متى يكفر تارك الصلاة يا جماعة ؟ أبصلاة واحدة أم بخمس أم كيف يكون هذا ؟ والتفريق بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي ، أو الكفر اللفظي والكفر القلبي .
A-
A=
A+
الشيخ : وأنا أرجو - أيضًا - بهذه المناسبة ؛ متى يكفر تارك الصلاة يا جماعة ؟ أبصلاة واحدة أم بخمس أم كيف يكون هذا ؟ نحن نعلم التحذير الشديد من الرسول - عليه السلام - حين يقول - مثلًا - قوله : ( من فاتته صلاة العصر ؛ فكأنما وُتر أهله وماله ) أكفر ؟ إن قيل : نعم ؛ قلنا ما الدليل ؟ وإن وُضع شروط - ولا سبيل إلى هذه الشروط ؛ لأنه لا وجود لها - ؛ فما هي الشروط ؟ وبأيِّ عدد إذا ترك الكسلان عن الصلاة وليس المُنكر لها ؟ ما هي الصلوات التي إذا أجمع التارك لها على تركها بحيث يصبح مرتدًّا عن دينه خارجًا عن ملته ؛ مع أنه يؤمن بشرعية ... وأنه يعترف بقصوره بسبب تركه إياها ؟ لا يستطيع أحد أن يضع حدًّا لهذا ، ولذلك فلا يجوز - والحالة هذه - إطلاق كلمة التكفير ، والذي يُطلق هذا ... لا يستطيع أن يضع حدًّا لتنفيذها ؛ فهل علمتم لهذا السؤال جوابًا ؟ متى يكفر ؟
تفضل .
السائل : بعض العلماء يقول من ترك صلاةً واحدةً حتى يخرج وقتها عمدًا فهو كافر ... .
الشيخ : معليش.
السائل : عفوًا ، بعضهم يقول : من تركها بالكلية فهو لا يصلي مطلقًا ، لا صلاة جمعة ولا صلاة عيدين ولا صلاة الفريضة ؛ هذا الذي يكفَّر .
الشيخ : كويس ؛ فما الدليل على هذا أو ذاك ؟
السائل : الترك ، البعض يقول من تركها .
الشيخ : معليش ؛ في خلاف أصبح ، بعضهم بصلاة واحدة يكفِّره ، وبعضهم لا يكفِّره إلا لو تركها بالكلية ؛ بمعنى إذا كان من النوع الذي نقول نحن عنه في بلاد الشام يرقِّع صلاته ؛ يعني تارةً يصلي وتارةً لا يصلي ؛ كهؤلاء الذين لا يعرفون الصلاة إلا في رمضان مثلًا ، هذا شيء كثير عندنا ، أهؤلاء كفار ؟ عند الأولين كفَّار ، عند الآخرين ليسوا بكفَّار ، هذا الاختلاف وحده جاءكم عن الذين يقولون لا يكفر مطلقًا إلا بالجحد ، هذا هو معروف بكتب الفقه ، لكن الآن هذا التفصيل ؛ منهم من يقول : يكفر بترك صلاة واحدة ، ومنهم من يقول : بإعراضه عن الصلاة طيلة الحياة ، إذًا المسألة فيها خلاف ، هذا الخلاف بماذا نرفعه ؟ ما هو الدليل الذي يجعلنا نطمئن بعد أن نقول : تارك الصلاة كافر ؟ تارك الصلاة كافر ؛ من هو ؟ مَن ترك صلاة واحدة كما قال في الحديث : ( مَن ترك صلاة مكتوبة متعمِّدًا فقد برئت منه ذمَّة الله ورسوله ) ، هذه وعيد شديد جدًّا ، لكن هل هو متَّفق على دلالته على الكفر ؟ واضح جدًّا أن الذين يُطلقون القول بكفر تارك الصلاة ما اتفقوا على هذا ، إذًا المسألة تحتاج إلى تأنِّي ؛ لأننا نعلم الأحاديث الكثيرة التي جاءت تحذِّر المسلم من أن يُطلق كلمة الكفر على أخيه المسلم ، والمسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله لا يجوز إخراجه من دائرة الإسلام لمجرَّد أنه أخلَّ بركن من أركانها .
