من دروس " الترغيب والترهيب " ، شرح حديث أبي هريرة : ( طوبى لعبدٍ آخذٍ بعنان فرسه يجاهد عليه في سبيل الله ، مغبرَّة قدماه ، أشعث رأسه ؛ إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ) .
A-
A=
A+
الشيخ : ... لكنَّ ناسًا آخرين لا يجدون هذا المال ، فبإمكانهم أن يكونوا مثل هذا أو خيرًا منه بصفات أخرى قد لا يكون الرجل الأول الغني متَّصفًا بها .
يقول في هذا العبد : ( طوبى لعبدٍ آخذٍ بعنان فرسه يجاهد عليه في سبيل الله ، مغبرَّة قدماه ، أشعث رأسه ؛ إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ) ؛ كناية أنه عبدٌ من تمام عبوديته لله - عز وجل - أنه يطيع آمرَه ، يطيع رئيسه ، ليس مستبدًّا برأيه ؛ لأن الجهاد في سبيل الله - عز وجل - لا يمكن أن يُثمِرَ ثمرته التي يرمي إليها الإسلام إلا بالطاعة ؛ إلا بأن يطيع المأمور أميره ، بالشرط المعروف في الإسلام في غير معصية الرحمن - تبارك وتعالى - .
فهذا العبد من تمام طاعته لربِّه أنه مطيع لآمره ورئيسه ؛ فإن أمَرَه أن يتقدَّم الجيش بالحراسة ليُراقب العدو فهو مطيع لا يتأخر ولا يتضجَّر ، ولا يقول : أنا ما هَيْ شغلتي ونحو ذلك ، وإن أُمِر أن يكون في الخلف فهو كذلك يأتمر بهذا الأمر ؛ فهو مطيع لأمير الجيش لأنه يعلم أن قيام الأمر لا يكون إلا بهذه الطاعة ؛ ( إن كان في الحراسة فهو في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ) .
هذا معنًى بدا لي من هذا الحديث ، والشُّرَّاح ذكروا معاني أخرى ، منها قالوا : ( إن كان في الحراسة كان في الحراسة ) بمعنى قام بوظيفته فيها ، كذلك إن كان في الساقة - أيضًا - قام بواجبه فيها ، على كل حال فهو إنسان يقوم بالواجب في أيِّ مكان وُضِع ؛ فهو من تمام خضوعه وعبادته لله - عز وجل - أنه ( إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ) .
ومن صفاته : ( وإن استُؤذن لم يُؤذَنْ له ، وإن شَفَعَ لم يُشفَّعْ ) ؛ يعني بالتعبير العامي : ما حدا ملتفت له ، ما حدا منتكش له ، ما له جاه ، ما له منزلة بين الناس ، فهو فعلًا صعلوك ، وكلمة صعلوك ليست كلمة ذم ، وإنما هي كلمة وصف إنسان ليس له كيان سمعة في المجتمع ، وهذه السمعة يجب أن تعلموا أنها في كثير من الأحيان تكون وبالًا على صاحبها ؛ ولذلك فالعبد الصالح لا يطمع بالسمعة أبدًا ، وإنما هو يعمل فيما يرضي الله - تبارك وتعالى - كهذا الإنسان المجاهد في سبيل الله الذي وَصَفَه الرسول - عليه السلام - بما سمعتم ، هو من صفاته - أيضًا - أنه إن استأذن في الدخول على أمير على وزير ما أحد يأذن له ولا أحد يلتفت له .
وإن شفع شفاعةً ما لم تُقبل شفاعته ، هذا كما جاء في حديث آخر من قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( ربَّ أشعث أغبَر مدفوع على الأبواب لو أقسَمَ على الله لَأبرَّه ) ؛ هؤلاء الناس وهم الفقراء الضعفاء هم الذين ينصر الله - تبارك وتعالى - بهم دينه كما جاء في الحديث في " الصحيح " وهو قوله - عليه السلام - : ( ابغوني ضعفاءَكم ؛ فإنما تُنصرون بضعفائكم بدعائهم وإخلاصهم ) ، هذا في الجهاد في سبيل الله لا يكون النصر بهؤلاء الرؤساء الذين فخرُهم أن تُوضع الشارات اللامعة على أبدانهم وعلى أكتافهم ، وإنما يكون النصر لأولئك الجنود الذين يقومون بواجب الجهاد وفي سبيل الله فقط ، يقومون بهذا الواجب حقًّا لا يبتغون من وراء ذلك جزاءً ولا شكورًا ، حتى ولا رفعة منزلة أو منصب ، وإنما يجاهدون في سبيلا لله - عز وجل - ولا يريدون جاهًا ؛ لذلك كان من صفات هؤلاء أنهم إن استأذنوا لم يُؤذن لهم ، وإن شفعوا لم يُشفَّعوا .
يقول في هذا العبد : ( طوبى لعبدٍ آخذٍ بعنان فرسه يجاهد عليه في سبيل الله ، مغبرَّة قدماه ، أشعث رأسه ؛ إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ) ؛ كناية أنه عبدٌ من تمام عبوديته لله - عز وجل - أنه يطيع آمرَه ، يطيع رئيسه ، ليس مستبدًّا برأيه ؛ لأن الجهاد في سبيل الله - عز وجل - لا يمكن أن يُثمِرَ ثمرته التي يرمي إليها الإسلام إلا بالطاعة ؛ إلا بأن يطيع المأمور أميره ، بالشرط المعروف في الإسلام في غير معصية الرحمن - تبارك وتعالى - .
فهذا العبد من تمام طاعته لربِّه أنه مطيع لآمره ورئيسه ؛ فإن أمَرَه أن يتقدَّم الجيش بالحراسة ليُراقب العدو فهو مطيع لا يتأخر ولا يتضجَّر ، ولا يقول : أنا ما هَيْ شغلتي ونحو ذلك ، وإن أُمِر أن يكون في الخلف فهو كذلك يأتمر بهذا الأمر ؛ فهو مطيع لأمير الجيش لأنه يعلم أن قيام الأمر لا يكون إلا بهذه الطاعة ؛ ( إن كان في الحراسة فهو في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ) .
هذا معنًى بدا لي من هذا الحديث ، والشُّرَّاح ذكروا معاني أخرى ، منها قالوا : ( إن كان في الحراسة كان في الحراسة ) بمعنى قام بوظيفته فيها ، كذلك إن كان في الساقة - أيضًا - قام بواجبه فيها ، على كل حال فهو إنسان يقوم بالواجب في أيِّ مكان وُضِع ؛ فهو من تمام خضوعه وعبادته لله - عز وجل - أنه ( إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ) .
ومن صفاته : ( وإن استُؤذن لم يُؤذَنْ له ، وإن شَفَعَ لم يُشفَّعْ ) ؛ يعني بالتعبير العامي : ما حدا ملتفت له ، ما حدا منتكش له ، ما له جاه ، ما له منزلة بين الناس ، فهو فعلًا صعلوك ، وكلمة صعلوك ليست كلمة ذم ، وإنما هي كلمة وصف إنسان ليس له كيان سمعة في المجتمع ، وهذه السمعة يجب أن تعلموا أنها في كثير من الأحيان تكون وبالًا على صاحبها ؛ ولذلك فالعبد الصالح لا يطمع بالسمعة أبدًا ، وإنما هو يعمل فيما يرضي الله - تبارك وتعالى - كهذا الإنسان المجاهد في سبيل الله الذي وَصَفَه الرسول - عليه السلام - بما سمعتم ، هو من صفاته - أيضًا - أنه إن استأذن في الدخول على أمير على وزير ما أحد يأذن له ولا أحد يلتفت له .
وإن شفع شفاعةً ما لم تُقبل شفاعته ، هذا كما جاء في حديث آخر من قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( ربَّ أشعث أغبَر مدفوع على الأبواب لو أقسَمَ على الله لَأبرَّه ) ؛ هؤلاء الناس وهم الفقراء الضعفاء هم الذين ينصر الله - تبارك وتعالى - بهم دينه كما جاء في الحديث في " الصحيح " وهو قوله - عليه السلام - : ( ابغوني ضعفاءَكم ؛ فإنما تُنصرون بضعفائكم بدعائهم وإخلاصهم ) ، هذا في الجهاد في سبيل الله لا يكون النصر بهؤلاء الرؤساء الذين فخرُهم أن تُوضع الشارات اللامعة على أبدانهم وعلى أكتافهم ، وإنما يكون النصر لأولئك الجنود الذين يقومون بواجب الجهاد وفي سبيل الله فقط ، يقومون بهذا الواجب حقًّا لا يبتغون من وراء ذلك جزاءً ولا شكورًا ، حتى ولا رفعة منزلة أو منصب ، وإنما يجاهدون في سبيلا لله - عز وجل - ولا يريدون جاهًا ؛ لذلك كان من صفات هؤلاء أنهم إن استأذنوا لم يُؤذن لهم ، وإن شفعوا لم يُشفَّعوا .
- نوادر بوابة تراث الإمام الألباني - شريط : 5
- توقيت الفهرسة : 00:45:30