حجِّيَّة أحاديث الآحاد في العقائد والأحكام .
A-
A=
A+
الشيخ : ... الخلاف في المسألة معروف من قديم .
سمعت يا شيخ عبد الله .
السائل : نعم ، بس لو سمحت ... .
الشيخ : طيب ... .
شيخ عبد الله ... منزله .
سائل آخر : يكفي أنه منزل علم .
الشيخ : ... على كل حال .
نعم ، أقول : علماء الأصول لم يتَّفقوا على اشتراط التواتر في الحديث حتى نأخذ منه العقيدة ، اختلفوا ، فالإمام أحمد يقول بأن الحديث الصحيح يفيد العقيدة ، ويثبت به اليقين ولو كان خبر آحاد ، وكذلك الإمام ابن حزم في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام " ، له فصل طويل وطويل جدًّا في تأييد وجهة نظر الإمام أحمد هذه ، ويحكي ذلك عن جماعة آخرين من الأئمة ممَّن لا يحضرني الآن أسماؤهم .
وإذا كان الأمر كذلك كان لزامًا على كلِّ مَن يريد أن يكون على بصيرةٍ في دينه أن يرجع إلى قوله - تبارك وتعالى - : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )) ؛ فما دام أن النزاع في هذه المسألة - أيضًا - قائم فلا بد من الرجوع إلى أدلة الكتاب والسنة ليكون - كما قلنا - على بصيرة من دينه .
لا حاجة إلى أن .
سائل آخر : ... خبر الواحد .
الشيخ : إي نعم .
لا حاجة إلى أن نتحفَّظ أنُّو هذا واجب أهل العلم قبل كل شيء ، وواجب غيرهم أن يسألوا أهل العلم كما قال ربنا - تبارك وتعالى - في القرآن صراحةً ، والدارس للكتاب وللسنة يجِدْ أن التفريق بين العقيدة وبين الأحكام في حديث الآحاد هو أمرٌ حادثٌ في الإسلام لا يعرفه السلف الأول إطلاقًا ؛ بل إن سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في إرساله الرسل من قبله إلى أطراف البلاد يعلِّمون الناس الدين لَيدُلُّ دلالةً قاطعةً على أنه لم يكن معهودًا عند الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وبالتالي عند مَن أرسلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا التفريق .
فنحن نعلم - مثلًا - أنَّ معاذًا وأبا موسى وعليًّا الذين أُرسِلوا إلى اليمن مبشِّرين معلِّمين علَّموا أهل اليمن طبعًا سواء ما كان تلقَّوه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحاديث تتعلق بالعقيدة ، أو أحاديث تتعلق بالأحكام والأخلاق والمستحبَّات و و إلى آخره ؛ فهل قامت الحجة بهذه البعثة النبوية على أهل اليمن - مثلًا - ؟ على أهل القرية الذين جاءهم معاذ يقول لهم : يأمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلًا في الزكاة أن تخرجوا زكاة أربعة ممَّا تنبته الأرض ؟ قامت الحجة بذلك أكيد ؛ فهل اقتصر معاذ في تعليمه لأهل اليمن وقد دخلوا في الإسلام حديثًا ؛ هل علَّمهم فقط الأحكام دون العقيدة أم الأمر على العكس تمامًا ؟! لو كان يجوز للمسلم الفصل بين العقيدة وبين الأحكام ؛ يعني لو كان يجوز الفصل فَبِأيِّ شيء يبدأ المسلم في تعليم الناس ؟ يبدأ بالعقيدة بلا شك ، لكن هذا الفصل ليس من الإسلام في شيء أبدًا ، لا شك أنه يهتم بتعليم الناس العقيدة ، ولكن هذا ليس معناه - مثلًا - أن يعلِّمَهم الصلاة والزكاة والأخلاق التي يجب أن يتخلَّق بها المسلم والأخلاق المعكوسة التي يجب أن يبتعد عنها المسلم وهكذا .