تفضل .
السائل : طيب يا شيخ ، لو قال قائل : ... رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال : ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) ، والصحابي الذي قال عبد الله بن شقيق الحديث المعروف : ما كان صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث ، فلو قال : إن ترك الصلاة ( بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة ) هذه اسم الجنس ؛ فإذًا إذا صدقَ أن يُطلقَ عليه أنه ترك جنس الصلاة ؛ فإنه يكفر ، فيكون هذا الجواب الذي يرفع الخلاف ، والحديث الذي يقول : أن ناس من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يُخرجون من النار ، ويُعرفون بآثار السجود ، فناس يجوزون الصراط بالكلية يدخلون الجنة ، وهناك يُعذَّبون ثم يخرجون بالشفاعة بآثار السجود ، فأين ترى أن تاركي الصلاة بالكلية الذين ليست عليهم آثار السجود نهائيًّا ؛ أين ترى أن يخرجوا من النار ؟ يعني أرجو الإجابة عن هاتين النقطتين ؟
الشيخ : أرى أنهم يخرجون بشفاعة ربِّ العالمين الذي قال : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ )) ؛ فهل تارك الصلاة مشرك ؟ وهل شفاعة ربِّ العالمين هي كشفاعة سيد الأنبياء والمرسلين فضلًا عن سائر الأنبياء والمرسلين ولَّا هي أعمُّ وأشمل ؟
السائل : لأ ، أعمُّ وأشمل .
الشيخ : طيب ؛ فيشمل كما جاء في بعض الأحاديث : ( أخرجوا من النار مَن كان في قلبه مثقال ذرَّة من إيمان ) ، فهل يمكن أن نقول بأن تارك الصلاة لا عن جحدٍ ليس في قلبه ذرة من إيمان ؟ ما أظن يقول هذا إلا الخوارج ، حتى الخوارج ما أظن يقولون بهذا .
السائل : طيب ؛ والكلام الأول ؟
الشيخ : وهو ؟
السائل : لو صدق أن يُطلق عليه أنه ترك جنس الصلاة فإنه يكفر .
الشيخ : الكلام الأول جوابه : ( سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر ) ، لو صحَّ حديث أبي يعلى الذي فيه : ( فهو كافر حلال الدم ) ، في أحد منكم مستحضر المتن ولَّا يكفي الجزء هذا منه ؟ لو صحَّ هذا اللفظ انتهى الموضوع ، وخُتم بطابع الكفر .
السائل : الأكبر يعني ؟
الشيخ : ها ؟
السائل : ... الكفر الأكبر ... تارك الصلاة ، لو صحَّ الحديث .
الشيخ : إي نعم ، لو صحَّ الحديث ، لكن لا يوجد أنَّ مَن ترك الصلاة فهو كافر بالأحاديث الصحيحة بل الحسنة ، لكن أنه كفر فلا شك في ذلك ، لكن هنا يدخل البحث الدَّقيق الذي فهمناه من أئمة السنة كابن تيمية وابن القيم الجوزية أن الكفر قسمان : كفر اعتقادي وكفر عملي ، أو تقسيم آخر وفيه دقة - أيضًا - : كفر لفظي وكفر قلبي ، والكفر اللفظي والكفر العملي لا يُخرجان صاحبه من الملة ؛ لأنه كفر بمعنى عمل عمل الكفار ، فإذا اعتقد اعتقاد الكفار فحين ذاك تنتهي القضية ، أَمَا والبحث في تارك الصلاة معترفًا بفرضيَّتها معترفًا بتقصيره في تركه أداءَها ؛ فهنا لا نستطيع أن نقول هذا كفره كفر اعتقادي ؛ لأنه يخالف واقعها ما استقرَّ في قلبه من الإيمان بشرعية هذه الصلاة ، فكفره إذًا كفر عملي ؛ فلا ينبغي أن نقطع بأن الحديث الذي ذكرته : ( فمن ترك الصلاة فقد كفر ) ؛ أي : بمعنى ارتدَّ عن دينه ؛ لأن مثل هذه اللفظة جاءت في كثير من العصاة .
السائل : ... هو الكفر الذي يخلد صاحبه في النار هو الكفر الاعتقادي فقط .
