تفسير قوله - تعالى - : (( لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) ، ومعنى حديث : ( وُضِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان ) ، وهل النَّاسي مكلَّف ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تفسير قوله - تعالى - : (( لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) ، ومعنى حديث : ( وُضِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان ) ، وهل النَّاسي مكلَّف ؟
A-
A=
A+
الشيخ : ... فالأدلة التي استند عليها الذين قالوا أنَّ الأصل في الشرع ألَّا يُؤاخذ الناسي والمخطئ هذه الأدلة كآية : (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) ، وحديث : ( وُضِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه ) .

-- ... --

هذه الأدلة قطعًا اطَّلع عليها الأحناف ، وهي تصادم ما يذهبون إليه من القاعدة المعاكسة لما تقعِّده هذه الأدلة ، ولكنهم أجابوا عليها بقولهم : ( وُضع عن أمتي الخطأ ) يعني المُؤاخذة بإثم الخطأ ، أما من الناحية العملية والتكليف الشرعي فهو مكلَّف ، إي هنا بقى يستطيع الإنسان أن يرجِّح بين القولين ، فنحن نقول : إن التأويل خلاف الأصل ، والأصل أن نأخذ بكلام الله ورسوله على ظاهرهما بدون تأويل إلا إذا قام الدليل المُوجب للتأويل ، فهنا (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) جاء الوحي من السماء عن ربِّ العالمين يقول : نعم ، طيب ؛ التفصيل من أين نأتي به ؟ (( لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) مطلقًا لا تأثيمًا ولا تكليفًا ، فهذا التأويل خلاف ظاهر النَّصِّ ، كذلك ( وُضِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه ) ، أيضًا مطلقًا ؛ وُضع عنهم المؤاخذة مطلقًا لا بالتكليف ولا بالتأثيم ، لا تكليف في ذلك ولا تأثيم على ذلك ، هذا هو ظاهر النصوص ، فإذا أوَّل الحنفية هذه النصوص نقول لهم : ما هو الدليل الشرعي الموجب لهذا التأويل ؟ ليس عندهم دليل إلا القاعدة التي وضعوها بناءً على الفروع من الأوامر والتكاليف ، هذه لا تعطي قاعدة ، مثلًا : ( لا صلاة لمن لا وضوء له ) هذا لا يعطي قاعدة أنُّو ولو صلى بدون وضوء أنه ، لو صلى بدون وضوء ناسيًا طبعًا أنه يُؤاخذ ويُكلَّف بأن يعيد الصلاة ، هذا يضع أصل أنُّو يجب أن يتوضَّأ ، أما تُرى إذا صلى بدون وضوء ناسيًا هذا ما حكمه ؟

السائل : ... .

الشيخ : بدنا ، لا ، بنتساءل الآن بدنا قاعدة نأخذ الجواب منها ، القاعدة ... (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) والحديث السابق ، إلا إذا جاء نصٌّ كما قلنا يعني بالنسبة لمذهب الشافعي وابن حزم ؛ الأصل ألَّا يُؤاخذ إلا بنصٍّ كالقاتل - مثلًا - خطأً ، فهذا يُكلَّف شرعًا بأنُّو يدفع الدية فهو معلوم ، فتأويلهم إذًا لهذه النصوص انتصارًا للقاعدة التي أخذوها هم بطريق الاستنباط لا بطريق النَّصِّ لا ينهض تأويلهم استنادًا لقاعدتهم لهذه النصوص ، فتترجَّح قاعدة الشافعي وقاعدة ابن حزم على القاعدة المعاكسة الحنفيَّة ؛ بسبب أن هذه القاعدة بُنيت على نصٍّ صريح ، وقاعدة الحنفية ما عندهم نص صريح لتقعيد هذه القاعدة ، وإنما رجعوا إلى الأوامر على أساس أنَّها مطلقة ، لكن هذه النصوص المطلقة يجب تقييدها بهذه القاعدة الشرعية (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) .

مواضيع متعلقة