حث الشيخ رحمه الله الطلبة على الاجتماع في مجلس العلم وترك التفرق .
A-
A=
A+
الشيخ : أردت أن ألقي كلمة موجزة بين يدي الأسئلة حول سؤال أو استئذان بدر من بعض الأفاضل هنا آنفًا حينما كانت الحلقة هكذا متفرقة بين الجدران الأربعة فشعرنا بأن الأمر يحتاج إلى الاتصال بالأبدان لأنه إعلان عن اتصال الأرواح إن شاء الله وهو الأمر الذي أوحي بمعناه إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وقدمه إلينا في عديد من الأحاديث الصحيحة التي وردت عنه - عليه الصلاة والسلام - كان العرف قديمًا في بعض البلاد ولا يزال أن الشيخ الأجل المحترم ينبغي ألا يتقدم تلامذته بين يديه وإنما هم يجلسون بكل خشوع وتواضع بعيدا عنه في حلقة كبيرة وكلما كانت الحلقة كبيرة دل ذلك على أن الشيخ منزلته عند الله كبيرة ونحن نرى هذا من جملة الانحراف الذي أصاب الفكر الإسلامي في بعض العقول ولو كانت هذه العقول يحسن بها الظن ويظن فيها العلم ذلك لما أشرت إليه من الأحاديث وأنا أذكر لكم ما يحضرني من بعضها : لقد جاء في " مسند الإمام أحمد " - رحمه الله - : ( أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا إذا كانوا في سفر ونزلوا في مكان تفرقوا في الشعاب والوديان فسافروا يوما مع الرسول - عليه السلام - ونزلوا كما كانوا ينزلون من قبل فقال لهم - عليه الصلاة والسلام - : ( إنما تفرُّقكم هذا في الوديان والشعاب من عمل الشيطان ) ... الأمر في البرية في الصحراء وفي السفر فأنكر الرسول - عليه السلام - ذلك عليهم بقوله : ( إنما تفرُّقكم هذا في الوديان والشعاب من عمل الشيطان ) ، قال راوي الحديث وهو من الصحابة المعروفين - رضي الله عنه - قال : ( فلقد كنَّا بعد ذلك إذا نزلنا بعد ذلك في مكان اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لَوَسِعَنا ) ، وهم في السفر فما بالكم في الحضر فما بالكم في مجلس العلم ينبغي أن يكون التقارب بين الأجسام كعنوان للتقارب بين القلوب هذا ما يؤكده - عليه الصلاة والسلام - في حديث آخر أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " : أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل المسجد يومًا ، فرآهم متفرِّقين حلقات حلقات ، فقال لهم : ( ما لي أراكم عزين ؟! ما لي أراكم عزين ؟! ) . أي : متفرقين ، فالتفرق في الأبدان علامة على التفرق في القلوب والدليل على ذلك ما جاء في " الصحيحين " : أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان إذا أقيمت الصلاة لم يكبِّر حتى يأمر بتسوية الصفوف " ، وهذا في الواقع من السنن التي أحياها الأستاذ الفاضل أبو مالك فقلما تقام الصلاة في مسجده إلا وهو يأمر الناس بتسوية الصفوف أولا ثم يورد الحديث المناسب لمقامنا هذا ثانيًا ؛ ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لَتسوُّنَّ صفوفكم أو ليخالفَنَّ الله بين وجوهكم ) ، وفي رواية أخرى : ( بين قلوبكم ) وهو المعنى بالراوية الأولى فأنتم ترون بأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جعل اختلاف المسلمين في تسوية الصفوف وهذا اختلاف بدني مادي واضح فنفى الاختلاف بحصول الخلاف في قلوب المسلمين ؛ ولذلك ولا ينبغي التساهل بإصلاح الظواهر بحجة أن العبرة بالباطن لأن ثمة ارتباطا وثيقا جدًّا بين الظاهر والباطن هناك ارتباط وثيق بين الظاهر والباطن وهذا ما أكده الرسول - عليه السلام - في الحديث الصحيح - أيضًا - المخرج في " الصحيحين " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( إن الحلال بيِّن ، وإن الحرام بيِّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهُنَّ كثير من الناس ؛ فَمَن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ؛ ألا وإن حول ألا وإن حول ) .
الطالب : ...
الشيخ : لا لا قبله .
الطالب : ( ألا وإن لكلِّ ملكٍ حمى ) .