الشيخ : إي نعم .
السائل : وأن جميع أنواع الكفر العملي لا يمكن صاحبها يخلد في النار .
الشيخ : إي نعم ، هو كذلك .
السائل : طيب ؛ نصَّ على هذا يعني نفس الذين قسَّموا الكفر إلى كفرين نصُّوا على أن هذه عاقبة هذا وهذا عاقبة هذا ؟
الشيخ : لا لا لا مش ضروري نصُّوا ، هذا أمر لا يختلف فيه اثنان ، يعني إذا كان الكفر كفرًا عمليًّا وإلا ما فائدة التقسيم ؟ لما يفصِّلون أن الكفر - كما قلنا - كفر عملي وكفر اعتقادي ، أو كفر قلبي وكفر لفظي ، شو فائدة هذا التقسيم إذا أردنا أن نقول : النهاية واحدة وهي الخلود في نار جهنم ؟ لا ، هم من الوضوح بمكان أنهم قصدوا بذلك أنه لا يجوز أن نسوقَ من كفر كفرًا عمليًّا مساق من كفر كفرًا اعتقاديًّا ، لا يجوز أن نسوقَ من كفر كفرًا لفظيًّا كالذي كفر كفرًا قلبيًّا ، وأنتم تستحضرون معي ما رواه الإمام أحمد في " مسنده " من حديث ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - قال : خطب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في أصحابه ، فقام رجل وقال له : " ما شاء الله وشئت يا رسول الله " . قال : ( أجعلتني لله ندًّا ؟! قل ما شاء الله وحدَه ) ؛ فهل كان هذا كفره كفرًا عمليًّا أم كفرًا اعتقاديًّا ؟ ما أظن أحدًا يقول بأن كفر هذا كان كفرًا اعتقاديًّا مخرجًا له عن الملة ، مع ذلك أنكر عليه الرسول - عليه السلام - بالاستفهام الاستنكاري الشديد : ( أجعلتني لله ندًّا ؟! ) ؛ كما لو أخبر مخبرٌ أن هذا الذي خاطب الرسول بقوله : ما شاء الله وشئت جعل النبيَّ لله ندًّا ، فمن جعل عبدًا من عباد الله لله ندًّا لا شك أنه في ذلك يكون قد خرج عن الملة ، ويكون مخلَّدًا في النار إلا أن يتوب إلى الله - تبارك وتعالى - .
فالآن نقول بالنسبة لهذا الصحابي : الذي أشرك نبيَّه مع الله بقوله : ما شاء الله وشئت ؛ ماذا كان شركُه لفظيًّا أم قلبيًّا ؟ لا يشكُّ ذو رأي وفهم أن شركه كان شركًا لفظيًّا ؛ ذلك بأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مع كونه بالغَ في الإنكار عليه بهذه الصِّيغة الشديدة ما حشره في ذمَّة المشركين المرتدِّين عن دينهم ؛ لأنه لم يأمره بأن يجدِّد إيمانه وأن يجدِّد عقده على زوجته ، وما رتَّب كما يترتَّب على مَن ارتدَّ عن دينه من ... ؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم - ونحن منه نتعلَّم - أن هذا الرجل أخطأ بلسانه ، كذاك الرجل الذي تعرفون حديثه في " صحيح مسلم " الذي خرج مسافرًا على ناقته وعليها زاده طعامه وشرابه ، ثم لما صار وقت القيلولة وضع رأسه ونام تحت شجرة ، ولما استيقظ لم يجد الناقة ، وفقد طعامه وشرابه معها ، فأخذ يبحث عنها عبثًا ، ثم استسلم للموت جوعًا وعطشًا ، ثم لما استيقظ وجد ناقة عند رأسه كما عرفها ، عليها طعامه وشرابها ، فقال : ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) ، هذا كفر ، لكن هذا كفر لفظي ؛ لأنه من هول الفرح وشدَّة السرور أخطأ هذا الخطأ الفاحش لفظًا ، كذلك ذلك الصحابي لما قال : ما شاء الله وشئت إنَّما يعني ، هنا الآن التأويل الذي لا بدَّ منه ؛ لأنه يعني يا رسول الله يجب إطاعتك كما يجب إطاعة الله ، لأن الله يقول : (( مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه )) ، لكن تعبيره كان مشكلًا ، فصحح له - عليه الصلاة والسلام - تعبيره بعد أن أنكر عليه وأفهمه أن هذا التعبير شرك لفظي ، وعليك أن تقول : ما شاء الله وحده ، فإذًا هذا التفريق بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي والكفر اللفظي والكفر القلبي مجرَّد أن يفرِّق العالم هذا التفريق ؛ فمعناه أن العاقبة تختلف ، هذا الذي كفر كفرًا عمليًّا أو كفرًا لفظيًّا لا يخلد في النار ، وهذا الذي كفر قلبيًّا أو كفرًا اعتقاديًّا فهو المخلَّد في النار .