إذًا معاذ بن جبل واحد ؛ فخَبَرُه خبر واحد ، كان يعلِّم اليمانيين الدين كله دون تفريق بين عقيدة وبين أحكام ، وهكذا كل عن كل البعوث والرسل الذين كان الرسول - عليه السلام - يبعثهم أفرادًا ؛ ولذلك يقول الإمام الشافعي - رحمه الله - وهو ممَّن بحث هذه المسألة وأجاد كلَّ الإجادة كما هو شأنه ودأبه يقول : " لو أن الحجة كانت لا تقوم بخبر الواحد في كل ما يتعلق بالشريعة ؛ سواء كان في المعاملات أو في العلميَّات - هكذا هو يقول - لَبَعَثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمعًا يتحقَّق بهم خبر التواتر الذي يفيد اليقين ، فاقتصار الرسول - عليه السلام - في إرسال شخص واحد معنى ذلك أنُّو هذا الشخص ما دام أنه ثقة وأنه حافظ ضابط فخبره يفيد القطع ، وبالتالي يفيد اليقين ؛ فيجب الأخذ بخَبَره سواء كان في العقيدة أو كان في الأحكام أو في الأخلاق .
وهذا بحث طويل وطويل جدًّا ، ولعل هذه الإشارة إلى السنة العملية التي جرى عليها الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - هي أكبر حجة في إقناع المخالف بأن هذا التفريق دخيل في الإسلام ، ولا أصل له ، وإن قال خلافه ، وإن كان قال به - أي : هذا التفريق - ناس لهم وزن في العلم ، ولكن قد سلَّفنا أن المسألة ما دامت مختلفة بين الأئمة فلا بد حين ذاك من الرجوع إلى الكتاب والسنة ؛ فوجدنا القرآن يقول ، إي نعم ، في قوله - عز وجل - : (( فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ )) "" طائفة "" .
سائل آخر : ... .
الشيخ : (( فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ )) .
سائل آخر : ... .
الشيخ : "" منكم "" (( طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ )) .
سائل آخر : (( وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ )) .
الشيخ : أو (( وَلِيُنْذِرُوا )) ... .
سائل آخر : (( إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ )) .
الشيخ : (( لَعَلَّهُمْ )) ، نعم .
فهذه الطائفة في نصِّ القاموس : الطائفة هو الفرد الواحد فصاعدًا ، فالرسول - عليه السلام - كان يبعث كما ذكرنا ، والقرآن يحضُّ على ذلك ؛ فهؤلاء يرجعون إلى قومهم ، فتحصل النضارة بتبليغهم ؛ أَهُوَ فقط في الأحكام دون تبليغ الآيات ودون تبليغ الأحاديث ؟! كل ذلك داخل في هذا التبليغ وفي هذا التفقُّه في الدين .
وللعلماء المتأخرين من علماء الحديث تفصيل بالنسبة لِبُعد عهد المسلمين اليوم عن العهد الأول ، وكثرة الرواة في الأسانيد لهم التفصيل الآتي ... .
... صح عند المحدثين وتلقَّته الأئمة بالقبول فهو يفيد القطع ؛ سواء كان آحاد أو مستفيضًا أو مشهورًا ، وهذا القيد أراه قيدًا علميًّا ؛ لأنُّو القضية تصبح شخصية أو نسبية في كثير من الأحيان بالنسبة لزمننا هذا ؛ فقد يصحح إنسان حديثًا يضعِّفه آخر ، أما الحديث الذي صُحِّح من قبل ، ثم جرى المسلمون على اختلاف اختصاصاتهم في العلوم من مفسِّرين ومحدثين وفقهاء وغير ذلك كلهم تلقَّوا الحديث بالقبول ؛ فمعنى هذا أن الأمة أجمعت على أنُّو هذا الحديث صحيح ، والإجماع الحقيقي معصوم عن الخطأ ؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) .
فهذا ما يمكن القول الآن بالنسبة لذاك السؤال ؛ فإن كان يكفي فَبِهَا ، وإلا ... .
