قصة عبد الله بن مسعود في إنكاره بدعة التحلُّق جماعةً على الذكر ، والكلام على خطر البدعة .
A-
A=
A+
الشيخ : ولذلك وجدنا ابن مسعود يُسارع إلى إنكار حلقات الذكر في القصة المشهورة في " سنن الدارمي " وغيره بالسند الصحيح ، ولا أرى من المناسب الآن لنسوقها بتمامها ، وإنما أذكر الشاهد منها ؛ فقد رأى في بعض المساجد ناسًا حلقًا حلقًا ، وفي وسط كل حلقة منها رجل يقول لِمَن حوله : سبِّحوا كذا ، احمدوا كذا ، كبِّروا كذا ، وأمام كل رجل منهم حصى يعدُّ به التسبيح والتحميد والتكبير ، فقال لهم : ويحكم ما هذا الذي تصنعون ؟ قالوا : حصى - يعني شغلة بسيطة ما فيها غرابة أو نكارة - حصى نعدُّ به التسبيح والتكبير والتحميد . قال : " عدُّوا سيِّئاتكم وأنا الضَّامن لكم ألَّا يضيع من حسناتكم شيء ، ويحكم ما أسرع هَلَكَتَكم ! هذه ثيابه - صلى الله عليه وآله وسلم - لم تَبْلَ ، وهذه آنيته لم تُكسر ، والذي نفسي بيده أئنَّكم لَأهدى من أمة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - أو إنكم متمسِّكون بذَنَبِ ضلالة " ، قال هذا ... لما هم عليه من الابتداع في الدين ، فماذا كان جوابهم ؟ كان جوابهم خطأً ، ولكنهم مع ذلك هو أقل خطأ أو إغراقًا في الخطأ من أجوبة الناس اليوم ، الناس اليوم إذا ما أُنكِرَ عليهم بدعة مثل هذه البدعة ؛ قال : يا أخي شو فيها ؟! اجتمعنا على ذكر الله وحمد الله وتسبيح الله والصلاة على رسول الله ؛ شو فيها ؟!
أولئك كان جوابهم جواب يطابق واقعهم ، لكن ليس فيه جرأة على تقرير المسألة بالجهل كما يقع المتأخرون شو فيها ؟ يعني ما فيها شيء !! هم ما قالوا هكذا ، قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن . كأنهم يقولون : إن رأيت أن هذا أمرًا منكرًا فنحن ما أردناه ، والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير . وهذا صحيح ، ما أردنا إلا الخير ؛ فماذا كان جواب الرجل الفقيه حقًّا وهو عبد الله بن مسعود ؟ قال : " وكم مريدٍ للخير لا يصيبه ! " ؛ " وكم مريدٍ للخير لا يصيبه ! " لماذا ؟ لأن الأمر كما قال الشاعر :
" ترجو النجاة ولم تسلُكْ مسالكَها *** إنَّ السفينةَ لا تجري على اليَبَسِ "
اللي بدو ينجو بدو يتخذ الأسباب التي جَعَلَها الله - عز وجل - في سنَّته الكونية أو في سنَّته الشرعية سببًا للنجاة ، أما الإنسان جاهل يركب رأسه ويتصوَّر أن هذا هو طريق النجاة وطريق الخير ؛ فهو لن يصيب هذا الخير ، قال ابن مسعود : " وكم من مريدٍ للخير لا يصيبُه ! إن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - حدثنا : ( إن أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ) ، هذا - أيضًا - يؤيد كلمة ابن مسعود السابقة ... قرَّاؤكم ؛ لأن هؤلاء القرَّاء يقرؤون القرآن يهذُّونه هذًّا كهذِّ الشعر ، لا يفقهونه ولا يتفقَّهون فيه وبه ؛ ولذلك يقول الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث الذي يحدثنا به عبد الله بن مسعود : ( إن أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ) ؛ لا يصل القرآن إلى قلوبهم ( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) ، وهنا العبرة ، يقول شاهد هذه القصة : " فلقد رأينا أولئك الأقوام يقاتلوننا يوم النهروان " .