تفضل .
السائل : بعض العلماء يقول من ترك صلاةً واحدةً حتى يخرج وقتها عمدًا فهو كافر ... .
الشيخ : معليش.
السائل : عفوًا ، بعضهم يقول : من تركها بالكلية فهو لا يصلي مطلقًا ، لا صلاة جمعة ولا صلاة عيدين ولا صلاة الفريضة ؛ هذا الذي يكفَّر .
الشيخ : كويس ؛ فما الدليل على هذا أو ذاك ؟
السائل : الترك ، البعض يقول من تركها .
الشيخ : معليش ؛ في خلاف أصبح ، بعضهم بصلاة واحدة يكفِّره ، وبعضهم لا يكفِّره إلا لو تركها بالكلية ؛ بمعنى إذا كان من النوع الذي نقول نحن عنه في بلاد الشام يرقِّع صلاته ؛ يعني تارةً يصلي وتارةً لا يصلي ؛ كهؤلاء الذين لا يعرفون الصلاة إلا في رمضان مثلًا ، هذا شيء كثير عندنا ، أهؤلاء كفار ؟ عند الأولين كفَّار ، عند الآخرين ليسوا بكفَّار ، هذا الاختلاف وحده جاءكم عن الذين يقولون لا يكفر مطلقًا إلا بالجحد ، هذا هو معروف بكتب الفقه ، لكن الآن هذا التفصيل ؛ منهم من يقول : يكفر بترك صلاة واحدة ، ومنهم من يقول : بإعراضه عن الصلاة طيلة الحياة ، إذًا المسألة فيها خلاف ، هذا الخلاف بماذا نرفعه ؟ ما هو الدليل الذي يجعلنا نطمئن بعد أن نقول : تارك الصلاة كافر ؟ تارك الصلاة كافر ؛ من هو ؟ مَن ترك صلاة واحدة كما قال في الحديث : ( مَن ترك صلاة مكتوبة متعمِّدًا فقد برئت منه ذمَّة الله ورسوله ) ، هذه وعيد شديد جدًّا ، لكن هل هو متَّفق على دلالته على الكفر ؟ واضح جدًّا أن الذين يُطلقون القول بكفر تارك الصلاة ما اتفقوا على هذا ، إذًا المسألة تحتاج إلى تأنِّي ؛ لأننا نعلم الأحاديث الكثيرة التي جاءت تحذِّر المسلم من أن يُطلق كلمة الكفر على أخيه المسلم ، والمسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله لا يجوز إخراجه من دائرة الإسلام لمجرَّد أنه أخلَّ بركن من أركانها .
تفضل .
السائل : طيب يا شيخ ، لو قال قائل : ... رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال : ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) ، والصحابي الذي قال عبد الله بن شقيق الحديث المعروف : ما كان صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث ، فلو قال : إن ترك الصلاة ( بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة ) هذه اسم الجنس ؛ فإذًا إذا صدقَ أن يُطلقَ عليه أنه ترك جنس الصلاة ؛ فإنه يكفر ، فيكون هذا الجواب الذي يرفع الخلاف ، والحديث الذي يقول : أن ناس من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يُخرجون من النار ، ويُعرفون بآثار السجود ، فناس يجوزون الصراط بالكلية يدخلون الجنة ، وهناك يُعذَّبون ثم يخرجون بالشفاعة بآثار السجود ، فأين ترى أن تاركي الصلاة بالكلية الذين ليست عليهم آثار السجود نهائيًّا ؛ أين ترى أن يخرجوا من النار ؟ يعني أرجو الإجابة عن هاتين النقطتين ؟
الشيخ : أرى أنهم يخرجون بشفاعة ربِّ العالمين الذي قال : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ )) ؛ فهل تارك الصلاة مشرك ؟ وهل شفاعة ربِّ العالمين هي كشفاعة سيد الأنبياء والمرسلين فضلًا عن سائر الأنبياء والمرسلين ولَّا هي أعمُّ وأشمل ؟
السائل : لأ ، أعمُّ وأشمل .
