مداخلة حول فهم الصحابة للإسلام وعملهم به . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
مداخلة حول فهم الصحابة للإسلام وعملهم به .
A-
A=
A+
السائل : الواقع أن الصحابة الكرام ضربوا مثلًا رائعًا في فهمهم للإسلام ، وتطبيقهم للإسلام ، ولدعوة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، وكانوا خير أمة أُخرِجَت للناس من بعد أن كانوا قبل الإسلام ضعفاء متفرِّقين متفكِّكين ، وقد بلغ من ضعفِهم أنهم انهزموا أمام إبرهة صاحب الفيل ، وهذا معروف ، وإذ بهم بعد تفهُّمِهم للإسلام ولدعوة الرسول - عليه الصلاة والسلام - المُنزلة من عند الله - عز وجل - وإذ بهم يزلزلون عروش كسرى وقيصر ؛ حتى أن أحدهم يقف أمام عمر بن الخطاب وهو يخطب في الجامع فيقول : لا سمع ولا طاعة لأمير المؤمنين ، عندما يرى في زعمه أن عمر قصَّرَ في حقِّ المسلمين ؛ فعلمُه يجعله أن يثور ويتكلَّم كلمة الحق ولا يخشى في الله لومة لائم ، فيستفسر منه عمر : لِمَ يا أخا العرب ؟ فيقول : لأنك بثوبين ونحن بثوب واحد . فيقول عمر لابنه عبد الله : قُمْ يا عبد الله . فيقوم عبد الله ويبلِّغ الناس أن عمر الثوب الذي كان من حصَّة عبد الله أهداه لأبيه عمر فوصله ، ثم جاء يخطب ، فيقول : الآن سمعًا وطاعة لأمير المؤمنين .

فالشاهد أن الصحابة - رضوان الله عليهم - ما كانوا يُستغلُّون من قبل أحد ، ولا كان يستطيع أحد أن يُدخِلَ في الإسلام ما ليس فيه ؛ لأنهم على علم وعلى بصيرة ؛ كما أن الله - سبحانه وتعالى - أخبَرَ بذلك ، فقال لنبيِّه - عليه الصلاة والسلام - : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )) ، فأتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا على بصيرة وعلى علم .

أما الآن فالمسلمون ينتسبون إلى الإسلام انتساب قائم على تقليد الآباء والأجداد ؛ فلذلك ترى أن الجماعات المنحرفين عن الإسلام انحرافًا ظاهرًا بيِّنًا يستطيعون أن يستغلُّون هذا الشعب المسلم بظهورهم بمظهر إسلامي ، بوقوفهم في الصلاة ، أو بلباسهم لباس الإحرام ، أو في الطواف حول الكعبة ، أو بقولهم في الإذاعات والتلفزيون أنهم يعتزُّون بالإسلام ؛ فهذا القول منهم يُخدِّر هذا الشعب ويُصفِّق لهم لجهله بالإسلام .

وقد أخبر الله ورسوله عن مثل هؤلاء الجماعة فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( ما من نبيٍّ بَعَثَه الله في أمة قبلي إلا وكان له من أمَّته حواريون وأنصار ، يأخذون بسنَّته ، ويقتدون بأمره ، ثم تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ) ، يقولون ويدَّعون الإسلام كما يدَّعون هؤلاء الإسلام ، ولكنهم لا يفعلون بالإسلام ، إنما يَحْكمون ويتَّبعون الشرائع التي هي ضد الإسلام ، والتي هي حرب شعواء على الإسلام ، اليهود والنصارى يقولون أن أحكام القرآن أحكام همجيَّة لا تصلح للحكم ، فقطع يد السارق همجيَّة ، وقَتْل النفس التي قَتَلَ همجيَّة ، ورجْم الزاني همجيَّة ؛ فهؤلاء الذين يدَّعون الإسلام يصدِّقونهم في هذا ، ويُبعدون أحكام القرآن ؛ ومع ذلك يدَّعون الإسلام ويُصفِّق لهم أبناء المسلمين ؛ كل هذا نتيجة جهل من المسلمين لحقيقة الإسلام .

وقد وصف الله - سبحانه وتعالى - تلك الطائفة في عهد الرسول - عليه السلام - في قوله : (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا )) ، هؤلاء الجماعة الذين يزعمون أنهم آمنوا بالله وبالرسول ، ويصلُّون ، ويلبسون لباس الإحرام ، ويطوفون حول الكعبة ، ويدَّعون الإسلام ؛ وإذ بهم عند الحكم يتحاكمون إلى الطواغيت ، إلى قوانين الكفر والضلال التي منبَعُها من الشيطان ، (( وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا )) ؛ فهؤلاء الجماعة لا يجوز أن ... .

مواضيع متعلقة