حكم النقاش والجدال في الحج ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حكم النقاش والجدال في الحج ؟
A-
A=
A+
الحويني : نحن مجموعة من الشباب حججنا هذا العام ، وقد يحصل بيننا النقاش في بعض المسائل ، ويدور بيننا الجدل فيها ، فهل هذا يعتبر من الجدال في الحج ؟

الشيخ : والله هذا يختلف باختلاف صورة المناقشة والمجادلة ، وقبل أن أخوض في شيء من التفصيل حول ذلك أريد أن أقول : إن الله - عز وجل - حينما ذكر في الآية السابقة : (( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )) ، قوله - تعالى - : (( وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )) ، لا يعني مطلق الجدل ، وإنما يعني الجدل بالباطل ، لأنه - تعالى - قرن الجدال بالرَّفث والفسوق ، وهذا بلا شك كل من الرَّفث والفسوق معصية ، ومعصية كبيرة في الحج ، فلا يُعقل أن يكون معنى ولا جدال مطلقًا في الحج ؛ أي : ولو كان الجدال على طريقة الأدب القرآني : (( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) ، فإذا كان الجدال بالتي هي أحسن فهذا أمر لا بد منه في كل مكان وفي كل زمان ، لكي يتفاهم المسلمون بعضهم مع بعض .

فالآن لما جاء السؤال عن جماعة من الحجَّاج تناقشوا ، أنا ما أستطيع أن أتصوَّر كيف كانت المناقشة التي وقعت بينهم ، لكني أعرف بالتجربة أن كثيرًا من الشباب حينما يتناقشون يتناقشون بحرارة زائدة ، يخرج أو تخرج هذه الحرارة بهم عن حدِّ الاعتدال وعن المجادلة بالتي هي أحسن ، ولذلك فأنا أنصح إخواننا الشباب خاصة إخواننا طلاب العلم بعامة ، وإخواننا السلفيين أتباع الكتاب والسنة بخاصة ، لأنني بتجربتي هذه الطويلة أعرف منهم أنهم يتحمَّسون جدًّا في أثناء المناقشة ، بحيث أن أحدهم لا يعرف الذي يجادله ، هل هو كبير أم صغير ؟ هل هو أعلم منه أم هو يساويه أم هو دونه ؟ فتجده يناقشه بكلِّ حرارة وبكل ابتعاد عن أدب المناقشة والمناظرة ، الأمر الذي يذكِّرنا بمثل قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( ليس منَّا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقِّر كبيرنا ، ويعرف لعالمنا حقَّه ) ، وطالما سمعنا من كثير من هؤلاء الشباب المتحمِّسين إذا قيل لأحدهم : يا أخي ، أنت بتقول هذا القول وفلان العالم يقول بخلافك ، فلو تأنَّيت ، يقول : نحن رجال وأولئك رجال . وهو حينما يقول نحن رجال هو يُمكن أن يصدق عليه المثل المعروف في بعض البلاد أنه يتزبَّب قبل أن يتحصرم ، هو اليوم نشأ ، واليوم تعلَّم ، فكيف يتجرَّأ أن يقول أنُّو نحن رجال وأولئك رجال ؟ لقد اقتبسوا هذه الكلمة من بعض السلف كأبي حنيفة مثلًا الذي قال : " أنُّه إذا جاء الخلاف عن أصحاب الرسول - عليه السلام - حينئذٍ لسنا مكلَّفين باتباع أحد منهم دون آخرين ، وإنما هم رجال ونحن رجال " ، فأين هذا الكلام الذي صدر من هذا الإمام من هذا الكلام حين يصدر من ربما لا يصح أن يطلق عليه إنه طالب علم ، فلذلك فنحن ننصح إخواننا الشباب طلاب العلم أن لا يتحمَّسوا بسرعة عامة - ليس في الحج فقط - ؛ ألا يتحمسوا في المناقشة ، وإنما عليهم أن يتَّئدوا ، وعليهم أن يكون همهم أن يستفيدوا من غيرهم ، وبخاصة إذا كان أقدم منهم علمًا ومعرفةً وسنًّا ونحو ذلك ، لا يكون همُّه أن يفرض رأيه على الغير ، وإنما أن يستفيد من الغير ما قد يضمُّه إلى ما استفاده هو بنفسه .

هذا ما يمكنني أن أذكره بهذه المناسبة .
  • رحلة الخير - شريط : 12
  • توقيت الفهرسة : 01:28:20
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة