ذكر قصة عن أبي عبد الله بن بطة - رحمه الله تعالى - في شأن القيام .
A-
A=
A+
الشيخ : كنت أريد أن أروي آنفًا قصَّة ، لأ بل قصص ؛ ليتبيَّن لكم أهمية هذه العادة ومبلغ مخالفتها للشريعة ، يوجد من علماء الحنابلة القدامى رجل معروف بأبي عبد الله بن أبي بطة ، رجل فقيه - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته - فقيه ومحدث ، خرج ذات يوم إلى السوق ، ومعه صاحب له شاعر ، لكنه يعرف فقه الشيخ ابن بطة ، فمرَّ ابن بطة برجل عالم في دكَّانه ، وهذا اليوم لا ترونه ، لا ترون عالمًا يعمل في دكَّانه ، اليوم العلماء موظَّفون ، أما عمال تجَّار مهن حرة لم يبقَ لهذا ذكر في الأيام الأخيرة هذه ، بخلاف الزمن السابق ، فكبار العلماء كانوا تجارًا .
الشاهد : أن ابن بطة هذا العالم الفاضل لما مرَّ بذاك الرجل العالم في دكَّانه قام لابن بطة إكرامًا ، فهذا العالم يعرف مذهب ابن بطَّة في كراهته للقيام كراهة شديدة ، ولذلك اعتذرَ له ببيتَين من الشعر ؛ قال له :
" لا تلمني على القيام فحقِّي *** حين تبدو ألا أملَّ القياما "
هذا الكلام بيعجبك هلق أنت ! لكن تهيَّأ لتلقي الجواب :
" لا تلمني على القيام فحقِّي *** حين تبدو ألا أملَّ القياما
أنت من أكرم البريَّة عندي *** ومن الحقِّ أن أجلَّ الكراما "
قال ابن بطة لصاحبه الشاعر أجِبْه عنِّي ؛ لأن العلماء ما يُحسنون الشعر فعلًا ؛ لأن ما هم فيه يُشغلهم عنه ، فقال لصاحبه الشاعر أجِبْه عنِّي ؛ قال :
" أنت إن كنتَ لا عدمتك ترعى *** لي حقًّا وتظهر الإعظاما
فلك الفضل في التقدُّم والعلم *** ولسنا نريد منك احتشاما
فاعفنِي الآن من قيامك هذا *** أولًا فسأجزيك بالقيام قياما
وأنا كارهٌ لذلك جدًّا *** إن فيه تملُّقًا وأثاما
لا تكلِّف أخاك أن يتلقَّاك *** بما يستحلُّ به الحراما
وإذا صحَّت الضَّمائر منَّا *** اكتفينا من أن نتعب الأجساما
كلنا واثقٌ بودِّ أخيه *** ففيم انزعاجنا وعلاما "
شايف هالبيتين هدول ما أجملهم !
" لا تكلِّف أخاك أن يتلقاك *** بما يستحلُّ به الحراما
فإذا صحَّت الضَّمائر منَّا *** اكتفينا من أن نتعب الأجساما
كلنا واثقٌ بودِّ أخيه *** ففيم انزعاجنا وعلاما "
لذلك فالمهم في المجتمع الإسلامي هو تصفية القلوب والنوايا وليس المداهنة والمجاملة ، وأنتم تشاهدون قد يذكر رجل صالح معروف صلاحه ، لكن لا أحد يأبَهُ له ، قد يدخل رجل له جاه له مال له ثروة فيقومون له قيامًا ؛ هذا هو الإكرام الذي أمر به الرسول - عليه السلام - ؟! لا .
ولذلك فأنا أقول كلمة أخيرة في الموضوع : على الناس المتوادِّين المتحابِّين على الأقل أن يعتادوا على ترك القيام ، وألَّا يتكلَّف بعض لبعض بالقيام ، وأن يوسِّعوا دائرة ترك هذا القيام بقدر الاستطاعة ؛ بحيث ما يعملوا مشاكل مع الناس ، لكن في الوقت نفسه ما ننسى هذه السنة ... عدم القيام ، عدم القيام هو السنة ، والقيام هذا هو أمر عارض على السنة ، وينبغي أن نحيي السنة دائمًا ، وأما الأمر العارض فنحتاط له ، ونعمل بقدر ما نستطيع ، ولا يكلِّف الله نفسًا إلا وسعها ، ويوم يمشي الناس في هذا الطريق ؛ فحينئذٍ ستنعكس العادة تمامًا .
الآن نحن عندنا في عمان وفي دمشق ما أقول عمان كلها ولا أقول دمشق كلها ، لكن الإخوان المتفاهمين على من بعض أكبر واحد بيدخل أصغر واحد بيدخل ما أحد يقوم ، إن كان المجتمع الحاضرين قليلين يدخل يسلِّم ويصافح ، ويجلس حيث انتهى به المجلس ، وإن كان جمع غفير وكثير يكتفي بإلقاء السلام ، ويجلس حيث انتهى به المجلس ، أو حيث أراد به ربُّ الدار أن يُجلسه ، هذا هو اللائق في تواضع المسلمين بعضهم مع بعض ، أما هذا القيام فهو من شِيَمِ المتكبِّرين ، ولذلك قال - عليه الصلاة والسلام - : ( من أحبَّ أن يتمثَّلَ له الناس قيامًا ؛ فليتبوَّأْ مقعده من النار ) .
الشاهد : أن ابن بطة هذا العالم الفاضل لما مرَّ بذاك الرجل العالم في دكَّانه قام لابن بطة إكرامًا ، فهذا العالم يعرف مذهب ابن بطَّة في كراهته للقيام كراهة شديدة ، ولذلك اعتذرَ له ببيتَين من الشعر ؛ قال له :
" لا تلمني على القيام فحقِّي *** حين تبدو ألا أملَّ القياما "
هذا الكلام بيعجبك هلق أنت ! لكن تهيَّأ لتلقي الجواب :
" لا تلمني على القيام فحقِّي *** حين تبدو ألا أملَّ القياما
أنت من أكرم البريَّة عندي *** ومن الحقِّ أن أجلَّ الكراما "
قال ابن بطة لصاحبه الشاعر أجِبْه عنِّي ؛ لأن العلماء ما يُحسنون الشعر فعلًا ؛ لأن ما هم فيه يُشغلهم عنه ، فقال لصاحبه الشاعر أجِبْه عنِّي ؛ قال :
" أنت إن كنتَ لا عدمتك ترعى *** لي حقًّا وتظهر الإعظاما
فلك الفضل في التقدُّم والعلم *** ولسنا نريد منك احتشاما
فاعفنِي الآن من قيامك هذا *** أولًا فسأجزيك بالقيام قياما
وأنا كارهٌ لذلك جدًّا *** إن فيه تملُّقًا وأثاما
لا تكلِّف أخاك أن يتلقَّاك *** بما يستحلُّ به الحراما
وإذا صحَّت الضَّمائر منَّا *** اكتفينا من أن نتعب الأجساما
كلنا واثقٌ بودِّ أخيه *** ففيم انزعاجنا وعلاما "
شايف هالبيتين هدول ما أجملهم !
" لا تكلِّف أخاك أن يتلقاك *** بما يستحلُّ به الحراما
فإذا صحَّت الضَّمائر منَّا *** اكتفينا من أن نتعب الأجساما
كلنا واثقٌ بودِّ أخيه *** ففيم انزعاجنا وعلاما "
لذلك فالمهم في المجتمع الإسلامي هو تصفية القلوب والنوايا وليس المداهنة والمجاملة ، وأنتم تشاهدون قد يذكر رجل صالح معروف صلاحه ، لكن لا أحد يأبَهُ له ، قد يدخل رجل له جاه له مال له ثروة فيقومون له قيامًا ؛ هذا هو الإكرام الذي أمر به الرسول - عليه السلام - ؟! لا .
ولذلك فأنا أقول كلمة أخيرة في الموضوع : على الناس المتوادِّين المتحابِّين على الأقل أن يعتادوا على ترك القيام ، وألَّا يتكلَّف بعض لبعض بالقيام ، وأن يوسِّعوا دائرة ترك هذا القيام بقدر الاستطاعة ؛ بحيث ما يعملوا مشاكل مع الناس ، لكن في الوقت نفسه ما ننسى هذه السنة ... عدم القيام ، عدم القيام هو السنة ، والقيام هذا هو أمر عارض على السنة ، وينبغي أن نحيي السنة دائمًا ، وأما الأمر العارض فنحتاط له ، ونعمل بقدر ما نستطيع ، ولا يكلِّف الله نفسًا إلا وسعها ، ويوم يمشي الناس في هذا الطريق ؛ فحينئذٍ ستنعكس العادة تمامًا .
الآن نحن عندنا في عمان وفي دمشق ما أقول عمان كلها ولا أقول دمشق كلها ، لكن الإخوان المتفاهمين على من بعض أكبر واحد بيدخل أصغر واحد بيدخل ما أحد يقوم ، إن كان المجتمع الحاضرين قليلين يدخل يسلِّم ويصافح ، ويجلس حيث انتهى به المجلس ، وإن كان جمع غفير وكثير يكتفي بإلقاء السلام ، ويجلس حيث انتهى به المجلس ، أو حيث أراد به ربُّ الدار أن يُجلسه ، هذا هو اللائق في تواضع المسلمين بعضهم مع بعض ، أما هذا القيام فهو من شِيَمِ المتكبِّرين ، ولذلك قال - عليه الصلاة والسلام - : ( من أحبَّ أن يتمثَّلَ له الناس قيامًا ؛ فليتبوَّأْ مقعده من النار ) .