الشيخ : طيب ؛ فيشمل كما جاء في بعض الأحاديث : ( أخرجوا من النار مَن كان في قلبه مثقال ذرَّة من إيمان ) ، فهل يمكن أن نقول بأن تارك الصلاة لا عن جحدٍ ليس في قلبه ذرة من إيمان ؟ ما أظن يقول هذا إلا الخوارج ، حتى الخوارج ما أظن يقولون بهذا .
السائل : طيب ؛ والكلام الأول ؟
الشيخ : وهو ؟
السائل : لو صدق أن يُطلق عليه أنه ترك جنس الصلاة فإنه يكفر .
الشيخ : الكلام الأول جوابه : ( سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر ) ، لو صحَّ حديث أبي يعلى الذي فيه : ( فهو كافر حلال الدم ) ، في أحد منكم مستحضر المتن ولَّا يكفي الجزء هذا منه ؟ لو صحَّ هذا اللفظ انتهى الموضوع ، وخُتم بطابع الكفر .
السائل : الأكبر يعني ؟
الشيخ : ها ؟
السائل : ... الكفر الأكبر ... تارك الصلاة ، لو صحَّ الحديث .
الشيخ : إي نعم ، لو صحَّ الحديث ، لكن لا يوجد أنَّ مَن ترك الصلاة فهو كافر بالأحاديث الصحيحة بل الحسنة ، لكن أنه كفر فلا شك في ذلك ، لكن هنا يدخل البحث الدَّقيق الذي فهمناه من أئمة السنة كابن تيمية وابن القيم الجوزية أن الكفر قسمان : كفر اعتقادي وكفر عملي ، أو تقسيم آخر وفيه دقة - أيضًا - : كفر لفظي وكفر قلبي ، والكفر اللفظي والكفر العملي لا يُخرجان صاحبه من الملة ؛ لأنه كفر بمعنى عمل عمل الكفار ، فإذا اعتقد اعتقاد الكفار فحين ذاك تنتهي القضية ، أَمَا والبحث في تارك الصلاة معترفًا بفرضيَّتها معترفًا بتقصيره في تركه أداءَها ؛ فهنا لا نستطيع أن نقول هذا كفره كفر اعتقادي ؛ لأنه يخالف واقعها ما استقرَّ في قلبه من الإيمان بشرعية هذه الصلاة ، فكفره إذًا كفر عملي ؛ فلا ينبغي أن نقطع بأن الحديث الذي ذكرته : ( فمن ترك الصلاة فقد كفر ) ؛ أي : بمعنى ارتدَّ عن دينه ؛ لأن مثل هذه اللفظة جاءت في كثير من العصاة .
السائل : ... هو الكفر الذي يخلد صاحبه في النار هو الكفر الاعتقادي فقط .
الشيخ : إي نعم .
السائل : وأن جميع أنواع الكفر العملي لا يمكن صاحبها يخلد في النار .
الشيخ : إي نعم ، هو كذلك .