يوم النهروان كما هو معروف في التاريخ الإسلامي الأول هي معركة قامت بين الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فاضطُرَّ هو لمقاتلتهم إعمالًا منه لنصوص معروفة ، منها قوله - تبارك وتعالى - : (( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ )) ، فكانت الفرقة الطائفة الباغية هي طائفة الخوارج هؤلاء ، فقاتلهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بعد أن أقام الحجة عليهم ، وأرسل إليهم عبد الله بن عباس ليناظرهم ، ومع ذلك فما خضعوا للحجة ، فلزم عليًّا - رضي الله عنه - أن يقاتلهم بنصِّ القرآن الكريم ، فقاتلهم واستأصل شأفتهم إلا قليلًا منهم ، مِن هؤلاء الخوارج أصحاب حلقات الذكر أولئك .
ومن هذه القصة الصحيحة واقعة مش قصة تروى ، تروى بالسند الصحيح نأخذ عبرة بل عبرًا كثيرة ، منها ما يقوله العلماء : " إن الصغائر بريد الكبائر " ؛ لذلك يقولون ينبغي على المسلم ألَّا يستصغر ذنبًا صغيرًا ؛ لأن باعتياده على هذه الذنوب الصغيرة فستعتاد نفسه حتى تصل إلى استساغة الذنب الكبير ؛ فالصغائر بريد الكبائر ، فاقتبستُ أنا من كلمة العلماء أن البدعة الصغيرة تؤدِّي بصاحبها إلى البدعة الكبيرة ، وشاهدي على ذلك هذه القصة الصحيحة .
ومن هذه العبر أن ننظر إلى هؤلاء الذين أنكر عليهم بن مسعود تجمُّعَهم وتكتُّلهم في تلك المجالس ، ما هو الشيء المنكر ؟ يتوهَّم كثير من الناس حتى ممَّن يُنسبون إلى العلم أن هذه القصة أو بالأحرى إنكار ابن مسعود على هؤلاء تجمُّعهم على ذكر الله كما سمعتم هذا يُخالف الأحاديث الصحيحة التي فيها الحضُّ على الاجتماع والذكر ، وأن الملائكة ... مخصَّصين من رب العالمين ، فينزلون من السماء إلى الأرض يتتبَّعون حلقات الذكر ، هذا حديث صحيح في " صحيح مسلم " ، فيتوهَّمون أن مثل هذا الحديث يُعارض إنكار ابن مسعود على أصحاب الحلقات ، لماذا ينكر هذا الأحاديث تحضُّ على التجمُّع ؟! هذا الاستغراق وهذا التوهُّم من معارضة قصة ابن مسعود بأحاديث الحضِّ على حلقات الذكر إنما يأتي من قلة الفقه في الدين .