تفضل .
سمعت يا شيخ عبد الله .
السائل : نعم ، بس لو سمحت ... .
الشيخ : طيب ... .
شيخ عبد الله ... منزله .
سائل آخر : يكفي أنه منزل علم .
الشيخ : ... على كل حال .
نعم ، أقول : علماء الأصول لم يتَّفقوا على اشتراط التواتر في الحديث حتى نأخذ منه العقيدة ، اختلفوا ، فالإمام أحمد يقول بأن الحديث الصحيح يفيد العقيدة ، ويثبت به اليقين ولو كان خبر آحاد ، وكذلك الإمام ابن حزم في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام " ، له فصل طويل وطويل جدًّا في تأييد وجهة نظر الإمام أحمد هذه ، ويحكي ذلك عن جماعة آخرين من الأئمة ممَّن لا يحضرني الآن أسماؤهم .
وإذا كان الأمر كذلك كان لزامًا على كلِّ مَن يريد أن يكون على بصيرةٍ في دينه أن يرجع إلى قوله - تبارك وتعالى - : (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )) ؛ فما دام أن النزاع في هذه المسألة - أيضًا - قائم فلا بد من الرجوع إلى أدلة الكتاب والسنة ليكون - كما قلنا - على بصيرة من دينه .
لا حاجة إلى أن .
سائل آخر : ... خبر الواحد .
الشيخ : إي نعم .
لا حاجة إلى أن نتحفَّظ أنُّو هذا واجب أهل العلم قبل كل شيء ، وواجب غيرهم أن يسألوا أهل العلم كما قال ربنا - تبارك وتعالى - في القرآن صراحةً ، والدارس للكتاب وللسنة يجِدْ أن التفريق بين العقيدة وبين الأحكام في حديث الآحاد هو أمرٌ حادثٌ في الإسلام لا يعرفه السلف الأول إطلاقًا ؛ بل إن سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في إرساله الرسل من قبله إلى أطراف البلاد يعلِّمون الناس الدين لَيدُلُّ دلالةً قاطعةً على أنه لم يكن معهودًا عند الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وبالتالي عند مَن أرسلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا التفريق .
فنحن نعلم - مثلًا - أنَّ معاذًا وأبا موسى وعليًّا الذين أُرسِلوا إلى اليمن مبشِّرين معلِّمين علَّموا أهل اليمن طبعًا سواء ما كان تلقَّوه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحاديث تتعلق بالعقيدة ، أو أحاديث تتعلق بالأحكام والأخلاق والمستحبَّات و و إلى آخره ؛ فهل قامت الحجة بهذه البعثة النبوية على أهل اليمن - مثلًا - ؟ على أهل القرية الذين جاءهم معاذ يقول لهم : يأمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلًا في الزكاة أن تخرجوا زكاة أربعة ممَّا تنبته الأرض ؟ قامت الحجة بذلك أكيد ؛ فهل اقتصر معاذ في تعليمه لأهل اليمن وقد دخلوا في الإسلام حديثًا ؛ هل علَّمهم فقط الأحكام دون العقيدة أم الأمر على العكس تمامًا ؟! لو كان يجوز للمسلم الفصل بين العقيدة وبين الأحكام ؛ يعني لو كان يجوز الفصل فَبِأيِّ شيء يبدأ المسلم في تعليم الناس ؟ يبدأ بالعقيدة بلا شك ، لكن هذا الفصل ليس من الإسلام في شيء أبدًا ، لا شك أنه يهتم بتعليم الناس العقيدة ، ولكن هذا ليس معناه - مثلًا - أن يعلِّمَهم الصلاة والزكاة والأخلاق التي يجب أن يتخلَّق بها المسلم والأخلاق المعكوسة التي يجب أن يبتعد عنها المسلم وهكذا .
إذًا معاذ بن جبل واحد ؛ فخَبَرُه خبر واحد ، كان يعلِّم اليمانيين الدين كله دون تفريق بين عقيدة وبين أحكام ، وهكذا كل عن كل البعوث والرسل الذين كان الرسول - عليه السلام - يبعثهم أفرادًا ؛ ولذلك يقول الإمام الشافعي - رحمه الله - وهو ممَّن بحث هذه المسألة وأجاد كلَّ الإجادة كما هو شأنه ودأبه يقول : " لو أن الحجة كانت لا تقوم بخبر الواحد في كل ما يتعلق بالشريعة ؛ سواء كان في المعاملات أو في العلميَّات - هكذا هو يقول - لَبَعَثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمعًا يتحقَّق بهم خبر التواتر الذي يفيد اليقين ، فاقتصار الرسول - عليه السلام - في إرسال شخص واحد معنى ذلك أنُّو هذا الشخص ما دام أنه ثقة وأنه حافظ ضابط فخبره يفيد القطع ، وبالتالي يفيد اليقين ؛ فيجب الأخذ بخَبَره سواء كان في العقيدة أو كان في الأحكام أو في الأخلاق .
وهذا بحث طويل وطويل جدًّا ، ولعل هذه الإشارة إلى السنة العملية التي جرى عليها الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - هي أكبر حجة في إقناع المخالف بأن هذا التفريق دخيل في الإسلام ، ولا أصل له ، وإن قال خلافه ، وإن كان قال به - أي : هذا التفريق - ناس لهم وزن في العلم ، ولكن قد سلَّفنا أن المسألة ما دامت مختلفة بين الأئمة فلا بد حين ذاك من الرجوع إلى الكتاب والسنة ؛ فوجدنا القرآن يقول ، إي نعم ، في قوله - عز وجل - : (( فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ )) "" طائفة "" .
سائل آخر : ... .
الشيخ : (( فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ )) .
سائل آخر : ... .
الشيخ : "" منكم "" (( طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ )) .
سائل آخر : (( وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ )) .
الشيخ : أو (( وَلِيُنْذِرُوا )) ... .
سائل آخر : (( إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ )) .
الشيخ : (( لَعَلَّهُمْ )) ، نعم .
فهذه الطائفة في نصِّ القاموس : الطائفة هو الفرد الواحد فصاعدًا ، فالرسول - عليه السلام - كان يبعث كما ذكرنا ، والقرآن يحضُّ على ذلك ؛ فهؤلاء يرجعون إلى قومهم ، فتحصل النضارة بتبليغهم ؛ أَهُوَ فقط في الأحكام دون تبليغ الآيات ودون تبليغ الأحاديث ؟! كل ذلك داخل في هذا التبليغ وفي هذا التفقُّه في الدين .
وللعلماء المتأخرين من علماء الحديث تفصيل بالنسبة لِبُعد عهد المسلمين اليوم عن العهد الأول ، وكثرة الرواة في الأسانيد لهم التفصيل الآتي ... .
... صح عند المحدثين وتلقَّته الأئمة بالقبول فهو يفيد القطع ؛ سواء كان آحاد أو مستفيضًا أو مشهورًا ، وهذا القيد أراه قيدًا علميًّا ؛ لأنُّو القضية تصبح شخصية أو نسبية في كثير من الأحيان بالنسبة لزمننا هذا ؛ فقد يصحح إنسان حديثًا يضعِّفه آخر ، أما الحديث الذي صُحِّح من قبل ، ثم جرى المسلمون على اختلاف اختصاصاتهم في العلوم من مفسِّرين ومحدثين وفقهاء وغير ذلك كلهم تلقَّوا الحديث بالقبول ؛ فمعنى هذا أن الأمة أجمعت على أنُّو هذا الحديث صحيح ، والإجماع الحقيقي معصوم عن الخطأ ؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) .
فهذا ما يمكن القول الآن بالنسبة لذاك السؤال ؛ فإن كان يكفي فَبِهَا ، وإلا ... .
تفضل .
- نوادر بوابة تراث الإمام الألباني - شريط : 7
- توقيت الفهرسة : 00:00:07