من دروس " الترغيب والترهيب " ، حديث جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مرَّ بالسوق والناس كَنَفَين - حوله طرفين - ، فمرَّ بجديٍ أسكَّ ميِّت ، فتناولَه بأذنه ثم قال : ( أيُّكم يحبُّ أن هذا له بدرهم واحد ؟ ) .
A-
A=
A+
الشيخ : الحديث الذي بعده وهو قوله : وعن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مرَّ بالسوق والناس كَنَفَين - حوله طرفين - ، فمرَّ بجديٍ أسكَّ ميِّت ، فتناولَه بأذنه ثم قال : ( أيُّكم يحبُّ أن هذا له بدرهم واحد ؟ ) . قالوا : ما نحبُّ أنه لنا بشيء ؟ وما نصنع به ؟ قال : ( أتحبُّون أنه لكم ؟ ) . قالوا: والله لو كان حيًّا لَكانَ عَيبًا فيه ؛ لأنَّهُ أسَكُّ ؛ فكيفَ وهو مَيِّتٌ ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( والله للدُّنيا أهوَنُ على الله مِن هذا علَيكُم ) .
يفسِّر الغريب بعد تخريجه فيقول : رواه مسلم ؛ قوله: ( كَنَفَيَه ) : أي : عن جانبيه . والأَسَكُّ : بفتح الهمزة والسين المهملة - أيضًا - وتشديد الكاف : هو الصغير الأذن .
السائل : كنَفَتَيه خطأ .
الشيخ : إي نعم .
الأسكُّ : هو الصغير الأذن .
نرجع للحديث : مرَّ بالسوق والناس كَنَفَيه : حولَه ، يمشي - عليه الصلاة والسلام - والناس حولَه ، هنا أريد أن أقف قليلًا لنذكِّر بهدي من هدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أهمَلَه عامة المشايخ ، عامة المشايخ أهملوه ، وآنفًا ونحن خارجون من المسجد من صلاة المغرب وإذا أحدهم يمشي معه اثنان ، كيف يمشي ؟ كما يمشي القائد ومعه نفران ، يمكن للنَّفرَين أن يساووه أو أن يتقدَّموه ؟ لا ، كذلك شيوخ اليدَين إلا مَن عَصَمَ الله وقليل ما هم . يمشي والتلميذان وأكثر خلف الشَّيخ ، لم يكُنْ هذا من هديه - عليه الصلاة والسلام - ، والأحاديث في وصف هذا كثيرة ، وها هو الآن حديث من تلك الأحاديث .
والناس كَنَفَيه ؛ أي : جانبيه ليسوا متأخرين عنه . يمشي ما في فرق بينه وبين أبو بكر ، ما في فرق بينه وبين أبو هريرة ؛ كلهم ماشيين مع بعضهم البعض ، بل قد ثبت في بعض الأحاديث الصحيحة أنه كان يقول لهم إذا مشى : ( تقدَّموا ودَعُوا ظهري للملائكة ) ، ... واحد ، فالناس لا يرون الملائكة ؛ يرون يرى بعضهم بعضًا ، فالناس إذا نظروا للرسول - صلى الله عليه وسلم - يمشي يرى الناس يمشون بين يديه ، ما هذا الرجل العظيم الذي تأخر عن معظِّميه ومبجِّليه وموقِّريه ؟! هذا تواضع ، وحُقَّ له ذلك ؛ لأنه سيد المتواضعين .
لكن هذا لا يذهب هدرًا ؛ لأن الرسول - عليه السلام - يقول ... : ( مَن تواضع لله رَفَعَه الله ) ، رَفَعَه الله حيث تمشي الملائكة خلفَه ، فإذًا العظيم هو الذي يمشي الناس خلفَه وقد يكون فيهم الصالح والطالح أم العظيم الذين يمشون خلفَه وهم كما قال الله - عز وجل - : (( لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) ؟! هذا هو العظيم .
فعظمة الرسول - عليه السلام - في مشيته وهديه تتجلَّى في ناحية مادية ظاهرة ، وفي ناحية أخرى من وراء المادة خافية ، الناحية المادية الظاهرة أن الصحابة يمشون بين يديه لا يمشون خلفه ، وكما جاء في بعض الأحاديث : ( لا يطؤون عقبَيه ) ، ( لا يطؤون عقبَيه ) يعني : لا يمشون خلفه . والناحية العظيمة الأخرى تتجلَّى في أن الملائكة تمشي خلفه - عليه الصلاة والسلام - .
طبعًا نحن حسبنا الظاهرة الأولى ، وهي التي يعني نحن مكلَّفون بها ؛ وهي ألَّا نتعاظم على أصحابنا وعلى إخواننا وعلى مَن دونَنا في العلم والخلق والعبادة والصلاح ؛ لأن الله - عز وجل - يقول : (( فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )) .
حسبُنا على الأقلِّ أن نمشي والناس كَنَفَينا ، على جانبَينا ، على طرفينا ، فَمَن خالف هذه السنة فهو بلا شك ليس محبًّا للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ لأن ميزان الحبِّ هو الاتباع بنصِّ القرآن الكريم : (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )) .
إذا كان الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا شأنه مع أصحابه ، وهذا تواضعه معهم وهو المعصوم من نزغات الشيطان ؛ فماذا نقول نحن عن أنفسنا ولسنا معصومين من الشيطان ؟ هذا يوجب علينا أن نتمسَّك بهذه السنة كما لو كانت فريضة ، فَلَأن يمشي الناس كَنَفَينا خيرٌ لنا من أن نمشي ونحن ننظر بأعيننا إلى أكتافنا .
هذا ممَّا يستفاد من هذا الحديث أدب مشي العلماء مع أتباعهم ؛ فلعلنا نفعل ذلك إن شاء الله مَن كان منَّا تابعًا أو متبوعًا .
مرَّ بالسوق والناس كَنَفَيه ؛ فمرَّ بجديٍ أسكَّ ميِّت ، عرفتم الآن ؛ مَرَّ بجدي أذنه صغير ؛ كأنه كناية أنُّو ما في لحم وشحم ؛ يعني لا قيمة له ، وبالإضافة إلى أن أذنه أسكُّ وصغير فهو ميت ، فتناوَلَه بأذنه يحدِّث الناس ويعطي لهم درسًا من واقع الحياة ، ثم قال : ( أيُّكم يحبُّ أن هذا له بدرهم ؟ ) . فقالوا : ما نحبُّ أنه لنا بشيء ؟ وما نصنع به ؟ قال : ( أتحبُّون أنه لكم ؟ ) . قالوا: والله لو كان حيًّا لَكانَ عَيبًا فيه ؛ لأنَّهُ أسَكُّ ؛ فكيفَ وهو مَيِّتٌ ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( والله للدُّنيا أهوَنُ على الله مِن هذا علَيكُم ) .
فاعتبروا يا أولي الألباب .
يفسِّر الغريب بعد تخريجه فيقول : رواه مسلم ؛ قوله: ( كَنَفَيَه ) : أي : عن جانبيه . والأَسَكُّ : بفتح الهمزة والسين المهملة - أيضًا - وتشديد الكاف : هو الصغير الأذن .
السائل : كنَفَتَيه خطأ .
الشيخ : إي نعم .
الأسكُّ : هو الصغير الأذن .
نرجع للحديث : مرَّ بالسوق والناس كَنَفَيه : حولَه ، يمشي - عليه الصلاة والسلام - والناس حولَه ، هنا أريد أن أقف قليلًا لنذكِّر بهدي من هدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أهمَلَه عامة المشايخ ، عامة المشايخ أهملوه ، وآنفًا ونحن خارجون من المسجد من صلاة المغرب وإذا أحدهم يمشي معه اثنان ، كيف يمشي ؟ كما يمشي القائد ومعه نفران ، يمكن للنَّفرَين أن يساووه أو أن يتقدَّموه ؟ لا ، كذلك شيوخ اليدَين إلا مَن عَصَمَ الله وقليل ما هم . يمشي والتلميذان وأكثر خلف الشَّيخ ، لم يكُنْ هذا من هديه - عليه الصلاة والسلام - ، والأحاديث في وصف هذا كثيرة ، وها هو الآن حديث من تلك الأحاديث .
والناس كَنَفَيه ؛ أي : جانبيه ليسوا متأخرين عنه . يمشي ما في فرق بينه وبين أبو بكر ، ما في فرق بينه وبين أبو هريرة ؛ كلهم ماشيين مع بعضهم البعض ، بل قد ثبت في بعض الأحاديث الصحيحة أنه كان يقول لهم إذا مشى : ( تقدَّموا ودَعُوا ظهري للملائكة ) ، ... واحد ، فالناس لا يرون الملائكة ؛ يرون يرى بعضهم بعضًا ، فالناس إذا نظروا للرسول - صلى الله عليه وسلم - يمشي يرى الناس يمشون بين يديه ، ما هذا الرجل العظيم الذي تأخر عن معظِّميه ومبجِّليه وموقِّريه ؟! هذا تواضع ، وحُقَّ له ذلك ؛ لأنه سيد المتواضعين .
لكن هذا لا يذهب هدرًا ؛ لأن الرسول - عليه السلام - يقول ... : ( مَن تواضع لله رَفَعَه الله ) ، رَفَعَه الله حيث تمشي الملائكة خلفَه ، فإذًا العظيم هو الذي يمشي الناس خلفَه وقد يكون فيهم الصالح والطالح أم العظيم الذين يمشون خلفَه وهم كما قال الله - عز وجل - : (( لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) ؟! هذا هو العظيم .
فعظمة الرسول - عليه السلام - في مشيته وهديه تتجلَّى في ناحية مادية ظاهرة ، وفي ناحية أخرى من وراء المادة خافية ، الناحية المادية الظاهرة أن الصحابة يمشون بين يديه لا يمشون خلفه ، وكما جاء في بعض الأحاديث : ( لا يطؤون عقبَيه ) ، ( لا يطؤون عقبَيه ) يعني : لا يمشون خلفه . والناحية العظيمة الأخرى تتجلَّى في أن الملائكة تمشي خلفه - عليه الصلاة والسلام - .
طبعًا نحن حسبنا الظاهرة الأولى ، وهي التي يعني نحن مكلَّفون بها ؛ وهي ألَّا نتعاظم على أصحابنا وعلى إخواننا وعلى مَن دونَنا في العلم والخلق والعبادة والصلاح ؛ لأن الله - عز وجل - يقول : (( فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )) .
حسبُنا على الأقلِّ أن نمشي والناس كَنَفَينا ، على جانبَينا ، على طرفينا ، فَمَن خالف هذه السنة فهو بلا شك ليس محبًّا للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ لأن ميزان الحبِّ هو الاتباع بنصِّ القرآن الكريم : (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )) .
إذا كان الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا شأنه مع أصحابه ، وهذا تواضعه معهم وهو المعصوم من نزغات الشيطان ؛ فماذا نقول نحن عن أنفسنا ولسنا معصومين من الشيطان ؟ هذا يوجب علينا أن نتمسَّك بهذه السنة كما لو كانت فريضة ، فَلَأن يمشي الناس كَنَفَينا خيرٌ لنا من أن نمشي ونحن ننظر بأعيننا إلى أكتافنا .
هذا ممَّا يستفاد من هذا الحديث أدب مشي العلماء مع أتباعهم ؛ فلعلنا نفعل ذلك إن شاء الله مَن كان منَّا تابعًا أو متبوعًا .
مرَّ بالسوق والناس كَنَفَيه ؛ فمرَّ بجديٍ أسكَّ ميِّت ، عرفتم الآن ؛ مَرَّ بجدي أذنه صغير ؛ كأنه كناية أنُّو ما في لحم وشحم ؛ يعني لا قيمة له ، وبالإضافة إلى أن أذنه أسكُّ وصغير فهو ميت ، فتناوَلَه بأذنه يحدِّث الناس ويعطي لهم درسًا من واقع الحياة ، ثم قال : ( أيُّكم يحبُّ أن هذا له بدرهم ؟ ) . فقالوا : ما نحبُّ أنه لنا بشيء ؟ وما نصنع به ؟ قال : ( أتحبُّون أنه لكم ؟ ) . قالوا: والله لو كان حيًّا لَكانَ عَيبًا فيه ؛ لأنَّهُ أسَكُّ ؛ فكيفَ وهو مَيِّتٌ ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( والله للدُّنيا أهوَنُ على الله مِن هذا علَيكُم ) .
فاعتبروا يا أولي الألباب .
- نوادر بوابة تراث الإمام الألباني - شريط : 12
- توقيت الفهرسة : 00:30:01