أولئك كان جوابهم جواب يطابق واقعهم ، لكن ليس فيه جرأة على تقرير المسألة بالجهل كما يقع المتأخرون شو فيها ؟ يعني ما فيها شيء !! هم ما قالوا هكذا ، قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن . كأنهم يقولون : إن رأيت أن هذا أمرًا منكرًا فنحن ما أردناه ، والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير . وهذا صحيح ، ما أردنا إلا الخير ؛ فماذا كان جواب الرجل الفقيه حقًّا وهو عبد الله بن مسعود ؟ قال : " وكم مريدٍ للخير لا يصيبه ! " ؛ " وكم مريدٍ للخير لا يصيبه ! " لماذا ؟ لأن الأمر كما قال الشاعر :
" ترجو النجاة ولم تسلُكْ مسالكَها *** إنَّ السفينةَ لا تجري على اليَبَسِ "
اللي بدو ينجو بدو يتخذ الأسباب التي جَعَلَها الله - عز وجل - في سنَّته الكونية أو في سنَّته الشرعية سببًا للنجاة ، أما الإنسان جاهل يركب رأسه ويتصوَّر أن هذا هو طريق النجاة وطريق الخير ؛ فهو لن يصيب هذا الخير ، قال ابن مسعود : " وكم من مريدٍ للخير لا يصيبُه ! إن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - حدثنا : ( إن أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ) ، هذا - أيضًا - يؤيد كلمة ابن مسعود السابقة ... قرَّاؤكم ؛ لأن هؤلاء القرَّاء يقرؤون القرآن يهذُّونه هذًّا كهذِّ الشعر ، لا يفقهونه ولا يتفقَّهون فيه وبه ؛ ولذلك يقول الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث الذي يحدثنا به عبد الله بن مسعود : ( إن أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ) ؛ لا يصل القرآن إلى قلوبهم ( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) ، وهنا العبرة ، يقول شاهد هذه القصة : " فلقد رأينا أولئك الأقوام يقاتلوننا يوم النهروان " .
يوم النهروان كما هو معروف في التاريخ الإسلامي الأول هي معركة قامت بين الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فاضطُرَّ هو لمقاتلتهم إعمالًا منه لنصوص معروفة ، منها قوله - تبارك وتعالى - : (( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ )) ، فكانت الفرقة الطائفة الباغية هي طائفة الخوارج هؤلاء ، فقاتلهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بعد أن أقام الحجة عليهم ، وأرسل إليهم عبد الله بن عباس ليناظرهم ، ومع ذلك فما خضعوا للحجة ، فلزم عليًّا - رضي الله عنه - أن يقاتلهم بنصِّ القرآن الكريم ، فقاتلهم واستأصل شأفتهم إلا قليلًا منهم ، مِن هؤلاء الخوارج أصحاب حلقات الذكر أولئك .
ومن هذه القصة الصحيحة واقعة مش قصة تروى ، تروى بالسند الصحيح نأخذ عبرة بل عبرًا كثيرة ، منها ما يقوله العلماء : " إن الصغائر بريد الكبائر " ؛ لذلك يقولون ينبغي على المسلم ألَّا يستصغر ذنبًا صغيرًا ؛ لأن باعتياده على هذه الذنوب الصغيرة فستعتاد نفسه حتى تصل إلى استساغة الذنب الكبير ؛ فالصغائر بريد الكبائر ، فاقتبستُ أنا من كلمة العلماء أن البدعة الصغيرة تؤدِّي بصاحبها إلى البدعة الكبيرة ، وشاهدي على ذلك هذه القصة الصحيحة .
ومن هذه العبر أن ننظر إلى هؤلاء الذين أنكر عليهم بن مسعود تجمُّعَهم وتكتُّلهم في تلك المجالس ، ما هو الشيء المنكر ؟ يتوهَّم كثير من الناس حتى ممَّن يُنسبون إلى العلم أن هذه القصة أو بالأحرى إنكار ابن مسعود على هؤلاء تجمُّعهم على ذكر الله كما سمعتم هذا يُخالف الأحاديث الصحيحة التي فيها الحضُّ على الاجتماع والذكر ، وأن الملائكة ... مخصَّصين من رب العالمين ، فينزلون من السماء إلى الأرض يتتبَّعون حلقات الذكر ، هذا حديث صحيح في " صحيح مسلم " ، فيتوهَّمون أن مثل هذا الحديث يُعارض إنكار ابن مسعود على أصحاب الحلقات ، لماذا ينكر هذا الأحاديث تحضُّ على التجمُّع ؟! هذا الاستغراق وهذا التوهُّم من معارضة قصة ابن مسعود بأحاديث الحضِّ على حلقات الذكر إنما يأتي من قلة الفقه في الدين .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 276
- توقيت الفهرسة : 00:05:20
- نسخة مدققة إملائيًّا