خير الدين ونلي :

" وقل هو الله فردٌ واحدٌ أحدٌ *** سبحانه ما له زوجٌ ولا ولدُ

وقل هو الله لا تشرك به أحدًا *** وكيف يُشرَك بالرحمن مفتَقَدُ

الخلق يفنى ويبقى وجهُ خالقِه *** والأمر لله فهو الحاكم الصمدُ

كلُّ طاغي سوى الأصنام زاهقةٌ *** والحق يعلو وشمس الحقِّ تتَّقدُ

قد ينكر النورَ أعمى ليس يبصِرُه *** و ... به مَن جفنه رَمِدُ

لكنه ظاهرٌ والله ناصرُه *** وإن تطاول دون الباطل الأمدُ

الله لا يغفر الإشراك قاطبةً *** فالشرك يُحبِطُ ما حلُّوا وما عقدوا

والشرك يذهب بالأعمال ينثرها *** نثر الرياح رمادًا حين تحتصدُ

الله لا يترك الإنسان في عَمَهٍ *** فالعقل نورًا عليه الرسل تعتمدُ

ويبعث الله في الأقوام مُرسَلَهم *** ليرشد الناس إن ضلُّوا وإن شردوا

هو اللطيف بخلقٍ حين صوَّرَه *** وليس يتركه في الغيِّ يرتعدُ

وقل هو المصطفى المختار أحمدنا *** ختام مَن جاء بالآيات تحتشدُ

محمدٌ سيد الإنسان قاطبةً *** وقدوة الناس لا ميلًا ولا أَوَدُ

محمدٌ جاء والأقوام عاكفةً *** على التماثيل تدعوها وتعتقدُ

فحرَّرَ الفكر من أدرانِ فلسفةٍ *** وحرَّرَ القلب فالتوحيد مُعتَقَدُ

أعاد للفطرة البيضاء رونَقَها *** وطهَّرَ النفس من حقدٍ وكم حقدوا

وصاح بالناس هُبُّوا من سباتِكُمُ *** فما الرُّقاد مُطِيلًا عمر مَن رقدوا

الشمس قد سطعت ما دونها حجبٌ *** وليس ينفعكم نومٌ ولا سَهَدُ

الدين يطلبكم والنصر منتظرًا *** والبحر يهدر والرايات تنعقدُ

أجابه بعضهم : لبَّيك مُرسَلَنا *** وعاهدوه فكانوا مثلما عُهِدُوا

فحقَّقَ الله بالإسلام نصرتَه *** والنصر حقَّقَه القهار لا العددُ

و ... الصحب فرسانٌ إذا ركبوا *** وفي الدُّجى خُشَّعٌ والقلب يرتعدُ

يخشون ربًّا ولا يخشون من أحد *** سواه مذ سجدوا لله واعتُبِدُوا

أعفوا لحاهُمْ فضجَّت من لقائِهِمُ *** مُرْدُ الأعاجم في ساحاتها مَرَدُوا

جيش العزائم لم تُهزم له فئة *** وليس يُهزم من بالله يعتضد

إن يطلب الدين منهم نورَ فرقَدِها *** عادوا وفي كلِّ كفٍّ شعلة تقدُ

أو يطلب الدين منهم كلَّ ما ملكوا *** أدَّوه راضيةً نفسٌ فما تجدُ

لاقوا الشدائد ما لانَتْ قناتُهُمُ *** وجاهدوا في سبيل الله واجتهدوا

هذا بلالٌ على الرَّمضاء مضجعُه *** يقولها أحدٌ أعظِمْ بها أحدُ

وذي سميَّةُ لم تخشَ عواقبها *** كآل ياسر والتعذيب متَّقدُ

في الله قد صلبوا في الله قد سحبوا *** في الله ما شهدوا في الله ما وجدوا

أقسمتُ بالله ما من خلقه قسمٌ *** وكل حلف بغير الله مُنتَقَدُ

أقسمت أن رمال الجِيْدِ ما شهدَتْ *** عزًّا لغير كتاب الله يستندُ

أقسمت أن رسول الله ما عرفَتْ *** له شبيهًا سهولُ الأرض والجُدَدُ

وأن أمَّته خير القرون بهِمْ *** عاد الصواب إلى الدنيا بما جهدوا

الله يعلم كم ضحَّوا وكم بذلوا *** والأرض تشهد والأعداء قد شهدوا

سَلْ عن عدالتهم في مصر عَمْرَهم *** وسَلْ سمرقند والأجناد تحتشد

واسأل عن العلم والعمران أندلسًا *** واسأل عن الزرع كم شقُّوا وكم حصدوا

واسأل عن الروم إذ لانَتْ عريكتهم *** واسأل عن الفرس كم صدُّوا وكم حشدوا

وانظر إلى السور سور الصين تزحمُه *** كتائب الحق فالأسوار ترتعدُ

وفي ذُرَى الألبِ راياتٌ لهم خفقَتْ *** والبحر أطلسه يعلو به الزَّبدُ

داست سنابكُهم في البحر فاتحةً *** وسار أسطولهم والموج منعقد

وردَّدَ الكون والأملاك قاطبةً *** الله أكبر دين الله معتَضِدُ

وقل هو الأمن والإيمان قد نشرَا *** فوق البرايا فكم أثنوا وكم حمدوا

وقل هو الصدق والإخلاص قد غَمَرَا *** كل الدُّنا وتولَّى الحقد والحسد

وقل هو الجود والإيثار ... *** دين المكارم وانحلَّت به العقد

الناس يجمعهم حبٌّ ومرحمةٌ *** والأرض يحكمها عدل ومستَنَدُ

اليسر في الدين فالتكليف طاقتهم *** وأمرهم بينهم شورى بها سعدوا

والعفو شيمتهم والطُّهر سيمَتُهم *** والنبل خلَّتهم والصبر والجَلَدُ

آباؤنا الطِّيب لا ذلٌّ ولا وَهَنٌ *** وقومُنا الحُمْسُ لا كِبْرٌ ولا صَيَدُ

بالدين قد نُصِرُوا والله حافظهم *** والدين حرَّكهم من بعد أن جمدوا

لا يصلح النفس إلا بالذي صَلَحَتْ *** به الجدود ولا الإجماع منعقدُ

مَن حادَ عن سنة الهادي وشرعته *** معذَّبٌ ههنا والنار ترتصدُ

لا ينصر الله إلا حين ننصره *** لا تستقيم ظلال عودها أَوِدُ

وكلُّ مَن يدَّعي الإسلام معتَقَدًا *** بلا جهاد فهذا عيشه نكدُ

وكل ما يزرع الإنسان يحصده *** فأحسِنِ الزرع يحسُنْ حين يُحتصدُ

وكلُّ نفس بما تسعى محاسبةٌ *** يفنى الوجود ويبقى الواحد الأحدُ

...