الشيخ : أيوا ( ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) ، الشاهد تمام الحديث : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ) ، فلا يغتَرَّ أحد يقول بعض الناس أن الظواهر هذه لحية وجلابية أو دشداشة أو ما شابه ذلك هذه أمور شكلية ظاهرة لا قيمة لها كلا ثم كلا لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمر بهذه المجموعة من الأحاديث من إصلاح الظواهر لأنها دليل إصلاح الباطن ألا ترون أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ، كأن الأمر مادي تمامًا كيف إذا كان قلب الرجل الشيخ المسن الكبير إذا كان سليما كان جسده سليما والعكس بالعكس الشاب القوي المتين إذا فسد قلبه فسد جسده كذلك تمامًا هذا الإيمان الذي وقر في القلب إذا ضعف وضعفه إنما يكون لمخالفة الشرع وارتكاب ما نهى عنه ربنا - تبارك وتعالى - ونبيه فيمرض هذا القلب فبمرض هذا القلب يمرض الإيمان ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) إذن صح قول بعض أهل العلم : " الظاهر عنوان الباطن " ولذلك نجد عشرات الأحاديث التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تنهى بموافقة تنهى بموافقة اليهود والنصارى وتأمر بمخالفتهم حتى في أمور لا يمكلها الإنسان حتى في أمور لا يملكها الإنسان فيأمر الشارع الحكيم بمخالفة اليهود والنصارى فأنتم تعلمون مثلًا قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إن اليهود والنصارى لا يخضبون شعورهم فخالفوهم ) ، الشيب سنة الله - عز وجل - في خلقه لا فرق في ذلك بين مسلم وكافر ومع ذلك فالرسول - عليه السلام - أمر المسلم أنه إذا شاب وشاب الكفار - أيضًا - مثله أن يخالفهم في هذا الشيب علما أنه ليس من صنعه وإنما هو من صنع ربه قال : ( خالفوا اليهود والنصارى ؛ فإنهم لا يصبغون شعورهم ، فاصبغوا شعوركم ) ؛ لذلك كان الصبغ من السنن من سنن العبادة التي كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - اتباعًا له يصبغون شعورهم ، حتى قال أنس بن مالك - رضي الله عنه - : " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشبه الله بشيبة يشيبها بها ، وإنما كان في مقدمة لحيته نحو عشرين شعرة بيضاء ) ، ومع ذلك فمات - عليه الصلاة والسلام - والحناء خليطًا مع الكتم ظاهر على لحيته - عليه السلام - ، وكذلك فعل أصحابه من بعده وأصبحت سنة متبعة بين علماء الحديث فيما بعد الذين يهتمُّون باتباع الرسول - عليه السلام - حذو القذة بالقذة كانوا إذا ترجموا للرجل كانوا يقولون وكان يصبغ وكان يصبغ ؛ لأن هذه سنة قَلَّ مَن يهتمُّ بها من المسلمين قديمًا فضلًا عن المسلمين آخر الزمان الشاهد من هذا كله هو أن الرسول - عليه السلام - أمرنا بإصلاح الظواهر من هذا الإصلاح أن المدرس أو الواعظ إذا جلس للتدريس ما ينبغي أن يكون الناس بعيدين عنه بل ينبغي أن يكونوا قريبين منه لأن هذه الظاهرة تنبي عن الارتباط الوثيق بين هذا المدرس الذي يلقنهم العلم النافع إن شاء الله وبين هؤلاء المستمعين لحديثه لذلك فخذوها قاعدة : لا تجلسوا في المساجد حلقات كبيرة إذا أحد جلس أحدكم في التدريس يفيد إخوانه فعليه أن يحضهم على الاقتراب منه ليكونوا قريبا مما قال - عليه الصلاة والسلام - : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ) إلى آخر الحديث ، و ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا ) .
وأقول بهذه المناسبة اشتهر الحديث على ألسنة بعض الخطباء والوعاظ كالبنيان المرصوص المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص لفظة مرصوص لا أصل لها في الحديث وإنما الحديث دونها ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضها بعضًا ) ، والبنيان عادة لا يكون إلا مرصوصًا فيكون هذا الكلام من لغو الكلام أن يقال أولا في الحديث الذي ثبت عن الرسول - عليه السلام - دون هذه اللفظة أن يزاد فيها ما لم يتلفظ به الرسول - عليه الصلاة والسلام - .
الطالب : ...
الشيخ : لا لا قبله .
الطالب : ( ألا وإن لكلِّ ملكٍ حمى ) .
