، فوضع يده هكذا وأسلم روحه .
فلما رأى الجمهور أن الملك لم يستطِعِ الوصول للغلام إلا حينما ذكر اسم ربِّ الغلام كفروا بالملك وآمنوا بربِّ الغلام ، فكان هو كما يُقال اليوم كبش الفداء ؛ فحينئذٍ أمر بحفر الأخدود ، وذكر الله - عز وجل - قصَّتهم في القرآن كما هي معروفة ، فكان الناس ما بين متردِّد ومتراجع ، وما بين مقدام لا يبالي بالنار ؛ حتى جاء دور امرأة وهي تحمل صبيًّا لها في حضنها ، فلما رأت النار أشفَقَتْ على نفسها وعلى غلامها ، فسمعت الغلام يناديها بأعلى صوته : اصبري يا أماه ؛ فإنك على الحقِّ ، فرمَتْ نفسها في النار مع الغلام . تلك هي قصة الغلام والساحر .
فالشاهد أنه من المعلوم من التاريخ السابق أن الملوك كانوا يستغلُّون السحرة ، وقصة سحرة فرعون مذكورة في القرآن أكثر من مرَّة ، فأراد الله - عز وجل - في زمن من الأزمنة المتقدِّمة أن يجعل علم السحر عامًّا في الشعب حتى يميِّزوا المعجزة من الأمر اللي هو مصدر وأثر من آثار السحر والدَّجل .
فالسحرة لعلمهم بالسحر لما رأوا معجزة موسى ميَّزوها وما قالوا : هذه سحر - أيضًا - ؛ ولذلك خرُّوا سجَّدًا وقالوا : (( قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى )) ؛ لهذه الحكمة أنزل الله - عز وجل - ملكين اثنين : (( وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ )) ، فمع أنَّ الملائكة نزلوا لقصد حسن كانوا على علم من ربِّ العالمين بأن هذا العلم قد يضرُّهم ، وقد يكون فتنة وبلاء عظيم لهم ، فكانوا ينصحون المتعلِّم فلا تكفر ؛ قال - تعالى - : (( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ )) ؛ لهذا لا يجوز في الإسلام تعاطي علم السحر ؛ لأنه كما قلنا في أول الكلام إنما هو تعاون بين شياطين الإنس وشياطين الجنِّ ، هذا تعليقي بما يتيسر عن علم السحر .
أما ما هو العلاج فليس هناك إلا شيء واحد وهو الرجوع إلى الله - تبارك وتعالى - بقلب ضارع خاشع مع قراءة المعوذتين بصورة خاصَّة ؛ (( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )) ، (( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )) ، إذا كان هناك إنسان يُظَنُّ أنه أُصيب بشيء من سحر هؤلاء الدجالين ، أما الذهاب إلى ساحر من هذا الجنس فهو شرك واستعانة على محاربة الشرك بشرك مثله ، وهذا أمر لا يجوز .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 128
- توقيت الفهرسة : 00:46:27
- نسخة مدققة إملائيًّا