السائل : طيب ؛ نصَّ على هذا يعني نفس الذين قسَّموا الكفر إلى كفرين نصُّوا على أن هذه عاقبة هذا وهذا عاقبة هذا ؟
الشيخ : لا لا لا مش ضروري نصُّوا ، هذا أمر لا يختلف فيه اثنان ، يعني إذا كان الكفر كفرًا عمليًّا وإلا ما فائدة التقسيم ؟ لما يفصِّلون أن الكفر - كما قلنا - كفر عملي وكفر اعتقادي ، أو كفر قلبي وكفر لفظي ، شو فائدة هذا التقسيم إذا أردنا أن نقول : النهاية واحدة وهي الخلود في نار جهنم ؟ لا ، هم من الوضوح بمكان أنهم قصدوا بذلك أنه لا يجوز أن نسوقَ من كفر كفرًا عمليًّا مساق من كفر كفرًا اعتقاديًّا ، لا يجوز أن نسوقَ من كفر كفرًا لفظيًّا كالذي كفر كفرًا قلبيًّا ، وأنتم تستحضرون معي ما رواه الإمام أحمد في " مسنده " من حديث ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - قال : خطب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في أصحابه ، فقام رجل وقال له : " ما شاء الله وشئت يا رسول الله " . قال : ( أجعلتني لله ندًّا ؟! قل ما شاء الله وحدَه ) ؛ فهل كان هذا كفره كفرًا عمليًّا أم كفرًا اعتقاديًّا ؟ ما أظن أحدًا يقول بأن كفر هذا كان كفرًا اعتقاديًّا مخرجًا له عن الملة ، مع ذلك أنكر عليه الرسول - عليه السلام - بالاستفهام الاستنكاري الشديد : ( أجعلتني لله ندًّا ؟! ) ؛ كما لو أخبر مخبرٌ أن هذا الذي خاطب الرسول بقوله : ما شاء الله وشئت جعل النبيَّ لله ندًّا ، فمن جعل عبدًا من عباد الله لله ندًّا لا شك أنه في ذلك يكون قد خرج عن الملة ، ويكون مخلَّدًا في النار إلا أن يتوب إلى الله - تبارك وتعالى - .
فالآن نقول بالنسبة لهذا الصحابي : الذي أشرك نبيَّه مع الله بقوله : ما شاء الله وشئت ؛ ماذا كان شركُه لفظيًّا أم قلبيًّا ؟ لا يشكُّ ذو رأي وفهم أن شركه كان شركًا لفظيًّا ؛ ذلك بأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مع كونه بالغَ في الإنكار عليه بهذه الصِّيغة الشديدة ما حشره في ذمَّة المشركين المرتدِّين عن دينهم ؛ لأنه لم يأمره بأن يجدِّد إيمانه وأن يجدِّد عقده على زوجته ، وما رتَّب كما يترتَّب على مَن ارتدَّ عن دينه من ... ؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم - ونحن منه نتعلَّم - أن هذا الرجل أخطأ بلسانه ، كذاك الرجل الذي تعرفون حديثه في " صحيح مسلم " الذي خرج مسافرًا على ناقته وعليها زاده طعامه وشرابه ، ثم لما صار وقت القيلولة وضع رأسه ونام تحت شجرة ، ولما استيقظ لم يجد الناقة ، وفقد طعامه وشرابه معها ، فأخذ يبحث عنها عبثًا ، ثم استسلم للموت جوعًا وعطشًا ، ثم لما استيقظ وجد ناقة عند رأسه كما عرفها ، عليها طعامه وشرابها ، فقال : ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) ، هذا كفر ، لكن هذا كفر لفظي ؛ لأنه من هول الفرح وشدَّة السرور أخطأ هذا الخطأ الفاحش لفظًا ، كذلك ذلك الصحابي لما قال : ما شاء الله وشئت إنَّما يعني ، هنا الآن التأويل الذي لا بدَّ منه ؛ لأنه يعني يا رسول الله يجب إطاعتك كما يجب إطاعة الله ، لأن الله يقول : (( مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه )) ، لكن تعبيره كان مشكلًا ، فصحح له - عليه الصلاة والسلام - تعبيره بعد أن أنكر عليه وأفهمه أن هذا التعبير شرك لفظي ، وعليك أن تقول : ما شاء الله وحده ، فإذًا هذا التفريق بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي والكفر اللفظي والكفر القلبي مجرَّد أن يفرِّق العالم هذا التفريق ؛ فمعناه أن العاقبة تختلف ، هذا الذي كفر كفرًا عمليًّا أو كفرًا لفظيًّا لا يخلد في النار ، وهذا الذي كفر قلبيًّا أو كفرًا اعتقاديًّا فهو المخلَّد في النار .
- رحلة النور - شريط : 52
- توقيت الفهرسة : 00:15:00
- نسخة مدققة إملائيًّا