الشيخ : أيوا ( ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) ، الشاهد تمام الحديث : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ) ، فلا يغتَرَّ أحد يقول بعض الناس أن الظواهر هذه لحية وجلابية أو دشداشة أو ما شابه ذلك هذه أمور شكلية ظاهرة لا قيمة لها كلا ثم كلا لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمر بهذه المجموعة من الأحاديث من إصلاح الظواهر لأنها دليل إصلاح الباطن ألا ترون أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ، كأن الأمر مادي تمامًا كيف إذا كان قلب الرجل الشيخ المسن الكبير إذا كان سليما كان جسده سليما والعكس بالعكس الشاب القوي المتين إذا فسد قلبه فسد جسده كذلك تمامًا هذا الإيمان الذي وقر في القلب إذا ضعف وضعفه إنما يكون لمخالفة الشرع وارتكاب ما نهى عنه ربنا - تبارك وتعالى - ونبيه فيمرض هذا القلب فبمرض هذا القلب يمرض الإيمان ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) إذن صح قول بعض أهل العلم : " الظاهر عنوان الباطن " ولذلك نجد عشرات الأحاديث التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تنهى بموافقة تنهى بموافقة اليهود والنصارى وتأمر بمخالفتهم حتى في أمور لا يمكلها الإنسان حتى في أمور لا يملكها الإنسان فيأمر الشارع الحكيم بمخالفة اليهود والنصارى فأنتم تعلمون مثلًا قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إن اليهود والنصارى لا يخضبون شعورهم فخالفوهم ) ، الشيب سنة الله - عز وجل - في خلقه لا فرق في ذلك بين مسلم وكافر ومع ذلك فالرسول - عليه السلام - أمر المسلم أنه إذا شاب وشاب الكفار - أيضًا - مثله أن يخالفهم في هذا الشيب علما أنه ليس من صنعه وإنما هو من صنع ربه قال : ( خالفوا اليهود والنصارى ؛ فإنهم لا يصبغون شعورهم ، فاصبغوا شعوركم ) ؛ لذلك كان الصبغ من السنن من سنن العبادة التي كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - اتباعًا له يصبغون شعورهم ، حتى قال أنس بن مالك - رضي الله عنه - : " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشبه الله بشيبة يشيبها بها ، وإنما كان في مقدمة لحيته نحو عشرين شعرة بيضاء ) ، ومع ذلك فمات - عليه الصلاة والسلام - والحناء خليطًا مع الكتم ظاهر على لحيته - عليه السلام - ، وكذلك فعل أصحابه من بعده وأصبحت سنة متبعة بين علماء الحديث فيما بعد الذين يهتمُّون باتباع الرسول - عليه السلام - حذو القذة بالقذة كانوا إذا ترجموا للرجل كانوا يقولون وكان يصبغ وكان يصبغ ؛ لأن هذه سنة قَلَّ مَن يهتمُّ بها من المسلمين قديمًا فضلًا عن المسلمين آخر الزمان الشاهد من هذا كله هو أن الرسول - عليه السلام - أمرنا بإصلاح الظواهر من هذا الإصلاح أن المدرس أو الواعظ إذا جلس للتدريس ما ينبغي أن يكون الناس بعيدين عنه بل ينبغي أن يكونوا قريبين منه لأن هذه الظاهرة تنبي عن الارتباط الوثيق بين هذا المدرس الذي يلقنهم العلم النافع إن شاء الله وبين هؤلاء المستمعين لحديثه لذلك فخذوها قاعدة : لا تجلسوا في المساجد حلقات كبيرة إذا أحد جلس أحدكم في التدريس يفيد إخوانه فعليه أن يحضهم على الاقتراب منه ليكونوا قريبا مما قال - عليه الصلاة والسلام - : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ) إلى آخر الحديث ، و ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا ) .
وأقول بهذه المناسبة اشتهر الحديث على ألسنة بعض الخطباء والوعاظ كالبنيان المرصوص المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص لفظة مرصوص لا أصل لها في الحديث وإنما الحديث دونها ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضها بعضًا ) ، والبنيان عادة لا يكون إلا مرصوصًا فيكون هذا الكلام من لغو الكلام أن يقال أولا في الحديث الذي ثبت عن الرسول - عليه السلام - دون هذه اللفظة أن يزاد فيها ما لم يتلفظ به الرسول - عليه الصلاة والسلام - .
- فتاوى عبر الهاتف والسيارة - شريط : 17
- توقيت الفهرسة : 00:00:00